لجنة ال24/الصحراء.. غواتيمالا تجدد تأكيد دعمها لحل سياسي في إطار سيادة المغرب ووحدته الترابية    حزب الله يدين استهداف إعلام إيران    قائمة شركات طيران علقت رحلاتها جراء التصعيد بين إسرائيل وإيران    وزيرة السياحة: المغرب يتصدر مؤشرات التعافي السياحي بفضل دعم الدولة والرؤية الملكية    موعد مباراتي نصف نهائي كأس العرش    المغربي هاروان رِيد يعرض أعماله في دار سوذبيز ببروكسل ضمن مؤتمر المغرب: فرصة استثمارية استراتيجية وأسلوب حياة فريد    ''مزورو طب الأسنان'' يثيرون القلق.. الهيئة الوطنية تدعو لحماية صحة المواطنين وصورة المغرب    عامل إقليم الدريوش يقود اجتماعا موسع لتفعيل برنامج إنقاذ قطاع الماشية ودعم الكسابة    أكادير تحتضن أشغال المنتدى الدولي حول التدبير المستدام للمجال الغابوي    إحباط تهريب 13 سيارة مسروقة من الجزيرة الخضراء نحو ميناء طنجة المتوسط    أكثر من 80 مهاجرًا يتسللون إلى سبتة خلال النصف الأول من يونيو    النقابة الوطنية للصحافة تدعو لتسريع الإصلاحات وضمان حقوق العاملين في القطاع    السينما والتاريخ شعار الدورة الثانية لأيام وزان السينمائية    المغرب.. ثالث أكثر الدول استهدافاً بالهجمات السيبرانية في العالم خلال أسبوع واحد    الأحمر ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    نادي برشلونة يقرر إلغاء المباراة الودية بالدار البيضاء قبل انطلاق الموسم    المدير العام لفرع بنك أفريقيا بمدينة شنغهاي: المغرب بات وجهة مفضلة بشكل متزايد لمصنعي السيارات الصينيين    نتنياهو: قتل خامنئي "سيضع حدا للنزاع"    وزيرة المالية: لا غلاء في المغرب.. وملف التقاعد لا يحتمل المزايدة السياسية    توقيف مغني معروف للاشتباه في تورطه في قضية عنف تحت السكر    وهبي: مصادرة الأصول الإجرامية أولوية    إسرائيل تستهدف مبنى تلفزيون إيران    "الجغرافيا الجديدة" بأكاديمية المملكة    "لارام" تطلق برنامج رحلات صيفي غير مسبوق    3 مشاريع مراسيم على طاولة مجلس الحكومة    قصة نجاح لمفخرة مغربية    نشرة إنذارية.. زخات رعدية قوية ورياح بأقاليم الجهة الشرقية    435 سجينا يحصلون على شهادة البكالوريا    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    فريق الرجاء يؤجل انطلاق التداريب    التامني: البرلمان أصبح مجرد غرفة تسجيل والتصويت يكون جاهزا مسبقا    غزة تنعى قتلى قرب مركز مساعدات    جراحات جبل "طوبقال" القديمة    فرجة "دراغون" تلقى الإقبال في أمريكا الشمالية    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    نصائح ذهبية لحماية المسنين من ارتفاع الحرارة    أسبوع الفرس .. تنظيم الدورة الأربعين من 5 إلى 13 يوليوز المقبل بالرباط    بنما: مبادرة الحكم الذاتي تمثل الحل الواقعي الوحيد لقضية الصحراء    في أول لقاء مع جمهوره المغربي.. ديستانكت يكشف ألبومه العالمي وسط تفاعل صاخب        تير شتيغن يتخذ أولى خطوات رحيله عن برشلونة    "أرواح غيوانية" يُكرّم رموز المجموعات الغيوانية ويُعيد أمجاد الأغنية الملتزمة    الذهب يقترب من أعلى مستوياته في شهرين    الهند تعلن العثور على الصندوق الأسود الثاني للطائرة المنكوبة    رسميا.. لا مباراة لبرشلونة في المغرب هذا الصيف لهذا السبب    بناصر رفيق: المرأة التجمعية شريك أساسي في بناء مغرب الديمقراطية والتنمية    برلماني يطالب بالتحقيق في صفقات "غير شفافة في مستشفى ابن سينا الجديد        الاتحاد الدولي لكرة القدم يرد على المشككين في "الموندياليتو"    24 قتيلا في إسرائيل جراء الضربات الصاروخية الإيرانية منذ الجمعة    توتنهام الإنجليزي يضم المهاجم الفرنسي ماتيس تيل بشكل نهائي    المهرجان الدولي للفيلم بالداخلة يحتفي بشخصيات بارزة من عالم الفن السابع    فقدان حاسة السمع يرفع خطر الإصابة بالخرف    ماذا يفعل تحطُّم الطائرة بجسم الإنسان؟    