اختتام فعاليات الدورة ال16 للمعرض الدولي للفلاحة بالمغرب    بعد انسحاب اتحاد الجزائر.. لقجع يبعث رسالة إلى نهضة بركان    الوداد يسقط في فخ التعادل أمام المغرب الفاسي    أشرف حكيمي بطلا للدوري الفرنسي رفقة باريس سان جيرمان    بعد كورونا .. جائحة جديدة تهدد العالم في المستقبل القريب    الاستقلال يترك برلمانه مفتوحا حتى حسم أعضاء لجنته التنفيذية والفرفار: الرهان حارق (فيديو)    الأمير مولاي الحسن يتوج علي الأحرش    حماس تنفي خروج بعض قادتها من غزة ضمن "صفقة الهدنة"    خدمات قنصلية.. تعميم المنظومتين الإلكترونييتن الخاصتين بتحديد المواعيد والتمبر الإلكتروني    الدرهم يتراجع بنسبة 0,46 في المائة مقابل الأورو    توابل بني ملال تحصد التميز بمعرض الفلاحة    بيدرو سانشيز، لا ترحل..    جمباز الجزائر يرفض التنافس في مراكش    الزمالك سبقو نهضة بركان لفينال كأس الكاف    مقايس الامطار المسجلة بالحسيمة والناظور خلال 24 ساعة الماضية    طنجة.. توقيف شخص لتورطه في قضية تتعلق بالسرقة واعتراض السبيل وحيازة أقراص مخدرة    لتخفيف الاكتظاظ.. نقل 100 قاصر مغربي من مركز سبتة    الأسير الفلسطيني باسم خندقجي يظفر بجائزة الرواية العربية في أبوظبي    احتجاج أبيض.. أطباء مغاربة يطالبون بحماية الأطقم الصحية في غزة    محكمة لاهاي تستعد لإصدار مذكرة اعتقال ضد نتنياهو وفقا لصحيفة اسرائيلية    "البيغ" ينتقد "الإنترنت": "غادي نظمو كأس العالم بهاد النيفو؟"    الفيلم المغربي "كذب أبيض" يفوز بجائزة مهرجان مالمو للسينما العربية    اتفاق جديد بين الحكومة والنقابات لزيادة الأجور: 1000 درهم وتخفيض ضريبي متوقع    اعتقال مئات الطلاب الجامعيين في الولايات المتحدة مع استمرار المظاهرات المنددة بحرب إسرائيل على غزة    توقعات أحوال الطقس غدا الإثنين    نصف ماراطون جاكرتا للإناث: المغرب يسيطر على منصة التتويج    بلوكاج اللجنة التنفيذية فمؤتمر الاستقلال.. لائحة مهددة بالرفض غاتحط لأعضاء المجلس الوطني        بيع ساعة جَيب لأغنى ركاب "تايتانيك" ب1,46 مليون دولار    دراسة: الكرياتين يحفز الدماغ عند الحرمان من النوم    توقيف مرشحة الرئاسة الأمريكية بسبب فلسطين    حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي على عزة ترتفع إلى 34454 شهيدا    الدورة 27 من البطولة الاحترافية الأولى :الحسنية تشعل الصراع على اللقب والجيش الملكي يحتج على التحكيم    التاريخ الجهوي وأسئلة المنهج    طنجة "واحة حرية" جذبت كبار موسيقيي الجاز    تتويج الفائزين بالجائزة الوطنية لفن الخطابة    شبح حظر "تيك توك" في أمريكا يطارد صناع المحتوى وملايين الشركات الصغرى    الفكُّوس وبوستحمّي وأزيزا .. تمور المغرب تحظى بالإقبال في معرض الفلاحة    المعرض الدولي للفلاحة 2024.. توزيع الجوائز على المربين الفائزين في مسابقات اختيار أفضل روؤس الماشية    نظام المطعمة بالمدارس العمومية، أية آفاق للدعم الاجتماعي بمنظومة التربية؟ -الجزء الأول-    مور انتخابو.. بركة: المسؤولية دبا هي نغيرو أسلوب العمل وحزبنا يتسع للجميع ومخصناش الحسابات الضيقة    خبراء "ديكريبطاج" يناقشون التضخم والحوار الاجتماعي ومشكل المحروقات مع الوزير بايتاس    الحبس النافذ للمعتدين على "فتيات القرآن" بشيشاوة    المغرب يشارك في الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي بالرياض    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    صديقي: المملكة قطعت أشواط كبيرة في تعبئة موارد