ترامب يمهل حماس حتى مساء الأحد للتوصل إلى اتفاق بشأن غزة        منتدى الصحراء للحوار والثقافات يعزز حضوره في القمة العالمية للهيدروجين الأخضر ويدعم الرؤية الطاقية للمملكة    مديرية الضرائب بالمغرب تطوق آلاف الشركات "النائمة" بإشعارات مباغتة    "أونسا" يشارك بمعرض الفرس بالجديدة    وقعت المملكة المغربية والاتحاد الأوروبي اليوم الجمعة بمقر المفوضية الأوروبية ببروكسيل على تبادل الرسائل المعدلة للاتفاق الفلاحي الذي يربط بين الطرفين ، والذي يؤكد متانة شراكتهما القائمة على تعاون موسع ومتعدد الأبعاد.    شبيبة الأحرار تشيد بتجاوب الحكومة مع الشباب وتدعو إلى تسريع الإصلاحات وتحذر من محاولات توجيه الاحتجاجات نحو الفوضى    تجسيداً لانفتاح المغرب على القضايا العالمية..محمد أوجار يشارك في مؤتمر السلام بالصين    أيمن الحداوي يهدي المغرب أول ذهبية في بطولة العالم لبارا ألعاب القوى    حصري.. الدميعي مدربا للكوكب المراكشي خلفا لرشيد الطاوسي    الفقيه بن صالح: توقيف 3 أشخاص قرصنوا النظام المعلوماتي الخاص بلوحتين إشهاريتين بهدف إهانة هيئة منظمة    أمير المؤمنين يترأس حفلا دينيا إحياء للذكرى السابعة والعشرين لوفاة جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني    «لافاش».. جديد مسرح الحال على خشبة محمد الخامس    المجموعة الموسيقية المغربية «إيغوليدن» تطلق ألبومها الجديد «أمزروي»    مهرجان مراكش للأفلام القصيرة: تتويج (Milk Brothers) بجائزة أفضل فيلم    مؤشرات بورصة الدار البيضاء ترتفع    إسرائيل تعترض آخر سفينة متجهة لغزة    "الوسيط" يفتح نقاش خدمات الصحة    مهرجان الفيلم المغاربي بوجدة: "من شاشة السينما تبنى الجسور وتروى القضايا" عنوان ندوة محورية    إلغاء حفلات وتوقف إصدارات .. احتجاجات "جيل زد" تربك المشهد الفني    مهرجان السينما في هولندا يكرّم ناجي العلي وينتصر لذاكرة شعوب المنطقة    علماء يجددون توصيتهم بالتقليل من اللحوم في النظام الغذائي    صافرة تمسماني تضبط مباراة الرجاء والمغرب الفاسي    تصفيات كأس العالم.. بيلينغهام يغيب مجددا عن قائمة إنجلترا لمواجهة منتخب بلاد الغال    تحت ضغط "حراك المستشفيات" واحتجاجات "جيل زد".. الحكومة تتحرك ببطء وتصادق على مراسيم جديدة تخص القطاع الصحي    مطالب حقوقية بتحقيق قضائي حول مقتل ثلاثة مواطنين بالرصاص في القليعة    الاتحاد الأوروبي يدعو كل الأطراف في المغرب إلى الحفاظ على الهدوء    272 موقوفا في احتجاجات "جيل زد" واستمرار المحاكمات وسط دعوات بالإفراج عن الموقوفين    حركة "genz212" تدعو إلى حملة تنظيف يوم السبت تعبيرا عن السلمية وتحمل المسؤولية    المقاولات المغربية الأكثر تعرضا للهجمات الإلكترونية في إفريقيا حسب "كاسبرسكي"    رصد 15 طائرة مسيرة فوق منطقة عسكرية في بلجيكا يثير قلق السلطات    بعد رد الفيفا.. اليويفا يوضح موقفه من تعليق عضوية إسرائيل    بطولة إيطاليا: اختبار ناري جديد لميلان في ضيافة غريمه يوفنتوس    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يدعو لضمان الحق في التظاهر السلمي ويطالب بالتحقيق في أحداث القليعة    طقس الجمعة.. حرارة مرتفعة جنوب المملكة ورياح قوية مع كتل ضبابية شمالا        اللجنة الوطنية للاستثمارات تصادق على 12 مشروعا بأزيد من 45 مليار درهم    قبضة الأمن تضع حداً للشغب وتلاحق المتورطين        من التضليل إلى الاختراق.. أبعاد الحرب الإلكترونية على المغرب    حمد الله يعود إلى قائمة المنتخب    الإعصار بوالوي في فيتنام يخلف أضراراً مادية وبشرية كبيرة    حمية الفواكه والخضراوات والمكسرات "قد تمنع" ملايين الوفيات عالميا    حركة شباب Z يرفعون وثيقة شعبية إلى الملك تطالب بإقالة حكومة أخنوش ومحاسبة المفسدين                        تيزنيت، بيوكرى، القليعة،ايت عميرة.. بؤر البؤس التي صنعت الانفجار الاجتماعي    وزارة الأوقاف تخصص خطبة الجمعة المقبلة: عدم القيام بالمسؤوليات على وجهها الصحيح يٌلقي بالنفس والغير في التهلكة    ارتفاع ضغط الدم يعرض عيون المصابين إلى الأذى    عندما يتحول القانون رقم 272 إلى سيفٍ مُسلَّط على رقاب المرضى المزمنين    أطباء يحذرون من أخطار بسبب اتساع محيط العنق        بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كوطا" العلماء .. لسنا دولة علمانية، والاقتراح يعزز صلاحيات أمير المؤمنين
نشر في أخبارنا يوم 26 - 09 - 2014

ليست هذه المرة الأولى التي يُساء فيها فهم مقترح حزب النهضة والفضيلة بشأن تخصيص كوطا للعلماء في البرلمان، ومثلما لم يكن الأستاذ "مصطفى الفن" أول المنتقدين في هذا الباب، فبطبيعة الحال، لن يكون آخرهم، إلا أن ما شد انتباهي في مقال الأستاذ الفاضل الذي نشره على موقع هسبرس تحت عنوان: "كوطا" العلماء في البرلمان.. لسنا دولة دينية، والاقتراح ينتهك صلاحيات أمير المؤمنين، هو حجم الالتباس الذي تعامل به مع مقترح الحزب، وَحِدّة زاوية انحرافه عن مضمون الوثيقة الدستورية، وكذا تهافت الآليات التي اعتمدها في تحديد علاقة الديني بالسياسي، مخلفا وراءه ترسانة من العاهات الفكرية والقانونية، والتي توحي بوجود تخبط شنيع في قراءة المقتضيات الدستورية فضلا عن استيعابها.
لم يتبادر إلى أذهاننا قط، ونحن نصوغ آخر اللمسات حول مقترح "كوطا العلماء" في البرلمان سنة 2007، أنه سيخرج من بيننا من سيدّعي بأن من شأن هذا المقترح أن يُقوض صلاحيات أمير المؤمنين، وأن تنصيب علماء داخل البرلمان سيُحدث تغييرا في مرجعية الإفتاء وسلطته ويخرجها عن دائرة اختصاص الملك، وأن ذلك سيخلق مؤسسة أو هيأة داخل البرلمان تؤدي الأدوار نفسها التي تؤديها المحكمة الدستورية التي أناط بها الدستور صلاحية النظر في مطابقة القوانين والتشريعات لدستور المملكة.
إن مؤسسة العلماء التي كانت دوما ركيزة من ركائز الدولة العلوية، ودعامة من دعائم إمارة المؤمنين عبر القرون، لن تتحول في لحظة من تاريخها، كيفما كانت الملابسات أو الظروف، إلى معول يقوض هذه الركائز، أينما كان تواجدها، سواء في المؤسسات الدينية أو التمثيلية، مادامها تنبثق من خلال الآليات الدستورية والقانونية، والتي تجعل من الملك المفوض الوحيد للحديث في الشأن الديني، ومادامها تنضبط في مهامها حصرا على ما من شأنه أن لا يتعارض مع طبيعة وجودها، أو تكوينها، أو الهدف الذي خلقت من أجله، ومادامها أيضا لا تخلق نزاعا حول اختصاصات مؤسسات أخرى.
إن عدم قدرة الكثيرين على استيعاب مقترح حزب النهضة والفضيلة راجع في الأساس لعدم التمييز بين علاقة الدين والسياسة من جهة، وبين علاقة المؤسسات الدينية والسياسية من جهة أخرى، حيث إن الأولى مرتبطة باجتهادات شخصية أو حزبية تحتمل من الصواب نصيبا، ومن الخطأ نصيبا آخر، كما أنها ليست محط مساءلة قانونية، مادامها عبثية وغير قابلة للقياس أو التجريم، في حين أن الأخرى علاقة رسمية، قانونية، منضبطة ومسؤولة.
إن تطاول الأحزاب السياسية، تحت قبة البرلمان، على الشأن الديني، وشحن خطاباتها بالحمولة الدينية، والتي تكون في كثير من الأحيان مدعاة للتفرقة، على أساس رؤيتها للدين من خلال مرجعية الحزب بدل مرجعية الأمة، والتنافس فيما بينها في محاولة فرض رؤيتها الشخصية للتشريعات، كوسيلة للاستقطاب السياسي أو الديني، أرجعَ البحث عن بدائل سياسية وقانونية لتصريف الخطاب الديني في المؤسسات التمثيلية ضرورة مُلحة أملتها ظروف المرحلة، وكذا مقتضيات دستور 01 يوليوز، حيث إنه لم يعد بالإمكان خلط ما هو سياسي بما هو ديني، أو العبث بأحدهما من زاوية الآخر، الأمر الذي جعل من مقترح النهضة والفضيلة حلا رائدا في مواجهة الفرقة والعصبية والطائفية.
