وزير الصحة يترأس الدورة الثانية للمجلس الإداري للوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية    سعر صرف الدرهم يرتفع أمام الدولار    فرحات مهني يكتب: الحق في تقرير مصير شعب القبائل    لماذا تراهن بكين على أبوظبي؟ الإمارات شريك الثقة في شرق أوسط يعاد تشكيله    الصين تسجل رقماً قياسياً في رحلات السكك الحديدية خلال 11 شهراً من 2025    انتخاب الاستاذ بدر الدين الإدريسي نائبا لرئيس الاتحاد العربي للصحافة الرياضية    السكتيوي: التتويج باللقب يبقى الأهم    المديرية العامة للأمن الوطني.. الارتقاء بجودة منظومة الخدمات الرقمية العمومية    نشرة برتقالية: اضطرابات جوية مرتقبة    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    كأس العرب.. جمال السلامي يوضح الفرق بين طموح الأردن وأولويات المغرب    ماجد شرقي يفوز بجائزة نوابغ العرب    حريق يسلب حياة الفنانة نيفين مندور    البنك الألماني للتنمية يقرض المغرب 450 مليون أورو لدعم مشاريع المناخ    لأجل الوطن والأمل    تشابي ألونسو يحذر من مفاجآت الكأس أمام تالافيرا    الحكم السويدي غلين المثير للجدل يدير نهائي كأس العرب بين المغرب والأردن    مطالب بتدخل أخنوش لإنقاذ حياة معطلين مضربين عن الطعام منذ شهر ونصف    من فاس إلى آسفي... الكارثة ليست فقط قدرا بل مسؤولية وتعويض وحق في المعلومة    هولندا.. توقيف شخص للاشتباه في التحضير لتنفيذ عمل إرهابي    تدخل ينقذ محاصرين بثلوج بني ملال    الملك محمد السادس يبارك عيد بوتان        أكادير تحتضن الدورة العشرين لمهرجان تيميتار الدولي بمشاركة فنانين مغاربة وأجانب    وفاة الفنانة المصرية نيفين مندور عن 53 عاما إثر حريق داخل منزلها بالإسكندرية    هجومان للمتمردين يقتلان 4 أمنيين كولومبيين    "ترامواي الرباط سلا" يصلح الأعطاب    مديرية التجهيز تتدخل لفتح عدد من المحاور الطرقية التي أغلقتها التساقطات الثلجية    في حفل فني بالرباط.. السفيرة الكرواتية تشيد بالتعايش الديني بالمغرب    التنسيق النقابي بقطاع الصحة يعلن مقاطعة انتخابات ممثلي المهنيين في مجموعة صحية جهوية    الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالرباط تدين عملية الهدم في حي المحيط والتهجير "القسري" للمهاجرين    توقعات أحوال الطقس لليوم الأربعاء    واشنطن توسّع حظر السفر ليشمل عددا من الدول بينها سوريا وفلسطين    تمارين في التخلي (1)    القضاء التجاري بالدار البيضاء يأمر بإرجاع المفصولين إلى العمل بفندق أفانتي وأداء أجورهم    مونديال 2026: ال"فيفا" يطلق تذاكر ب60 دولارا ل "المشجعين الأوفياء"    محكمة تلزم باريس سان جيرمان بدفع أكثر من 60 مليون يورو لمبابي        الفدرالية المغربية لمقاولات الخدمات الصحية.. انتخاب رشدي طالب رئيسا ورضوان السملالي نائبا له    منفذ "اعتداء بونداي" يتهم بالإرهاب    خلف "الأبواب المغلقة" .. ترامب يتهم نتنياهو بإفشال السلام في غزة    "بنك المغرب" يراجع فوائد القروض ويحضّر لتغيير طريقة التحكم في الأسعار ابتداء من 2026    موجة البرد القارس: مؤسسة محمد الخامس للتضامن تطلق عملية دعم لفائدة 73 ألف أسرة في 28 إقليما    عوامل مناخية وراء التقلبات الجوية التي يعرفها المغرب: "لانينيا" تُضعف المرتفع الأزوري والاحتباس الحراري يُكثّف التساقطات    إسبانيا تعتمد مسيّرة بحرية متطورة لتعزيز مراقبة مضيق جبل طارق    الدوزي ينسحب من أغنية كأس إفريقيا    تماثل للشفاء    ترامب يطالب BBC ب10 مليارات دولار تعويضاً عن تهمة التشهير    مركب نباتي يفتح آفاق علاج "الأكزيما العصبية"    التحكم في السكر يقلل خطر الوفاة القلبية    استمرار إغلاق مسجد الحسن الثاني بالجديدة بقرار من المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية وسط دعوات الساكنة عامل الإقليم للتدخل    سلالة إنفلونزا جديدة تثير القلق عالميا والمغرب يرفع درجة اليقظة    المغرب: خبير صحي يحدّر من موسم قاسٍ للإنفلونزا مع انتشار متحوّر جديد عالمياً    "الأنفلونزا الخارقة".. سلالة جديدة تنتشر بسرعة في المغرب بأعراض أشد وتحذيرات صحية    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشاعرة السورية سلمى جمو لموقع "طنجة الأدبية": آمل أن يحمينا الشعر ويساعدنا على تخطّي عقدنا النفسية وعلى أن نكون صوت الآخرين
نشر في طنجة الأدبية يوم 15 - 07 - 2021