السدود والتحكم في تقنيات السقي    مهرجان إثران للمسرح يعلن عن برنامج الدورة الثالثة    سيارة ترمي شخصا "منحورا" بباب مستشفى محمد الخامس بطنجة    خبراء وباحثون يسلطون الضوء على المنهج النبوي في حل النزاعات في تكوين علمي بالرباط    رسميا.. نزار بركة أمينا عاما لحزب الاستقلال لولاية ثانية    ابتدائية تنغير تصدر أحكاما بالحبس النافذ ضد 5 أشخاص تورطوا في الهجرة السرية    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    الأمثال العامية بتطوان... (584)    انتخابات الرئاسة الأمريكية تؤجل قرار حظر "سجائر المنثول"    كورونا يظهر مجدداً في جهة الشرق.. هذا عدد الاصابات لهذا الأسبوع    الأمثال العامية بتطوان... (583)    بروفيسور عبد العزيز عيشان ل"رسالة24″: هناك علاج المناعي يخلص المريض من حساسية الربيع نهائيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سُلوك مصري مُعادٍ للمغرب
نشر في هسبريس يوم 22 - 10 - 2016

أثارت مشاركة وفد جبهة "البوليساريو" الانفصالية، في اجتماع المؤتمر البرلماني العربي الإفريقي، بمدينة شرم الشيخ المصرية، تساؤلات المراقبين الذين اعتبروها استفزازا للمغرب، بعد أن منحت لأعضاء الجبهة الانفصالية تأشيرات لدخول الأراضي المصرية، والحُظوة باستقبال رسمي من السلطات المصرية التي نظمت المؤتمر، بمناسبة مرور 150 عاما على انطلاق البرلمان المصري. وعلى هامش الاجتماع، استقبل رئيس البرلمان المصري وفد "البوليساريو"، كما حظي الوفد باستقبال عدد من رؤساء البرلمانات الإفريقية التي تعترف بالجبهة، ورئيس البرلمان الإفريقي، وعدد من أعضاء البرلمان المصري. واعتبرت صحف جزائرية مقربة من النظام الجزائري، أن ما حدث يعد اعترافا من نظام الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، بجبهة "البوليساريو"، وانقلابا مفاجئا في العلاقات بين الرباط والقاهرة. وزعمت أن الموقف المصري الجديد اتجاه قضية الصحراء، يأتي في سياق تحول سياسي عميق تعرفه السياسة الخارجية للقاهرة تجاه العديد من القضايا.
ن إقدام السيسي على السماح لجبهة "البوليساريو" للمشاركة في أعمال المؤتمر، هو سلوك معادي للوحدة الترابية للمغرب. هذه الخطوة اعتبرها محللون، دلالة على بداية رعاية مصر للكيان الوهمي، في خطوة تنذر بتوتر العلاقات بينها وبين المغرب. هذا السلوك المصري، يعتبره مراقبون أنه سيلقى ردود فعل جد غاضبة رسميا وشعبيا بالمغرب، وهو ما يضع علاقات البلدين في خطر. واستهجن مركز الرباط للدراسات السياسية والإستراتيجية مشاركة وفد جبهة "البوليساريو" في القمة العربية الإفريقية التي نظمت بمبادرة من البرلمان العربي. واعتبر المركز " استقبال مصر لوفد "البوليساريو" مؤشرا على عودة القاهرة، مرة أخرى، إلى اللعب بهذه الورقة في علاقتها مع المغرب، بسبب التقارب المغربي الخليجي، بعد أن حدث توتر سابق بين البلدين عقب زيارة وفد مصري إلى مخيمات تندوف". ونبه المركز البرلمان العربي إلى وقوعه " في خرق واضح وصريح لبنود قانونه الأساسي خاصة المادة الرابعة، والبند الأول من المادة الخامسة، والتي تعتمد معايير محددة للعضوية لا تتوفر في وفد جبهة "البوليساريو". كما جددت وفود دول مجلس التعاون الخليجي رفضها لأي مس بالمصالح العليا للمغرب أو سيادته. وقال السكرتير الأول بالوفد الدائم للمملكة العربية السعودية لدى الأمم المتحدة، في كلمة بالنيابة عن مجلس التعاون لدول الخليج العربية " إننا نعرب عن رفضنا لأي مساس بالمصالح العليا للمغرب الشقيق أو التعدي على سيادته".
