بشر وزير الصحة الحسن الوردي ساكنة جهة طنجةتطوان بقرب ولادة مشروع المستشفى الجامعي بطنجة الذي سيقام بمنطقة اكزناية على مساحة 26 هكتارا بغلاف مالي قدره ملياران و100 مليون درهم ، والذي يعد من المشاريع المهيكلة الكبرى التي تحظى بها المنطقة. وقد تم الإعلان عن ذلك في اللقاء الذي عقده الوزير مع برلمانيي الإقليم بمقر ولاية طنجة يوم الجمعة 18 يوليوز 2014 . وقد تقرر الشروع في إنجاز الأشغال الخاصة بالمستشفى الجامعي في شهر غشت 2015 ، وحددت نهايتها في دجنبر 2017 ، مع تشكيل لجنة مختلطة من أجل مواكبة مراحل إنجاز هذا المشروع وغيره من المشاريع المقررة ، والتي تهم إحداث كلية الطب والصيدلة بعد أن انطقت أشغال بنائها بنفس المكان قرب مستشفى الأمراض السرطانية الذي عرفت أشغاله بعض التأخير عن المعد المحدد. وكان اللقاء مناسبة أيضا لتنصيب المندوب الإقليمي الجديد المعين أخيرا، ومديري كل من مستشفى القرطبي، ومستشفى محمد الخامس، ومستشفى محمد السادس .. ويعود الفضل في وقوع الاختيارعلى طنجة إلى والي الجهة محمد اليعقوبي الذي نجح في إقناع الدوائر العليا بضرورة إحداث المشروع بطنجة لكونها تمثل مركز الجهة، وذلك في الوقت الذي كانت بعض الجهات تمارس الضغط من أجل تحويل وجهة المشروع إلى إقليم آخر داخل الجهة . والسؤال المطروح بحدة ،هو مدى قدرة الوزارة على الوفاء بتعهداتها واحترام المواعيد المحددة فيما يخص إنهاء هذه المشاريع التي ظلت حلما طال انتظاره بالنسبة لساكنة طنجة خصوصا والجهة عموما، بسبب تفاقم الوضع الصحي الذي لم يعد يحتمل المزيد من التردي والتدهور. ففي الوقت الذي يؤمل من المسؤولين الجدد على صعيد الإقليم أن يوفقوا في مهامهم الجديدة في أفق الخروج بالقطاع من الأزمة الخانقة ، وهو أمر تعترضه العديد من الإكراهات المتعلقة بقلة التجهيزات والمرافق الصحية، وضعف بنيات الاستقبال ، وقلة الموارد البشرية ، وسوء التدبير ، فإنه يجدر ربط الماضي بالحاضر، ووضع مخططات الوزارة على المحك. وفي هذا الصدد سنذكر بعرض لمندوب الوزارة محمود بنرحال، قدمه أمام أعضاء المجلس الإقليميبطنجة في دورته العادية بتاريخ 28 يناير 2009، والذي تناول فيه واقع القطاع آنذاك، وتحدث عن أهم المشاريع المقررة في أفق تجاوز الوضعية وفق برنامج معلن عنه من طرف وزارة الصحة والحكومة آنذاك . وتحدث عن الأولويات المسطرة في برنامج الوزارة : ومنها بناء المستشفى الجهوي على مساحة 11 هكتارا قرب سوق ميترو بطنجة. وحددت انطلاقة الأشغال في سنة 2010 بعد إنجاز دراسة خاصة بالمشروع الذي قيل عنه إنه سيجمع كل الاختصاصات من أجل منع تنقل المريض بين عدد من المراكز الصحية . وفي إطار الشراكة مع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ، تم رصد 3 ملايين درهم من أجل توسعة قسم المستعجلات بمستشفى محمد الخامس، ثم إعادة تأهيل مستشفى الأمراض النفسية الذي كان في وضعية سيئة . وكذلك إنجاز المستشفى الجهوي للأنكولوجيا في إطار الشراكة بين الوزارة والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية وفاعلين من الإمارات ، وذلك قرب مدخل الطريق السيار بطنجة. وكذلك إصلاح المراكز الصحية وبناء أربعة أخرى جديدة . وبناء مختبر الأوبئة الذي ستنطلق أشغاله في سنة 2010 . وبناء مركز تكوين الممرضين(اختصاص الولادة) قرب المستشفى الجهوي المرتقب . ثم افتتاح المركز الجهوي للترويض والتقويم الذي أقيم بغلاف مالي قدره 11 ملون درهم ،.. ومع مرور الوقت تبين أن تلك المقررات سيظل معظمها حبرا على ورق، كما تم التخلي عن معظمها ، كالمستشفى الجهوي الذي اختزل في مستشفى محمد الخامس الذي أصبح يحمل اسم المستشفى الجهوي ( وهو اسم بدون مسمى ). والغريب ما في الأمر أن ذلك التشخيص الذي استعرضه مندوب الصحة آنذاك وكذلك أعضاء المجلس الإقليمي، يكاد يتطابق مع التشخيص الحالي لقطاع