**سلمى جمو، شاعرة سورية، تبلغ من العمر (29) عاماً، من مدينة كوباني، حاصلة على إجازة في الإرشاد النفسي من جامعة مرسين التركية. متزوّجة، ولديها طفل، تجيد اللغتين العربية والتركية إلى جانب لغتها الأُمّ.
ويعد ديوان "لأنك استثناء" باكورة أعمال الشاعرة سلمى جمو الذي أصدرته لها دار ببلومانيا في مصر بمدينة القاهرة، التقينا بها فكان هذا الحوار الشيق معها:


* نبارك لك صدور ديوانك الجديد «لأنك استثناء»، ونوّد لو تحدّثيننا عن مناخاته قليلاً، وعمّا يميّز هذا العمل وسط زحمة دواوين الشعر وتسابق دُور النشر في طباعتها. ولماذا هذا العنوان الذي يتّسم بأنه ذو حدّين شعراً وفكراً؟
شكراً لك على التهنئة، سعيدة من القلب لأن الديوان حاز على قدر من الاهتمام، وما هذا الحوار سوى دليل على أن ما أنتجته استحقّ القراءة، والقراءة فيما بين السطور، لذا أشكرك أنا أيضاً على قرار إجراء هذا الحوار معي.
لأنك استثناء: ديوان شعر غزلي – فلسفي – نفسي بعيداً عن أجواء الحروب والتراجيديا الواقعية التي نعيشها. حاولت الغوص فيه في قضايا تُعتبر لبّ الصراعات والتفكّك الذي نعيشه الآن؛ أيّ أنني حاولت بدلاً من الجلوس على الأطلال والتباكي أن أنبش عن الأسباب وأسلّط الضوء عليها؛ علّني أصل إلى هدفي ولو جزئياً.
لأنك استثناء كعنوان تقصّدت ألا أكتبه بأيّ صيغة – مذكّرة أو مؤنّثة – ليكون موجّهاً لكل قارئ يحمل الكتاب بين يديه.
هو إهدائي الصامت بأن قارئ هذه السطور استثناء، كاختزال للكون في شخصه الخارجي والداخلي، من أفكار وعواطف وآراء…

* كثير من الشعراء لديهم الحظّ والوسط الإعلامي، ولكن ليس لديهم (المعجم الفلسفي – النفسي) الذي لديك. كيف تفسّرين ذلك؟

أغلب كتّابنا الحاليين؛ وليس الشعراء فحسب، يكتبون للغة، وبما أننا شعب عاطفي بالأساس فإن لغة العواطف بعيداً عن الفكر الفلسفي النفسي تلقى قبولاً ورواجاً أكثر من نقيضه.
ربما لو حاولنا أن نستخدم اللغة لأجل قضية جوهرية وليس لأجل كسب جماهيرية رقمية وهمية لما قابلنا هذا الكمّ الهائل من النتاج الأدبي الاستهلاكي.
ما يجعلني عكس ذلك هو إيماني أن الكتابة رسالة، ولكي تكون هذه الرسالة فعّالة الغوص في سيكولوجية الجماهير. طبعاً ساعدني على ذلك دراستي الأكاديمية واهتمامي الكبير من الصغر بعلم النفس والفلسفة.