وفي انتظار الرد الرسمي المغربي على استفزازات السيسي، لا بد من التذكير أن المغرب، تعامل في السابق مع الإنقلابيين، على خلفية زيارة وفد مصري رفيع لمخيمات الذل والعار، بمقولة كما تَدين تُدان، حينما بَثَّ التلفزيون الرسمي المغربي، في فاتح يناير 2015 ، على قناتين حكوميتين تقريرا إخباريا عن شؤون مصر، وصف فيه عبد الفتاح السيسي، ب "قائد الانقلاب"، ومحمد مرسي ب "الرئيس المنتخب"، في تطور مفاجئ في خطاب التلفزيون المغربي الرسمي. وكانت تلك المرة الأولى التي يصف فيها الإعلام الرسمي بالمغرب، ما حدث في 03 يوليوز 2013 ب "الانقلاب". وهي رسالة وجهت للانقلابيين، مؤداها أن لصبر المغرب وصمته حدودا، إزاء بعض السياسات و التصرفات المصرية تجاه المغرب. كما ذهبت بعض المصادر إلى أن موقف المغرب السابق من مصر، والذي جرى تصريفه عبر وسائل الإعلام الرسمية، كان نوعا من الرد على العلاقات المصرية الجزائرية المتنامية، خصوصا أن لدى المغاربة مخاوف من إمكانية حدوث تقارب مصري جزائري، شبيه بالذي حدث في حرب الرمال 1963، وهي حرب اتّحد فيها النظامان المصري والجزائري ضد المغرب، ويخشى المغرب أن يؤدي هذا التقارب إلى اعتراف مصري بما يسمى "بوليساريو".
الموقف المصري الأخير، فتح المجال أمام شروح وتحليلات لخلفيات التحول المفاجئ للسلوك المصري وأسبابه. ونعتقد أن ثمة جملة من الأسباب كانت سببا في السلوك الذي اتّخذه الانقلابي السيسي، نجملها في الآتي:
1_ لا تعترف مصر بجمهورية الوهم، وهي أقرب للرؤية المغربية في القضية، شأن كل الدول العربية باستثناء الجزائر، لكن منذ وصول الانقلابي السيسي إلى الحكم، بادر إلى زيارة الجزائر كأول زيارة خارجية له، بعد ذلك بدأ التقارب المصري الجزائري، وإشادة الرئيس الجزائري بالسيسي، وزيارة رئيس الوزراء المصري للجزائر مرتين في أقل من 6 أشهر، لتصبح بعدها الطريق مُعبدة لمسلسل التودد المصري إلى "جبهة البوليساريو" الانفصالية، عن طريق إرسال وفود إعلامية وثقافية إلى مخيمات "تندوف"، جنوب الجزائر. وقد سبق أن نشرت وسائل إعلام " البوليساريو" أخبارا عن زيارة وفد مصري يقوده وكيل وزارة الثقافة، دامت ثلاثة أيام لمخيمات "تندوف"، بين 24 أكتوبر 2014 و 26 منه، ولقائه زعيم جمهورية الوهم السابق، معتبرة أنها الزيارة الأولى من نوعها لوفد مصري رفيع لمخيمات الصحراويين. وقال الكاتب المصري حمدي شفيق معلقا على ذلك: " لأن العصابة التي استولت على السلطة ليس فيها رجل رشيد، فإنهم يتفننون في توسيع دائرة الأعداء وتقليص عدد الأصدقاء". وأضاف أنه " بعد قطر وتركيا وليبيا وغزة، ومحاربة ثورة العراق وسوريا، وتوتر العلاقات مع دول أخرى كانت صديقة لنا، يأتي المغرب، الذي لم تكن له أية مشكلة معنا أبدا". وزاد " أرسلت حكومة الانقلاب وفدا "رسميا " إلى منطقة المتمردين "بوليساريو" لمجرد النكاية والكيد وإغاظة الحكومة المغربية بدون أي خطأ منها، اللهم إلا أنها حكومة شكلها التيار الإسلامي الفائز بانتخابات البرلمان المغربي. وكأن المجرمين يصرون على محاربة كل من يشتمون فيه رائحة الإسلام في أي مكان ".
