طنجة.. إصابة خطيرة لفتاة أشعلت النار في جسدها بحي سات فيلاج    هزة أرضية يشعر بها سكان مراكش وأقاليم مجاورة فجراً    ماكرون: ممارسات إسرائيل لن توقف الاعتراف بفلسطين.. و86 شهيداً في يوم دامٍ بالقطاع    الدار البيضاء: المصادقة على تسريع مشروع المحج الملكي بعد عقود من التعثر وسط جدل اجتماعي    تكهنات بانفصال لامين يامال عن نيكي نيكول بعد حذف الصور المشتركة    غموض مستقبل حمدالله بعد رغبته في الرحيل عن الشباب السعودي    القنوات الناقلة لمباراة المغرب والنيجر    طنجة.. مصرع شخص صدمته سيارة لنقل العمال بطريق الرباط    أمينوكس سعيد بالحفاوة الجماهيرية في مهرجان السويسي بالرباط    وجبات خفيفة بعد الرياضة تعزز تعافي العضلات.. الخيارات البسيطة أكثر فعالية    الملعب الكبير لمراكش تحفة معمارية بحلة جديدة    مصرع سيدة في حادثة سير مأساوية تواحي الناظور    أعراس .. اسم عابر في سجل الخيانة وصوت يائس في جوقة الانفصال    "ميتا" تحث مستخدمي "آيفون" على تحديث "واتساب" فورا    "الأسود" يرفعون من وتيرة الاستعدادات    بورصة الدار البيضاء تغلق على تداولات ب487,9 مليون درهم    اكتشاف رواسب غنية بالذهب في المغرب يثير اهتماما دوليا        فرنسا.. اعتداء بسكين في مطعم "كباب" في مرسيليا يخلف خمسة جرحى ومقتل المهاجم برصاص الشرطة            بدء الأشغال لإنجاز مشروع القطار فائق السرعة القنيطرة–مراكش    الولايات المتحدة.. قاض فدرالي يعتبر نشر عناصر من الجيش في كاليفورنيا "غير قانوني"    كرة القدم .. حفل تكريمي على شرف المنتخب الوطني للاعبين المحليين المتوج بلقب بطولة إفريقيا    عبد اللطيف الجواهري ضمن أفضل محافظي البنوك المركزية في العالم    بريطانيا.. اختبار جديد قد يساعد في الكشف المبكر عن مؤشرات الإصابة بمرض الزهايمر    – كيف كتبت لوموند «تحقيقها»؟ لمن كتبته؟    المجلس الوطني للمنافسة يؤشر على استحواذ "Ports4Impact" على شركة نادي الرجاء الرياضي    أثافي الشعرية الأمازيغية من خلال كتاب «الشعرية الأمازيغية الحديثة» للناقد الأمازيغي مبارك أباعزي    الدورة الثانية لمهرجان «سينما الشاطئ» تحط الرحال بالصويرة    الدورة ال 25 من «ملتقى الشارقة الدولي للراوي» ما بين 22 و26 شتنبر الجاري بمشاركة المغرب    المنتخب المغربي يواصل استعداداته لمواجهة النيجر    تقرير: كلفة خلق منصب شغل في بعض المشاريع الصناعية الكبرى تتجاوز نصف مليون درهم    "الحر" يطلق جديده الفني "صرا لي صرا"    تصريحات عنصرية في حق اهل الريف تثير استنكاراً واسعاً ومطالب بفتح تحقيق            ميناء طنجة.. إحباط محاولة تهريب 1152 من المفرقعات والشهب النارية    حملات سياسية مغرضة تستهدف مجموعة الخير وحزب الاستقلال يرد بالحقائق    المغرب يرسخ حضوره الإفريقي بزيارة برلمانية كينية رفيعة.. من الرباط إلى الصحراء المغربية    المغرب يواصل الصعود بينما الجزائر تَتَداعَى نحو السقوط    80 فنانًا من دول مختلفة يشاركون في المعرض الجماعي