بيدرو سانشيز يتراجع عن قرار الاستقالة    "غلاء" أضاحي العيد يسائل الحكومة    عاجل.. بيدرو سانشيز يتراجع عن قرار الاستقالة    أبرزها الاستبعاد من بطولات إفريقيا.. العقوبات المنتظرة على اتحاد العاصمة بعد انسحابه أمام نهضة بركان    المنتخب المغربي يتأهل إلى نهائي البطولة العربية على حساب تونس    إدارة السجن المحلي بوجدة تنفي ما نقل عن والدة سجين بخصوص وجود آثار ضرب وجرح على وجهه    أسعار الذهب تتراجع مع انحسار آمال خفض سعر الفائدة الأمريكية    الدرهم يتراجع ب 0,46 في المائة مقابل الأورو    مجلس المنافسة: 40 في المئة من الخضر والفواكه بالمغرب تتعرض للتلف    النفط يهبط 1% مع استمرار محادثات وقف إطلاق النار في غزة    تقرير: نمو "سياحة المغامرات" يتخطى 19% بحلول 2032    ماسك يجني مكاسب في نظام "تسلا" للقيادة الذاتية بالصين    للمنافسة عالميا.. جهود مغربية لتطوير صناعة الألعاب الإلكترونية    بنكيران: "مرشحو العدالة والتنمية لا تهزمهم المنافسة الشريفة بل استعمال المال ورئيس الحكومة يختبئ وراء الملك"    تيزنيت.. 5 نقابات صحية تدعو لفتح تحقيق معمّق بشأن شبكة المؤسسات الصحية    حكيمي يتوج رفقة باريس سان جيرمان بالدوري الفرنسي    ولي العهد الأمير مولاي الحسن يترأس الجائزة الكبرى لجلالة الملك محمد السادس للقفز على الحواجز بالرباط    السكوري…المخاطر المهنية يمكن تفاديها بإرساء نظام فعال للسلامة وثقافة وقائية    توقعات أحوال الطقس اليوم الاثنين    حكواتيون من جامع الفنا يروون التاريخ المشترك بين المغرب وبريطانيا    حادث سير خطير بالقرب من المحكمة الابتدائية يتسبب في إصابة خمسة أشخاص    المشتبه فيه فقتل التلميذة "حورية" بصفرو قرقبو عليه بوليس فاس: العملية الأمنية شاركت فيها الديستي وها فين لقاو المجرم    النائب المرابط إلى وزير التربية الوطنية: إحداث ثانوية بجماعة بليونش ستكون له انعكاسات جد إيجابية تربويا واجتماعيا    واش يبقى ولا يستاقل. اليوم يتحدد مصير رئيس الحكومة الصبليوني. خدا ويكاند باش ياخد قرارو بعد اتهام مراتو بالفساد    أول تعليق من مدرب نهضة بركان على مواجهة الزمالك في نهائي كأس "الكاف"    يوسفية برشيد يضع قدمه الأولى في القسم الثاني بعد التعادل مع تطوان    ماركا: المغرب يستغل الفرصة.. استعدادات متقدمة لنهائيات كأس العالم وسط فضائح الاتحاد الإسباني    تقرير: المغرب وإسرائيل يسعيان تعميق التعاون العسكري رغم الحرب في غزة    منظمة المطبخ المركزي العالمي تستأنف عملها في غزة بعد مقتل سبعة من عمالها    استطلاع.. غالبية المريكانيين كيبان ليهوم أن إدارة ترامب أنجح من ديال بايدن    الحكومة والنقابات توقعات على زيادات عامة في الأجور وتخفيضات في الضريبة على الدخل    الصين: "بي إم دبليو" تستثمر 2,8 مليار دولار اضافية شمال شرق البلد    بالفيديو.. الجيش الإسباني ينفذ تمارين عسكرية على الحدود مع الناظور    200 مليون مسلم في الهند، "أقلية غير مرئية" في عهد بهاراتيا جاناتا    رواد مركبة الفضاء الصينية "شنتشو-17" يعودون إلى الأرض في 30 أبريل    هجوم مسلح يخلف سبعة قتلى بالاكوادور    إدارة أولمبيك خريبكة تحتح على الحكام    "عشر دقائق فقط، لو تأخرت لما تمكنت من إخباركم قصتي اليوم" مراسل بي بي سي في غزة    "العدالة والتنمية" يندد بدعوات إلى استقالة ابن كيران بعد خسارة انتخابات جزئية    "العدالة والتنمية" ينتقد حديث أخنوش عن الملك خلال عرض حصيلته منددا بتصريح عن "ولاية مقبلة"    بايتاس: ولوج المغاربة للعلاج بات سريعا بفضل "أمو تضامن" عكس "راميد"    بعد كورونا .. جائحة جديدة تهدد العالم في المستقبل القريب    الأسير الفلسطيني باسم خندقجي يظفر بجائزة الرواية العربية في أبوظبي    الفيلم المغربي "كذب أبيض" يفوز بجائزة مهرجان مالمو للسينما العربية    دراسة: الكرياتين يحفز الدماغ عند الحرمان من النوم    التاريخ الجهوي وأسئلة المنهج    طنجة "واحة حرية" جذبت كبار موسيقيي الجاز    تتويج الفائزين بالجائزة الوطنية لفن الخطابة    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    مهرجان إثران للمسرح يعلن عن برنامج الدورة الثالثة    خبراء وباحثون يسلطون الضوء على المنهج النبوي في حل النزاعات في تكوين علمي بالرباط    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    الأمثال العامية بتطوان... (584)    انتخابات الرئاسة الأمريكية تؤجل قرار حظر "سجائر المنثول"    كورونا يظهر مجدداً في جهة الشرق.. هذا عدد الاصابات لهذا الأسبوع    الأمثال العامية بتطوان... (583)    بروفيسور عبد العزيز عيشان ل"رسالة24″: هناك علاج المناعي يخلص المريض من حساسية الربيع نهائيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا لا يمكن دسترة الأمازيغية كلغة رسمية
نشر في تليكسبريس يوم 06 - 05 - 2011

