استعرض رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، اليوم الاثنين أمام مجلس النواب، أبرز محاور الإصلاح الشامل للمنظومة الصحية الوطنية، مؤكداً على أن هذا الإصلاح "بُني على رؤية ملكية واضحة" وغير عشوائية، مرتكزاً على الجهوية المتقدمة والنموذج التنموي الجديد. وأشار أخنوش في تعقيبه على مداخلات الفرق والمجموعة النيابية في إطار جلسة المساءلة الشهرية حول موضوع: "المنظومة الصحية الوطنية بين المنجزات الراهنة والتطلعات المستقبلية"، إلى وجود "خارطة طريق واضحة مبنية على 4 دعامات قوية: الحكامة، الموارد البشرية، البنيات التحتية، والرقمنة". وفي هذا السياق، أكد رئيس الحكومة على إقرار خمسة قوانين كبرى لهيكلة قطاع الصحة، واصفاً إياها ب "خارطة طريق واضحة المعالم للسنوات القادمة، ستُحدث تحولاً كبيراً في المنظومة الصحية الوطنية بأكملها". وعلى صعيد تنزيل الإصلاح، أوضح أخنوش أن الحكومة بدأت فعلياً في تطبيق الإصلاح الصحي على أرض الواقع، من خلال إحداث "الوكالة الوطنية للدم ومشتقاته، والوكالة الوطنية للدواء، والوكالة المغربية للصحة، إضافة إلى الهيئة العليا للصحة التي توجد اليوم في المراحل الأخيرة لتفعيلها". واعتبر رئيس الحكومة أن هذه الإجراءات تؤكد أن "قطاع الصحة يعيش اليوم ثورة هادئة". الموارد البشرية: زيادة الأجور وتغطية الخصاص فيما يتعلق بالموارد البشرية، كشف رئيس الحكومة عن المصادقة على قانون الوظيفة الصحية، الذي يقضي ب "رفع الأجور القارة، وإضافة الأجر المتغير حسب الأداء"، معتبراً هذه الخطوة "إيجابية ستساهم في تقليص نسبة هجرة الأطباء إلى الخارج". وأعلن أخنوش أن هذه التجربة ستنطلق في سبتمبر المقبل من جهة طنجة، قبل تعميمها على جميع جهات المملكة. وشدد على أهمية تغطية "الخصاص البنيوي الذي يعاني منه القطاع في ما يتعلق بالموارد البشرية"، منتقداً الحكومات السابقة التي لو "تحملت مسؤوليتها، لم نكن اليوم لنجد مستشفياتنا تعيش الخصاص في الموارد البشرية". ولفت رئيس الحكومة إلى ارتفاع نسبة تغطية مهنيي الصحة لكل ألف مواطن من 1.7 عند بداية الولاية الحكومية إلى 2.5 في سنة 2025. وأكد على مضاعفة أعداد طلبة كليات الطب لتغطية النقص، مستشهداً بافتتاح كلية للطب بكلميم ستخرج 100 طبيب سنوياً ابتداءً من 2029. مستشفيات جامعية ومراكز قرب جديدة بخصوص البنيات التحتية الصحية، أفاد أخنوش بأن "كل جهة تقريباً تتوفر على مستشفى جامعي (CHU)، ومنها بعض المستشفيات قيد الإنشاء". وأشار إلى أن بعض الجهات تتوفر على أكثر من مستشفى جامعي، مستشهداً بأكادير التي تتوفر على مستشفيين جامعيين، والرباط التي تضم 4 مستشفيات جامعية لوحدها، "في الوقت الذي كنا فيه إلى عهد قريب لا نتوفر سوى على 4 أو 5 مستشفيات جامعية بالمغرب بأكمله". كما أعلن عن بناء مستشفى جامعي بالداخلة تابع لمؤسسة محمد السادس. وفي سياق متصل، أكد رئيس الحكومة على "إعادة تأهيل شاملة للمستشفيات الجهوية"، مشيراً إلى افتتاح عدد من المستشفيات خلال هذه السنة والسنة المقبلة، منها: "مستشفى التخصصات بتطوان، المستشفى الإقليمي بوزان، المستشفى الإقليمي بالقصر الصغير، المستشفى الإقليمي بسيدي إيفني، الناظور، وتمارة…". كما أفاد بنجاح الحكومة في إنهاء أشغال إعادة بناء وتأهيل حوالي 980 مركز صحي للقرب من الجيل الجديد من أصل 1400، مع توقع استكمال الباقي مع نهاية السنة الجارية، مؤكداً أن "في كل مركز صحي من هذه