للفن التشكيلي بتطوان    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بانخفاض    الخارجية الفلسطينية: الاعتراف بدولة فلسطينية "ليس رمزيا"    اختصاصي في جراحة العظام يكشف فوائد المشي حافي القدمين    طقس حار في العديد من مناطق المملكة اليوم الثلاثاء    سماعة طبية معززة بالذكاء الاصطناعي تكتشف أمراض القلب في 15 ثانية    المغرب يعزز قوته الجوية بصفقة لاقتناء مروحيات "كاراكال" متعددة المهام        ألمانيا تُجرّب حافلات ذاتية القيادة في 15 مدينة        الإخوان المسلمون والحلم بالخلافة    دراسة جديدة تكشف أن عقول المصابين بالتوحد منظمة بشكل مختلف    الأوقاف تعلن موعد أداء مصاريف الحج للائحة الانتظار من 15 إلى 19 شتنبر    ليالي العام الهجري    دخول القانون المتعلق بالصناعة السينمائية وبإعادة تنظيم المركز السينمائي المغربي حيز التنفيذ    جديد العلم في رحلة البحث عن الحق    الزاوية الكركرية تنظم الأسبوع الدولي السابع للتصوف بمناسبة المولد النبوي الشريف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المغرب أمام الإجهاد المائي: هل يقود غياب الالتقائية بين السياسات العمومية نحو عطش مستقبلي؟

في العقود الأخيرة، أصبح الإجهاد المائي في المغرب قضية ملحة تهدد الاستقرار البيئي والاجتماعي والاقتصادي للبلاد. مع تزايد حدة التغيرات المناخية وتزايد عدد السكان، أصبح الضغط على الموارد المائية المحدودة أصلا كبيرا. يعتمد المغرب بشكل رئيسي على الأمطار الموسمية التي تتسم بالتذبذب، حيث تتفاوت كمياتها من عام لآخر، مما يخلق تحديات كبيرة في إدارة الموارد المائية.
وحسب تقرير وزارة التجهيز والماء لعام 2024، تعد الموارد المائية السطحية، مثل الأنهار والسدود المصدر الرئيسي للمياه في المغرب. ومع ذلك، فإن هذه الموارد تتأثر بشكل كبير بتغيرات المناخ، حيث تشهد فترات جفاف متكررة. على سبيل المثال، شهد المغرب خلال السنوات الأخيرة تراجعًا حادًا في منسوب السدود الرئيسية، مما أثر بشكل مباشر على توفر المياه للسقي والشرب والصناعة. من جهة أخرى ،وحسب دراسة صادرة عن المعهد المغربي للدراسات المائية لعام 2022 تشكل الموارد المائية الجوفية حوالي 20% من احتياجات البلاد حيث تُعاني من الاستنزاف المفرط، حيث يتم استغلالها بوتيرة تفوق معدلات التجديد الطبيعي، مما يؤدي إلى انخفاض منسوبها بشكل خطير.
أحد أهم العوامل التي ساهمت في تفاقم هذه الأزمة هو غياب الالتقائية بين السياسات العمومية ، و يظهر هذا بوضوح في المشاريع الفلاحية والصناعية التي أطلقتها الحكومات متتالية دون دراسة شاملة لتأثيراتها على الموارد المائية. فالسياسة الفلاحية، على سبيل المثال، تشجع على توسيع الزراعة المسقية التي تعتمد بشكل كبير على استهلاك المياه، دون أن تكون هناك خطط محكمة للحفاظ على هذه الموارد. في هذا السياق، يصبح من الواضح أن عدم التنسيق بين القطاعات ليس مجرد إهمال، بل هو أحد الأسباب الرئيسية لتفاقم أزمة المياه في المغرب.
