انتخاب نور الدين شبي كاتبا لنقابة الصيد البحري التقليدي والطحالب البحرية بالجديدة .    المغرب أثبت، تحت قيادة جلالة الملك، قدرته على مواجهة التحديات الأمنية وترسيخ الأمن والاستقرار (رئيس المنظمة الدولية للشرطة الجنائية)    افتتاح فضاء منظم لبيع السمك بميناء الحسيمة لتعزيز الاقتصاد المحلي    القمة العربية ببغداد تدعم ترشيح المملكة المغربية لمقعد غير دائم في مجلس الأمن عن الفترة 2028-2029    بوريطة يعلن من بغداد عن إرسال وفد تقني إلى سوريا لفتح سفارة المملكة بدمشق    هذا موعد المباراة النهائية بين المنتخب المغربي وجنوب إفريقيا    طنجة.. وفاة غامضة لحارس مسن تستنفر المصالح الأمنية    شيكات و550 مليون نقداً.. لصوص يسطون على ودائع شركة بطريقة هوليودية    بيع الماستر والدكتوراه.. تطورات مثيرة وتورط شخصيات وازنة    في طنجة حلول ذكية للكلاب الضالة.. وفي الناظور الفوضى تنبح في كل مكان    الخارجية المغربية تتابع أوضاع الجالية المغربية في ليبيا في ظل اضطراب الأوضاع وتضع خطوطا للاتصال    أخنوش في العيون: انتصارات دبلوماسية وورش تنموي متواصل في خدمة القضية الوطنية    المغرب يتصدر السياحة الإفريقية في 2024: قصة نجاح مستمرة وجذب عالمي متزايد    الأمن الوطني وتحوّل العلاقة مع المواطن: من عين عليه إلى عين له    اعتقال مقاتل "داعشي" مطلوب للمغرب في اسبانيا    ريال مدريد يتعاقد مع المدافع هويسن    نادي إشبيلية يعلن التنقل إلى البيضاء    المالكي يدعو لتقييم الوضع السياسي    الهيئة العليا للاتصال تنذر "ميد راديو"    الملك محمد السادس يبارك عيد النرويج    أمين بنهاشم مدربا رسميا للوداد استعدادا لكأس العالم للأندية    تنسيق إسباني مغربي يطيح ب"داعشي"    السينما المغربية تراكم الإشادة الدولية    منعوت يغيب عن لقاء بركان وسيمبا    طنجة تحتضن أول ملتقى وطني للهيئات المهنية لدعم المقاولات الصغرى بالمغرب    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    شركة "نيسان" تعتزم غلق مصانع بالمكسيك واليابان    جلالة الملك يدعو إلى الوقف الفوري للعمليات العسكرية بالضفة الغربية وقطاع غزة والعودة إلى طاولة المفاوضات    مزبار: المثقف الحقيقي هو من يُعلم الفكر النقدي ويتحمل مخاطرة المواجهة الفكرية    "استئنافية طنجة" تؤيد إدانة رئيس جماعة تازروت في قضية اقتحام وتوقيف شعيرة دينية    وزارة الصحة تنبه لتزايد نسبة انتشار ارتفاع ضغط الدم وسط المغاربة    مجموعة مدارس إحسان بالجديدة تنظم مهرجانا ثقافيا تحت شعار: ''تراث الأجداد بيد الأحفاد'    تدنيس مسجد في فرنسا يثير غضب الجالية    فيلم بين الجرأة والاعتبارات الأخلاقية يعرض بمشرع بلقصيري    بوحمرون يربك إسبانيا.. والمغرب في دائرة الاتهام    الناخبون البرتغاليون يدلون بأصواتهم غدا لانتخاب ممثليهم بالجمعية الوطنية    وكالات روسية: بوتين يستضيف أول قمة روسية عربية في أكتوبر المقبل    إفران تعتمد على الذكاء الاصطناعي للوقاية من حرائق الغابات ومكافحتها    الأميرة للا حسناء تترأس حفل افتتاح الدورة ال28 لمهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة    الفيفا تكشف توقعاتها لمداخيل كأس العالم 2030.. إيرادات غير مسبوقة    مغرب الحضارة: أولائك لعنهم الله لأنهم سرطان خبيث الدولة تبني وهم يخربون.. ويخونون    محمد صلاح مهاجم ليفربول يحدد موعد اعتزاله    الإنتربول يشيد بكفاءة الأمن الوطني ويصفه بالشريك المحوري عالمياً    "السينتينليون".. قبيلة معزولة تواجه خطر الانقراض بسبب تطفل الغرباء    ورشة تكوينية حول التحول الرقمي والتوقيع الإلكتروني بكلية العرائش    افتتاح المعهد الوطني العالي للموسيقى والفن الكوريغرافي عند الدخول الجامعي 2025-2026    رحيل الرجولة في زمنٍ قد يكون لها معنى    معاناة المعشرين الأفارقة في ميناء طنجة المتوسطي من سياسة الجمارك المغربية وتحديات العبور…    الزيارة لكنوز العرب زائرة 2من3    سميرة فرجي تنثر أزهار شعرها في رحاب جامعة محمد الأول بوجدة    الدرهم يرتفع بنسبة 0,4 في الماي ة مقابل اليورو خلال الفترة من 08 إلى 14 ماي(بنك المغرب)    منظمة: حصيلة الحصبة ثقيلة.. وعفيف: المغرب يخرج من الحالة الوبائية    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بارتفاع    بمناسبة سفر أول فوج منهم إلى الديار المقدسة ..أمير المؤمنين يدعو الحجاج المغاربة إلى التحلي بقيم الإسلام المثلى    فتوى تحرم استهلاك لحم الدجاج الصيني في موريتانيا    دراسة: الإفراط في الأغذية المُعالجة قد يضاعف خطر الإصابة بأعراض مبكرة لمرض باركنسون    أمير المؤمنين يوجه رسالة سامية إلى الحجاج المغاربة برسم موسم الحج لسنة 1446 ه    رفع كسوة الكعبة استعدادا لموسم الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما الأدب؟!
