مما لا شك فيه ان كل ردة فعل مجتمعية تكون مصاحبة بمبادرة تشريعية، وهو ما يظهر بجلاء دهاء المقنن في تجاوز كل ما قد يؤثر على النظام العام، ولئن كان التشريع بمثابة ردة فعل طبيعية على كل فعل، فإن هذا التدخل لا يخلو من العديد من الزلات تجعل من اجتهاده عرضة للنقد ومشروع تصويب وتنقيح، وهذه الاخيرة تعكس ما يقدم عليه المقنن المغربي بمناسبة وضعه لأول مرة التشريع الذي يعنى بالتامين من المسؤولية عن الحوادث. ويبدو أن المسؤولية نتيجة حتمية للعلاقات بين الأفراد؛ فكلما تعرض أحد الأشخاص للضرر الا والتزم الآخر بإصلاحه، وعليه ينبغي فهم المسؤولية على أنها ردة فعل السلطة القضائية على سلوك يعتبر غير مشروع في نظر القانون، أي سلوك مخالف لمتطلبات الالتزام القانوني ويشكل فعلاً غير قانوني، وبالتالي فإن المسؤولية ستسمح للقانون أن ينسب عواقب الفعل غير المشروع، بحيث يحول الأخير العلاقة الواقعية إلى علاقة قانونية ، من خلال إقامة حق والتزام وجهاً لوجه. ويقدم اليوم التأمين بشكل عام والتأمين على المسؤولية بوجه خاص نفسه كواحد من أحدث التأمينات واكثرها تعقيدًا، بحيث أصبح السؤال مطروحًا حول ما إذا كان بإمكاننا تصنيف هذا النشاط في نطاق التأمين بحد ذاته، اذ على الرغم من نجاحه في بدياته فانه لم يكتسب هويته على الفور فكان لا بد من الدفاع عنه خلال هذه المرحلة الى ان انتهت هذه الاخيرة باكتسابه هوية تميزه عن بعض الصور من التأمين الأخرى. ولئن كان هناك اتفاق على أن التأمين قديم واصوله تعود إلى القانون الروماني، فإنه بخصوص ظهور هذا النوع من التأمين ولحدود الان لا يوجد اجماع فقهي حوله ولو ان البعض يرجع ظهور في اواخر القرن 19 وبداية القرن 20، الا انه سيكون من الخطأ الاعتقاد بأن شركات التأمين من المسؤولية ابتكرت تقنياتها من الصفر؛ بل استفادوا من خبرات سابقة وبنوا أسلوبهم الخاص تدريجياً؛ ففي العصر الوسيط نشوء التأمين كان مطلبا مهما نظرا لان الحاجة للأمن متزايدة وايضا لتراجع مفهوم التكافل الأسري. لا يخفى اليوم على المهتمين بالشأن القانوني اهمية التأمين ودوره في ترسيخ مفهوم الضمان سيما في اطار المسؤولية المدنية، بل واكثر من ذلك يعتبر الفقه التأمين بمثابة حجر الزاوية الذي اصبح يقوم عليه ما يسمى بالمسؤولية الموضوعية في المغرب، ولئن كانت المخاطر تهدد وجودنا فإنه من الممكن التخفيف من حدتها واثارها، ومن الملاحظ ان الاضرار التي اصبحت تحدثها المركبات ذات محرك بري نظرا لكثرتها اصبحت تشكل تهديدا حقيقيا لحياة المواطنين، ولعل ما يدل على ذلك هو كثرة الملفات من هذا الصنف المعروضة على انظار القضاء، اما على مستوى التأطير القانوني نجده يمتاز بالشتات بين الظهير القاضي بتعويض المصابين في حوادث تسببت فيها عربات برية ذات محرك، وبين قانون الالتزامات والعقود وايضا مدونة التأمينات. ولعل المقال الماثل امام القارئ يندرج في إطار موضوع التأمين من المسؤولية عن حوادث السير، حيث سنحاول استقراءه من زاوية المتغيرات التشريعية التي طالت الاستثناءات من الضمان وبالتحديد الشق المتعلق بحالة السكر، اي تلك الحالة التي يتسبب فيها سائق السيارة بأضرار عمدية او غير عمدية، حيث سيتم تناول نقطتين مهمتين الاولى تتعلق بنطاق الضمان بين ماضي الشروط النموذجية وواقع مدونة التأمينات، على ان نتناول في النقطة الثانية الجهة المعنية بالضمان ما إذا كانت شركة التأمين ام صندوق ضمان حوادث السير.