2_ التوتر السياسي الأخير بين الرياض والقاهرة، كان مظهرا آخر لإصرار نظام السيسي على السير في طريق مخالف للحقوق والمصالح العربية، بعد أن صوتت مصر في مجلس الأمن مع قرار حول سوريا اقترحته موسكو، ما أثار غضب الرياض وأعلنت معه، بعد يومين، شركة أرامكو النفطية السعودية تعليق تزويد مصر بالمنتجات النفطية. هذا التوتر المصري السعودي، جعل نفط وأموال الجزائر تدخل على الخط لتعويض الدعم السعودي والرز الخليجي وتسويد صورة المغرب بأرض الكنانة، في محاولة لمُسايرة الموقف الجزائري في قضية الصحراء، حيث سبق أن زار إعلاميون مصريون موالون للسيسي مخيمات "تندوف" في يونيو 2014، والتقوا فيها مسؤولين في "البوليساريو". وقد اهتمت الصحف المصرية بشكل فجائي بما سمي زورا " القضية الصحراوية" و "تاريخها ومستقبلها"، كما أجرت منابر صحفية مقابلات مع قياديين في "بوليساريو" و"سفراء" و"دبلوماسيين"، أعقبتها حوارات صحافية لأول مرة مع زعيم الانفصاليين، نشرت في كبريات الصحف والمجلات المصرية، حيث أجرت صحيفة "المصري اليوم"، حوارا مع رئيس جمهورية الوهم المقبور، ووصفته ب "أقدم الرؤساء الأفارقة". وقال رئيس جمهورية الوهم سابقا "إنه متفائل بالتغيرات التي حدثت أخيرا في مصر، ويتمنى بعثا جديدا للدور المصري، وأن يساهم في استعادة شعب الصحراء لحقوقه"، مشيرا أنه " متفائل خيرا بالسيسي" !! .
3_ وبحسب جريدة الشروق تسعى الجزائر "من خلال هذا التهافت لجر مصر نحو الانخراط مع دبلوماسيتها التي قامت على نُصرة الشعوب المُضطهدة، ودعم تلك التي تطالب بحقها في تقرير المصير". وأشار مراقبون أن التقارب المصري الجزائري، يأتي على خلفية الطبيعة العسكرية للنظامين الاستبداديين، حيث أسفرت المفاوضات عن موافقة الجزائر على تزويد مصر بالغاز الطبيعي، بأقل من نصف الثمن الذي تزود به الأسواق الدولية، مقابل اعتراف الحكومة المصرية ببوليساريو. وذهب ذ ماجد برهومي في تفسير ذلك، إلى أن " المشير عبد الفتاح السيسي وبعد حالة "شبه العزلة" التي عاشتها مصر إثر إطاحته بحكم الإخوان، كان بحاجة إلى كسر هذا "القيد"، فكانت الجزائر مَعبره للعودة إلى الساحة الإفريقية، ويتم تداول خبر مفاده أن الجزائر بذلت جهودا حثيثة لرفع تجميد عضوية مصر. فالجزائر ورثت علاقات متينة مع الأفارقة من الرئيس هواري بومدين، فهي من أكثر أربع دول تدعم الإتحاد الإفريقي ماليا، ودبلوماسيوها يحتلون مواقع متقدمة داخل هذه المنظمة الإقليمية، ولديهم من النفوذ والتأثير المعنوي الشيء الكثير (..) فكانت عودة مصر السريعة إلى الحضن الإفريقي، بعد أن منحت زيارة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى القاهرة، مباركة الجانب الأمريكي للمشير، ومنحت أيضا ضوءا أخضر لعديد الأنظمة المترددة في مد اليد للرئيس المصري الجديد ".
لم يعد هناك شيء مُستغرب في مصر منذ انقلاب يوليوز 2013 ، فقد أضحت مصر الرسمية بعد الانقلاب تسير عكس المصالح العربية، حيث يعتبر تقارب القاهرة مع انفصاليي "البوليساريو" سيرا في الاتجاه المعاكس للخط السعودي الخليجي الذي أعلن دعمه للمغرب في قضية الوحدة الترابية. ولازال حكام مصر والجزائر العساكر يتخوفون من نجاح التجربة الديمقراطية في المغرب، لأنهم لم يستسيغوا كيف اختار المغاربة حزبا إسلاميا على رأس الحكومة لمرتين، ولم يقبلوا أن الشعب وحده من سيبقيه أو يتخلص منه. هذا الإحساس بالدونية والعدوانية اتجاه المغرب يؤثر على الانقلابي السيسي الذي لطخ يداه بدماء الآلاف من أحرار مصر. ولا غرابة في أن تصطف مصر السيسي أخيرا إلى جانب عساكر الجزائر، كيف لا وهم سبقوه لقتل أبناء الجزائر بالآلاف، كيف لا ومصر اليوم هي جزائر الأمس..
*كاتب وباحث


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.