* ألا تشعرين بالإحباط في هذه الظروف الصعبة التي نعيشها في الشرق الأوسط؟ وألا تشعرين أيضاً بالتعب من كتابة الشعر؟
الإحباط في هذا الشرق لم يعد شعوراً، هو مرض أصابنا جميعاً، حتى أنه غدا حالة كالسعادة والحزن يضاف إلى معجمنا، طبعاً هذا آلياً يعكس على نفسيتنا ككتّاب ويجعلنا نسأل أنفسنا: ما الفائدة وسط هذا الخراب؟ وبما أنه يقع على عاتقنا ولو جزئياً مسؤولية المجتمع فإننا أمام كل موجة يأس نقف كصخرة صلدة.


* هل ستعتزلين الكتابة يوماً ما، خاصة وأنك نشرت في صفحتك على الفيس بوك تقوليك: «هل سيمتلك كتّابنا الشجاعة الكافية لكسر أقلامهم عندما يبدؤون بالإيمان أن كلّ ما يكتبونه عبارة عن تكرارات لا أكثر، وأنهم يسبّبون الضرر للأدب أكثر من كونهم يخدمونه؟!»؟
هو سؤال بسيط جداً، جوابه لكل صاحب قلم ضميره حيّ. لكنه صعب جداً أيضاً لكل كاتب تعوّد على الأضواء وأُصيب بمرض «اللايكات». لا مشكلة عندي في اعتزال الكتابة؛ لأنه بالأساس لا يوجد شيء أبدي. متى ما شعرت أني عالة على الأدب والقارئ معاً بإمكاني كسر قلمي بكل سرور؛ لأني على ثقة أنه سيأتي كتّاب حقيقيون آخرون ليكملوا ما بدأته أنا والكتّاب الذين سبقوني.

* من خلال قراءتي لديوانك، لاحظت اهتمامك الكبير بموضوعات فلسفية نفسية واجتماعية، كالبيدوفيليا والبارنويا والسادية والشيزوفرينيا…
لماذا تثيرين هذه الأمراض النفسية المستعصية؟ هل عانيت بعضاً منها؟
الجواب نصفه موجود في السؤال؛ لأنه «مرض»، ولا يمكننا أن نتغاضى عن نيران تأكل بيت جارنا بحجة أن منزله أبعد من منزلنا بمسافة منزلين، متناسين أن هذه النيران عما قريب ستطالنا أيضاً. كل القضية كما قلت سابقاً موجود في العاهات النفسية التي نعيشها، إلا أننا نتكتّم عليها بحجة العيب والشرف والتقاليد، مجازفين بأبنائنا وحتى بأنفسنا على حساب المجتمع الذي بالأساس هو نحن.
أما عن الشقّ الثاني من سؤالك سأختصرها بجملتي التي دائماً أردّدها: كلنا مرضى نفسيون بطريقة أو بأخرى، وبدرجات متفاوتة.

* هل يحميك الشعر من الأمراض النفسية والاجتماعية؟
آمل أن يحمينا الشعر ويساعدنا على تخطّي عقدنا النفسية ويكون معيلاً لنا، كي نكون صوت الآخرين، ولنغيّر ماضيهم وواقعهم؛ لأني لا أكتب لنفسي، ومتى ما تحوّلت أفكاري إلى نتاج أدبي فهذه الأفكار لا أعود صاحبتها بل هي ملك للقرّاء.


* بين مدرسة التحليل النفسي والشعر كيف تسرجين اللغة وتهادنينها؟ وهل يمكن أن تكون القصيدة فراشات شرسة تأبى الانقياد؟
ربما سأكون قاسية وخائنة للشعر عندما أقول: ما الشعر سوى أداتي للغوص في العمق النفسي للإنسان وإخراج ما هو مدفون في اللاشعور إلى الشعور والنور، ولم أفكّر يوماً أن الشعر غايتي.
ومتى ما صببت الفكرة على الورقة فإني أقوم بخلق مخلوق له لغة وروح وفكر وعواطف، ويتحوّل هو إلى كينونة حرّة اسمها «قصيدة»، أعاملها على أنها ندّ لي.