اولا. نطاق الضمان في حالة السكر بين ماضي الشروط النموذجية وواقع مدونة التأمينات الجديدة لعل العمل التشريعي دائما ما كان مثالا يحتذى به في عدم الاستقرار وايضا عدم الثبات على موقف معين مدفوعا بغايات معينة، وان افترضنا حسن نية سنجزم انه يتدخل لحماية المتضررين من الاضرار تحدثها المركبات ذات المحرك البري. فبالنسبة لموقف المقنن؛ من استثناءات الضمان، يمكن ان تكون استثناءات قانونية (ا) او اتفاقية (ب). ا- الاستثناءات القانونية المقصود بها تلك الاستثناءات التي وضعها المقنن وذلك بنص قانوني، الا انه قبل الشروع في تعدادها يجب نحيط بتلك التي كانت مضمنة في الشروط النموذجية الصادرة بموجب قرار وزاري اذ بان الظرفية التي كان فيها قانون التأمين القديم هو الجاري به العمل قبل سنة 2002، حيث تعددت الصور التي تخرج عن نطاق الضمان المشمول بالتأمين في مقدمتها حالة السكر. فالملاحظ ان ادراج حالة السكر ضمن الاستثناءات في السابق كان من بين اهم المسائل التي دفعت المهتمين بالشأن القانوني من باحثين وممارسين التعبير عن امتعاضهم من هذا المقتضى نظرا لعدم حمايته للمتضررين، بل يفتح المجال امام شركات التأمين من اجل التهرب من الضمان والتحجج ان السائق كان في حالة سكر من اجل تملصها من الضمان، وتلتمس في العديد من الصور اخراجها من الدعوى او تلتمس احتياطيا اجراء خبرة للتأكد ما اذا كان في حالة سكر من عدمه، سواء كانت مدخلة في اطار الدعوى المدنية التابعة او في اطار المسؤولية التقصيرية وفق قواعد القانون المدني. وعليه فالغاية من الابقاء على هذا الاستثناء لم تكن ذات قيمة مادامت انها حرمت العديد من المصابين من حقوقهم في اقتضاء تعويض بطريقة ميسرة وداخل اجال معقول، لذلك لاحظنا ان المقنن المغربي وبمقتضى المدونة الجديدة قد عمل على نسخ جميع القرارات والظهائر والمراسيم التي كان معمولا بها في السابق وذلك بموجب المادة 333 من القانون رقم 17.99 المتعلق بمدونة التأمينات، حيث نصت على ما يلي '''' تنسخ جميع الأحكام المخالفة ولاسيما أحكام:... غير أن النصوص المتخذة لتطبيق الظهائر والقوانين والقرارات السالفة الذكر تظل سارية المفعول ما لم تتعارض مع أحكام هذا القانون إلى أن يتم نشر النصوص التنظيمية المتخذة لتطبيقه.'''' وعليه، فان حالة السكر لم تعد بموجب القانون 17.99 المعتبر بمثابة مدونة التأمينات من بين الاستثناءات، نظرا لنسخ الشروط النموذجية العامة المنصوص عليها بمقتضى القرار الوزيري المؤرخ في 1965/1/25، وقد حسمت محكمة النقض في هذا الامر في أحد النوازل المعروضة على انظارها في القرار عدد 334 الصادر بتاريخ 25 يناير 2011 في الملف المدني 3537/1/7/2009 حيث نصت على ما يلي ('''' لكن، حيث إن الحادثة وقعت بتاريخ 2002/12/6 أي بعد دخول المدونة الجديدة للتأمينات حيز التطبيق في 2002/11/7. وحيث إن المادة 124 من هذه المدونة نصت على الاستثناءات من التأمين والتي ليس من بينها أصول وفروع المؤمن له، وأن المادة 333 من نفس المدونة نصت صراحة على أن النصوص المتخذة لتطبيق الظهائر والقوانين والقرارات السالفة