نشر في طنجة الأدبية يوم 31 - 03 - 2009

قال أبو عثمان عمر بن بحر الجاحظ أن الحكماء أجمعت على أن العقل المطبوع والكرم الغريزي لا يبلغان غاية الكمال إلا بمعاونة العقل المكتسب، ومثلوا ذلك بالنار والحطب، و المصباح والدهن، وذلك أن العقل الغريزي آلة، والمكتسب مادة، وإنما الأدب عقل غيرك تزيده في عقلك.
ويقول الكاتب أحمد عبدالغفور عطار :"إن تعريف الأدب في أقرب حالاته هو التعبير الجميل عن تجارب الشعوب بوساطة الكلمات وهؤلاء الذين لا يميزون بين الأدب وغيره يحاجون بأن الأدب تعبير بوساطة الكلمات، وما يقرأونه كلمات معبر بها عن شعور.."
لنتريث قليلاً ونسأل .. ما الأدب؟!
قيل " الأدب نقدٌ للحياة" ..
كيف يكون الأدب نقداً للحياة ..؟!
أو كيف يصبح الأدب نقداً للحياة ..؟!
إن كلمة "نقد " Criticism، في هذه المقولة تستخدم بمعناها الاشتقاقي فهي مأخوذة من الفعل اليوناني "Crino" ومعناها يميز " وقد عرف كروتشه دائرة النقد على أنها "تميز" وتبين بالضبط أن يكمن الحافز الشعري..
ومن هنا نجد أن كلمة النقد الأوروبية معناها إذن هو تمييز العناصر المكونة للشيء الذي نقوم بنقده، وليس معناه الأصلي تقييم ذلك الشيء والحكم بجودته أو رداءته فالأسس والمقاييس النقدية ليست قواعد دقيقة، ولا هي قوانين مضبوطة، وإذا كان هناك مجال للتقييم، فإنه يأتي تابعاً للتمييز بين العناصر المختلفة، ووصف أو تحليل كل عنصر وتحديد أهميته في النسيج العام..
إن الموقف الذي يجابه الناقد الحديث من النص الأدبي موقف عسير للغاية..،وخصوصاً "النصوص الشعرية" إذ يجد نفسه مرتبكاً ومضطرباً وحائراً بين المدارس النقدية المختلفة ذات الاختلافات الجوهرية بالنسبة لمفهوم الشعر وطبيعة مهمة النقد.
فهو يسأل نفسه هل ينساق وراء أصحاب المذهب العاطفي فيعبر عن أحاسيسه المختلفة فالتي تنعكس عليه من قراءة النص الشعري، ويصف للقارئ هذه الأحاسيس ومدى تأثره بالنص الذي قرأه، أم يتبع أصحاب النقد التاريخي فيسعى وراء بيئة الشاعر وعصره ويهتم بالأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي صاحبت مولد الشاعر وواكبت حياته؟ أم ترى ذلك الناقد يلجأ إلى المدرسة النفسية فيركز اهتمامه في الشاعر نفسه، ينقب في ماضيه ويفتش في ثناياه عن الصدمات التي أصابته، والعقد التي ارتبطت بها حياته، أو التي كانت مستخفية في ذاته، و يحاول أن يعيش مع الشاعر في تجربته اللاواعية في أثناء عملية الإبداع الفني، ويصف مراحلها ودقائقها، ويحاول كذلك أن يربط بين البناء الشكلي للأثر الفني والرموز التي تقابلها في نفس الفنان؟
أم ترى ذلك الناقد يتابع المدرسة الجمالية في النقد فيعالج النص الشعري بقضايا علم الجمال ومقاييسه ويجرده من حالته وحالة الشاعر النفسية، ويزنه بالميزان الجمالي فيبحث عن الإنسجام والتوافق والترابط والأخلية والصور ثم الألفاظ والموسيقى..