* ماذا تعني لك الكلمات التالية:
* شيزوفرينيا الكون.
* تراجيديا العلاقة بين الرجل والمرأة من خلال فعل العشق كفعل غير عادي تتجاذبه مفارقات الحياة والموت واعتبار أن الألم سادي والشهوة والجرأة رابطان أزليان.
* مجزرة جسد أم روح؟
* بيدوفيليا.
* بارنويا…؟
شيزوفرينيا الكون:
هي الفصامية التي أصابتنا وجعلتنا نُصاب بجنون العظمة، محوّلين الكون إلى ساحة لحروبنا الأنانية الخرقاء.
تراجيديا العلاقة بين الرجل والمرأة من خلال فعل العشق كفعل غير عادي تتجاذبه مفارقات الحياة والموت واعتبار أن الألم سادي والشهوة والجرأة رابطان أزليان:
أولاً الشهوة والجرأة ليسا رابطين أزليين أبداً، هما فقط رابطان في ذهننا ومفهومنا الشرقي حيال الشهوة، وأن مَن يقوم بفعل الشهوة هو جريء.
نحن نعيش في وسط الحب فيه حرام، وفعل الحب جريمة فيما نرى على مرمى منّا، الموت والدم مستباح محلّل في كل مكان، لكن إذا نظرنا للأمر بحياد سنجد أن الكون مُؤسّس على الجنس الذي يعني الشهوة التي تعني الحب، ولولاه لكان الانقراض حليفنا، لكن وبما أننا مخلوقات عدوانية ميّالة للعنف فإننا أصبحنا نصبغ حتى الحب بصبغة عنيفة أو ما يُعرف ب «سادومازوشية».
مجزرة جسد أم روح؟ بيدوفيليا:
مجزرة جسد أم روح؟ هو الوجه الآخر لبيدوفيليا، وهما عملة تباع وتشترى بها الطفولة، لكن الأكثر قبحاً ووقاحة أنها الآن تجد لنفسها طريقاً في العلن وتبحث لنفسها الشرعية لشيء هو بالأساس شذوذ، أيّ مرض.
وهي حالة مستفحلة كالسرطان في مجتمعنا، لكنه سرطان أبكم أصم أعمى.
بارنويا:
هي أنا وربما أنت، والكثيرون من الذين يحملون رسالة في عالم لا يؤمن بالرسل، وبما أنهم مهمّشون فإنهم يخوضون صراع الصدّ والنقد، ومتى كان الرسل مرحّب بتباشيرهم؟!


* هل المحلّلون النفسيون مدينون للشعراء والأدباء؟

لا يُخفى على أحد أن الشعر والأدب نتاج لحظات شعورية فكرية يعيشها الكاتب أو يكون شاهداً عليه في حقبة ما. وبما أننا نتاج تجاربنا، وبما أننا نؤمن أن ما يؤذي الآخر فهو بالضرورة يؤذينا من منطلق إنساني، فالشعر إذن أطلس ضخم ومادة دسمة كي يستفيد منها المحلّلون النفسيون الذين يعيشون أكثر من مائة سنة في الكشف عن الجانب العميق للجبل الجليدي الفرويدي في شخصية كل منّا، وأكبر مثال على ذلك «هاملت» وما توصّل إليه الفرويديون من مصطلح «عقدة أوديب».


كلمة أخيرة لك:

كي نعيش في عالم أكثر عافية – نفسياً – علينا أن نتعلّم كيف نتصالح مع ذواتنا وخيباتنا. ربما آن الأوان أن نتخلّى عن نرجسيتنا وأنانيتنا ونكفّ عن التفكير بأننا مركز الكون يدور حولنا الأفلاك والأجرام.
ما نحن سوى ذرة في هذا الكون الشاسع، لذا من الطبيعي أن نخطئ ونقع، لكن الأهم ألا نؤذي، فلا أحد كامل.
هذا ما أحاول أن أُوصله بقلمي للناس، وما سأواصل إيصاله، طبعاً والوقوف في وجه كل مَن يحاول سلبنا حياتنا وحرّيتنا منّا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.