الذكر تظل سارية المفعول ما لم تتعارض مع أحكام هذا القانون إلى أن يتم نشر النصوص التنظيمية المتخذة لتطبيقه، بما يعنيه ذلك من تعارض استثناء الأصول والفروع من التأمين بمقتضى الفصل 14 من الشروط النموذجية العامة المنصوص عليها بمقتضى القرار الوزيري المؤرخ في 1965/1/25، والذي ظل ساري المفعول مع المدونة الجديدة للتأمين لاسيما المادة 124 منها، وبالتالي استبعاده من التطبيق، ومن ثم يبقى أصول الهالك المطلوبين في النقض مستفيدين من الضمان، والقرار المطعون فيه عندما قضى لهما بالتعويض بإحلال شركة التأمين محل مؤمنها في الأداء إعمالا للضمان القائم بمقتضى الفصل 124 من مدونة التأمين الجديدة فإنه جاء مطابقا للقانون بهذه العلة التي تعوض العلة المنتقدة.'''') وبالرجوع الى المادة 125 من مدونة التأمينات، نجد ان المقنن المغربي اثار فعلا بعض الاستثناءات من الضمان والتي تتجسد في كل من مكتتب العقد ومالك العربة المؤمن عليها؛ وكل شخص يتولى بإذن من المكتتب أو مالك العربة حراستها أو قيادتها؛ والسائق؛ والممثلون القانونيون للشخص المعنوي مالك العربة المؤمن عليها إذا كانوا منقولين على متنها؛ وأجراء أو مأمورو المؤمن له أو السائق المسؤول عن الحادثة وذلك أثناء مزاولة مهامهم، وهي حالات لا نجد من بينها حالة السكر مما يؤكد على ان المقنن تجاوز الاشكال الحاصل قبل صدور المدونة الحالية. ب- الاستثناءات الاتفاقية يلاحظ ان المادة 124 من مدونة التأمينات لم تمنع كل من مالك السيارة ومقاولة التأمين من امكانية الاتفاق على جعل حالة السكر منصوص عليها في اطار الشروط العامة لعقد التأمين، وهو امر مرهون بإرادة المتعاقدين الحرة وامكانية الاتفاق ايضا على الشروط المتعلقة بسقوط الحق في التعويض. وقد يعتبر البعض ان هذا الامر يمكن يمس بالمكتسبات التي جاء بها القانون الجديد حينما قام بنسخ الشروط النموذجية ويضرب في العمق حقوق المتضرر من الحصول على تعويضات، الا ان ذلك تنبه اليه المقنن حينما اكد في الفقرة الثانية على عدم نفاذ الاتفاق في حق الضحايا وذويهم او ذوي الحقوق في الحصول على التعويض، أي ان الضامن ملزم بتغطية الضرر فقط الاختلاف هو اجرائي صرف حيث ان اداء هذه التعويضات لا تؤدى لهم مباشرة بل يتم تسديدها لحساب المسؤول مع احتفاظ الجهة الضامنة بحق رفع دعوى استرجاع جميع المبالغ التي دفعها عوضا عنه أو يقوم بوضعها في الاحتياطي. ما هو الاثر القانوني لعدم اداء اقساط التامين او واجب الاشتراك خلال المدة التي وقع فيها الضرر وكان قائد العربة في حالة سكر ؟ بالرجوع الى مضمون المادة 124 من مدونة التأمينات يظهر لنا بجلاء ان واضعها حاول حماية مصالح شركات التأمين بدرجة اولى، بحيث اعطى لها الحق في ان تحتج وهذه الحالة تجاه الضحايا أو ذويهم بسقوط الحق في التعويض المترتب عن التوقيف القانوني للضمان بسبب عدم تسديد قسط أو اشتراك التأمين، وفي الحقيقة هذا التوجه من بين اخطر التوجهات التي من الممكن ان تفسر ضدا على مصلحة المتضرر، حيث ان دفاعه سيضطر الى البحث عن الطرق الملائمة لضمان حقوق الموكل في التعويضات لكن ليس امام شركة التأمين. ثانيا: الجهة المعنية بالتعويض عن الاضرار التي تحدثها المركبات ذات المحرك البري يقصد بالجهة المعنية بالتعويض في