في إطار النقاش الدائر حول دسترة الأمازيغية ننشر هنا بعض الآراء التي يعبر عنها السياسيون والفاعلون في المجال الحقوقي وذلك لإغناء النقاش وفي ما يلي مداخلة الأستاذ الأستاذ عبد الرحمن بن عمر نقيب المحامين سابقا، وهي مساهمة له في إطار اللقاء الدراسي الذي نظمه فريق العدالة و التنمية يوم 3/5/2011 حول "دسترة الامازيغية"، والذي يشرح فيه المبررات التي تستوجب عدم دسترة الامازيغية كلغة رسمية.
المشرف على الصفحة الأمازيغية، يتلقى مساهماتكم في هذا الباب، عبر العنوان الإلكتروني للجريدة.




لماذا لا يمكن دسترة الأمازيغية كلغة رسمية

بقلم النقيب عبد الرحمن بن عمرو
مفهوم الرسمية: هو وجوب استعمال اللغة المر سمة في الإدارات و المؤسسات
العمومية سواء داخلها أو فيما بينها، أو في علاقتها مع المواطنين
مبررات الترسيم : هو أن تكون اللغة المرسمة، تتوفر على العديد من المقومات المعرفية (مثل إنتاج المعرفة و الفكر على عدة مستويات) والقدرة على الوصل و التواصل بين مختلف فئات الشعب التي قد تكون تتكلم لهجات أو لغات لا تتوفر فيها نفس المميزات.
نتيجة الترسيم : أن تصبح اللغة الرسمية مستعملة في مختلف مرافق الدولة و مؤسساتها العمومية سواء منها التشريعية أو الإدارية أو التعليمية أو القضائية أو الإعلامية المكتوبة والسمعية و البصرية ) ...الخ
تكاليف الترسيم : يتطلب الترسيم موارد كبيرة ، بشرية و مادية تقتضي توفير مالية ضخمة و كلما زاد عدد اللغات المرسمة في دولة معينة إلا و تضاعفت التكاليف المذكورة بنفس العدد ...

