بنخضرة: خط أنبوب الغاز الإفريقي الأطلسي يجسد الرؤية الملكية الاستراتيجية من أجل إفريقيا أكثر اندماجا    حزب الاستقلال يطلق "إعلان السمارة" وبركة يؤكد حسم قضية الصحراء المغربية سنة 2025    الأصالة والمعاصرة بين دعوة النزاهة وتثبيت الصورة السياسية    "الجمعية" تستنكر قرار منع وقفة احتجاجية أمام مستشفى طاطا    بنخضرة: خط أنبوب الغاز الإفريقي الأطلسي يجسد رؤية الملك للاندماج الإفريقي    مطارات أوروبية لازالت تعاني صعوبات في برمجة رحلات الأحد بعد هجوم سيبراني    المغرب يعتمد فيزا إلكترونية مؤقتة على دول كالجزائر والغابون والسنغال وتونس لحضور كأس إفريقيا    رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم 'جياني إنفانتينو' يزور الملعب الكبير لطنجة    نادي ليفربول لكرة القدم النسوية ينعى مات بيرد    إسرائيل تعيد إغلاق معبر الملك حسين    زخات رعدية مصحوبة بهبات رياح مرتقبة اليوم الأحد بعدد من مناطق المملكة (نشرة إنذارية)    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الإثنين    عملية بئر لحلو.. إنزال عسكري مغربي مباغت يربك "البوليساريو" ويفضح تورطها مع شبكات التهريب    عضو في حكومة القبائل يكتب عن فضيحة فرار الجنرال الجزائري ناصر الجن    أخنوش: أتفهم أن هناك من يريد استثمار وجود هذه الحكومة لحل جميع المشاكل بشكل آني ومستعجل وسنحاول ذلك قدر المستطاع    اختبار صعب لبركان أمام كارا الطوغولي وسهل نسبيا للجيش الملكي ضد بانجول الغامبي    المنتخب المغربي ل"الفوتسال" يهزم الشيلي 5-3    بريطانيا والبرتغال تستعدان للاعتراف رسميا بدولة فلسطين قبل قمة الأمم المتحدة    حملة استباقية لتنقية شبكات التطهير السائل استعداداً لموسم الأمطار    المضيق-الفنيدق تطلق ورشات مواكبة لحاملي المشاريع الشباب في إطار برنامج 2025 للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية    نشرة إنذارية.. زخات رعدية مصحوبة بهبات رياح مرتقبة اليوم الأحد بالمغرب    الصويرة: نساء من المغرب وخارجه يطلقن نداء دوليا من أجل السلام    الدرك الملكي بالواليدية بحجز معدات كانت معدة لاستعمالها في عمليات مشبوهة    "اقطيب الخيزران" تدشن موسمها الفني بمسرح المنصور بالرباط    استخدام الهواتف الذكية يهدد الأطفال بالإدمان    فريق يتدخل لإنقاذ شجرة معمرة في السعودية    نقابة: لن نقبل بالتفريط في مصالح البلاد وحقوق العمال بشركة سامير    بطولة إنكلترا: ليفربول يحافظ على بدايته المثالية ويونايتد يعبر تشلسي    ميلوني تأمل حكومة فرنسية محافظة    اتحاد طنجة لكرة القدم الشاطئية ينهي المرحلة الثانية بانتصار ثمين ويحافظ على صدارة الترتيب    جريمة قتل تهز جماعة العوامة ضواحي طنجة إثر شجار دموي    رئيس "الفيفا" يعاين تقدم أشغال ملعب طنجة الكبير ويُشيد بالكفاءات المغربية            اضطرابات في مطارات أوروبية بسبب خلل إلكتروني أصاب أنظمة تسجيل الركاب        بورتريه: أندري أزولاي.. عرّاب التطبيع الصامت    الشرادي يتغنى بالصحراء المغربية في قلب موريتانيا    "الغد كان هنا" منجية شقرون تقيم معرضا شاعريا بين الذاكرة والضوء    المقاطعة الثقافية لإسرائيل تتسع مستلهمة حركة مناهضة الفصل العنصري    "على غير العادة".. بريطانيا تفتح المجال لتجنيد جواسيس حول العالم بشكل علني    الانبعاثات الكربونية في أوربا تبلغ أعلى مستوى منذ 23 عاما (كوبرنيكوس)        وزير خارجية الصين: المغرب كان سبّاقاً لمدّ الجسور معنا.. وبكين مستعدة لشراكة أوسع وأعمق        دراسة.. النحافة المفرطة أخطر على الصحة من السمنة    قيوح يجتمع بنظيره الدنماركي لتعزيز شراكة تتعلق بالنقل البحري    انفصال مفاجئ لابنة نجاة عتابو بعد 24 ساعة من الزواج    بورصة البيضاء تنهي الأسبوع بارتفاع    الرسالة الملكية في المولد النبوي    مساء اليوم فى برنامج "مدارات" : صورة حاضرة فاس في الذاكرة الشعرية    تقنية جديدة تحول خلايا الدم إلى علاج للسكتات الدماغية        تسجيل 480 حالة إصابة محلية بحمى "شيكونغونيا" في فرنسا    الذكاء الاصطناعي وتحديات الخطاب الديني عنوان ندوة علمية لإحدى مدارس التعليم العتيق بدكالة    مدرسة الزنانبة للقرآن والتعليم العتيق بإقليم الجديدة تحتفي بالمولد النبوي بندوة علمية حول الذكاء الاصطناعي والخطاب الديني    رسالة ملكية تدعو للتذكير بالسيرة النبوية عبر برامج علمية وتوعوية    الملك محمد السادس يدعو العلماء لإحياء ذكرى مرور 15 قرنًا على ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في الحاجة لقراءة خطرة تنقذنا من أدب الذوق العام