أم أن ذلك الناقد يعود إلى المدرسة الكلاسيكية فيحصر اهتمامه في سقطات الشاعر النحوية واللغوية ويتتبع خروجه عن المعيارية العروضية وعدم مراعاته للزحافات والعلل وقد يجد له معنى سبقه إليه شاعراً آخر فيتهمه بسرقة ذلك المعنى ويأخذ في المقارنة بين هذا وذاك؟
والحق أن أقدر النقاد والمتخصصين في إطار المدرسة الكلاسيكية هم الذين يستطيعون أن يميزوا بين ما هو استيحاء أو توارد للخواطر، أو استعارة للهياكل وبين ما هو منتحل..
المهم بعد هذه الحيرة التي تواجه الناقد أمام تلك المدارس النقدية وغيرها المتعددة الاختلافات.. يصل إما إلى المزج بينها جميعاً ويكون منهجاً تأويلياً كاملاً على حد تعبير سيد قطب، أو يقنع بتوضيح النص وتعزيزه بالمكملات اللازمة له من حواشي وهوامش، ويصير بهذا ناقداً مهمداً كما وصفه الناقد "إدموند ولسن" أي أنه يقوم بمهمة تعريف ا لقراء بمضمون ما ينقده وتجاه من ينقده دون أن يتدخل بقلمه إلى أبعد من ذلك..
كيف ننقد الأثر الأدبي؟؟
سؤال ويبدو أنه حتمياً وهو "كيف ننقد الأثر الأدبي؟!
إن نقد الأثر الأدبي في بدايته ونهايته يرتكز على محورٍ واحد هو "الذوق"..
الذوق ملكة مركبة من العاطفة والعقل والإحساس ، يقول دريدرو بأنه – أي الذوق – قوة مكتسبة بالتجارب المتكررة، بها يتيسر فهم الحق أو الخير في حالة يصير بها كلاهما جميلاً، بحيث ينتج به التأثير السريع القوي.."
إذن الذوق هو المرجع النهائي في كل محاولة نقدية، وإنما الخوف من تحكيمه هو عندما نجعله ستاراً لعمل الأهواء التحكمية، أو عندما يكون ذوقاً غفلاً لم تجتمع فيه الدربة إلى الطبع" ، والذوق الذي يعتد به هو ذوق ذوي البصر بالشعر، والسبب هو قدرتهم على تعليل الكثير من أحكامهم، وفي التعليل ما يجعل من الذوق وسيلة مشروعة من وسائل المعرفة، و إن كنا لا ننكر "أن من الأشياء أشياء تحيط بها المعرفة ولا تؤديها الصفة" على حد قول اسحاق الموصلي كما نؤمن بأنه "لن ينتفع بالنظر، إلا من يحس التأمل ومن إذا تأمل علم ومن إذا علم أنصف"
وهناك ثلاث قضايا مميزة، نجدها قائمة في فلسفة النقد الانطباعي، وهي:
1- أكثر الأدوات ضرورة، أو الأداة الوحيدة الضرورية لناقد هي حساسيته، يقول "بارتر" صاحب البيان الكلاسيكي في مقدمة كتابه "دراسات في عصر النهضة".. ليس من الهام أن يتملك الناقد تعريفاً محدداً صحيحاً وعقلياً للجمال، وإنما نوعاً معيناً ن التعبير، مع القدرة على أن يستثار استثارة عميقة أمام الموضوعات الجميلة..".
ويقول وايلد " التعبير هو أول احتياجات الناقد الأساسية – فالتعبير هو سرعة التأثر بالجمال".
2- بما أن الفنان نفسه أكثر الناس استجابة للانطباعات الجمالية، فهو الناقد الوحيد المرخص له بالنقد..، وقد شكا ويسلر من رسكين: "أنا لا أعترض على النقد حين يكون مؤذياً، ولكن حين يكون قاصراً أيضاً وأعتقد أن الفنان وحده هو النقاد الكفء ولا أحد غيره..".
ويقول المسترليويس، صحيح أن التفكير السليم لا يتعرف عليه إلا مفكر جيد، ولكن من غير الصحيح أن الطبخ الجيد لا يمكن أن يعرفه إلا طباخ جيد..
