بولعجول يوضح شروط لوحات الترقيم للسير الدولي ويطمئن المسافرين المغاربة    الكونغرس الأمريكي يناقش مشروع قرار لتصنيف "البوليساريو" منظمة إرهابية    الحسيمة.. تفكيك شبكة للتهجير السري وحجز قوارب ومبالغ مالية    الوزارة تدعم العمل الثقافي والمهرجانات بأزيد من 9 ملايين درهم سنة 2025    تعيين محمد رضا بنجلون مديرا جديدا للمركز السينمائي المغربي    مرسوم جديد لتحديث وضعية أساتذة كليات الطب والصيدلة    تفعيل خدمات جديدة في مجال النقل الطرقي عبر "نظام الخدمات عن بعد" ابتداء من فاتح يوليوز    ارتفاع مؤشر الإنتاج في قطاع المعادن بأكثر من 10 في المائة    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأخضر    إحداث "Uni Fiber" و"Uni Tower" لتسريع نشر شبكات الألياف البصرية والجيل الخامس    سيوفر آلاف الوظائف.. الجرف الأصفر يحتضن أول مجمع صناعي ضخم لمواد بطاريات الليثيوم بالمغرب    رئيس الحكومة يترأس الدورة الثامنة للجنة الوطنية للاستثمارات المحدثة بموجب ميثاق الاستثمار الجديد    الطالبي العلمي: حل الدولتين السبيل الوحيد لتحقيق السلام وإنهاء الصراع في الشرق الأوسط    رغم إصابته في حادث بأمريكا.. بنهاشم يصر على قيادة الوداد أمام العين    الزيات يعلن ترشحه لرئاسة الرجاء ويعد بمرحلة جديدة مع تفعيل الشركة    الصحراالمغربية: برلمان أمريكا الوسطى يجدد تأكيد دعمه لمخطط الحكم الذاتي وللوحدة الترابية للمملكة    النيابة العامة تتحرك لتتبع صعوبات المقاولات    "إسكوبار الصحراء": بعيوي يجهش بالبكاء نافيا علاقته بتهريب المخدرات    شاب يلقي بنفسه من سطح منزل أسرته بطنجة وسط قلق حول ارتفاع حوادث الانتحار    الحكومة توافق على تحويل المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن إلى شركة مساهمة    الصحافي رضا بن جلون مديرا للمركز السينمائي المغربي    بعد غياب 6 سنوات..المعرض الوطني للكتاب المستعمل يعود في نسخته الثالثة عشر بالدارالبيضاء    ادريس الروخ يشرع في تصوير مسلسل درامي جديد    الطالب الباحث عبد الفتاح موليم ينال شهادة الماستر في القانون العام بميزة مشرف جدا            أخنوش يدعم السكوري ويقرر إعفاء مديرة "لانبيك"    الحسيمة.. تحويط حريق بغابة "ثاندا إفران" وجهود متواصلة لإخماده    عواصف عنيفة تضرب فرنسا وتخلف قتلى ودمارا واسعا    في الأمم المتحدة.. المغرب يدعو لتحرك جماعي لحماية المدنيين من الفظائع    وفاة رجل أضرم النار في جسده وسط الشارع العام بطنجة إثر خلاف تجاري    مونديال الأندية.. إنتر يتفوق على ريفر بليت ويعتلي الصدارة ومونتيري يعبر برباعية    جمعيات تحذر الوزارة الوصية من "تفويت" 54 مركزا للشباب    الذكاء الاصطناعي و"كابسولات الميوعة"..