رغم تراجعه.. الفقر متعدد الأبعاد يظل "ظاهرة قروية" بالمغرب    المحكمة تدين عائلة جيراندو بالحبس والغرامة    التوقيع على اتفاقية لتنزيل جائزة محمد السادس الدولية للسلامة الطرقية بلايبتسيج    حوار مع سلافوي جيجيك يحذر فيه من "جدران غير مرئية جديدة"    الوزيرة السغروشني تكشف من قبة البرلمان عن 5 مبادرات لتعزيز الذكاء الاصطناعي بالمغرب    "نساء المحار" في تونس يواجهن خطر التغيرات المناخية و"السلطعون الأزرق"    تراجع أسعار الاستهلاك في أبريل 2025.. انخفاض ملحوظ في المواد الغذائية والمحروقات    كأس العالم للأندية: فيفا يفتح نافذة انتقالات استثنائية من 1 إلى 10 يونيو    كأس العالم للأندية: مهاجم ريال مدريد اندريك يغيب عن المسابقة بسبب الاصابة    تقارير.. مودريتش قد يودع جماهير ريال مدريد أمام سوسيداد    جامعة الكرة تكشف البرنامج الكامل لمباريات السد    فوزي لقجع: تنظيم مونديال 2030 و"كان" 2025 امتداد لمسار تنموي مستدام يقوده الملك محمد السادس    نقابة تستنكر الحملة الإعلامية المغرضة ضد الجامعة المغربية بعد قضية "المتاجرة بشواهد الماستر"    البوليساريو تتسلل من جديد تحت عباءة الجزائر إلى اجتماع وزاري أوربي مع الاتحاد الإفريقي    طنجة.. 7 إصابات في اصطدام عنيف بين سيارة لنقل العمال وطاكسي    ONMT يطلق حملة "نتلاقاو فبلادنا" لتشجيع السياحة الوطنية    أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الدرهم ليوم الخميس    احتجاجات دولية بعد إطلاق إسرائيل النار على وفد دبلوماسي في جنين    مقتل موظفين بسفارة إسرائيل بواشنطن    طقس الخميس .. أجواء حارة نسبيا وزخات رعدية بعدة مناطق    فاجعة بجماعة إونان.. حريق مأساوي يودي بحياة أسرة كاملة    كيوسك الخميس | مناورات لمكافحة أسلحة الدمار الشامل بميناء أكادير العسكري    حجيرة يدعو إلى تجارة دولية أكثر ملاءمة لواقع القارة الإفريقية    مقتل موظفيْن إسرائيليين في واشنطن    أمام نظيره الجنوب إفريقي وعلى مسمعه: ترامب يدين 'الإبادة الجماعية' ضد الأقلية البيضاء    الإمارات تتوسع في غرب إفريقيا: جولة دبلوماسية رفيعة المستوى تفتح آفاقًا استثمارية جديدة في بوركينا فاسو ومالي والنيجر    رقم قياسي جديد.. عدد زوار فضاء الأبواب المفتوحة للأمن الوطني تجاوز مليوني زائر    الجديدة: تسليط الضوء على الأدوار الاستراتيجية للقوات الخاصة للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني    من تطوان إلى إشبيلية.. مسيرة فنية تحتفي بجسور الثقافة بين المغرب وإسبانيا    عزلة الجزائر تتفاقم في الساحل: نظام غارق في الخطابات ومتخلف عن دينامية التحالفات    إسبانيا تراقب عن كثب تقارب المغرب وكوريا الجنوبية بشأن قضية الصحراء    العثور على رضيع حديث الولادة داخل علبة كرتونية بطنجة    مدرب نهضة الزمامرة: الزعيم استحق التأهل إلى ربع نهائي كأس العرش    الحسيمة تحتضن المؤتمر الدولي JIAMA'25 حول الذكاء الاصطناعي والرياضيات التطبيقية    كرة القدم والاستثمار .. المغرب يسرع الخطى نحو كأس إفريقيا والمونديال    مصرع سائق دراجة هوائية دهساً تحت عجلات شاحنة بطنجة (فيديو)    استهداف قوات الاحتلال الاسرائيلي للسفير المغربي بفلسطين يثير موجة من التنديد    الوكيل العام الجديد