فالشعر يبدو نموذجاً للإنتاج – هو مثل التفكير من ناحية ومثل الطبخ من ناحية أخرى – يقدم على الأقل مقاومة كبيرة ضد نظرية أن الشاعر وحده يمكن أن يكون ناقداً..
3- الناقد الجيد هو بفضل نقده ذاته فنانٌ حق .. أو هو أفضل الفنانين إطلاقاً..
بعد هذا نحاول أن نضع وسيلتين افتراضيتين، بغير اعتبارهما معياراً أو مقياساً وإنما في حالة الخوف من تحكيم الذوق:
• الوسيلة الأولى:
أن يكون لدينا نص أدبي لا نعلم عن صاحبه شيئاً، ولا عن العصر الذي قيل فيه، فنسلك إلى اكتشافه الطريقة التالية:
نرد النص إلى عصر من العصور ومعرفة المقدار الذي به ينطبق النص على ذلك العصر، أو إخراجه منه، وعندما يتعين لنا أن ذلك النص أنه لعصرٍ ما، نأخذ في التنقيب عن الإرشادات التي تدل على صاحبه، وذلك بحصر خصائصه شيئاً فشيئاً، وبعدئذ نقدر قيمته حسب الطريقة التي نسلكها وهذه الطريقة ليست مدرسية، بل هي صعبة تقتضي ثقافة أدبية شاملة وإطلاعاً دقيقاً على ميزة كل عصر، وأي أديب ودراية بدلالات الألفاظ والجمل و روائح الزمن، والشخص تلك التي تؤميء إلى الأديب المعني وتعنيه..
• الوسيلة الثانية..
وهذه الوسيلة مدرسية ودقيقة إذا استخدمها الناقد وصل إلى بغيته، وهي كالتالي:
-البدء بتحليل القطعة أو النص إلى محطات فكرية، أي إلي مواقف المؤلف، أو هيكلها العضوي، ثم اختيار عنوان للقطعة بجمع خصائصها وإدراك وزنها إن كانت شعراً، و ميزة ذلك الوزن، ثم نقوم بنقد الألفاظ المفردة من جهة الفصاحة والصرف، ونقد الجمل جهة البلاغة والنحو، وتبيان ما فيها من فكرة، وعاطفة، وخيال وموسيقى، و نسبة أسلوبها إلى مدرسة من المدارس الأدبية ومن وراء ذلك الأسلوب للتعرف إلى دخيلة صاحبها، ثم التحدث عن قائلها.. حياته، ثقافية، تميزه، ظروفه، عصره، بيئته خصائص شعره أثاره، قيمته الفنية، وهل هو أديب محدود الأثر في إطار من البيئة والشعب والعصر، أم أنه عالمي يتخطى حدوده إلى أدب الإنسانية عامةً، ولا يبقى بعد ذلك سوى الرد على ثلاثة أسئلة:
• ما قصد الأديب؟
• ما وسيلته؟
• هل و صل إلى غايته؟
أخيراً أضيف شيئاً مما قاله الناقد جوستان لانسون في مقاله عن منهج دراسة الأدب .."إننا نسعى إلى تحديد أصالة الأفراد، أي الظواهر الفردية التي لا شبيه لها ولا تحديد، ولكن مهما يكن الأفراد من العظمة والجمال، فإن دراستنا لا يمكن أن تقتصر عليهم، وذلك أولاً لأننا لن نعرفهم إذا لم نرد أن نعرف غيرهم، فأمعن الكتاب أصالة إنما هو إلى حد بعيد راسب من الأجيال السابقة وبؤرة للتيارات المعاصرة، وثلاثة أرباعه مكون من غير ذاته، فلكي نجده هو في نفسه – لابد أن نفصل عنه كمية كبيرة من العناصر الغريبة، يجب أن نعرف ذلك الماضي الممتد فيه، وذلك الحاضر الذي ت سرب إليه، فعندئذٍ نستطيع أن نستخلص أصالته الحقيقة وأن نقدرها ونحددها، ومع ذلك فلن نعرفه عن تلك المرحلة إلا معرفة احتمالية، ثم إن الخصائص التي تميز العبقرية الفردية ليست أجمل ما في تلك العبقرية وأعظم لذاتها، بل لأنها تحمل في حناياها الحياة الجماعية لعصر أو هيئة، وترمز لها أي تمثلها.
ومن ثم وجب علينا أن نحاول معرفة كل تلك الإنسانية التي أفصحت عن نفسها خلال كبار الكتاب، كل تلك التضاريس الفكرية أو العاطفية الإنسانية أو القومية التي يرشدوننا إلى اتجاهاتها وقيمها.."


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.