حين تتحوّل التقنية إلى سلاح لتفكيك الهوية المغربية    القضية ‬الفلسطينية ‬في ‬ضوء ‬بيان ‬اسطنبول    عبد الكبير الخطيبي: منسي المثقفين    أسعار الذهب ترتفع وسط تراجع الدولار الأمريكي    إدانة رابطة مغربية لتأخير رحلة Ryanair بمطار الرباط    مغاربة العالم يعقدون ندوة حوارية بباريس حول الورش الملكي الخاص بالجالية    "الحسنية" تأذن بسفر المدرب الجديد    الرباط تحتضن دوري الراحل بوهلال    الابتزاز وراء عقوبتين بالكرة النسوية    الاحتيال يهدد زبائن تأجير السيارات    معرض يستحضر الأندلس في مرتيل    أكاديمية المملكة المغربية تكرم 25 سنة من الأدب الإفريقي في "غاليمار"    توقعات طقس اليوم الخميس بالمغرب    طفل في كل فصل دراسي مولود بالتلقيح الصناعي ببريطانيا    احذر الجفاف في الصيف .. هذه علاماته وطرق الوقاية منه    سوق الكوكايين العالمية تحطم أرقاما قياسية    كأس العالم للأندية لكرة القدم.. فلومينينسي يعبر إلى ثمن النهائي عقب تعادل سلبي أمام صنداونز    تثبيت كسوة الكعبة الجديدة على الجهات الأربع مع مطلع العام الهجري    دراسة تحذر: انتكاسات كبيرة في برامج التلقيح تعرض الأطفال لخطر الأمراض القاتلة    عودة الدواجن البرازيلية إلى الأسواق المغربية بعد زوال المخاطر الصحية    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صرخة من المغرب العميق.
نشر في أكادير 24 يوم 31 - 05 - 2012

اقفلت شاشة التلفاز بعد نشرة من اخبار المغرب، المغرب الجميل الذي نتفرج عليه كل مساء، لا الذي نحيا فيه كل صباح ومساء،ولا الذي قرانا عنه في جريدة المساء، نشرة عبارة عن كوكتيل من الاخبار التي لا تربط بينها اية علاقة، من اليوم العالمي للمرأة الى اسبوع الفرس، ومن جمال قصبات الجنوب الى حادثة سير في الشمال، وتنتهي النشرة، وتجد نفسك قد اعدت الاستماع الى انباء رأيت بعضها على شاشات اخرى الاسبوع الماضي. اطفات شاشة التلفاز اذن بعد ان اشعرتني النشرة بالنوم، لئلا انام، لان لدي الم، ليس الم المفاصل، ولا الم الاعلام الذي ارادوه الا ينصلح، ارادوه كما هو يقدم المغرب الجميل، ارادوه حبات منوم مجانية، ولا الم من فقد الضمير واراد ان يبيع الوطن ليشتري تصفيق الرفاق،.. بل الم المغرب الاخر الذي لا يرى في التلفاز، هما اذن مغربان، ووطن واحد، مغرب في التلفاز ومغرب عميق، مغرب موازين و موروكو مول، ومغرب بناء ساقية واحداث مرافق صحية بمؤسسة تعليمية، وهناك قرب المؤسسة التعليمية قابلت مواطن من المغرب العميق، وكلنا من المغرب العميق، كان يلهث لأنه قطع مسافة طويلة سيرا على الاقدام، لانعدام الطريق، لان مشروع شق الطريق الذي برمجته الجماعة في دورتها العادية الغته في دورتها غير العادية لعدم كفاية موارد السوق، والسوق الجماعي يجمعه الرئيس في سلة واحدة بعدما اكترته الجماعة لصهر الرئيس، الذي لا يؤدي الرسوم، عيب ان يؤدي لصهره، وحاشى، وكم رسمت الجماعة من خطوط عندما خططوا لها في مغرب التلفاز واجبروها على المخطط الجماعي، فذهب الرئيس الى فقيه الدوار ليخط له المستقبل، اوصاه الفقيه بصباغة مقر الجماعة وترميم سورها القديم.
