الزيارة الرسمية لرئيس الحكومة التركية إلى المغرب هي زيارة مهمة نظرا للوضع الاستراتيجي والاقتصادي لتركيا، بالاضافة إلى دعمها لمسلسل المفاوضات في إطار قضية الصحراء المغربية وعدم اعترافها بالبوليساريو ونيتها في المشاركة ل«تسوية النزاع» حسب ما صرح به أردوغان. لكن، في الوقت الذي كنا ننتظر أن يستقبل رئيس حكومتنا نظيره أردوغان بنفس الصفة، لم يستطع أن يتخلى عن صفته الحزبية مؤقتا لفائدة المصلحة العامة للبلاد. أردوغان جاء مصحوبا ب300 رجل أعمال تركي ليكتشف أن الاتحاد العام لمقاولات المغرب (هيأة تمثل رجال أعمال مغاربة) قاطع زيارته بسبب النزعة الحزبية لرئيس الحكومة الذي فضل استدعاء جمعية لرجال الأعمال مقربة من حزبه. لم يسأل أي أحد ابن كيران لماذا لم يتم استدعاء الباطرونا إلا يومين قبل الزيارة؟ وهو طبعا ليس وقتا كافيا لدراسة السوق التركي وتحضير مشاريع يمكن مناقشتها خلال منتدى رجال الأعمال إلا إذا أراد ابن كيران أن يكون اللقاء فقط للمجاملة، أو أن يستغل نفوذه كرئيس للحكومة لفتح باب تركيا، أما رجال أعمال تابعين لحزبه ودفعهم إلى الاستفادة من الامتيازات التي توفرها مثل هذه الاتفاقيات سواء في الأسواق التركية أو المغربية، وهما أمران في جميع الأحوال لا يخدمان الاقتصاد الوطني بشقيه الصناعي والتجاري. كان من المفروض أن يستقبل ابن كيران رجال الأعمال الأتراك كرئيس للحكومة ولا يكتفي فقط باستدعاء جمعية لرجال الأعمال مقربة من حزب العدالة والتنمية، ويمكن باقي رجال الأعمال من الوقت الكافي لإعداد مشاريعهم والاطلاع على التجربة التركية واستقصاء السوق التركية لمعرفة ما يناسب الاقتصاد المغربي، وهو ما سيسمح آنذاك من وضع مشاريع تعود بالنفع على البلاد لكن تدبير هذه الزيارة توقف عند حد تبادل عبارات الود والمجاملات والتعبير عن الآمال في الاستثمار من كلا الجانبين، الإشادة بعلاقات الصداقة، وهي أمور إيجابية لكنها في حاجة إلى تفعيل وتدبير بقدر كبير من الاحترافية إذ لا تكفي الهواية هنا لاستقطاب رؤوس الأموال أو فتح أسواق جديدة. الطريقة التي تم التعامل بها في مجال الأعمال باستدعاء مقربين من الحزب الحاكم ليست الأولى من نوعها إذ أن نفس الشيء يتم العمل به في عدة مجالات كقطاع الاتصال، وهي عادات بدأت بخجل لكن سرعان ما تحولت لدى حزب العدالة والتنمية إلى قناعة لتثبيت أقدام المقربين في مواقع بعينها.