عاد أحمد الريسوني الرئيس السابق لاتحاد علماء المسلمين، والرئيس الأسبق لحركة التوحيد والإصلاح، إلى تثبيت وصف "التخلف السحيق" على وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وقال إن التخلف في هذه الوزارة مقدس وله حراسه. وفي خضم شرحه مقصوده بالتخلف السحيق والفرق بينه وبين التخلف، لفت الريسوني إلى أن التخلف لدى الدول يشار إليه ب"الدول النامية"، والتخلف في المغرب يشار إليه ب"الانتقال الديمقراطي".
وأكد الريسوني وجود كثير من الزوايا والقضايا في وزارة الأوقاف تعاني من وطأة "التخلف السحيق"، وهو التخلف الذي يعتبره حراسه تخلفا مقدسا، تجب حمايته ولا ينبغي المساس به، ومن أمثلته عزل رئيس المجلس العلمي المحلي بمدينة فجيج، والطريقة التي تم بها ذلك. وفي معرض تفصيله في معنى التخلف والتخلف السحيق، اعتبر الريسوني أن القول فيه كالقول في الجهل والجهل المركب.. فالتخلف يَعرف صاحبُه -ويعترف- أنه متخلف، ويسعى إلى تجاوز هذا التخلف، ولذلك أطلقوا على الدول المتخلفة وصف "دول نامية"، أو "في طريق النمو". وفي المغرب تُستعمل عبارة "الانتقال الديموقراطي". التي تفيد أننا في طور الانتقال إلى دولة ديموقراطية، وسائرون في طريقها. وهذا ما تشير إليه أيضا أول عبارة في الدستور المغربي، وهي: "إن المملكة المغربية، وفاء لاختيارها الذي لا رجعة فيه، في بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون...". وأضاف "فهذه هي صيرورة الانفكاك التدريجي من ربقة التخلف.. وهي صيرورة تتطلب كفاحا طويلا على جبهات شتى.. ويبقى من المهم أن يكون الجميع متفقين –ولو مبدئيا– على ضرورة الانتقال والانفكاك". أما في نطاق وزارة الأوقاف، يضيف الريسوني، "فتوجد كثير من الزوايا والقضايا تعاني من وطأة "التخلف السحيق"، وهو التخلف الذي يعتبره حراسه تخلفا مقدسا، تجب حمايته ولا ينبغي المساس به.. من أمثلته هذا النموذج المتحدث عنه في هذه الأيام، وهو عزل رئيس المجلس العلمي المحلي بمدينة فجيج، والطريقة التي تم بها ذلك". وزاد "هذا العزل –وله نظائر كثيرة في عزل رؤساء وأعضاء المجالس العلمية، وفي عزل خطباء الجمعة – تم بطريقة موغلة في الاستبداد. وهي طريقة لم يعد لها وجود في أي وزارة أو مؤسسة مغربية أخرى، ولا حتى في القطاعات الخاصة..". وفي سرده لمظاهر التخلف السحيق في قرار الوزير الذي تضمن مادة فريدة فقط، أن القرار اتخذه الوزير لا غير؛ فعنوانه "قرار لوزير الأوقاف والشؤون الإسلامية. وفي نصه: وزير الأوقاف... قرر ما يلي..". ومثل هذا التصرف الانفرادي، يضيف الريسوني، لم يعد له وجود في الإدارات والمؤسسات المغربية، باستثناء وزير الأوقاف. وسلط الريسوني الضوء على التناقض بين نص القرار الذي فيه أن من اتخذه هو الوزير نفسه، وتصريح مصطفى بنحمزة رئيس المجلس العلمي الجهوي، الذي قال إن "المجلس العلمي الأعلى هو من اتخذ قرار العزل". وهو ما يجعل هذا البيان بدوره يحتاج لبيان. كما أشار الريسوني إلى أن القرار خالٍ تماما من أي تعليل أو تسبيب أو تفسير، ولو بالإشارة إلى المؤاخذة أو المؤاخذات المقتضية لقرار الإعفاء. وكل ذلك يتجاوز التخلف، إلى التخلف السحيق. واعتبر أنه لو كان السبب الحقيقي للعزل هو الغياب، لوجب عزل كافة المتغيبين بغير عذر، وقد ذكرهم رئيس المجلس الجهوي، في بيانه الشفوي. وختم الريسوني كلامه بأن "الوزير أحال في اتخاذ قراره على الظهير المنظم للمجالس العلمية، ولكنه لم يذكر أي مادة وأي فقرة هي مستنده؟ وهذا كما لو أن قاضيا أصدر حكمه قائلا: بناء على القانون الجنائي، أو بناء على مدونة الأسرة..؟؟".