بيان صادر عن جمعية مولاي عبد السلام بن مشيش للتنمية والتضامن وتنسيقية الأشراف ومحبي البيت الطاهر وهيئة الزوايا والطرق الصوفية بالمملكة المغربية    إقصائيات مونديال 2026.. وليد الركراكي يوجه الدعوة ل 27 لاعبا لمباراتي النيجر وزامبيا            توقعات أحوال الطقس غدا الجمعة    الاحتفاء بالمغرب ضمن فعالية "جسر الإنتاج" بمهرجان البندقية 2025        الجزائر.. إعفاء الوزير الأول وتعيين وزير الصناعة بالنيابة            عبد النباوي يستقبل وزير العدل ‏العراقي    لوموند..آلة إعلامية للخداع والتضليل واعتماد أسلوب صحافة الحضيض            توقيف ثلاثيني متورط في سرقة وكالات تحويل الأموال بزايو وبركان ووجدة    تشهير وتشويه سمعة.. موظف أمن يلاحق جبروت قضائيا    تداولات بورصة البيضاء تنتهي حمراء    ابن كيران يدعو إلى فتح الحدود لإنقاذ غزة ويقول: على الدول المطبعة مع "إسرائيل" التهديد بقطع العلاقات    متابعة "يوتيوبر" بالحسيمة في حالة سراح بعد اتهامه بهتك عرض قاصر    عرض الماشية خلال عيد الأضحى السابق لم يتعدى 3.5 مليون رأس وحاجيات العيد تجاوزت 6.5 مليون رأس    تعيين نبيل احمينة رئيسا جديدا لجامعة ابن زهر بأكادير بعد فضيحة "قليش" التي أطاحت بالرئيس السابق    ثلاث تنظيمات طلابية كبرى ترفض طمس مشروع قانون التعليم العالي لتمثيليات الطلبة    مجموعة أونكوراد تجري أول عملية جراحية روبوتية لزراعة صمام بولي صناعي في إفريقيا            مجلس الحكومة يصادق على مشروع قانون لتحديد توجهات السياسة العمومية المتعلقة بالتعليم العالي والبحث العلمي    تازروالت.. ذاكرة روحية وحضارية تحاصرها قيود التهميش!    الجيش الاسباني يرسل دورية لمراقبة الجزر المحتلة شمال المغرب    أوناحي يوقّع لجيرونا بعد مفاوضات طويلة    أجواء فنية مميزة في افتتاح النسخة الثالثة من مهرجان السويسي بالرباط    باحثون روس يطورون شبكة عصبية تساعد على تشخيص مرض "باركنسون" بدقة 97%    "البام" يدين استهداف الثوابت الوطنية    ترامب يقلّص إقامة الطلاب والصحافيين    الركراكي: باب المنتخب مفتوح للجميع .. والهدف الأكبر لقب كأس إفريقيا    دراسة: نمط الحياة الصحي في سن الشيخوخة يقي من الخرف    بورصة الدار البيضاء تفتتح تداولات الخميس على وقع الارتفاع        اتهامات ثقيلة تلاحق صامويل إيتو وتضع مستقبله على رأس الاتحاد الكاميروني في مهب الريح    كرة القدم ..ميسي يقود إنتر ميامي إلى نهائي كأس الرابطتين الأمريكية والمكسيكية    تحديث قواعد "الفار" بعد ركلة حرة مثيرة    واتساب تطلق مساعدا للكتابة بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي        الشاف المغربي أيوب عياش يتوج بلقب أفضل صانع بيتزا في العالم بنابولي    أحمد المصباحي يتألق على مسرح The Voice Suisse    في القيصر – لا مكان لا زمان سلوم حداد يعيد إلى الأذهان وجه أمني يعرفه السوريون جيداً    غروب فرنسا        المغاربة يغيرون وجهتهم نحو السيارات الصينية.. الجودة والسعر كلمة السر    إلياس الحسني العلوي.. شاعر شاب يقتحم المشهد الأدبي ب "فقيد اللذة"    "من صبرا وشاتيلا إلى غزة" .. عندما كتب الفيلسوف الفرنسي دولوز دفاعا عن الشعب الفلسطيني قبل أربعين عاما    كيف تحوّل "نقش أبرهة" إلى أداة للطعن في قصة "عام الفيل"؟    الزاوية الكركرية تنظم الأسبوع الدولي السابع للتصوف بمناسبة المولد النبوي الشريف    اضطراب النوم يضاعف خطر الانتكاسات لدى مرضى قصور القلب (دراسة)    الصين تحقق سابقة عالمية.. زرع رئة خنزير معدل وراثيا في جسد بشري    ينقل فيروسات حمى الضنك وشيكونغونيا وزيكا.. انتشار بعوض النمر في بلجيكا    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فين أيام رمضان بالنفار والطبال وخالي العايدي..
نشر في العمق المغربي يوم 09 - 05 - 2019

يركب حماره الأشهب وعلى ظهره حمالتين مصنوعتين قشاش الأرض ” الشْوَارِي”، يمشي الحمار المدرب بالعرض البطيء يتمايل مع الحمالتين على ظهره، يتبعه كلب قد انتفخ بطنه من كرم الناس وجودهم في شهر رمضان ببقايا الطعام ، يحمل في يده الة “موسيقية” مصنوعة من قرن الجاموس عبارة ” غيطة “، ينفخ فيها بحرارة حتى “تتجبد خديه مزيان” تصبح أشبه ببلونتين مملؤتين بالهواء، يداعب ” غيطته ” ويخرج منها أنغام مختلفة، بهزات وخفقان تنفسه الصدري وتماوج “حنكيه” ويصنع مقطوعات موسيقية سحرية تخبرالناس أن موعد السحور قد وصل، طبعا إنه “النفار” أو المسحراتي.