المراكز نجد طبيباً إلى جانب ممرضين اثنين". رقمنة القطاع الصحي والبطاقة الرقمية وتطرق أخنوش إلى ورش رقمنة القطاع الصحي، واصفاً إياه ب "ورش استراتيجي سيغير وجه المنظومة". وأعلن أن هذه التجربة ستبدأ من جهة طنجةتطوانالحسيمة، حيث سيتم ربط "مستشفى القرب والمستشفى الإقليمي والمستشفى الجهوي والمستشفى الجامعي كلها فيما بينها على المستوى الرقمي"، لتمكين الطبيب في مستشفى القرب من حجز موعد للمريض في المستشفى الجامعي. وستعمم هذه التجربة تدريجياً على باقي جهات المملكة. وفيما يتعلق بالبطاقة الصحية الرقمية لكل مريض، أوضح أخنوش أنه "لن يكون المريض في حاجة إلى أي بطاقة صحية رقمية لتلقي العلاجات"، مشيراً إلى أن المدخل سيكون "رقم انخراط المؤمن في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي". وأكد رئيس الحكومة على إغلاق ملف البطاقة الصحية قائلاً: "لا يمكن أن نضيع الأموال في البطائق، في الوقت الذي ستمكننا رقمنة قطاع الصحة من تتبع المريض انطلاقاً من رقم بطاقته الوطنية ورقم انخراطه في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي". الاستثمار ليس عيبا وبخصوص القطاع الخاص، أكد رئيس الحكومة أن "حرية المبادرة مضمونة بموجب الدستور، ومن يريد العمل والاستثمار والنهوض بالبلاد بشفافية فمرحباً به، لأن الاستثمار ليس عيبا وخاصك تكون راجل ومولاي باش ديرو". وفيما يخص الدعم الاجتماعي المباشر، أوضح أخنوش أن "7 ملايين طفل يستحقون الدعم الاجتماعي المباشر"، منهم "5.5 مليون من يستحقون"، مؤكداً أنه "لا يمكنني أن أمنح الدعم لأبناء الأغنياء، هذا حتى لا نغلط الرأي العام". وأشار إلى أن الحكومة، بفضل التوجيهات الملكية السامية، "أعطت الدعم المباشر لكبار السن من 60 سنة فما فوق على الأقل 500 درهم، ووصلنا إلى مليون و367 ألف مواطن من الذين يستحقون". ونوه بالمجهود المبذول في إعداد السجل الاجتماعي الموحد الذي بدأ العمل به في نوفمبر 2022، خلافاً للتوقعات التي كانت تشير إلى تأخره حتى 2025. أما في ملف التهرب الضريبي، فأكد رئيس الحكومة أن "الحكومة قامت بمجهود كبير في مجال تحصيل الضرائب"، واستطاعت "في ظرف 3 سنوات توسيع قاعدة الوعاء الضريبي بشكل ملحوظ، وتمكنت من زيادة 100 مليون درهم في الموارد المالية للدولة". وشدد على أن الضرائب التي يؤديها المواطن المغربي "يرى نتيجتها في تحسن المدن والمستشفيات والاستثمارات الكبرى، حيث خصصنا 50 مليار درهم للاستثمار في البنية التحتية الصحية، وسيظهر هذا التحول على مستوى الجهات، حيث بدأناها بالمجموعات الصحية الترابية من جهة طنجةتطوانالحسيمة في أفق تعميمها على جميع جهات المملكة". وفي ختام تعقيبه، أكد رئيس الحكومة على أهمية موضوع الصحة "نظراً لأهميته بالنسبة للمواطنين"، مشدداً على ضرورة تتبعه والإنصات إلى أفكار النواب بشأنه. وفيما يخص نظام "أمو – تضامن"، أكد أخنوش أن "من يستحق الاستفادة منه وفق الشروط المحددة فهو يستفيد منه فعلياً"، وأن باقي المواطنين يتوفرون على التغطية الصحية الخاصة أو إمكانية التوفر على "أمو الشامل". واختتم بالقول إن "التأمين الإجباري على المرض شامل وإجباري وتضامني، ويجب على الجميع تحمل مسؤوليته في التسجيل فيه، والحكومة قامت بدورها في إنجاز الإطار الخاصة به وتقييمه، والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يقوم بمجهود كبير في هذا الصدد، غير أن البعض مازال يتردد في التسجيل".