.... المطالبة بالإصلاح أصبحت موضى سنة ألفي و أحد عشر بامتياز,ولن تجد في المغرب كله من لا يطالب بالإصلاح قليل أو كثير ,بل حتى أحزاب ساهمت في إفساد الحياة السياسية و جعلوا المواطن ينفر من السياسة , وزعمائها ممن كرسوا استعمال المال وانتخاب الأعيان ..أيضا يطالبون بالإصلاح,معرضة و موالاة ,نقابات وجمعيات ,حقوقيين و أصوليين ,منتمين ومستقلين , الحزب الإسلامي والوافد الجديد , أحزاب طواها النسيان وأخرى علاها غبار الإهمال , المنتمي والمستقل , المتضلع في السياسية ومشاهدها والبعيد عنها بكل مشاربها ,الجميع في صوت واحد نريد الإصلاح ..وحتى نحن مع الإصلاح وطالبنا به منذ زمن بعيد , كرسنا مطلبنا هذا سنة 2007 حين طالبنا بتفعيل القانون ,فالقانون موجود لكنه متجاوز أو منسي أو لا يؤخذ بنصه ,واعدنا الأمر نفسه في سنة 2009 بمطالب تخليق الحياة السياسية والاجتماعية وإعادة الثقة إلى المواطن فيمن يمثله ومن يتكلم باسمه ...هذه الموجة من الاحتجاجات الآن والمطالب جاءت بمطلب مهم وهو تعديل الدستور ,الدستور الذي رأوا فيه شكلا متقادما من الحكم الملكي لا يقبلونه ...وبما انه مطلب شعبي جاء تعديل الدستور بما يليق ,غير أن بعض المحتجين لا يقبلون شيئا فالنسبية عندهم في كل شيئا إلا في مطالبهم التي أضحت بين عشية و غسقها إملاءات وجب فرضها بقوة العصيان وقوة التمرد ولما لا قوة السلاح (إن وجد لهم داعم في هذا المجال) وبعيد عن جوقة الطبل والمزمار دعونا ننصف الدستور الجديد وواضعيه فيما وضعوا بعد جهد جهيد استمعوا فيه لجميع المكونات وأخذوا بما يمر بيه العالم من تغيرات وما يعيشه المغرب من أوضاع وما يواجهه من تحديات ,فجاء الدستور الموضوع للتصويت ذا سقف عالي للحرية فسيح للعمل الحقوقي أعطى صلاحيات واسعة (للوزير الأول) رئيس الوزراء والتي لم يكن يحلم بها في عهد سابق ,وجاء بدسترة المكونات الثقافية جميعا مع التأكيد على الحريات وتوضيح الخصوصية المغربية المحضة في عدد من الأبواب, وبعيد ساعات من الإعلان عنه قوبل بالرفض من لدن طائفة من المحتجين ,اللذين رأوا فيه تكريسا للماضي وغير ذا تطوير جدري للمنظومة الحقيقية الفاعلة ,وهذا سوء تدبير منهم وسوء قياس , فالأحزاب المتعقلة على علتها قارنت الدستور الجديد بنظيره القديم فوجدت فيه فسحة لحركة أكثر, ومجالا لحرية أكبر,و اتفقوا أن بإمكانهم أن يعطوا فيه بشكل أوسع في عدد من المجالات ناهيك عن العدد الكبير من التشجيعات التي تضمنها الدستور في عدد من المجالات ,بالنسبة للفريق المعارض مع الأسف وهو المتجاوز تاريخيا المتجاهل شعبيا ,قارنوا هذا الدستور مع دساتير دول يقولون عنها (ديمقراطية) إما متناسين أو متجاهلين أو محاولين الالتفاف على خمسة أمور جوهرية , أولها :كون ترجمة دستور ألمانيا أو فرنسا أو بريطانيا إلى العربية وتطبيقه في المغرب لن ينقل الشعب المغربي بين لمحتين إلى ما هو عليه الشعب البريطاني أو الألماني أو الفرنسي من تطور وتقدم (كما يزعمون)فتغيير الدستور لن يغير عقلية الشعب ولن يبدلها كما يتصورون أو يوهمون بعضهم البعض,الأمر الثاني وهو الخصوصية المغربية في أي شيء فلا بد لهؤلاء أن يعوا أن الشعب المغربي عربي امازيغي صحراوي أندلسي وليس شعبا جرمانيا أو بوليفيا أو استراليا وله رافد واحد هو الإسلام وبهذا فإن حلمهم الوردي بما يسمونه الحرية الفردية سيبقى طي الكتمان والسرية ولن يخرج للعلن كما يأملون , والأمر الثالث