مبررات الترسيم على مستوى المنظمات الدولية العالمية (الأمم المتحدة)
إن عدد اللغات المرسمة في الأمم المتحدة بمختلف أجهزتها المركزية و الجهوية ( الجمعية العامة - مجلس الأمن – و مختلف المنظمات و الأجهزة المركزية و الجهوية المختصة) هي ست لغات فقط ضمنها اللغة العربية الفصحى.
و المبرر الذي جعل الأمم المتحدة التي تضم أكثر من 192 دولة يعيش بها أكثر من ثمانية ملايير من البشر يتكلمون الآلاف من اللهجات و اللغات الحية والغير الحية، جعلها تقتصر على ست لغات لا غير، لحد الآن، هو:
* حجم عدد المتكلمين و المتواصلين بها سواء داخل دولها أو خارجها.
* ومستواها في إنتاج المعرفة و الفكر.
* ضخامة التكاليف الناتجة عن مصاريف الترجمة بين اللغات المرسمة و في مختلف المجالات التي تختص بها الأمم المتحدة و مختلف أجهزتها النوعية المركزية و الجهوية التابعة لها ، و هي مجالات تضم الجوانب السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية والصحية و الزراعية ...الخ و تتطلب تخصصا في الترجمة الفورية في كل مجال من المجالات المذكورة وغيرها و تجرى بشأنها مباريات عالمية لاختيار التراجمة المتخصصين في الترجمة الفورية ، و لا تقل أجرة المترجم من هذا النوع عن عشرة آلاف درهم للساعة الواحدة.
إن كل دولة من الدول الأعضاء التي رسمت لغتها بهيئة الأمم المتحدة تصبح من الواجب عليها المساهمة في تكاليف الترجمة المالية بنسبة أكبر مما تساهم به باقي الدول الغير مرسمة لغاتها.
إن اللغة العربية الفصحى رسمت بالأمم المتحدة لأنها تتوفر فيها كافة المعايير المذكورة (اللغة العربية الفصحى مرسمة في جميع الدول العربية الاثنين وعشرين دول ، دون اللهجات المتكلم بها في هذا الدول و التي تعد بالعشرات...) و لنستمع إلى بعض مبررات ترسيم اللغة العربية الفصحى بهيئة الأمم المتحدة في قرارها المؤرخ في 18 دجنبر 1973 والصادر عن جمعيتها العامة والذي من بين ما جاء فيه:
إن الجمعية العامة للأمم المتحدة" إدراكا للدور المهم للغة العربية في نشر حضارة الإنسان وثقافته وتطويرهما والمحافظة
عليهما.
" وتقديرا للغة العربية كونها لغة تسع عشرة دولة ( في سنة 1973 ) عضو في الأمم "المتحدة ، وإحدى اللغات المستخدمة في المنظمات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة، كمنظمة التربية "والعلوم والثقافية، ومنظمة الأغذية والزراعة، ومنظمة الصحة العالمية، ومنظمة العمل الدولية، "وأيضا كونها إحدى اللغات الرسمية ولغات التخاطب في منظمة الوحدة الإفريقية...
وإشارة، بكل تقدير، إلى تعهد الدول العربية الأعضاء في الأمم المتحدة، بتحملها، "مجتمعة، كافة نفقات تنفيذ القرار الحالي، من خلال الثلاث سنوات الأولى فقد تقرر أن تصبح اللغة العربية إحدى اللغات الرسمية ولغات التخاطب، في الجمعية العامة ولجانها الرئيسية، على أن تعدل البنود ذات الصلة بقواعد الإجراءات المعمول بها في الجمعية "

