ملاحظة أولية : – بعيدا عن النقاش الأكاديمي، نقصد بالإسلامي كل من تبنى أشكال الإسلام الظاهرية – خطاب، لباس، لحية…- ليلفت نظر الآخرين إلى إسلامه. وهو من فئتين. فئة عاملة من الطبقات الشعبية. وفئة عالمة من الطبقات المتوسطة. – والمسلم هو المسلم العادي بلا علامات مميزة كما سنراه من خلال هذه المقارنة لأنه بضدها تتميز الأشياء. الإسلامي مسلم – كما يدعي هو على الأقل – لكن المسلم ليس بالضرورة إسلاميا – كما هو الحال في غالب الأحيان. والمسلم مسلم بالوراثة عقيدة وشريعة، يمارس شعائر وعبادات ومعاملات وأخلاق الإسلام كما هي بلا زيادة أو نقصان، يعيش حياته في انسجام ووئام مع المبادئ العامة والمثل العليا للإسلام من صدق وأمانة ومسؤولية…إلخ باقتضاب، المسلم مسلم بإسلامه ولإسلامه. وكفى! أما الإسلامي فهو مسلم كما قلنا لكنه أذكى من المسلم – كما يظن هو على أقل تقدير – لا يكتفي بإسلامه أو إسلام غيره من المسلمين بل يزايد عليهم ليكون أكثر إسلاما منهم. إنه نسخة فريدة ومطورة عن الإسلام لا كغيره من المسلمين يرى نفسه فوق الآخرين وإسلامه لا كإسلامهم. والنتيجة المنطقية لهذا التعريف الواقعي أن الإسلامي هو من يحق له أن يضع معايير الانتماء لهذا الإسلام وأن يحدد من هو المسلم الحقيقي من دونه. وهذا ما نراه جليا في الحياة اليومية لكل واحد منا وضعه القدر في طريق الإسلامي..أو وضع الإسلامي في طريقه. ناهيك على أن حول هذه النقطة بالذات تحوم جل كتابات وأحاديث الإسلاميين قبل أي شيء آخر، أي إعادة تعريف المسلم من جديد. شيء عادي جدا لو توقفت المسألة عند هذا المستوى الخطابي أو الفكري كما هو الشأن عند الدعاة والوعاظ والمرشدين… لكن..عملية إعادة الصياغة هذه هي مربض الفرس وعليها مدار الأمر كله..وخاصة في المجال السياسي. كيف؟ التأطير السياسي هو ′′الوحش الأسود′′ بالتعبير الفرنسي الذي يخيف جل الحركات الاجتماعية ويهابه أغلب السياسيين. إنه جلمود الصخر الذي تتحطم عليه أحلامهم ومشاريعهم السياسية. هنا بالذات يتجلى مكر الإسلامي وذكاؤه الماكيافيلي : – لا حاجة لتأطير المسلمين سياسيا. يكفي توجيه مسلماتهم الإسلامية صوب إسلام الإسلامي وتنتهي المشكلة. هكذا! وإسلام الإسلامي في معترك السياسة لا تهمه العبادات والمعاملات بقدر ما تهمه البرلمانات والوزارات والحكومات. وبشكل دقيق العبادات والمعاملات التي تعبد له الطريق وترفع من مُعامِلاته الرياضية لولوج هذه المؤسسات. إنه إسلام يُسَلم صاحبه من أهوال الآخرة ويُسْلِمه إلى سلاليم الدنيا الصاعدة وسلامتها سالما غانما عن طريق عصا السلطة وكراسيها. لا عصا خطب الجمعة أو كراسي مواعظ القلوب ورقائقها. مثلا، صلاة الجماعة تَفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة كما أنها دعاية مجانية قبل الأوان لمن يهوى المعالي والكراسي. والصدقة تطفئ غضب الرب كما يطفئ الماء النار وهي نوع من الإحسان الذي يملك الإنسان..وأصوات ذاك الإنسان في صندوق صلاح الدين السحري. وجز الشارب مع إعفاء اللحية من السنة كما أنه ماركة مسجلة مضمونة الصلاحية لا تنتهي مدتها إلا مع اعتلاء الكراسي وبداية الأماسي والأماني. وقال الله وقال الرسول..ليلا يقول من يؤمن بالله والرسول غير ما قال الله وقال الرسول..وغير ما قال من قال قال الله وقال الرسول. وعلى من لا يؤمن بإله أو رسول أن يعطي كل حرف من حروفه حقه ومستحقه لكي لا يقلقل أكثر من اللازم. وهكذا دواليك! ما من طقس يؤديه – الضمير يعود إلى الإسلامي – إلا وله فيه قَدْر من الكرسي يُمضيه! النتيجة المنطقية التالية علاقة بنفس التعريف هي العقيدة الدنيوية الراسخة التي لا تتململ للإسلامي وفقا للحكمة العطائية التالية بتصرف : – عدم الاعتماد على العمل أو نقصان الرجاء عند وجود الزلل. أي لا مشكلة في أن يكون القول في واد والفعل في واد آخر! الإسلامي عضو عامل للإسلام والسياسة مجال الأخطاء الإنسانية بامتياز، و′′من قال أن العصيدة باردة فليغمس فيها بيديه′′ كما يقول المثل المغربي الدارج يقول الإسلامي! وكمثال، إذا اقتضت المصلحة – مصلحة الإسلامي لا مصلحة الشريعة – الكذب على المسلمين فلا حرج في ذلك..وقس على ذلك باقي العقود والعهود والمواثيق. لأن الضرورة تبيح المحظورات. والتمكين لدنيا الأقوياء والأغنياء مقدم على تمكين دين الضعفاء والفقراء…إلخ باختصار، إذا كان المسلم يعيش إسلامه ووفق إسلامه في صمت فإن الإسلامي يعيش على إسلامه ومن إسلامه في جعجعة وضجيج واضحين للعيان. وإذا كان إسلام المسلم العادي سالما من المنافع الذاتية – على الأقل فيما بينه وبين الناس – فإن إسلام الإسلامي ينطلق جملة وتفصيلا من المعادلات الحسابية للربح والخسارة. إسلام مقابل إسلام ووجه واحد لمسمى واحد، فكيف يمكن التمييز بين إسلام المسلم العادي وإسلام الإسلامي أو بالأحرى كيف السبيل إلى التعرف على المسلم العادي من الإسلامي؟ المسلم العادي قليل الكلام عن الإسلام لأنه يعمل به..والإسلامي كثير الكلام عن الإسلام لأنه لا يعمل به! ملاحظة ختامية : – قد يكون ضمن الإسلاميين مسلم عادي لكنه غالبا ما لا يؤبه به أو بآرائه. التدين العادي لا يبيض ذهبا!