واستراح مواطن المغرب العميق قرب حائط الجماعة،فلم يجد احدا لخدمته، كان يريد استخراج عقد ولادة، والعقد من التعاقد، وهو لم يتعاقد ليولد في المغرب العميق، فلنقول رسم ولادة فالقدر من رسم، وجد الجماعة مقفلة بأصفاد حديدية كحانوت البقال الذي اتعبه تماطل موظف الجماعة في اداء ارقام مذكرة قديمة تحمل افكارا من صابون وزيت وسكر، الموظف في اضراب، يطالب بالزيادة في الاجر، والرئيس في سفر، يقال انه للتفاوض حول مشروع هام جدا، تبليط زقاق قرب منزل المعارضة، ويقال بل لترميم ساقية احد الدواوير قبل موعد الانتخاب، اسر الي مواطن المغرب العميق ان تلك اشاعات، وان الرئيس بصدد التهيئ لوليمة تجديد الولاء له والاقتراع على الباب، وانه عقد دورة استثنائية قبل ان يختفي، خطط فيها لتنمية الجماعة ولذلك سيبنون مقرا جديدا لها، ويشترون سيارة فارهة تليق بمقام الرئيس، وعقدوا صفقة صباغة واجهات الجماعة، اجتمعوا لساعات طوال، باحتساب ساعات وجبة الغذاء واستراحات الشاي والقهوة ودردشات الانتخابات، وقرروا استعمال فائض الميزانية في صباغة مقر الجماعة تنفيذا للمخطط الجماعي للتنمية عفوا مخطط الفقيه.
هو اذن حال المغرب العميق الذي فوضوه للجماعة، والمغرب العميق موجود في كل الوطن، في العاصمة في التقدم ودوار الحاجة، في البيضاء وكرياناتها، في مغرب السياحة اكادير وانزاها وبقاع الدراركة، في هوليود القارة السوداء ونيوركها وشيشانها، فالمغرب العميق لا يرى ولا تلتقطه كاميرات اعلام المغرب الاخر، ولا يبصره مسؤولو المركز وان ادعوا ذلك، فكلهم يحملون نظارات كنظارات قنواتنا التلفازية.
نهض مواطن المغرب العميق واتجه صوب صندوق كبير محاط بسياج من اسلاك، وعائلة من الكلاب الضالة تسكن احدى جنباته، مكتوب فوقه بخط رديء – مجموعة مدارس المغرب – التقى بطفله الصغير الذي جاء للمدرسة وعادا معا الى الدوار، فالمدرسة هي الاخرى فارغة، المعلم في اضراب بسبب حرمانه من الحركة الانتقالية، قضى زمانا في هذه القفار يريد الاقتراب من المغرب الاخر، كان عليه فقط ان يشتري تلفازا، ليعيش المغرب الجميل وليتمكن من النوم عند كل نشرة مساء، فلا يفكر في المفتش الذي ينتظره مند اسبوع، يقال انه تاه في مضايق انفكو.
هي اذن مدرسة المغرب العميق، بناية من حديد واسمنت وشيء يشبه روث الابل،وتلاميذ المغرب العميق ابطالا في المشي وحمل الاثقال، وفي المطعم المدرسي تسبح كريات من عدس في ماء عكر،والماء حكايات اخرى، والبئر الذي حفرته الجماعة بشراكة مع دولة اليابان، استولى عليه المكتب، ومكتب الماء لا يتقن سوى كتابة الفواتير، وضوء المكتب الذي احتكر الماء و الضوء، والحمد لله على الهواء، ضوء خافت يشبه حشرة ليلية مضيئة.