الصحة بطنجة أو يزيد عليه بسبب تزايد عدد السكان، وتلاشي عدد من التجهيزات الطبية وتقلص عدد الأطر بسبب المغادرة والتقاعد. فالمشاكل هي نفسها، بل تفاقمت وازدادت حدة وخطورة، والكل آنذاك وفي اجتماع رسمي لمؤسسة منتخبة يعلن عن تردي الخدمات الصحية، بسبب ضعف الوسائل الطبية والجهيزات والمرافق الضرورية ، وغياب الأخلاق المهنية. حيث أثيرت إشكالية الرشوة داخل المؤسسات الصحية ، ومنح الشواهد الطبية المزورة التي لا تعكس الحقيقة، واشتغال أطباء القطاع العمومي في القطاع الخاص.. ومنذ ذلك التاريخ ظل الرأي العام ينتظر تنفيذ ما تم تسطيره في البرنامج الوزاري ، فاتضح أن الوزارة في حد ذاتها تمر بوضع لا تحسد عليه بسبب ضعف الميزانية، وتزايد الطلب على حق الولوج إلى الخدمات الصحية. فبدأ تحريك مجموعة من المبادرات التي تهدف إلى التخفيف من وطأة الأزمة. وفي هذا السياق جاء العرض الصحي الذي أدرج ضمن برنامج طنجة الكبرى ، وهو ليس إلا ما كان مقررا في السابق -بل أقل منه بكثير- ، ولم ينفذ لأسباب ظلت مجهولة ، وبالأساس المستشفى الجهوي الذي رصدت له الاعتمادات المالية وكذلك العقار الذي سيقام عليه ، حيث تضمن هذا البرنامج الصحي الجديد إحداث أربعة مستوصفات جديدة وإعادة تأهيل ستة مراكز صحية، وإعادة تأهيل مستشفى محمد الخامس، وإحداث قسم للمستعجلات إلى جانب مركز صحي متعدد التخصصات . وتجدرالإشارة إلى أن الأطر التي تم تعيينها من طرف الوزير لم تستأنف عملها بعد بسبب عدم توصلها بقرارات التعيين، علما أن مصالح الوزارة بالإقليم قد عانت منذ سنتين من فراغ كبير ومن عدم الاستقرار منذ تقديم المندوب السابق لاستقالة التي مرت عليها قرابة سنة، وكذلك بسبب التغيير المستمر لمديري مستشفى محمد الخامس الذي تعاقب على أدارته 5 مديرين في ظرف قياسي .. فبعد هذا التأخيرالزمني ، والمواعيد التي لم تحترم ، فهل ستكون الوزارة عند حسن الظن، فتحترم المواعيد المسطرة هذه المرة ؟ وفي انتظار تحقق ذلك، هل من المعقول أيضا أن يظل المواطنون يتنظرون أربع سنوات إضافية من أجل أن يحظوا بالحق في العلاج الضروري .. ألم يكن الأولى هو إحياء مشروع المستشفى الجهوي الذي لا يمكن الاستعاضة عنه رغم أهمية وجود المستشفى الجامعي في الأفق . كما لا يمكن أن يعول على الرتوشات التي يتم إداخلها حاليا على مستشفى محمد الخامس، "هذا المستشفى، الذي كانت انطلاقته متعثرة، بعدما ظل مغلقا دون إجراء عملية تسليم نهاية لأشغاله بسسب عدة تحفظات حول هشاشة أساساته وعدم احترام المواصفات المطلوبة في إعداد مرافقه، إلى أن اتخذ الوزير السابق الراحل عبد الرحيم الهاروشي قرارا بفتحه سنة 1993، حين صرفت عليه ميزانية إضافية لترميمه وحمايته من أخطار انجراف تربة الهضبة التي بني عليها، وهو في بداية عهده أمام حاجة المدينة لمستشفى جديد، الذي صار يستقبل المرضى من مختلف مناطق الجهة في الوقت الذي لا تكفي طاقته الاستيعابية لتوفير الخدمات الصحية على الصعيد المحلي"(الأحداث المغربية ). فهذا المستشفى قد استنفذ دوره بكل المقاييس، بل أصبح وجوده يقترن بالمشاهد المرعبة وحالات الوفيات غير الطبيعية، فهو لم يعد يحمل مواصفات المستشفى الذي يتناسب مع حاجيات المدينة ومتطلباتها ، فضلا عما يعانيه من اختلالات بنيوية وعيوب تقنية في البناء وخصاص مهول في الأطر الطبية، ومن الأعطاب المستمرة لأجهزة الراديو والسكانير . إن المستشفى الجهوي مطلب ملح وضروري ، وهو دين في عنق المسؤولين لا يمكن أن يسقط بالتقادم ..كما لا يمكن أن تستمر معاناة المواطنين أمام حق إنساني يكفله الدستور المغربي والمواثيق الدولية ، لأن استمرار إزهاق الأرواح وتفاقم الأمراض والعجز عن تقديم العلاج لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية . المكتب المركزي لرابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين