المنصوري تقاضي مروجي "تسريبات"    سيارة الدولة في خدمة السنبلة.. أوزين يرد على موجة الغضب الرقمي    38 مليار درهم لتطوير مطارات المغرب    وزيرة الاقتصاد تكشف التوقعات المالية للسنوات الثلاث المقبلة… نمو ب4.5% وعجز 3%    عدد الوكالات البنكية ينخفض إلى 5692 في 2024    خريطة تدعم صادرات الصناعة التقليدية    دفاع الناصري يثير شهادة الزور ضد الذراع اليمنى ل"إسكوبار الصحراء"    من دخل "سور المعكازين" فهو آمن!                                افتتاح ناجح لمهرجان إفران الدولي .. أحيدوس وفنانون كبار في أولى سهراته    نادية فتاح .. الحكومة عازمة على مواصلة تنزيل برنامجها الإصلاحي    "غوغل" تعلن عن أرباح فوق سقف التوقعات    "فرانس برس": اجتماع سوري إسرائيلي مرتقب في باريس الخميس برعاية أميركية    كمبوديا وتايلاند تتبادلان إطلاق النار على الحدود المتنازع عليها بينهما    نادي الرجاء يبحث عن ألف منخرط    النهضة البركانية تحتفي بلقب البطولة    ميلان الإيطالي يتعاقد مع الدولي الإكوادوري بيرفيس إستوبينيان    الحكومة تصادق على مرسوم تنظيم نشاط الإنتاج السينمائي    وسيط المملكة: التظلمات الإدارية تتحول إلى الاحتجاج ضد السياسات العمومية    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الارتفاع    نتائج إيجابية في "اتصالات المغرب"    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    القنيطرة.. تفكيك شبكة لتصوير ونشر محتويات إباحية مقابل تحويلات مالية    إقليم العرائش.. انتشال جثة أربعيني غرق في سد وادي المخازن    بعد احتجاجات الساكنة.. عامل العرائش يعد بالاستجابة للمطالب في إعادة تهيئة الشرفة الأطلسية    الرادارات الروسية تفقد طائرة ركاب    حماس ترد على مقترح الهدنة في غزة    صاحب أغنية "مهبول أنا" يفتتح غدا فعاليات الدورة ال11 للمهرجان المتوسطي للناظور    المشي 7000 خطوة يوميا مفيد جدا صحيا بحسب دراسة    ما المعروف بخصوص "إبهام الهاتف الجوال"؟    هذه عوامل تسبب زيادة خطر الإصابة بالخرف    بطولة القسم الممتاز لكرة السلة سيدات.. الكوكب المراكشي يتوج باللقب عقب فوزه على اتحاد طنجة    إسرائيل تتهم امرأة مسنة بالتخطيط لاغتيال نتنياهو    28 لاعبا لخوض نهائيات أمم إفريقيا للاعبين المحليين    طنجة تحتفي بالثقافة الأمازيغية بافتتاح معرض الكتاب والمنتوجات التقليدية ضمن مهرجان ثويزا    اللجنة الدولية لدعم الشعب الفلسطيني تدين قرار "الكنيست" بفرض السيادة على الضفة الغربية    العيطة المرساوية تتواصل بمديونة    الصحة العالمية: الجوع الجماعي في غزة سببه الحصار الإسرائيلي    البرلمان البريطاني يقضي على دوري السوبر    من الأمومة إلى الأضواء.. "غالي" يعيد ماريا نديم للواجهة            زيان يصور الموسم الثاني من "أفاذار"    "سجلماسة" .. جدل يرافق إعادة تأهيل أحد أبرز المواقع التاريخية المغربية    جامعة الدراجات تنظم منافسات الكأس    إسبانيا تكسر عقدة ألمانيا وتصعد لملاقاة إنجلترا في نهائي "يورو" السيدات    الحج ‬إلى ‬أقاليم ‬الله ‬المباركة‮! .. منعطف المشاعر    اليوم العالمي للدماغ يسلط الضوء على تحديات الأمراض العصبية المتزايدة    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"كوطا" العلماء في البرلمان.. لسنا دولة دينية والاقتراح ينتهك صلاحيات أمير المومنين
نشر في هسبريس يوم 11 - 09 - 2014

ليست هذه المرة الأولى التي دعا فيها حزب النهضة والفضيلة، لمؤسّسه محمد خالدي، إلى تمثيلية العلماء في البرلمان المغربي، بل إن حزب الخالدي جمع، أكثر من مرة، بعض العلماء وطالب بتخصيص "كوطا" لهم، على غرار "كوطا" النساء، دون أن يكلف نفسه عناء شرح الأبعاد الفكرية والسياسية لهذا الموقف الغريب وحجم التناقض الذي يُحدثه مع المقتضيات الدستورية، وبشكل أخص مع الصلاحيات التي يخولها الدستور لمؤسسة "إمارة المؤمنين".
الدستور حسم في الشأن الديني، واعتبره شأنا حصريا بالملك بصفته أميرا للمؤمنين، بل اعتبر أيضا مؤسسة العلماء تابعة لإمارة المؤمنين، تمارس صلاحياتها ضمن الأطر القانونية والتشريعية التي حددتها الظهائر المنظمة للشأن الديني. أكثر من هذا، فالدستور أقام التمايز بين الحقلين الديني والسياسي، وأبدع بذلك الصيغة التي تُبعد عن المغرب صفة الدولة الدينية، إذ لا معنى لأن يحظى العلماء بوضعية امتياز تمثيلي سوى أن يكون المضمون هو تنصيب أشخاص تمكّنهم الصفة الدينية التي بها نالوا التمثيل من ممارسة سلطة الرقابة والاعتراض على التشريعات والقوانين بخلفية دينية..
والمشكلة أن حزب النهضة والفضيلة، وهو يقدّم هذا الاقتراح، لا يدرك أنه يخلق ارتباكا دستوريا على ثلاث واجهات:
-واجهة الحقل الديني، ذلك أن اقتراح النهضة والفضيلة ينتهك صلاحيات إمارة المؤمنين، ويسوغ فكّ التمييز بين الحقلين الديني والسياسي، ويخلق نقط التوتر والاصطدام بين الوظائف الدينية والوظائف السياسية، ويخلق سابقة يمكن أن تحول المؤسسات الدينية، وفي مقدمتها المساجد، إلى دائرة للاستقطاب السياسي، حيث يحرمها من وظائفها الجامعة.
-واجهة الوظائف الدينية، أي ما يتعلق بسلطة الإفتاء ومرجعيته، فتمثيل العلماء بالصفة الدينية في مجلس النواب يمكن أن يخلق ارتباكا من نوع آخر يمسّ طبيعة الوظائف الدينية، لاسيما منها سلطة الإفتاء ومرجعيته، فإذا كان الدستور أعطى هذه السلطة للمجلس العلمي الأعلى، الذي يرأسه الملك بصفته أميرا للمؤمنين ويعيّن أعضاءه، فإن تنصيب علماء داخل البرلمان يُحدث تغييرا في مرجعية الإفتاء وسلطته ويخرجها عن دائرة اختصاص الملك، إذ يحل الانتخاب محل التعيين، ويخرج العلماء عن الحقل الديني إلى الحقل السياسي، ويخرج الإفتاء في النوازل العامة عن سلطة وصلاحية المجلس العلمي الأعلى برئاسة الملك ويصير بإمكان هذه الفئة من العلماء - الممثلة بمقتضى الكوطا الانتخابية- أن تمارس سلطة الإفتاء من داخل الحقل السياسي.
-واجهة الرقابة الدستورية: منح "كوطا" للعلماء داخل البرلمان معناه أنه سيتم خلق مؤسسة أو هيئة داخل البرلمان تؤدي الأدوار نفسها التي تؤديها المحكمة الدستورية التي أناط بها الدستور صلاحية النظر في مطابقة القوانين والتشريعات لدستور المملكة، لاسيما ما يرتبط بالتعارض مع المرجعية الإسلامية. فإذا كانت مهمة العلماء الممثلين داخل البرلمان هي النظر في مدى مطابقة القوانين والتشريعات للشريعة الإسلامية فماذا يكون دور المحكمة الدستورية؟..
لهذه الأسباب كان الدستور حاسما في وضع الحدود الفاصلة بين الحقلين الديني والسياسي؛ ولأن الأمر كذلك فما على العلماء الذين آنسوا من أنفسهم رغبة في العمل السياسي إلا أن يقوموا باختيار واع، وأن يتركوا مؤسسات الحقل الديني، وأن يلتحقوا بمؤسسات العمل السياسي وخوض غماره وفق آلياته المعتمدة، أما أن ينصّب هؤلاء العلماء أنفسهم سلطة دينية "فوق -دستورية" تمنح، ولو رمزيا، الصلاحيات التي أوكلها الدستور للمؤسسات الأخرى، فهذا عبث في عبث، وربما لعب النار..
لقد جرّب حزب النهضة والفضيلة ترشيح أحد العلماء المشهورين في الدار البيضاء، وربما مرت مسافة زمنية كافية لتقييم هذه التجربة، واختبار الاقتراح الذي يقدمونه كل مرة وحين؛ فلا ينبغي لمجرد ترضية أشخاص محسوبين على العلم الشّرعي وفدوا على الحزب أن يتم التقدم بآراء ومقترحات متسرعة لا تراعي حجم الارتباك الدستوري الذي تحدثه، ولا تحترم مؤسسة إمارة المؤمنين وصلاحياتها، ولا تأخذ بعين الاعتبار الأثر الذي يمكن أن تحدثه هذه المقترحات على طبيعة الدولة، وإمكانية نقل المغرب من دولة نجحت بصيغتها التاريخية في أن تنجو من الصدام المرير بين الدين والدولة، إلى دولة دينية ثيوقراطية مخيفة للداخل والخارج.
بقي فقط أن نروي هذه القصة لأن فيها بعض العبرة: عندما صاغ مصطفى الخلفي، وزير الاتصال، مدفوعا بحماس البداية، دفاتر تحمّلات، فإنه ضمّن هذه الدفاتر ما أسماه "برامج الإفتاء الديني"، لكنّ رد الملك محمد السادس كان حاسما في هذا الأمر عندما استدعى الخلفي ومعه عبد الإله بنكيران وعبد الله باها ونبّههم إلى أن "الإفتاء من صلاحيات أمير المؤمنين".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.