إن العلماء الذين يتحدث عنهم مقترح النهضة والفضيلة بالطبع ليسوا علماء حزب من الأحزاب، أو جماعة من الجماعات، كما قد يتصور البعض، بل علماء الأمة، لا خلاف حولهم، ولا توجس نحوهم، كما أنهم غير معنيين بأصوات الناخبين أو صناديق الاقتراع، لأنهم ملك للأمة وليس لأية جهة كانت، على هذا الأساس وجب تعيينهم من طرف صاحب الجلالة، وربما كان مفيدا أن يكون هذا التعيين باقتراح من الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى، على أن تتم مساءلتهم من لدن نفس المجلس، كما لا يكون لهم حق التصويت في البرلمان، مادامهم أتوا عن طريق التعيين وليس عن طريق الانتخاب، ومادام وجودهم لا يروم تغليب طرف على طرف آخر، كما ليس لهم حق الفتوى مادام هناك مؤسسات قائمة تضطلع بهذه المهمة.
من حق السائل أن يتساءل عن الجدوى من وراء وجود مؤسسة لا تَنتخب ولا تُنتخب داخل مؤسسة تمثيلية، ومن واجبنا أن نرد على سؤاله، الذي قد يبدو للوهلة الأولى، من غير تمعن أو تدقيق، محوريا وحاسما في دحض واقعية وجدوائية مقترح النهضة والفضيلة، من عدة أوجه:
إن وجود مثل هذه المؤسسة من شأنه التمييز بين ما هو سياسي وما هو ديني، وهو جوهر ما أتى به الدستور الجديد، كما من شأنه قطع الطريق على كل متلاعب بالدين، وكل من يتخذه مطية لمآرب سياسية وضيعة، فيضفي على هيأته صفة الطهرانية والقداسة، ويجعل منها هيأة قراراتُها فوق النقد السياسي، ومواقفُها في منأى عن التجريح، بدعوى أنها تنهل من المقدس الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
كثيرا ما يكون الحافز من وراء مواقف وخطابات ومقترحات قوانين الأحزاب هو الدعاية الانتخابية، التي ترتكز على المصالح بدل المبادئ، فتتحول الكتلة الناخبة إلى آلهة تعبدها الأحزاب من دون الله، فتسن بدعة، وتهجر سنة، وتحل حراما، وتحرم حلالا، وفي ظل هذا المنزلق السياسي والشرعي الخطير، من الطبيعي أن يطالب كل حصيف بوجود مؤسسة ليست معنية بإرضاء الجماهير، مادام تواجدها غير مرهون بهذا الرضى.
إن المُصِر على القول بمناقضة تخصيص كوطا للعلماء للمقتضيات الدستورية، هو نفسه من كان، بالأمس القريب، يصر على أن تخصيص كوطا للنساء ومثلها للشباب مناف لبنود الدستور الجديد، ورغم أن المحكمة الدستورية قد حسمت في دستورية "الكوطا" الأخيرة، إلا أنه ظل متشبثا بنظرية التناقض هذه، هذا بالإضافة إلى أن اقتراح "كوطا" العلماء هو أكثر وجاهة، وأبلغ جدوى، من منطلق أنه ليس نابعا من التمييز على أساس الجنس أو السن، بل على أساس الكفاءة العلمية والشرعية، والتي تحددهما مؤسسة أمير المؤمنين لا غير.
إذا كان من صلاحيات أمير المؤمنين تنصيب نصف عدد المحكمة الدستورية التي تملك حق رفض التشريعات التي تقرها المؤسسة التمثيلية، فإن من باب الأولى، أن يكون من صلاحيات جلالته تنصيب عدد من العلماء داخل المؤسسة التمثيلة على سبيل الاستشارة، لا التقرير أو الإفتاء، كآلية من الآليات التي قد تساهم في الرفع من أداء المؤسسة التمثيلية، بخصوص انسجام القوانين التشريعية مع الشرع، قبل الاحتكام إلى المحكمة الدستورية، كما أنها تضطلع بإثراء النقاش الفقهي، واحتكار الخطاب الشرعي، واقتراح مشاريع قوانين في المجال الديني، حتى لا يكون الأمر عبثا محكوما بالمزايدات السياسية الفارغة، ومدعاة للتفرقة والتنافر والتصادم مثلما كان يقع أكثر من مرة.
إن حرص حزب النهضة والفضيلة على تخصيص كوطا للعلماء، نابع من حرصه على استجلاب خير يعم الجميع، هيئات ومؤسسات وأحزاب، كيفما كان توجهها أو مرجعيتها، لأن من شأنه إنهاء الجدل، من غير رجعة، حول علاقة الديني بالسياسي، ومن شأنه أيضا رفع مستوى النقاش السياسي الدي بلغ مستويات غير مسبوقة من الانحطاط، والذي ينذر بخطر وقوع المؤسسة التشريعية في أتون المشاحنات، وبركة التصادمات، وهو الأمر الذي لم تخلق هذه المؤسسة العريقة من أجله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.