ماكرون: الاعتراف بدولة فلسطين "واجب أخلاقي"    الحكومة تعلن عن عطلة استثنائية بمناسبة عيد الأضحى المبارك    الكاف يحدد مواعيد وملاعب كأس إفريقيا للسيدات المغرب 2025    العرائش: اندلاع حريق مهول بمقبرة سيدي العربي والوقاية المدنية تسابق الزمن لإخماده    "برلمان كوم" يرصد ارتسامات التلاميذ في اليوم الثاني من امتحانات البكالوريا 2025 بالرباط    صادرات "الحامض" المغربي تعود للانتعاش وتحقق 2.7 مليون دولار كعائدات    الاتحاد الأوروبي يشيد بدور المغرب الاستراتيجي في منطقة الساحل    للجمعة ال78.. وقفات بمدن مغربية تندد بالمجازر الإسرائيلية وتستنكر سياسة التجويع    توقيف عدد من المشتبه بهم بسبب الغش في الامتحانات    فواجع نقل العاملات الزراعيات تصل إلى البرلمان ومطالب بتوفير نقل مهني يحفظ الأرواح    منافسة شرسة في تصفيات كأس محمد السادس للكراطي.. أبطال العالم يتنافسون على تذاكر النهائي    عقوبات ثقيلة في حق ثلاثة لاعبين بعد اعتدائهم على مصورين صحافيين    ترامب يلمّح إلى تجدد التوترات التجارية مع الصين    جلسة نارية في ملف سعيد الناصري بسبب فيلا كاليفورنيا    مصرع شاب من الحسيمة غرقاً أثناء الصيد بالغطس نواحي جماعة الرواضي    "الفلاحي كاش" تعزز خدمات تحويل الأموال بشراكة استراتيجية مع "ريا" العالمية    المغرب يدرس امكانية احتضان سباقات "الفورمولا1" بمشروع تبلغ تكلفته أزيد من مليار دولار    منتخبون من البام يهدون جمالا للعامل السابق لسيدي إفني بعد انتهاء مهامه على رأس الإقليم (صور)    الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية كرواتيا بمناسبة العيد الوطني لبلاده    أمطار رعدية مصحوبة بالبرد وبهبات رياح اليوم الجمعة بعدد من مناطق المغرب    سفراء البيئة والتنمية يبصمون على نجاح لافت للنسخة الثالثة من "مهرجان وزان الوطني للحايك"    دراسة: تغير المناخ يضيف شهرا من الحر الشديد لنصف سكان الكوكب    نهائي المستبعدين.. إما أن يفكّ باريس لعنته أو يرسّخ إنتر اسمه بين عظماء القارة من جديد    موجة الحرارة في المغرب تتجاوز المعدلات الموسمية بأكثر من 15 درجة    الريال يتعاقد مع المدافع الإنجليزي ألكسندر أرنولد حتى صيف 2031    بطولة إيطاليا.. ماسيميليانو أليغري مدربا جديدا لميلان    فيديوهات تقترب من الحقيقة .. تقنية "Veo-3" تثير قلق الخبراء بالمغرب    نتانياهو يخضع لفحص تنظير القولون    الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    الذهب يتكبد خسائر أسبوعية بنسبة 1.6 بالمئة مع صعود الدولار    333 مليون درهم لإعادة تأهيل المناطق المتضررة من فيضانات ورزازات    منتدى حقوقي: منع الجمعيات من التبليغ عن الفساد نكسة دستورية توفر للفاسدين مزيدا من الحماية    كلفت 12 مليار سنتيم.. مطالب بالتحقيق في صفقات محطة مراكش الطرقية المغلقة    السعودية تحذر إيران: إما التوصل إلى اتفاق نووي مع ترامب أو المخاطرة بضربة إسرائيلية    المغرب