الترسيم وحقوق الإنسان
لاعلاقة للترسيم بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا، إذ لا يوجد أي ميثاق من المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان ( إعلان أو عهد ) ينص على أنه من واجب كل دولة من الدول الأعضاء أو غير الأعضاء بالأمم المتحدة بأن يرسم، دستوريا أو قانونيا كل أو بعض اللغات واللهجات المتكلم بها من قبل مختلف الفئات الشعبية بها.
بل أكثر من ذلك فإنه لا يوجد حتى مجرد نص حقوقي في أحد المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان ينص على دسترة كل اللغات واللهجات كلغات ولهجات وطنية.
إن كل ما تنص عليه بعض المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والخاصة بالحقوق الثقافية هو الحض على عدم معاداة الثقافات واللغات المحلية وعرقلة نموها وتطورها وانتشارها مهما كان عدد المتحدثين بها ومهما كان مستواها المعرفي، وأنه على العكس من ذلك يجب إتاحة فرص النمو والتطور لها . وهكذا فقد جاء في إعلان مكسيكو الدولي لسنة 1982 بشأن الثقافة، " ... بأن لكل "ثقافة قيمها الفريدة...، وتشكل جميع الثقافات جزءا لا يتجزأ من التراث المشترك للإنسانية ...، "وتستلزم هذا كله سياسة ثقافية تكفل حماية ذاتية كل شعب وتراثه الثقافي وتشجيعها وإثرائها ، والنظر "إلى الأقليات الثقافية وإلى ثقافات العالم الأخرى بعين الاحترام والتقدير الكاملين ...، وأنه من المهم "إحياء اللغات الوطنية كأداة لنقل المعرفة ".
ومن المعلوم أن جميع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان إنما تصدر عن أجهزة الأمم المتحدة وعلى رأسها جمعيتها العامة، ولو كان أحد المواثيق ينص على دعوة دول العالم إلى ترسيم جميع لغاتها ولهجاتها المتكلم بها داخل بلدانها، لكان من الواجب على هيئة الأمم المتحدة، من باب أولى، أن ترسم، وبالتالي تستعمل بالأجهزة التابعة لها، جميع لغات ولهجات الدول الأعضاء بها سواء كانت رسمية أو غير رسمية بأقطارها.

لا علاقة للترسيم بالوطنية
إن مفهوم لغة أو لهجة وطنية هو كون جنسية المتحدثين بها تنتمي إلى نفس الوطن الذي يقيمون به.
وفي الغالب ما تكون اللغة الرسمية لبلد معين هي في نفس الوقت لغته الوطنية، وهو شيء مهم ومستحسن لأن هذا الانطباق يساعد على التواصل والنمو والتطور بصورة أسرع وأعمق، إلا أنه، وبصورة استثنائية، توجد بلدان، خاصة منها غير النامية، قد تختار لغة أجنبية كلغة رسمية، بدلا من إعطاء هذه الرسمية لأحد لغاتها الوطنية، ومثل هذا النموذج نجده كثيرا في الدول الإفريقية المتخلفة، حيث بعضها يرسم اللغة الإنجليزية والبعض الآخر يرسم اللغة الفرنسية.

مبررات ترسيم اللغة العربية الفصحى
إن مبررات ترسيم اللغة العربية الفصحى:
إن ترسيم اللغة العربية الفصحى بالدستور المغربي يقوم على المبررات الآتية:
على المعايير والمميزات التي استعرضناها أعلاه والخاصة بالترسيم والتي في مقدمتها

أ - المميزات المعرفية والتعبيرية والعلمية والأدبية بالنسبة لباقي اللغات واللهجات التي يتكلم بها المغاربة في حياتهم اليومية سواء منها ذات المصدر الأمازيغي أو العربي ، الأمر الذي يؤهلها أن تكون هي صلة الوصل ، على المستوى الرسمي ، بين جميع مكونات الشعب المغربي المتكلمة بمختلف اللهجات.
ب - والأقدر على مواجهة الغزو اللغوي الفرنسي لجميع المرافق والمؤسسات والمقاولات والشركات العامة و الخاصة سواء منها التي تديرها الدولة وإداراتها و مؤسساتها العمومية أو القطاع الخاص...
ت - والأقدر على التواصل على المستوى العالمي لأنه، كما رأينا إحدى اللغات الرسمية بالأمم المتحدة.
ج - والأقدر على التواصل على المستوى العربي حيث إن العربية الفصحى في كل الدول العربية هي اللغة الرسمية الوحيدة من بين كافة اللغات و اللهجات المتواجدة بها...
د - و الأقدر على التواصل على المستوى الإفريقي لأنها إحدى اللغات المرسمة بمنظمة الوحدة الإفريقية.
ك - والأقدر على التواصل على المستوى العالم الإسلامي باعتبارها لغة القرآن و تحظى بأهمية كبيرة على مستوى التعليم و التعلم، و استعمال الحرف العربي في الكتابة - إيرانباكستانأفغانستان-
ل - وتحتل الرتبة الرابعة من حيث عدد المتكلمين بها في العالم في الوقت الذي تحتل الفرنسية الرتبة الثانية عشر.

القاعدة ترسيم لغة واحدة و الاستثناء أكثر
حسب القواعد الفقهية فإن لكل قاعدة استثناء وأن الاستثناء لا يقاس عليه و لا يتوسع في تفسيره.
وطبقا للقاعدة العامة فإن الأغلبية الساحقة من دول العالم لا ترسم إلا لغة واحدة واستثناء فإن بعض الدول القليلة ترسم، لاعتبارات خاصة استثنائية، اثنان و الأقل، ممن يعد على رؤوس الأصابع، ترسم أكثر من اثنين، وهكذا و على وجه المثال:
فإن من بين الدول ذات اللغة الوحيدة المرسمة:
فرنسا، حيث اللغة الرسمية بها هي الفرنسية وحدها في الوقت الذي يوجد بها عدة لغات أخرى، هي الباسكية و الكتلانية و الكورسيكية و البروتانية و الالزاسية و الاكسيطن (Occitan) و الباتوا.
والولايات المتحدة الأمريكية التي يتجاوز عدد السكان بها الثلاثمائة مليون نسمة و التي تشكلت من أجناس مختلفة هاجروا إليها من مختلف بقاع العالم يحملون ثقافات و لغات بلدانهم الأصلية، فإن اللغة الرسمية الوحيدة هي الإنجليزية.
وفي الصين التي يبلغ عدد سكانها أكثر من مليار وثلاثمائة مليون نسمة يتكلمون المئات من اللغات واللهجات، فإن اللغة الوحيدة المرسمة هي الماندران ( Mandarin) وهي نفس اللغة المرسمة بهيئة الأمم المتحدة.
وفي روسيا التي يبلغ عدد السكان بها أكثر من 170 مليون نسمة يتكلمون العديد من اللهجات و اللغات المحلية فإن اللغة الرسمية الوحيدة في عموم روسيا هي اللغة الروسية وهي نفس اللغة المرسمة بهيئة الأمم المتحدة.
و في اسبانيا التي يبلغ عدد سكانها أكثر من أربعين مليون نسمة يتكلمون لغات متعددة ، فإن اللغة الرسمية المعتبرة في جميع الجهات باسبانيا هي اللغة الإسبانية و هي نفس اللغة المرسمة بهيئة الأمم المتحدة.
أما الدول القليلة المرسمة بها لغتان أو أكثر ، لأسباب تتعلق بحجم السكان أو بذات اللغات المرسمة (أهليتها) و بإقامة كل مجموعة في مناطق معينة من البلدان أو بتوفرها على إمكانيات مالية كبيرة فإنها لم ترسم كل لغاتها أو لهجاتها و إنما الأقل القليل منها فمنها : الهند – جنوب إفريقيا – كندابلجيكا – سويسرا.

اللغة العربية مرسمة دستوريا بينما الفرنسية هي " المرسمة " واقعيا:
ويتجلى ذلك على مستوى حجم و مجالات الاستعمال: فالفرنسية هي الأكثر استعمالا على مستوى المرافق العمومية ( الإدارات و المؤسسات العمومية و الشبه العمومية و التعليم العالي و الإعلام... )، وعلى مستوى المرافق الخاصة (التعليم العالي الخاص – البنوك – الشركات – المقاولات – الإعلام السمعي البصري الخاص.
ويتحمل المسؤولية، بدرجات مختلفة، في هذا التناقض بين المشروعية القانونية (مقتضيات الدستور )، وخرق هذه المشروعية واقعيا والسكوت عن هذا الخرق وعدم مناهضته وإنهائه: الدولة والأحزاب و النقابات و الجمعيات المدنية والمثقفين، وبصفة عامة المجتمع المغربي...

وطبقا للمعطيات أعلاه نصل إلى الجواب عن تساؤل العنوان و هو :" لماذا لا يمكن حاليا دسترة اللغة الأمازيغية كلغة رسمية. "
إننا نرى عدم إمكانية هذه الدسترة كلغة رسمية، للأسباب الآتية:

أ - لأن اللغة الأمازيغية ليست واحدة موحدة و إنما هي متعددة و يدخل في هذا التعدد : اللغة السوسية ، و اللغة الريفية و اللغة الأطلسية ( الزيانية ) بالإضافة إلى العديد من اللهجات المتفرعة عنها والتي يوصل عددها بعض اللسانيين إلى سبعة عشر لهجة أمازيغية.
وإذا استعملنا المعيار الحقوقي الذي يرتكز على المساواة وعدم التمييز، فإن ترسيم أحد اللهجات كلغة رسمية بالدستور يقتضي ترسيم باقي اللهجات بالدستور، سواء منها ذات المنبع الأمازيغي أو ذات المنبع العربي وعلى رأسها اللغة الحسانية.

ب - إن ترسيم اللغة الأمازيغية دستوريا، و على فرض أنها واحدة موحدة، سينتج عنها وجوب استعمالها في:
جلسات البرلمان و لجانه وفي تحرير مختلف محاضره و مشاريع القوانين بها.
وجلسات الحكومة و بما في ذلك التحرير بها في المحاضر و البلاغات و المراسيم.
وظهائر و خطب رئيس الدولة ( الملك ) في المناسبات الرسمية
وبالإدارات و المؤسسات العمومية و الشبه العمومية و مختلف المرافق...
والتعليم بها في مختلف درجات و مستويات التعليم
- وفي القضاء الأمر الذي يقتضي وجوب تحرير المقالات و المذكرات بالعربية أو الأمازيغية ، و وجوب تسيير كتابات ضبط المحاكم باللغتين معا و المرافعات و المناقشات في الجلسات باللغتين معا ، و تحرير الأحكام و القرارات القضائية باللغتين ، و متابعة إجراءات التبليغ و التنفيذ يهما...
إن كل ذلك و غيره سيتطلب ضرورة توفير إمكانيات لوجيستيكية و موارد بشرية كفئة ومالية والتي من بينها على وجه المثال توفير:
طابعات بحرف تيفناغ و المؤهلين للطبع بها
مجموعات من التراجمة المؤهلين بجميع الإدارات و المؤسسات و المرافق التي استعرضناها أعلاه للترجمة من الامازيغية إلى العربية و من هذه إلى الأمازيغية...
جريدة رسمية خاصة بالنشر بما يحرر بالأمازيغية و بحرف تيفناغ

مغالطات يجب الكشف عنها، و التي من بينها:
المغالطة الأولى: إن ترسيم اللغة العربية بالدستور دون اللغة الامازيغية يمس بمبدأ المساواة مع أنه، وكما يقول الفقهاء، لا قياس مع وجود اختلاف، و قد بينا دواعي و مبررات ترسيم اللغة العربية الفصحى دون بقية اللهجات ، سواء منها ذات المنبع العربي أو ذات المنبع الأمازيغي.