للملك لدى محكمة النقض يؤكد التزامه باستقلال القضاء وحماية الحقوق والحريات في كلمة تنصيبه الرسمية    المصالح الأمنية المغربية عززت قدراتها في مواجهة المخاطر المرتبطة باستضافة التظاهرات الرياضية الكبرى    توتنهام يتوج بلقب الدوري الأوروبي    يومية "لو باريزيان" الفرنسية: أشرف حكيمي.. "رياضي استثنائي"    اكتشاف أثري يظهر التقارب الحضاري بين طنجة ومناطق إسبانية وبرتغالية    الفنانة سمرا تصدر "محلاها ليلة".. مزيج إسباني عربي بإيقاعات عصرية    نادي "صرخة للفنون" يتألق ويمثل المديرية الإقليمية بالعرائش في المهرجان الجهوي لمؤسسات الريادة    التشكيلي بن يسف يتألق في اشبيلية    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها بأداء سلبي    تتويج المواهب الشابة في الدورة الثالثة لمهرجان الفيلم المغربي القصير بالجوال    وزير الصحة المغربي يجري مباحثات ثنائية مع المدير العام لمنظمة الصحة العالمية    باحثون بريطانيون يطورون تقنية جديدة تسرع تشخيص أورام الدماغ    لإيقاف السرطان.. التشريح المرضي وطب الأشعة الرقمي أسلحة مدمرة للخلايا الخبيثة    طنجة تحتفي بالثقافات في أولى دورات مهرجان الضفاف الثلاث    البرازيل في ورطة صحية تدفع المغرب لتعليق واردات الدجاج    في مجاز الغيم: رحلة عبر مسجد طارق بن زياد    المغاربة... أخلاق تُروى وجذور تضرب في عمق التاريخ    تلك الرائحة    موريتانيا تقضي نهائيا على مرض الرمد الحبيبي    من المغرب.. مغادرة أولى رحلات المستفيدين من مبادرة "طريق مكة"    رحيل الرجولة في زمنٍ قد يكون لها معنى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إعادة الإعمار ... رهان للتنمية وعدالة مجالية وجهوية
نشر في أخبارنا يوم 12 - 09 - 2023

بينما ينفض المغرب غبار مأساته ويلملم جراحه بعد فاجعة زلزال الحوز، ستطفو على السطح تحديات إعادة الإعمار، وهذا ما سيشكل فرصة للتنمية من رحم المعاناة وجب استغلالها أمثل استغلال.
عند مطلع الألفية، انتهج المغرب سياسة تنموية غايتها الأسمى تحقيق النمو دون مراعاة التنمية والعدالة في توزيع الاستثمارات و خلق الفرص إذ تم التركيز على مكامن القوة في النسيج الاقتصادي المغربي، حيث أبان خليج طنجة والواجهة الأطلسية على فرص اقتصادية واعدة نتج عنها استثمارات بالجملة في البنية التحتية، صاحبتها إعفاءات ضريبية وتسهيلات في القروض بشراكة مع المؤسسات الخاصة، مما أدى إلى ظهور مشاريع و أوراش كبرى على رأسها ميناء طنجة المتوسط و أقطاب صناعية عملاقة (رونو، ستيلانتس...) ونواة لصناعة الطيران و أقطاب تكنولوجية و مركز الكيماويات في الجرف الأصفر.
إضافة لذلك، تم تفضيل علامات تجارية وطنية لتلعب دور قائد القطاع (أفريقيا في الغاز، سنطرال في الألبان، كوسيمار في الصناعة الغذائية...)، حيث استحوذت هذه الشركات على حصة الأسد من السوق المغربية بغية تحقيق التركيز الرأسمالي والإمكانات البشرية الكافية لتحقيق المنافسة الخارجية. وهذا ما انعكس سلبا على القدرة التنافسية، حيث تراخت هذه الشركات بسبب احتكارها للسوق المغربي ونفرت باقي الفاعلين من محاولة الدخول للسوق، كما أن هذا التركيز على مناطق دون أخرى خلف لنا فروقات جهوية ومجالية فاضحة اقتصاديا وتنمويا وخدماتيا وحتى ديموغرافيا.
