من قلة الأدب أن نتحدث عن النهود ورئيس دولة أجنبية في بلادنا، على الأقل كان علينا أن ننتظر حتى يذهب فرانسوا هولاند، ونتعرى دون أن يرانا الأغيار، وكما قالت لكن بسيمة حقاوي، وبدل أن تشلحن ملابسكن، اقرأن الشعر وأحمد مطر، ودون ذلك أنتن حيوانات. لا أحد منكم يفكر في مصالح المغرب وصورته، ولم يكفكم أن الرئيس الفرنسي مشى على زرابي مبللة بالمطر، وتسلل الماء إلى جواربه، حتى طفقتم تتحدثون عن العري والنهود والنساء الحيوانات، كأن لا موضوع آخر يستحق النقاش والجدل أثناء زيارة هولاند الرسمية.
لقد أخطأت بسيمة حقاوي حين قدمت نموذج أحمد مطر، لأن المثال الذي كان يجب أن تذكره، مادامت دعت نساء حركة فيمن إلى قراءة الشعر، هو نزار قباني، وعلى الأخص ديوانه طفولة نهد، لأنه من المستبعد أن يعجب النساء المتعريات شاعر مثل أحمد مطر، أولا لأنه شاعر الإسلاميين، وثانيا لأنه يزكي موقف بسيمة حقاوي، ويتحدث عن الثور الذي فر من حظيرة البقر، أي أنه ضمنيا يصف النساء اللواتي يخلعن ملابسهن بالحيوانات وبالأبقار، حيث لا تخفى دلالة الأبقار الشعرية هنا، وحصر دورهن في الرضاعة والحليب إلى أن يصرن بدينات غير قادرات على الحركة، كل ما يقمن به هو انتظار الثور وتلبية رغباته.
صراحة لست متفقا مع إثارة موضوع النهود أثناء وجود هولاند، ثم ماذا لو أخبره الطاهر بن جلون بالأمر، إنه لا محالة سيغضب، هو الذي تتراجع شعبيته هذه الأيام بشكل كبير، مقابل تزايد شعبية فتاة تدعى نبيلة تشارك في أحد برامج تلفزيون الواقع وذلك بسبب نهديهاالنافرين بالخصوص، والتي لا أحد يعرف كيف سيكون موقف بسيمة حقاوي لو رأتها، والغالب أنها ستصفها بالحيوان الجنسي المفترس.
كنت أتمنى صادقا أن نلتزم الصمت إلى أن يعود الرئيس الفرنسي إلى بلده، وعلى الأخص بسيمة، لأنها مسؤولة ووزيرة محترمة، فماذا لو قرر أن يمنع عنا مشاهدة القنوات الفرنسية المقرصنة وأن يحرمنا من الدريم بوكس، هل ترضى بسيمة بذلك، وهل ستعوضنا نساؤها الرائدات عن هذا المتنفس الوحيد، والذي يجعلنا مهاجرين إلى فرنسا ونحن في المغرب، ولا نستيقظ من أحلامنا إلا بعد أن نسمعها تشبه نساء بالحيوانات.
ورغم أن موضوع النهود هذا يحرجني، ويصيبني بالخجل، ولا أريد أن أتبنى أي موقف فيه، إلى أن يعود هولاند، وهو في نظري شأن خاص بنا ولا أرى ما يدعو إلى عرض نهود نسائنا الحرائر أمام الأجانب في هذا الوقت، إلا أنني ألوم مع ذلك الأخت بسيمة، لأنها متدينة أولا، ولأنها استفزت بنات جلدتها، ولأنها لم تقرأ التراث العربي الإسلامي، ولم تسمع عن جزيرة البنات، التي حكى عنها كاتبنا الكبير سراج الدين المعروف بابن الوردي في تحفته"خريدة العجائب وفريدة الغرائب"، وقال عنها "أنها تحكمها ملكة عريانة تجلس على سرير من الذهب وعلى رأسها تاج من الذهب، وبين يديها أربعة آلاف وصيفة أبكار حسان، وهن على مذهب المجوس وهن مكشوفات، ومنهن من تتخذ الأمشاط..وبهذه الجزيرة شجر يحمل ثمرا كالنساء، بصور وأجسام وعيون وأيد وأرجل وشعور وأثداء وفروج كفروج النساء، وهن حسان الوجوه، وهن معلقات بشعورهن، يخرجن من غلف كالأجربة الكبار، فإذا أحسسن بالهواء والشمس يصحن واق واق، حتى تتقطع شعورهن، فإذا تقطعت ماتت، وأهل هذه الجزيرة يفهمون هذا الصوت ويتطيرون منه...ومن تجاوز هؤلاء وقع على نساء يخرجن من الأشجار، أعظم منهن قدودا، وأطول منهن شعورا، وأكمل محاسن وأحسن أعجازا وفروجا، ولهن رائحة عطرة طيبة، فإذا انقطعت شعورها من الشجرة عاشت يوما أو بعض يوم، وربما جامعها من يقطعها فيجد لها لذة عظيمة لا توجد في النساء".
ومالم يحدده ابن الوردي هو ما إذا كانت تلك النساء أوكرانيات أم لا، في حين لم يجرؤ أبدا على تشبيههن بالحيوانات كما فعلت بسيمة، رغم أن ثمارهن كانت تسقط كالفاكهة من الشجرة، ولها لذة لا توصف، وهو الذي يعرف كل شيء وزار كل البلدان والبحار، ويعلم علم اليقين أن حركة فيمن أصلها عربي، والأكيد أنه هو أول من شاهدن يتظاهرن ضد النزعة الذكورية، قبل أن يظهر الفيسبوك، وقبل أن تصبح لهن صفحة خاصة في المغرب، ولا أخفيكم أني أملك أدلة كثيرة من كتب التراث العربي الإسلامي، تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن العربيات هن أول من احتج بالتعري، وسأفاجىء بسيمة حقاوي، لكني لن أكشف عن ذلك اليوم، مادام فرانسوا هولاند ضيفا عندنا، عيب، عيب، ماذا سيقول عنا الرجل.