ينافس البرازيل والمكسيك وإسبانيا في مونديال الشباب    "أنت مرآتي".. شاك تيسيث إنو : إقامة فنية بين الحسيمة وبروكسل تعكس تعددية الهويات    طنجة.. انطلاق الدورة الأولى لمهرجان الضفاف الثلاث    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    المغرب يشارك بلندن في الاحتفال بيوم إفريقيا    على هامش افتتاح معرض "العمران إكسبو".. أزيد 51 ألف شخص استفادوا من دعم السكن من أصل 136 ألف طلب (فيديو)    أجواء حارة في توقعات طقس الجمعة    شنغهاي: معرض الصين الدولي ي حدد اتجاهات جديدة في السياحة العالمية    السميرس: الحوامض فَقَدَ 40 ألف هكتار.. والوسطاء يُضرّون بالمنتِج والمستهلك    تنظيم الدولة الإسلامية يعلن مسؤوليته عن "أول هجوم" يستهدف القوات الحكومية السورية الجديدة منذ سقوط الأسد    الملك يعزي أسرة الفنانة نعيمة بوحمالة    الولايات المتحدة تلغي عقدا ب590 مليون دولار مع موديرنا لتطوير لقاح ضد إنفلونزا الطيور    ما لم يُذبح بعد    كابوس إسهال المسافرين .. الأسباب وسبل الوقاية    الإعلان عن تنظيم الدورة التاسعة للجائزة الوطنية لأمهر الصناع برسم سنة 2025    سؤال الأنوار وعوائق التنوير في العالم العربي الإسلامي    جائزة الملك فيصل تدشن في إسبانيا كتاب رياض الشعراء في قصور الحمراء    ضمنها تعزيز المناعة.. هذه فوائد شرب الماء من الأواني الفخارية    من تهافت الفلاسفة إلى "تهافت اللحامة"    بن كيران وسكر "ستيڤيا"    حمضي يعطي إرشادات ذهبية تقي من موجات الحرارة    موريتانيا تكشف حقيقة سقوط طائرة الحجاج    الخوف كوسيلة للهيمنة: كيف شوّه بعض رجال الدين صورة الله؟ بقلم // محمد بوفتاس    السعودية: 107 آلاف طائف في الساعة يستوعبها صحن المطاف في الحرم المكي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عباس كياروستامي ب"طعم الكرز".. (1/2)‎

يبدأ فيلم عباس كياروستامي "طعم الكرز" بمشهد "بديع" أو "بادي"، و هو يقود سيارة رباعية الدفع "رانج روفر"، الماركة البريطانية الشهيرة، لكنك تشك من خلال تمعنك في عينيه الشاردتين، في أنه ذاهب لمكان معلوم، انه انسان "يطوي" طريقا غير معبدة، باحثا عن شئ، عن أمر، عن مساعدة، ربما عن خلاص..
في النصف ساعة الأولى من الفيلم، لازلت لا تعرف عما يبحث السيد "بديع" هذا، لكنك لا تمل من مشاهدته و هو يبحث، و يسأل، وهو يجوب مسلكا صعبا بين تلال و جبال قاحلة، ويخترق منعرجات كما لو أنه في متاهة، و تتعاطف معه، فمن خلال تعابير وجهه الشاحب، و تقاسيم ملامحه وهو يتكلم و يطلب ويخاطب من يلتقيهم في طريقه، تفهم أنك أمام انسان فاقد للأمل.
يزداد أملك في معرفة كنه هذا الرجل، ما الذي يجعله أسير هذه المنطقة التي لا حياة فيها تقريبا؟ لماذا يجوبها بسيارته؟ لماذا كلما رأى شخصا يذهب نحوه "مهرولا" كما لو أنه عثر على "كنز" نادر؟.. تتناسل الأسئلة في ذهنك الى أن يلتقي "بادي" (بديع) بطالب أفغاني، جاء لايران ليتابع دراسته الدينية في احدى حوزاتها..