ومع تراكم الأزمات الدولية، بداية من جائحة كورونا مرورا بتضخم الأسعار العالمي، والحرب الروسية-الأوكرانية لتكون فاجعة زلزال الحوز القشة التي قسمت ظهر البعير وفضحت هذا النموذج التنموي. وهذا القصور قد سبق ان لفت نظر جلالة الملك حيث بادر لطرح ورش النموذج التنموي الجديد والذي يحمل بين طياته ما يغطي النقائص في النموذج القديم. حيث يرتكز على التنمية الشاملة كبديل للنمو ويعتمد على تدبير الاختلافات المجالية كرافد من روافد التنمية (اختلافات ثقافية، بيئية، اثنية...) وذلك لسد الفجوة التنموية بين مختلف جهات المملكة.
فبعد إنهاء عمليات انتشال الضحايا وإعادة عجلة الحياة للدوران، ستحتاج هذه المناطق المنكوبة لمخطط إعادة إعمار شامل، مما سيتيح لصانع القرار المغربي فرصة تنزيل النموذج التنموي الجديد وجعل المنطقة مثالا حيا قابلا للاستنساخ في باقي جهات المملكة. فالحوز والمناطق المجاورة له تعج بإمكانيات مهدرة وجب استغلالها وإعادة الاعتبار للخزان الحضاري الذي تكتنزه وفق مقاربة سوسيو-اقتصادية وايكولوجية. إذ تمثل البنية الطبوغرافية الجبلية للمنطقة وغناها بالمساحات الخضراء البكر فرصة لانفتاح المغرب على نوع آخذ في النمو من أنواع السياحة وهي السياحة الجبلية (التجوال، المنتزهات المزارع السياحية، دور الضيافة ...) كما أنها تتمتع بالعديد من الموارد المعدنية (النيكل، الكوبالت، النحاس، الفضة....) إضافة الى موروث حضاري ومعماري من قصور وقصبات وآخر لامادي (فولكلور، نمط عيش، مطبخ، صناعه تقليدية...) ناهيك عن الإمكانات الإيكولوجية من مجاري مائية، نباتات عطرية وطبية ونقاط أركيولوجية غنية (مواقع اثرية تعود للإنسان القديم، حفريات للكائنات المنقرضة كالديناصورات) كما أن المنطقة تزخر بإمكانيات تجعلها مرشحة بقوة لتصبح أولى مناطق المغرب المحايدة كربونيا عبر تعميم الطاقة النظيفة الخضراء بالاعتماد على الطاقات المتجددة في الكهرباء والتدفئة والنقل.
وهذا ما يستدعي التركيز في جهود إعادة الإعمار على إدماج المنطقة في النسيج الوطني وربطها لوجستيا عبر توسيع شبكة المواصلات والرفع من جودتها وخياراتها (طرق، سكك حديدية، مطارات...) وبنية حديثة من خطوط الجهد العالي للربط الكهربائي وشبكة أكثر موثوقية للماء الشروب، مع اعتماد القرى النموذجية في إعادة توطين متضرري الزلزال لتوفير العيش الكريم وإحداث القطيعة مع الهشاشة والحرمان من الخدمات القائم حاليا. كما يجب تقريب خدمات من أهالي المنطقة تراعي خصوصياتها الثقافية، الاجتماعية (جامعات، مراكز تدريب وتأطير) وذلك لإدماجهم في سيرورة التنمية وتشجيعهم على البقاء بدل الهجرة للمدن الساحلية أو للخارج مع الحرص على إعطاء الأولوية للسكان المحليين في مشاريع إعادة الإعمار والحصول على الوظائف أو مبادرات المقاولات الناشئة.
ختاما بقدر الألم الذي أحدثه جرح زلزال الحوز في النسيج الوطني إلا انه يقدم فرصة للمغرب للقطيعة مع الأساليب الاقتصادية التقليدية والانتقال لمجتمع القرن21 حيث تسوده معايير العيش المستدام والحفاظ على البيئة والطاقة الخضراء والمبادرة الخلاقة والاقتصاد التضامني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.