واصلت معدلات التضخم تباطؤها خلال ثاني شهور السنة الجارية لتستقر عند 0.3 في المائة، وهو ما يمثل أدنى مستوى مسجل منذ مارس 2021، فيما ظهرت أهمية هذا التراجع من خلال المقارنة مع شهر فبراير من السنة الماضية، إذ كان معدل التضخم في ذروته عند 10.1 في المائة. وأفادت المندوبية السامية للتخطيط، في مذكرة إخبارية صادرة عنها، بانخفاض الرقم الاستدلالي للأثمان عند الاستهلاك ب0.3 في المائة، مدفوعا بتراجع أسعار المواد الغذائية ب0.7 في المائة، وارتفاع أسعار المواد غير الغذائية ب0.1 في المائة. وشددت المندوبية على ارتفاع مؤشر التضخم الأساسي، الذي يستثني المواد ذات الأثمان المحددة والمواد ذات التقلبات العالية خلال فبراير الماضي ب0.2 في المائة مقارنة مع يناير الذي سبقه، وب2.2 في المائة مقارنة مع ثاني شهور السنة الماضية. تأثير مراقبة الأسواق أظهرت الإحصائيات الجديدة تركز انخفاضات أسعار المواد الغذائية المسجلة بين يناير وفبراير الماضيين في أسعار "الخضر" ب9.5 في المائة، و"السمك وفواكه البحر" ب 2.1 في المائة، مقابل ارتفاع أسعار "الفواكه" ب 3.9 في المائة و"اللحوم" ب 1.1 في المائة، وكذا "السكر والمربى والعسل والشوكولاتة والحلويات" ب 0.5 في المائة، و"الخبز والحبوب" ب 0.3 في المائة، و"الحليب والجبن والبيض" ب 0.2 في المائة. وربط إسماعيل إدريسي القيطوني، خبير اقتصادي، انخفاض أسعار الخضر والأسماك خلال فبراير الماضي، أي قبل أيام من حلول شهر رمضان، ب"تأثير عمليات مراقبة الأسواق التي باشرتها السلطات، والقضاء على مجموعة من الممارسات الاحتكارية لبعض أنواع المنتجات؛ دون إغفال التأثير المهم لوقف التصدير في اتجاه الأسواق الإفريقية على أسعار الخضر الأساسية، مثل الطماطم والبطاطس والبصل". وأضاف القيطوني، في تصريح لهسبريس، أن "ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأخرى بشكل متباين مرده إلى ارتباط أغلبها بالاستيراد وليس الإنتاج المحلي"، موضحا أن "أسعار الواردات من المواد الاستهلاكية واصلت بداية السنة الجارية تطورها، بسبب الجفاف واضطراب سلاسل الإمداد العالمية، وتعدد التوترات الجيو-سياسية، التي أثرت بشكل سلبي على تكاليف الشحن والنقل البري والبحري والجوي". محور الرباط- البيضاء سجلت مندوبية التخطيط انخفاضا وحيدا للأسعار على مستوى المواد غير الغذائية، هم المحروقات ب1 في المائة. إلا أن التوزيع الجغرافي لمنحى الأسعار التراجعي كشف تركز أهم الانخفاضات في الحسيمة ب0.8 في المائة، وبني ملال ب 0.7 في المائة، وكذا الرشيدية ب 0.6 في المائة، وفي آسفي ب 0.4 في المائة. أما في الدارالبيضاء وفاس والقنيطرة ومراكش والرباط ومكناس والداخلة فتراجعت الأسعار ب 0.3 في المائة، وفي أكادير ب 0.2 في المائة، بينما سجل ارتفاع في كل من كلميم وسطات ب 0.2 في المائة. وعلق محمد يازيدي شافعي، خبير في الاقتصاد، على المعطيات الجديدة، بالتأكيد على أهمية محور الرباط- الدارالبيضاء جغرافيا في التحكم في معدل التضخم الوطني، باعتباره المحور الذي يعرف تركز الاستهلاك، ويمثل بارومترا لقياس منحى تطور أسعار المواد الاستهلاكية، خصوصا الغذائية، موضحا أن "شهر فبراير الماضي يتيح للمحللين التعرف بشكل أوضح على منحى الأسعار مع بداية السنة، ويزودهم بالمؤشرات الكافية لبناء توقعاتهم بشأن الأشهر الموالية". وأضاف يازيدي شافعي، في تصريح لهسبريس، أنه "بالعودة إلى فبراير من السنة الماضية يظهر أن معدل التضخم قفز ب10.1 في المائة، وهو الارتفاع الذي نتج أساسا عن تطور أسعار المواد الغذائية ب20.1 في المائة"، موردا أن "مقارنة هذه الأرقام مع الفترة ذاتها من السنة الجارية يعزز توقعات تباطؤ التضخم الصادرة عن بنك المغرب أول أمس الثلاثاء إلى 2.2 في المائة هذه السنة، وإلى 2.4 في المائة في 2025".