المغالطة الثانية: أن عدم ترسيم اللغة الامازيغية يمس بمبدأ حقوق الإنسان الحامية لجميع الثقافات واللغات، مع انه، و كما بينا ذلك أعلاه، فإنه لا علاقة لحقوق الإنسان بموضوع الترسيم.
المغالطة الثالثة: إن الأمازيغية هي لغة الأم التي يتعرف عليها الطفل الامازيغي منذ نعومة أظافره و لذلك يجب أن تكون لغة تعليمه ولغة إدارته وقضائه وبرلمانه باللغة الأمازيغية وبالتالي يجب ترسيم اللغة الامازيغية.
و يرد على هذه المغالطة بما يلي:
من ناحية، فإن هذه ليست مشكل الطفل الامازيغي وحده و إنما مشكل، كذلك، الطفل الذي تتكلم أمه اللهجة العربية الدارجة، و لا يبدأ، الطفل المغربي، في تعلم اللغة العربية الفصحى، إلا عند ولوجه إلى المدرسة.
ومن ناحية أخرى فإن هذا المشكل هو مشكل ظرفي و مؤقت و سائر نحو الزوال، ليس فقط بسبب اتساع نشر التعليم باللغة العربية الفصحى في المدن و القرى و البادية، و إنما أيضا بسبب دخول تعليم الأمازيغية لجميع أبناء المغاربة بكل المدارس حسب برامج و مناهج محددة.
وإذا كان الطفل أو التلميذ المغربي يتعلم اللغة أو اللغات الأجنبية فإنه من باب أولى وأحق أن يتعلم اللغة العربية الفصحى.
المغالطة الرابعة: إن الأمازيغية مهمشة إعلاميا، و هذا ادعاء غير صحيح
فمن ناحية: فإن هناك عدة قنوات إذاعية رسمية تذيع بالامازيغية من الصباح إلى ساعات متأخرة من الليل، و نفس الشيء بالنسبة للتلفزة بالامازيغية...
ومن ناحية أخرى، فإن الإعلام الخاص غير الرسمي أصبح مفتوحا أمام الجميع، لمن يرغب في إحداث قنوات إذاعية وتلفزية خاصة لمن يرغب بالإذاعة أو التلفزة، بواسطتها بأي لغة من اللغات...
المغالطة الخامسة: وتقوم على كون الأمازيغية مهمشة على مستوى التواصل مع مختلف المرافق العمومية و يرد على هذه المغالطة بما يلي:
فمن ناحية: فإن هذه المرافق العمومية:
إما تتواصل بالفرنسية وهذا مشكل جميع المغاربة الذين ليس من المفروض عليهم أن يكونوا عارفين و مدركين لهذه اللغة الأجنبية ، والحل لهذا المشكل هو إنهاء تواصل المرافق العمومية والخاصة مع المغاربة بواسطة لغة أجنبية.
وإما تتواصل مع المواطنين باللغة العربية الفصحى التي قد لا يفهمها الأميون الذين يتحدثون باللهجات الأمازيغية والعربية و الحل الفوري لهذا المشكل هو استعانة من يتوصل بمثل هذه المراسلات بأقاربه وجيرانه المتعلمين لمعرفة محتوياتها.
أما الحل النهائي لهذا المشكل فيكمن في الإسراع بنشر التعليم بجميع الأقاليم المغربية...
ومن ناحية ثانية فإن التواصل الذاتي الشفوي مع المرافق العمومية و الخاصة يفرض، قانونا، توفر هذه الأخيرة على تراجمة للجواب على استفسارات الزوار المغاربة و غير المغاربة الذين لا يعرفون العربية، سواء منها الفصحى أو الدارجة...

هل يمكن ترسيم الامازيغية مستقبلا ؟
نعم يمكن ترسيمها مستقبلا دستوريا بجانب اللغة العربية الفصحى، متى توحدت و توفرت فيها نفس المعايير والشروط و الأهلية المتوفرة في اللغة العربية الفصحى، بل لا مانع مستقبلا بان تصبح اللغة الرسمية الوحيدة، بدل العربية، إذا تفوقت على هذه الأخيرة سواء على مستوى الإنتاج المعرفي و الفكري أو على مستوى التواصل والانتشار وطنيا وجهويا وعالميا...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.