نشر في العلم يوم 19 - 10 - 2009

لم يزل سؤال الكتابة مكشرا عن حرابه الصقيلة، بما يستنفر من أوردة الأدب الحديث، مدرارا من الجراح؛ لنسَّاءل: هل نحن من يكتب أم آخرون سبقونا بما لا يمحي من مواطئ الأقلام؛ وما ذلك إلا بسبب ما بات ينزحم في النص الوحيد (شعرا كان أونثرا) من صيغ وتراكيب أسلوبية تحسبها تتجمَّل أمام ذات المرآة الاستعارية بسبب ما يختمرها من تشابه تحت يافطة الحداثة؛ ونكاد نجزم أن ثمة إرثا جماليا، غدا كل من يلج تراكمه الأدبي بأقلام الكتابة، ينسحق حد الذوبان تحت تأثيره الكيميائي دون أن ينعم بالاختلاف؛ لنعود بتباريح القلق الى السؤال الجوهري؛ كيف يَكُونُ الكاتب ذاته وهو يمخر في غمر ذائقة جمالية تكاد تصير من فرط هيمنة حساسيتها، ذوقا جماليا عاما عند حملة القلم؛ إن هذا الخمول العارم في القلب الأدبي، أحوج، ليس فقط الى خلخلة على الايقاع الهادئ لغربال النقد، إنما إلى صعقة كهربائية ماهي في الحقيقة إلا تلك القراءة التي استحضرها الكاتب الفرنسي «جونتان ليتل Jonathan Littel»؛ القراءة التي يدعونا الى فتنتها موريس بلانشو»؛ جريئة وخطرة في ذات الآن؛ كما أنها قراءة راقصة ، مرحة ومدلهة؛ بل تعتبر جوهريا، مؤسسة للعمل، في خضم
لااكتراثية بلانشو ذاتها؛ وأول شيء يمكن قوله عن هذه القراءة، أنها غير منفصلة عن مبدإها في الكتابة بما هي تجربة؛ وهنا يكتب «موريس بلانشو» في نصه الجميل «نشيد الحوريات» المتضمن في كتابه الشهير «الكتاب القادم le livre avenir»؛ أن الحكاية ليس ما ينتسج عن علاقة الحدث، إنما هي الحدث نفسه؛ ويمضي جونتان ليتل في نصه المستقرئ لبلانشو والمنشور في «لوفيغارو ليتيرير»، ليجزم أن الكتابة لا تصف، لاتحكي؛ لا تدل إنها لاتجسد شيئا موجودا في عالم الانسان، وفي عالم الخيال؛ الكتابة لا تعدو أن تكون صورة لتجربتها؛ هكذا يلتزم الكاتب بما يحدث اللحظة؛ لحظة يغدو مأسورا بلذة الكتابة، فيجلس أمام ورقة بيضاء، ليشرع في مهرها باللغة.
ولاشيء سوى النص ما ينتج عن هذه التجربة (قصيدة، حكاية، رواية) سواء كان النص مجردا من المعنى، أو مُخْترَقاً بعناصر تتواشج مع واقع الحياة؛ أو بالأحرى فإن هذه العناصر تشتغل بالطريقة التي يسميها فرويد؛ المحتوى يكشف أحلاما؛ ويمكن إضاءة هذا الايحاء الفرويدي، بالقول إن هذه العناصر تتدثر في بهرج الواقع كي تكشف وتحجب في ذات الآن حقيقتها و تجربتها أيضا؛ كذا الشأن بالنسبة للكتابة ، فهي على علاقة بالحقيقة، ليس على نمط المعرفة؛ لأن الكتابة الأدبية لا تشرح،، ولا تُعَلِّم، إنها تمنح فقط الحضور لسرها وتجربتها الخاصين في غياب أي توضيح؛ فأن تقرأ هو أن تتموضع أنأى من الإدراك (كتب بلانشو) الذي يعتبر أن القراءة هي الحرية التي لا يمكنها إلا أن تقول لنا نعم؛ فالكتابة تعني للمؤلف (وليس القارئ) عطلة، كما تمكنه من القبض على هذه اللغة الوافرة؛ ولكن أبدا لن تكون ما تكتبه، حتى لو لم تكتب إلا من أجل المعرفة؛ إنها حكمة محتومة لايستطيع الكاتب الهروب من براثنها الشرسة؟ لنقل إن الكاتب هو من يسكن إلى الآخر في عمله؛ لهذا، ربما كتب أفلاطون كمن يسخر من نفسه في الرسالة الثانية: «ليس ثمة من عمل لأفلاطون، ولن يكون له...»؛
بل إن أفلاطون يزيد من حلكة سخريته السوداء إذ يجزم أن كل ما يأتيه من عمل هو لسقراط الشاب؛ هذا السقراط الذي بتنا نعرفه جيدا لأن أفلاطون حدثنا عنه، والذي لم يكتب أبدا؛ لقد كان في غاية الحذر من الأداة الواهنة التي هي اللغة؛ ليبقى أفلاطون هو المؤلف الحقيقي لرسائل سقراط ...
لنقل ، ونحن نستحث الحواس على يقظة قرائية بدرجة عالية من الجرأة، إن الكثير من الأدب اليوم (شعراً ونثراً) بما راكم من جماليات لا أحد يحرك ساكنها بقلق السؤال، قد أسس ما يشبه سلطة الناموس التي بلغ تأثيرها السحري، حد خلق ذوق قطيعي عام يحض على الاتباع وليس الابداع...!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.