عاد مواطن المغرب العميق الى دواره منهكا، فالوقت شتاء قطعت الثلوج طريقه، ونفدت اغصان من حطب يشعل النار ليتدفأ واطفاله، فالغابة القريبة لتصدير الخشب، وبوغابة يؤدي واجبه، وفي الليل تنزلق اشجار من خشب في عتمة الظلام الى جيوب سراويلها صنعت لساكني مغرب التلفاز، وتطاول بوغابة على دوار مواطن المغرب العميق، ونصب عليه لافتة عريضة مكتوب عليها بخط عريض، الملك الغابوي، وكم تلاهاغلطا من ناس وظنوها ملك الغابة فافزعهم الاسد، والاسد غفا منذ اسبوع في مدينة سبع رجال، ومواطن المغرب العميق ينتظر مولوده السابع، وجاء المخاض والمستوصف في الجهة المقابلة للجبل، وسيارة الاسعاف تحمل متاع القائد القديم الذي رحلوه الى ركن اخر من المغرب، العميق طبعا ليضمن امنا اخر، ووهبت بغلة الدوار نفسها فداء للجنين فحملته مع جسد امه، وفي الطريق حر شديد وشح المطر ظاهر، واقتصادنا يركن للفلاحة، ويهبط ميزان النمو، وميزان حرارة الام في تصاعد، وبكا الجنين اخيرا على ظهر البغلة، واجنة بكت على جنبات الطريق، وفي سيارات الاجرة، فالمجال كله يستقبل مواليد المغرب العميق في شوارعه وازقته، وقطط تلد جنب غرف الولادة، وممرضة المستوصف في اجازة لتضع مولودها الاول، يقولون غير شرعي، من مدير مجموعة مدارس المغرب، الذي ترك زوجته وولداه في المغرب الاخر، ويراهما في نشرات الاخبار كل مساء قبل ان يرى الممرضة، هي اذن معاناة اخرى لموظف المغرب العميق.
توتر مواطن المغرب العميق بعد طول هدوء، فهو هادئ الطباع، وكثيرا ما وصفوه بالهدوء والكرم، فهو من قبيلة حاتم الطائي، كثيرا عند تنقله للمركزما يسمع ايات مدح لمغربه العميق ولكرمه، ويعود ادراجه، مزهوا، لقد قالوا له نعم الناس انتم، وسنفكر بحاجتك عند وجود الوقت، فوقت نشرة الاخبار لا يسمح، وتلفزة البريهي تحترم الوقت، فلابد ان تجمع غسيلها المتسخ الذي نشرته احدى موظفتها على الملا قبل ان يجف، واشباح تظهر على ثاني القنوات بعد الافلاس، وقنوات المياه العادمة تتكسر كل مرة وتعطر جو الكآبة بمزيد من روائح المغرب الجميل، محطات معالجة المياه العادمة تنفث غازات مسيلة للدموع ومسيلة ايضا لمخاط الانوف، عندما هددونا بأنفلونزا الدجاج، واشتروا لقاحا لسلامتنا، ورموه بعد حين ومعه عملة صعبة صعوبة العيش في المغرب العميق عمق بحريه الاطلسي والمتوسطي، اللذين ينتجان سمكا لليابان لقاء مساهمتها في حفر بئر بالجماعة، لا اتحدث عن بئر انزران ولا بئر كندوز، ولا بئر البترول الوهمي في شرق المغرب، بل بئر الماء المالح ملوحة الاطلسي وسردين المغرب العميق نافس سوق الدجاج واللحوم الحمراء في العيد الكبير، المقدس حتى في مغرب التلفاز وذاك قاسم مشترك، يقولون قرؤوه في الكتاب، عندما قرؤوا لستة دقائق كل سنة، ولستة ساعات في اليوم يأكلون، هنيئا مريئا.
توتر مواطن المغرب العميق، هو يريد الحلول، يريد ان يندمج المغرب، واندماج المغرب الكبير محال، قالوا زمانا المغرب العربي الكبير، ونسوا قاطني الوطن واصحاب الدار، فاصلحوا الزلة وحذفوا العربي، والمغرب العميق اغلبه امازيغي، والامازيغوفوبيون الغوه من مغرب تلفزتهم، وصنعوا له بوقا بلسان امازيغي مشوه، وفي الثامنة يريدون اقبار المشروع، كما اقبروا بعضا منه في معهد النفاق، ويريدون صنع تابوت دستوري للهوية الوطنية الاولى.
توتر مواطن المغرب وصرخ، وامتطى بغلته، وراح يبتعد رويدا رويدا، وفي الصباح فتحت عيناي على نور الضحى، ولملمت بعضي وخرجت من جديد للمغرب العميق في عمق مغرب التلفاز.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.