في حوار شيق، يقول السيد بديع لهذا الطالب، أعلم أن ما سوف أطلبه منك يعاكس قناعتك الدينية، و مخالف لما تدرسه، و أعلم أن من مهماتك، دعوة الناس للهدى، لكنك مازلت صغيرا، مازال أمامك متسع من الوقت لتفعل هذا الأمر عندما تكبر قليلا، أعرف مسبقا أنك مقتنع بأن الله وحده هو من يهب الحياة، و هو من ينزعها، لكن في بعض المرات "يتأخر"، فيقرر الانسان أخد زمام الأمور بنفسه..
هنا، تتيقن من أن السيد "بديع" هذا، يريد الانتحار، و يبحث عمن يساعده في خطته..
بعد هذا الحوار الجميل، تفهم لماذا اختار كياروستامي تلك الألوان الرتيبة منذ أول لقطة في الفيلم، و تفهم لماذا اختار مكانا "مملا" لتصوير الأحداث، هذا المكان "الأصفر"، هو في الحقيقة صورة الحياة كما يراها "بديع"، لا دم فيها ينعش شرايينها، و يحمل الأوكسجين الى أعضائها، حياة بلون التراب و طعم التراب..
يخاطب "بديع" أفغاني آخر في الفيلم قائلا، ياله من مكان جميل، فيرد "الأفغاني"، عن أي "مكان جميل" تتحدث؟، انها مجرد قطعة أرض مليئة بالتراب و مغطاة بالغبار.. هنا أيضا يعلم بديع بأن المكان ليس جميلا، و لكنه يريد أن يسمعها من غير صوته الداخلي..
كيف لمخرج أن يصور فكرة الانتحار بهذه "الشاعرية" ان لم يكن فيلسوفا حقيقيا؟..
في العادة، تتسائل هل تستحق هذه الحياة أن تعاش؟، وبعد الفيلم، تبدأ في التساؤل، هل الحياة تستحق منا أن نقتل أنفسنا من أجلها؟..
طيلة الفيلم، وسواء تعلق الأمر بالجندي البسيط من كردستان الذي يتشبت بعمله رغم راتبه الهزيل، أو تعلق الأمر بحارس الورش الأفغاني الذي طردته الحرب الى بلاد ليست هي مسقط الرأس و الهوى، لكنه يؤدي فيها عمله بأمانة و في يوم عطلة، أو تعلق الأمر بطالب العلم الذي يفضل الانتصار في الحياة و للحياة بقناعاته الدينية، أو تعلق الأمر بالعجوز الحكيم الذي يفهم الحياة كتضحية من أجل من نحب.. تخرج بخلاصة رهيبة، و هي أن الحياة تكون جميلة و تستحق أن تعاش، بقدر الجمال فينا و قدرتنا على تقاسمه..
في خضم بحثه عن من سيساعده في خطته، و بعد رفض و تردد عدة أفراد من مناطق ايرانية مختلفة في الدخول معه الى "منطقه" الغريب، و فلسفته و تصوره لما يجب أن تكون عليه نهايته، و بعد مغامرته مع "المجند" الكردي، يلتقي "بطل" الفيلم، بالأفغاني الذي يحرس ورش وآلة لاستخراج الاسمنت، فيسأله، من أين أنت بالضبط، فيجيبه العامل البسيط، أنا من "مزار الشريف"، فيتعجب البطل من اسم المكان و يسأله عن السر في تسميته ب"الشريف"، فيرد عليه الأفغاني بكل براءة، انه مرقد الامام علي!! و هو مكان حج!!، فيزداد تعجب السيد "بادي" (بديع) و يقول له مصححا، أوليس مرقد الامام علي في النجف؟!!.. فتكون اجابة عامل الورش بكل بساطة، "نعم، لكن هناك من يظن أن قبر علي يوجد في (مزار الشريف)"!!..
الذين يظنون بأن السينما الايرانية، و أمثال عباس كياروستامي الذين صنعوا مجدها، مجرد "نتيجة" لثورة الخميني، هم تماما كمن يظن فعلا بأن مرقد الامام علي انما يوجد في.. أفغانستان!!..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.