لكل حومة “نفارها ” الخاص بها، يوقد النوام للسحور بطريقته إما بالغيطة أو القرع على الطبل ، كان للمسحراتي حظوة وإحترام كبير عند الناس في زمننا، كل سكان الحارة يحبونه ويحترمونه، يحبون فيه الطيبة والوفاء وأداء الواجب بأمانة كل يوم وطيلة شهر رمضان الكريم، الناس يعطفون ويجودون عليه (النفار) وحماره وكلبه.في هذا الشهر الفضيل ”
النفار” يستفيد من قطع “الحساء ولشباكية والحلوة” والرغيف “والسفوف”…، والحمار يستفيد من قشر البطيخ والخضر التي يطبخ منها طعام السحور، البطاطس والجزر والخرشوف الشوكي…، وحظ الكلب بقايا الخبز المطلية “بالحريرة” التي توضع عمدا فوق قطع بلاستيكية لإطعام الكلاب المتواجدة في كل مكان بالأزقة والدروب، ويمضون شهر رمضان كاملا على هذا الحال.
شباب الحومة يتربصون بخالي “العايدي” رحمه الله، وينتظرون بفارغ الصبر قدومه إلى المسجد لأداء صلاة الفجر، رجل ذوو وقار وإحترام جمعه بحبه للخير وللناس، بطيبته وعفويته “ما يخسر خاطر حد”، شباب الحومة يتصيدون العجوز ويمسكونه بالقوة يجبروه على أداء رقصت “الهيت” تحت أنغام “غيطة النفار”، ممزوجة بتصفيقات الأيادي بحرارة وأنغام باالأفواه والشفاه “هب هب هوباه هوباه”، وأخيرا يستسلم “خالي العايدي” أمام هذه الأنغام وهذا الجو الحماسي الجميل (الحال ما يشاو).
يستسلم أمام هوسه بالرقص على إيقاع “الهيت الغرباوي”، ويبدأ بحركات تسخينية بالكتف، تم يلتفت يمنة ويسرة وينفخ ريشه كديك منفوش، وتارة كفرس في “المحرك “، يخرج صدر ويرفع رأسه عاليا كأنه يرمز للتصدي والتحدي والعزة والأنفة، وأخرى كثور ينطح ويضرب الأرض برجليه بقوة، ويعود للشباب في رمشة عين متحديا الشيخوخة.
يتغير الإيقاع ويتحول إلى كفارس على صهوة جواده ويتفنن في صنع لوحات من الثرات الأصيل، “حتى كيشبع”، وكل الذين من حوله يفرحون ويزيدون في حرارة التصفيق ليزيد هيجان وحماس “خالي العايدي”، ليمضي أطول وقت معنا…، تم ويرفع يديه إلى السماء ويدعوا على اليهود ويقول: “ما ضحكناه وما عرقناه وما جدبنا والرما والطلبة وكتاب الله يدمرو اليهود”.
ويسترسل “خالي العايدي “الله يفك الأسر ديال خوتنا المسلمين في فلسطين…” ويخرج قروش من جيبه ويقبل رأس “النفار” ويسلمها له خفية “مع التسليمة” في يده، و دائما يطلب السماح من الجميع وهو لم يرتكب ذنبا، “سمحو ليا وليداتي الله يسهل عليكم” يقترب أذان الفجر ويغادر بابتسامته المشرقة، وإذا ألح عليه الشباب مرة أخرى بإعادة رقصت “الهيت” التي يتقنها ببراعة، يهرب جريا لحتمي ببيت الله، المسجد.
بعدها هذا يركب “النفار” أو المسحراتي ظهر حماره، ويتبعه كلبه ويمضي طربا بين الدروب والأزقة على هذا الحال، كل يوم، إلى أخر يوم في شهر رمضان، تم يطوف على البيوت ليجمع حفنات الطحين وقطع السكر وقطرات الزيت وحبوب الشاي وبعض القروش كأجر أو هدية مقابل مهمة قضاها طيلة شهر رمضان.
اليوم تقوم هواتفنا الذكية عن طريق الرنات الغنائية المسجلة بعمل “النفار” أو المسحراتي .
بدلنا “النفار” وتقاليدنا الشعبية الجميلة بالهواتف الذكية، حقا اشتقنا لسماع “غيطة وطبل النفار “، وللبسمة التي تعطي نسفا حقيقيا في الحياة…، فلا طعم للحياة بدون إبتسامة وموسيقى.
كانت الحياة جميلة كلها طربا ورقصا وحبا وعبادة، كل شيء متداخل وممزوج وله طعم، لم يكن التحريم لمعاني الحياة التي تتجلى في مظاهر الفرح والرقص والحب بالكره والقتل والتفجيرات الجبانة، بسطاء لا يهتمون لمرجعيات أو الخلفيات أو مذاهب، فقط كانت الفرحة والإبتسامة مع البسطاء من أمثال “النفار وخالي العايدي” .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.