كما يعلم الجميع، القريب و البعيد، الذي يعيش هنا و غير الذي يعيش هنا.. تعرف اسبانيا منذ سنوات أزمة خانقة أثرت كثيرا في حياة الناس سواءا الإسبان أنفسهم أو المهاجرين المقيمين بها. و كمقيمة هنا منذ سنوات عديدة ألامس هذه الأزمة في الحياة اليومية للناس بشكل أكثر وضوحا و أكثر قربا، و هنا أتحدث عن مغاربتنا بشكل خاص و معاناتهم بسبب هذه الأزمة و تأثيراتها على حياتهم اليومية. فأغلبهم حاليا معطلا لشهور عدة بل كثير منهم معطل لسنتين و ثلاث سنين و أكثر، فقد تأثر المغاربة بشكل مباشر بهذه الأزمة التي تخنق اسبانيا فنسبة كبيرة من المغاربة ينتشرون في قطاع البناء و القطاعات الأخرى المرتبطة به، و منها يعيشون و يعيش معهم مغاربة آخرون في المغرب عبر تحويلاتهم المالية لعائلاتهم. فقطاع العقار هو المتضرر الأكبر في اسبانيا لذا فكثير من المغاربة يعانون البطالة و تأثيراتها الجانبية على حياتهم المعيشية اليومية فحتى المعونات التي تقدمها الدولة الإسبانية لا تكاد تكفي حتى لأجور الكراء. فهذه المعونات مشروطة و مقيدة بالعديد من القيود التي لابد للجميع توفيرها كما انها محدودة جدا في الوقت. هكذا يعاني المغربي المقيم بإسبانيا معاناة صعبة لا يستطيع أن يغير وجهة إقامته و لا تغيير مهنته و لا الرجوع الى المغرب رغم عودة بعض العائلات و تضحيتها بمستقبل أبنائها. المغربي الآن في اسبانيا غارق في الأوراق و تائه في جمع هذه الوثائق و تلك من هنا و هناك حتى يحصل على معونة ليبقي عائلته تحت سقف مشرف. الذين يكونون محظوظون و يحصلون على تلك المعونات يكونون مجبرون على البقاء في اسبانيا على مدار السنة فحتى الزيارة الى المغرب مشروطة و يصعب تحقيقها ليس فقط للضيق المادي و إنما لشروط وضعتها الإدارة الإسبانية، فالمغربي الذي يتلقى المعونة مسموح له زيارة عائلته بالمغرب فقط لمدة لا تتعدى 15 يوما مع إعلام الإدارة و إشهار جواز السفر عند العودة للتأكد و إلا سيتلقى غرامات كبيرة و كثير من المغاربة عانوا فعلاو لا زالوا يعانوا مع هذه الغرامات.
حقا ان أغلب المغاربة في اسبانيا في جل القطاعات و خاصة الجدد يعانون منذ سنوات أزمة حقيقية و يعيشون في ضيق مستمر مع قلة المعونات بل و انعدامها بالنسبة للكثير منهم. فهم لا يعرفون راحة بال خاصة رب الأسرة المتزوج و الذي لديه أبناء. إنها حقا معاناة لا تريد ان تنتهي فالأزمة أيضا لا زالت تخنق الجميع. يبن سندان البطالة و مطرقة الإدارات هنا و هناك تائه مقهور مغلوب على أمره، لا تنتهي معاناة هذا المغربي المسكين.