وهو ضعف أحزابنا السياسية التي أزهقت روح مشاركة الشعب في الحياة السياسة بكثير من المحسوبية والزبونية والانتقائية وبهذا فإن أي حكومة لن تستطيع أن تكون ذات سلطة من الشعب ولكم في الحكومة السابقة مثال حي بالإضافة إلى عدم وجود قوة نيابية برلمانية ذات إشعاع كبير وطنيا من الممكن أن تحصل على فرصة للتشريع والتدبير والمحاسبة في مشهد أكثر ما طغى عليه المال والأعيان ,رابعا الملكية المطبوعة في مخيلة وعقلية وعاطفة كل مغربي والتي يعتبرها الجميع( اللهم إلا الغنمة الشاردة أو الشريدة) الأسبق والأحق والأكثر خوفا على مقدرات الشعب والأبرع والأجدر بحماية مصالحه وأي تقزيم لدورها على غرار ملكيات (أوروبا مثلا) هو مساس بمقدس اعتبره المغاربة من باب العرف ببيعة مرتبطة بالدين الحنيف متجدرة في التقاليد الإسلامية والمغربية والتي اتخذت طابع الفروسية في تربية كل مغربي حر ,خامسا وهو أن الدستور لا يلامس حياة الناس وإنما هو أساس التنظيم الذي سيشرع فيما سيأتي بعده بمعنى انه إن رزئ المغرب بحكومة لا ترى ولا تسمع في منتهى هذه السنة مطلع السنة القادمة فإن كل هذا الجدل الدستوري لن يكون إلا حفلا موسيقيا في عرس أصم و راقصة معاقة على كرسي متحرك لمشاهدين من العميان وسيخلف المغرب موعده مرة أخرى مع التاريخ الذي يمكن أن يتكرر لكنه أبدا لا يعود للخلف . وعلى الجميع ترك هذا اللغط الفارغ والنزول يوم الجمعة للإدلاء بالصوت الفردي الشخصي النابع من التفكير المتأني بعد الإطلاع على الدستور ومقارنته بالسابق والاستماع الجيد للفريقين ومقارنة الحجج والبراهين وجعل تجربته الخاصة الفردية حكما وسطا ليقول في محصلتها نعم أو لا ... فالمتفردون الرافضون لكل شيء واخص منه جماعة العدل والإحسان التي لا تبني رفضها على مشروع واضح اللهم إلا المظلومية وحمى الاحتجاج لن تخسر شيئا إذا ما أظهرت قوتها الإقتراعية يوم الجمعة وأسقطت الدستور بأغلبية الرفض عوض الاكتفاء بالاتكال على مصوغات الماضي واني ادعوا جماعة العدل والإحسان إلا الاقتداء بتجربة نظيرها الحزب الإسلامي (العدالة والتنمية)الذي انخرط في نورانية العمل العلني وبدأ حراكا في المجتمع بأساليب حضارية وشارك في العملية السياسية و استطاع التغيير على عدة مستويات ولم يكتفي بنواح تارة على جمهورية فيها هلاك الشعب وقد أظهرت فشلها عن يمين وشمال, أو قومه بأحلام الخلافة التي لا أساس لها إلا الرؤى و المنامات . ودائما أقول إن الحزب الأقوى هو الحزب الصامت الذي يعاني في صمت انه حزب الفقراء والمساكين والبسطاء في العيش العظماء في الفهم والوعي الذين أصفهم بحزب الملك الذين يرون فيه والدهم وراعيهم وخديمهم الأول وهم من يخاطبهم جلالته بقوله :شعبي العزيز , فلهم الكلمة الأولى والأخيرة وهم من سيرفع مشروع الدستور لحيز التطبيق بوضعهم نعم , لأننا طالعنا هذا الدستور وفهمناه وعلمنا أن فيه صلاح البلاد والعباد باجتهادنا ومعرفتنا ولان فيه اغلب ما طالبنا به كإصلاحات سنقول ,نعم الضامنة لوحدة البلاد ,نعم الجالبة للاستقرار واستمرار الإصلاحات ,نعم المسكتة للمتخونين والمتعملين , نعم للوالد ,نعم للأخ ,نعم للراعي ,نعم لصاحب الجلالة ,نعم للدستور كما وكيفا , نعم موعدنا يوم الجمعة فاتح يوليوز فهو يوم الامتحان الأكيد الذي ستعز فيه نعم وتهان فيه لا ,عاش الشعب المغربي ,عاش الوطن حرا مستقلا, عاش الملك الضامن لوحدة البلد وأمنه, بشعار الله الوطن الملك.