أبرز مثال هو "المخطط الأخضر" الذي كان من المفترض أن يكون خطوة نحو فلاحة مستدامة وأمن غذائي، لكن الواقع يكشف أنه لم يحقق سوى جزء ضئيل من أهدافه. فقد نجح في زيادة الإنتاج الفلاحي على المدى القصير، ولكن على حساب استنزاف الموارد المائية. فالحكومات المتتالية لم تبذل الجهد الكافي لدمج مقاربة شاملة توازن بين الاحتياجات الفلاحية ومتطلبات الحفاظ على المياه، مما أدى إلى ضغوط كبيرة على السدود والموارد المائية الجوفية.
وحسب دراسة "التخطيط الحضري والاستدامة المائية" من إعداد مركز السياسات البيئية لعام 2023، فإنها تؤكد أن غياب التخطيط المشترك بين الوزارات المعنية بالفلاحة والبيئة والإسكان يؤدي إلى تنفيذ مشاريع تهيئة حضرية دون مراعاة تأثيرها على موارد المياه، مما يزيد من هشاشة النظام المائي أمام التغيرات المناخية، ولهذا فإن عدم التنسيق بين السياسات العمومية لا يؤثر فقط على استدامة الموارد المائية، بل يزيد من تعقيد إدارة الأزمات المائية التي تواجهها البلاد.
وفي ظل هذه الوضعية المقلقة، عقد جلالة الملك محمد السادس في 16 يناير 2025 جلسة عمل استثنائية لتدارس الوضع المائي في البلاد. خلال هذه الجلسة، تم التشديد على ضرورة تحسين التنسيق بين مختلف الوزارات والمؤسسات المعنية بإدارة الموارد المائية. ودعا الملك إلى تسريع تنفيذ المشاريع الكبرى المتعلقة بالماء، مثل مشاريع تحلية مياه البحر، التي تُعد حلاً مستدامًا "رغم كلفته البيئية" لتلبية الاحتياجات المتزايدة للمياه في المناطق الساحلية. كما تم التركيز على أهمية إعادة استخدام المياه العادمة المعالجة، وهي تقنية يمكن أن تُسهم بشكل كبير في تخفيف الضغط على الموارد المائية العذبة.
من أجل مواجهة هذه التحديات، ينبغي تبني نهج شامل ومتكامل لإدارة الموارد المائية، يعتمد على التنسيق الفعال بين السياسات القطاعية. يتطلب هذا النهج تطوير إطار قانوني ومؤسسي يضمن التعاون بين الوزارات المختلفة ويشرك كافة الفاعلين في صياغة وتنفيذ السياسات. علاوة على ذلك، يجب تعزيز البحث العلمي لتطوير تقنيات جديدة لإدارة الموارد المائية بكفاءة، مثل استخدام تكنولوجيا الاستشعار عن بعد لرصد كميات المياه في السدود والأنهار، وتطوير نظم ري ذكية تُقلل من الهدر المائي.
كما أن تبني مبادئ الاقتصاد الدائريéconomie circulaire في إدارة الموارد المائية يمكن أن يُسهم في تقليل المفقود من المياه وزيادة كفاءة استخدامها. وهذا يشمل إعادة تدوير المياه العادمة لاستخدامها في السقي والفلاحة، وتحسين كفاءة استخدام المياه في القطاعات الصناعية.
في النهاية، وحسب تقرير التنمية البشرية للأمم المتحدة لسنة 2023 يمثل الإجهاد المائي في المغرب تحديًا استراتيجيًا يتطلب استجابة عاجلة وشاملة ، إن تجاوز حالة عدم الالتقائية بين السياسات العمومية هو خطوة حاسمة لضمان مستقبل مائي آمن ومستدام للبلاد. الاستثمار في البنية التحتية المائية، وتعزيز البحث والتطوير، وتبني تقنيات جديدة، كلها عناصر أساسية لتحقيق ذلك. بدون هذه الجهود، يواجه المغرب خطر الاستمرار في الانزلاق نحو أزمة مائية قد تكون لها تداعيات خطيرة على مختلف جوانب الحياة في البلاد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.