مفهوم العنوان اعلاه الجهة الملزمة بتغطية الاضرار حيث انه مدونة التأمينات حصرتها في مقاولات التأمين او صندوق ضمان حوادث السير، لكن للحسم في هذه النقطة سنتناول فرضيتين، الاولى تتعلق بحالة السكر المقرونة بعدم نفاذ عقد التأمين (ا) والثانية تعنى بحالة السكر المقرونة بجريمة قتل او جروح عمدية او غير عمدية (ب). ا- حالة السكر مقرونة بعدم نفاذ عقد التأمين لعل هذه الفرضية من بين اهم الاشكالات التي تثار في النوازل المعروضة على انظار القضاء، حيث تظهر في الدعوى على شكل دفع صادر عن مقاولة التأمين، حيث انها تتمسك بمقتضاه بانعدام التأمين او انها تثير اشكالية عدم اداء المؤمن له اقساط او واجبات الاشتراك . بالنسبة لهذه الحالة فالحكم جاءت به المادة 124 من مدونة التأمينات، حيث حسمت الامر واكدت على عدم جواز تمسك محدث الضرر التمسك بحلول شركة التأمين محله، نفس الامر بالنسبة للضحايا او ذوي الحقوق استنادا الى قاعدة '''' [الخراج بالضمان : الغرم بالغنم]. والملاحظ ان هذه الحالة لا علاقة لها بموضوع الاستثناء من الضمان كون ان عقد التأمين فاسد والفاسد لا ينتج مركز قانوني، وهذا التوجه هو نفسه المتفق عليه فقها وقضاء، غير ان التساؤل الذي قد يطرح في هذا الإطار يتعلق بالضمانات القانونية الممنوحة للمتضرر او ذوي الحقوق في هذه الحالة؟ ومادام انه لا يوجد سند يمكن ان يبنى عليه ضمان مقاولة التأمين فالمتضرر او ذوي الحقوق امكن لهم رفع دعوى المسؤولية التقصيرية وادخال صندوق ضمان حوادث السير اذا كان محدث الضرر معسرا، وذلك باعتباره صندوق تم احداثه بمقتضى الظهير الشريف المؤرخ في 28 من جمادى الآخرة 1374 (22 فبراير 1955) ويتمتع بالشخصية المعنوية ومعفى من إعداد بيان أرصدة الإدارة وجدول التمويل وقائمة المعلومات التكميلية، وعليه فإنه يتحمل ضمان حوادث السير اداء التعويض الكلي أو الجزئي عن الأضرار البدنية التي تسببت فيها عربة برية ذات محرك غير مرتبطة بسكة حديدية أو بواسطة مقطوراتها أو شبه مقطوراتها، وذلك في الحالة التي يكون فيها الأشخاص المسؤولون عن هذه الحوادث مجهولين أو غير مؤمنين وغير قادرين على تعويض الضحايا بسبب عسرهم. ب- حالة السكر المقرونة بجريمة قتل او جروح عمدية او غير عمدية تعتبر ايضا من بين اهم الفرضيات المطروحة على مستوى الممارسة العملية حيث انه في العديد من الحوادث تكون هناك جروح يصاب بها المتضرر، وللحسم في مسألة الضمان يجب ان نقوم بمقاربة هذه الفرضية من خلال الزاوية التي يكون فيها عقد تأمين صحيح . وعليه فمناط اعتبار الجهة المعنية بضمان التعويضات سواء كانت مقاولة التأمين او صندوق ضمان حوادث هو طبيعة الفعل هل هو عمدي او غير عمدي وهو ما سنحاوله بيانه لاحقا. وعليه فمتى كان القصد او العمد في احداث جروح او كانت نية ازهاق الروح الا وكانت مقاولة التأمين احق بأن تطالب بإخراجها من الدعوى، الا انه يثار اشكال حقيقي هنا مضمونه هل القاضي سيعتد بمحاضر الضابطة القضائية او تلك المنجزة خلال مرحلة التحقيق بشكل مجرد خاصة ان كانت تتضمن اعترافات؟ للإجابة عن هذه الاخيرة يجب التمييز بين حالتين، الاولى الحالة التي تكون كلتا الدعويين في شقها العمومي والمدني معروضة على أنظار المحكمة الزجرية، هنا القضاء يبت بداية في صحة التكييف المحال عليها من جهة الادعاء في شخص النيابة العامة او التحقيق طبقا لقاعدة (قاضي الحكم سيد التكييف)، حتى يتسنى له الحسم في الشق المتعلق بالدعوى العمومية والاقرار بوجود العمد من عدمه، ومتى تبين لها ان الجريمة غير عمدية فإنها تحكم بذلك وتنتقل الى الدعوى المدنية التابعة من اجل البت في المطالب المدنية وتحكم مباشرة لفائدة المتضرر بالتعويضات بعد ان تكون شركة التأمين تم ادخالها في الدعوى، (ففي احد النوازل الصادر عن المحكمة الابتدائية – الرباط بتاريخ 4 ابريل 2023 في ملف جنحي سير عدد 395/2406/2021 (غير منشور) حكمت فيها بما يلي '''' 1- في المسؤولية حيث إن إدانة المتهم زجريا تستتبع مساءلته مدنيا عن الأضرار اللاحقة بالغير، مادامت العلاقة السببية بين خطأ المتهم والضرر علاقة مباشرة، طبقا للفصل 78 من قانون الالتزامات والعقود.....وحيث ارتأت المحكمة تبعا لما ذكر اعلاه و بما لها من سلطة تقديرية، جعل كامل المسؤولية على عاتق المتهم - في التامين و الحلول : وحيث إن المسؤول المدني كان وقت الحادثة مؤمنا لدى شركة التأمين الملكية المغربية للتأمين بمقتضى عقدة تأمين سارية المفعول وقت الحادثة. وحيث إن علاقة التأمين والضمان لم يكونا محل دفع او مناقشة، مما يتعين معه القول بإحلال شركة التأمين المدخلة في الدعوى محل مؤمنها في الاداء'''' وفي حكم اخر صادر عن نفس المحكمة–والصادر بتاريخ 5 ابريل 2023 حكم عدد 189/23 في ملف جنحي سير عدد 05/2406/2020 (غير منشور) '''' 1- في المسؤولية حيث إن إدانة المتهم زجريا تستتبع مساءلته مدنيا عن الأضرار اللاحقة بالغير، مادامت العلاقة السببية بين خطأ المتهم والضرر علاقة مباشرة، طبقا للفصل 78 من قانون الالتزامات والعقود. ....وحيث ارتأت المحكمة تبعا لما ذكر اعلاه و بما لها من سلطة تقديرية، تحميل المتهم كامل مسؤولية. 2- في الضمان و الحلول : وحيث إن المسؤول المدني كان وقت الحادثة مؤمنا لدى شركة التأمين التعاضدية الفلاحية المغربية للتأمين بمقتضى عقدة تأمين سارية المفعول بتاريخ الحادثة. وحيث إن علاقة التأمين والضمان لم يكونا محل دفع او مناقشة، مما يتعين معه القول بإحلال شركة التأمين المدخلة في الدعوى محل مؤمنها في أداء ما استحق عليه من تعويضات للغير بقوة العقد الرابط بينهما طبقا للفصل 129 من ظهير 2002/10/03 وذلك في حدود الضمان المنصوص عليه في عقد التأمين. '''') . اما الحالة الثانية، فتتعلق بكون ذوي الحقوق او المتضرر ينصب نفسه كطرف في الدعوى المدنية التابعة المدنية بعد ان قضت في الشق الزجري بالإدانة (سواء من اجل الجروح او القتل العمدي او غير العمدي)، او ان القضاء الزجري حكم بعدم الاختصاص في الشق المدني، ففي هذه الحالة يكون للمتضرر امامه فقط طريقة واحدة للحصول على حقوقه وذلك عبر رفعه دعوى المسؤولية التقصيرية وفق القواعد العامة، وفي هذه الحالة يكون القاضي المدني ملزم بتبني تكييف المرجع الزجري ولا يكون امامه سوى الأخذ بمحصلة الحكم الزجري وليس العودة الى محضر الضابطة القضائية او المنجز من طرف السيد قاضي التحقيق المضمن لاعتراف، لان الاعتراف ولئن كان وسيلة من وسيلة الاثبات في المادة الزجرية فإنه يخضع لقناعة المحكمة في تقديره بعدما تكون قد ناقشت اعترافه بحضوره