قصة "حصان طروادة" المعتمَد حديثاً في المملكة المتحدة لعلاج سرطان خلايا البلازما        السبحة.. هدية الحجاج التي تتجاوز قيمتها المادية إلى رمزية روحية خالدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



متى نفهم؟؟؟؟؟
نشر في أكادير 24 يوم 18 - 03 - 2016

كنت سادرا في إعادة قراءة المقال الذي نشره المؤرخ الوطني الكبير علي صدقي أزايكو "في سبيل مفهوم حقيقي لثقافتنا الوطنية" في مجلة "أمازيغ" سنة 1981؛ المقال الذي كان الباب المؤدي للسجن سنة كاملة. لم أجد في المقال سوى كلمات رائقة وأفكارا منيرة تشع وطنية وانحيازا للرصيد التاريخي للوطن.
"وإذا كان القرآن قد نزل بالعربية، فإن الله تعالى حين فعل لم يخلق لغة عربية جديدة لا يفهمها العرب، بل كان ذلك باللغة العربية نفسها التي كانت من قبل، محملة بكل مقومات المجموعة البشرية التي كانت تتكلمها. ورغم التغير الكبير الذي أدخله الإسلام عل حياة العرب فإن الاستمرار الحضاري، في بعض جوانبه على الأقل، شيء لا يمكن نفيه. واللغة عامل قوي في ذلك الاستمرار؛ فالأدب الجاهلي الذي كان شفويا قبل الإسلام، جمع في عهد الإسلام، وقواعد اللغة العربية التي لم تكن مضبوطة قبل الإسلام درست وضبطت بعد الإسلام، وتقاليد العرب وعادات العرب الجاهلين اهتم بها المسلمون أيما اهتمام في أعز عصور الدولة الإسلامية.
فلو كان الإسلام يعني بالكونية محو كل مقومات الشعوب التي تؤمن به، لطبق ذلك أولا وقبل كل شيء على العرب أنفسهم، ولنزل القرآن بلغة جديدة، يعلمها الله لنبيه، ويضطر كل المسلمين إلى ترك لغاتهم، التي أراد الله لها أن تكون متنوعة ومختلفة، وتعلُم اللغة الجديدة! اللهم إذا اختار الله فعلا أمة العرب وجعلها فوق جميع الأمم الأخرى التي خلقها…؟ ومعلوم أن المقياس الوحيد عند الله تعالى هو التقوى. وباختصار فإن الإسلام ومبدأ القومية لا يكونان أي تناقض، غير أن التناقض يوجد بين قوميتين أو قوميات.
وإذا كنا لا نناقش الجانب الديني، لأنه في نظرنا لا يطرح مشكلا اجتماعيا، لأننا، ولله الحمد، مسلمون؛ فإن المشكل الثقافي ما يزال مطروحا، لأن المغاربة لم يتعربوا جميعا". (علي صدقي أزايكو، معارك فكرية حول الأمازيغية، مركز طارق بن زياد، ص:41)
هي مرافعة بليغة قادها شباب وطنيون، في طليعتهم أزايكو، للفت الانتباه لحقائق مسكوت عنها ومنسية في غمار السياسة وحساباتها الإيديولوجية. قد يختلف المختلفون مع كلام أزايكو، وهذا حق مكفول بل حق مقدس: حق الاختلاف؛ فمن أجله كتب أزايكو ما كتب ومن أجله دفع ضريبة ثقيلة هي سنة كاملة وراء القضبان. لكن، دون تزيُد، فإن الشعور الذي يخالج القارئ هو الأسف: أن يكتب كاتب كلمات فيها رأي؛ حينما يُقرأ يربو الإيمان بعظمة الإسلام ولا ينقص، تزداد جذوة الوطنية اشتعالا ولا تخبو، وفي النهاية تُكال التُهم الجاهزة والكليشيهات الفارغة: "تهديد الوحدة الوطنية"، "محاربة لغة القرآن"..
متى نفهم أن الخناق كان مضروبا على أزايكو وغيره من نشطاء الحركة الأمازيغية (اختطاف بوجمعة الهباز في نفس السنة 1981)، في نفس الوقت الذي كان بنكيران وإخوانه يقضون ليال ذوات العدد في الزنازين ثم يُفرج عنهم فيعودون إليها مرات ومرات. متى نفهم أن أزايكو وبنكيران، على سواء، كانوا أبناء الشعب، كانوا يحملون قضايا تتكامل، كانوا يجسدون مطامح جماهير غفيرة من الفئات الشعبية، كانوا سعاة لصيانة بيضة "الهوية" وكل له زاوية ينظر منها.
متى نفهم أن التناقض ليس بين جمهور أزايكو وجمهور بنكيران. متى نفهم أن التناقض ليس بين خط الشهيد عمر بن جلون وبين خط عبد الإله بنكيران. إنما التناقض صارخ بين كل هؤلاء من جهة، والراغبين في استدامة التسلط والقهر والتنميط والإذلال على الشعب المغربي، وبطبيعة الحال "المخزن" على رأس هؤلاء جميعا.
إن العين لتدمع حينما نقرأ شهادة أحمد بن جلون رحمه الله زعيم حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، شقيق الشهيد عمر، وهو يروي مسلسل سحق الإنسان في دهاليز "بنية" هي التي تُشكل حقا تناقضا مركزيا مع خطوط الشعب (خط بن جلون، خط أزايكو، خط بنكيران..): "أنا شخصيا وصلوا معي إلى درجات عالية جدا من التعذيب لا يمكن للعقل البشري أن يتصورها. لقد وصل الأمر من كثرة الضرب على قدمي إلى درجة أنهم اسودتا وتعفنتا، وأخذ الدود يخرج منهما، ولأني لم أعد أطيق الألم الذي كان يأتيني منها، وصرت أقضي الليل والنهار في الصراخ، فإنهم أزالوا لي بواسطة مقص القشرة السوداء التي كانت تغطيهما، وصبوا الكحول عليهما، وشعرت ساعتها وكأن نارا حقيقية تلتهمني من قدمي إلى آخر شعرة في رأسي، وجاء وقت فقدت فيه الإحساس الكلي بأطرافي العلوية، وأصبحت عاجزا عن تحريكها، بل صرت على وشك الموت، فأخذوني إلى المستشفى، وهناك فحصني طبيب، أدركت فيما بعد أنه شقيق جلاد مشهور، ولأنه كان يضع خبرته العلمية رهن إشارة الجلادين، وكانوا يستشيرونه في أوضاعنا الصحية، فإنه نصحهم بالكف عن تعذيبي، ودعاهم للعناية بي لاسترداد البعض من عافيتي، وفعلا هذا ما حدث، إذ تم الاهتمام بي أكلا وتطبيبا إلى أن استرجعت جزءا من سلامتي الجسدية، ثم فحصني نفس الطبيب مجددا، وأعطاهم الإشارة، فاستؤنف التعذيب مجددا. لا يمكن للكلمات، مهما كان مستوى دقتها وقوتها التعبيرية، أن تجسد أياما وليال من التعذيب، والقهر والإذلال، فاستؤنف التعذيب مجددا. (عبد السلام بنعيسى في حوار مع أحمد بن جلون، ذاكرة الاعتقال السياسي: حوارات ومسارات، 2012، ص:20)
بالفعل، إن فهم كنه القضايا التي انحاز إليها كل خط يجعلنا ندرك سريعا أن ما نطلق عليه "الإرادة الشعبية" هو كل ما سعى من أجله هؤلاء على المستوى الثقافي والسياسي والديني.. فكل تشكيل اجتماعي كان يهدف إلى سد ثغرة من الثغرات وتسليط الأضواء على المُهمش في السياسات. وفي نهاية المطاف نرى "فسيفساء" خلابا يعكس تطلعات الجماهير الشعبية في رفع الوهن عن هذا الوطن.
فمتى نفهم أن عدو هذه الخطوط الوطنية واحد. وكل همه بعث بذور التمزق والشقاق وتوسيع الُهوة والصراع بينها جميعا؛ حتى يستأثر بالحلبة لوحده ويستمر –تحت الضغط- في تقسيط الديمقراطية على الشعب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.