وعلى مسمع دفاعه (محكمة النقض في قرار لها صادر بتاريخ 2015-01-22 تحت عدد112 في ملف 2014/10/6/3620 إن العبرة في الإثبات في الميدان الزجري هي باقتناع القاضي بأدلة الإثبات المعروضة عليه كما أن استخلاص ثبوت الجريمة من الوقائع أو عدم ثبوتها يرجع لقضاة الموضوع بما لهم من كامل السلطة، و المحكمة المصدرة للقرار المطعون فيه لم أيدت الحكم الابتدائي فيما قضى به من إدانة الطاعن من أجل السكر العلني و الجرح الخطأ و انعدام التامين و عدم ضبط السرعة و عدم احترام حق الأسبقية و سحب رخصته للسياقة لمدة سنة واحدة و استندت في ذلك إلى ما جاء في محضر الضابطة القضائية من معاينة حالة السكر البين عليه ومن سيره بسرعة غير ملائمة لظرف المكان و عدم تخفيضه لسرعته عند المدارة وعدم توقفه إلى حين مرور ذوي الأسبقية في المرور و عدم توفره على التامين، تكون قد استعملت سلطتها في تقدير الوقائع المعروضة عليها و عللت قرارها تعليلا سليما). وعليه فان القاضي المدني وهو يبت في دعوى المسؤولية التقصيرية، أن وجد امامه في النازلة حكم زجري خاصة اذا كان حائز لقوة الشيء المقضي به يقضي بالإدانة من اجل فعل عمدي يكوم ملزما للقاضي المدني (وهو الاجتهاد الذي تبناه قضاء محكمة النقض بجميع الغرف في القرار عدد 1/805 والصادر بتاريخ 25/11/2014 في الملف عدد: 555/2/1/2012 بمناسبة تناولها شروط حجية الحكم الجنائي امام المرجع مدني حيث جاء فيه ما يلي '''' من شروط حجية الحكم الجنائي أمام المحكمة المدنية أن يصدر قبل البت في الدعوى المدنية وأن يتعلق بنفس موضوع الدعوى المدنية، ولما كانت حجية الأحكام الجنائية أمام المحاكم المدنية تعتبر من النظام العام وتسري على الكافة فإنه لا يسوغ للقاضي المدني أن يهمل ما أبرمه القاضي الزجري، وإلا كان قراره فاسد التعليل وهو بمثابة انعدامه ومعرضا للنقض.'''' وفي قرار اخر صادر عن نفس المحكمة عدد 2004/1010 الصادر بتاريخ 2004/1/5/452 في الملف ''''إن حجية الأحكام الصادرة في الميدان الجنائي تعد من النظام العام والوقائع التي يثبتها الحكم الجنائي أو ينفيها لا يمكن مناقشتها من جديد '''') فهي مباشرة تحكم بالتعويضات لفائدة المتضرر بعد ان يكون صندوق ضمان حوادث السير مدخلا في الدعوى، اما في الحالة التي يكون المرجع الزجري حكم بالإدانة من اجل ارتكاب مثلا القتل او جروح غير عمدية فإن الضمان قائم ويحكم على مقاولة التأمين بأداء التعويض بعد ان تكون قد ادخلت في دعوى المسؤولية فقط يشترط نفاذ عقد التأمين. عموما، يبقى موضوع السياقة في حالة سكر واثره على الضمان من بين المواضيع التي لم تناقش كونها جزئية في حقل المسؤولية عن الاضرار التي تحدثها العربات ذات محرك بري، غير ان الملاحظ وان لم تكن لدينا احصائيات رسمية فهي تعتبر من النوازل المعروضة بكثرة على القضاء المغربي في شعب المسؤولية التقصيرية داخل محاكم الموضوع، حيث ان موقفه من موضوع الضمان رهين بطبيعة الفعل من جهة وايضا بنفاذ عقد التأمين من جهة اخرى، وعليه فالملاحظ ان المتضرر اصبح يفضل ان يحصل على حكم يقضي بالتعويض ضد مقاولة التأمين على ان يحصل على حكم يقضي له بذلك في مواجهة صندوق ضمان حوادث السير، سيما وانه هناك مجموعة من الاشكاليات والصعوبات التي تعيق عملية التنفيذ.