ولد الرشيد: خطاب الملك يرسم معالم المرحلة القادمة ويتوخى تكامل أوراش التنمية    في ظل ركود ثقافي وتجاري... جمعيات المجتمع المدني تحيي الحي البرتغالي بأنشطة تراثية وفنية تستلهم التوجيهات الملكية    الاتحاد الأوروبي يدشن نظامًا جديدًا لتسجيل القادمين والمغادرين    حماس "لن تشارك" في حكم غزة وإسرائيل ستدمر كل أنفاق القطاع بعد إطلاق الرهائن    المغرب يحتضن مباريات الملحق الإفريقي المؤهل لمونديال 2026    السكتيوي يُعفي لاعبي الوداد من ودية الكويت    عمر بنحيون يتصدر المرحلة التمهيدية من رالي المغرب 2025 وأوبسيدي في المركز الثالث    الفنان الأمازيغي مصطفى سوليت يفارق الحياة متأثرا بحروق خطيرة بعد اعتداء شنيع    خمسة قتلى وخمسة جرحى في انقلاب سيارة لنقل الأشخاص بورزازات    دراسة: الإفراط في استخدام الشاشات يضعف التحصيل الدراسي للأطفال    توقعات أحوال الطقس غدا الاثنين    مغربية تخاطر بحياتها وتعبر سباحة إلى سبتة برفقة ابنها القاصر (فيديو)    الملك محمد السادس يبرق العاهل الإسباني فيليبي    مهرجان الدوحة السينمائي يحتفي بالسّرد القصصي العالمي بمجموعة من الأفلام الدولية الطويلة تتنافس على جوائز مرموقة    تحليل رياضي: وليد الركراكي في مرمى الانتقادات بين ضغط الجماهير ودعم الجامعة    دبي.. انطلاق معرض "إكسباند نورث ستار 2025" للشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا بمشاركة مغربية    بعد اعتقاله وتعذيبه.. الناشط المغربي أيوب حبراوي يعلن عن رفع دعوى قضائية ضد إسرائيل    مدغشقر.. وحدة عسكرية تسيطر على القيادة العامة للجيش وسط تصاعد احتجاجات "جيل زد"    «وسع»: مزيج فني يجمع بين المهرجانات المصرية والروح المغربية    عبد المجيد سداتي يدق ناقوس الخطر .. المهرجان الدولي للمسرح الجامعي مهدد بالإلغاء    الكوميديا في السينما المغربية محور ندوة فكرية بملتقى سينما المجتمع بخريبكة    دراسة: الإفراط في استخدام الشاشات يضعف التحصيل الدراسي للأطفال    الخطاب الملكي.. دعوة قوية إلى نموذج جديد للحكامة قائم على ثقافة النتائج    مونديال الشباب: المنتخب المغربي يواجه أمريكا بحثا عن الانتصار للتأهل إلى المربع الذهبي    نقل رضيع حديث الولادة من زاكورة نحو المركز الاستشفائي الجامعي بفاس عبر طائرة طبية    أوروبا تسجل انخفاضا بنسبة 22% في عبور المهاجرين غير النظاميين خلال 2025    حاتم البطيوي يسلم الشاعرة الإيفوارية تانيلا بوني جائزة "تشيكايا أوتامسي" للشعر الإفريقي (صور)    "كان" المغرب 2025: انطلاق عملية بيع التذاكر غدا الإثنين وتطبيق "يالا" أًصبح متاحا    الملك يثمن التعاون مع غينيا الاستوائية    راح ضحيتها مغربيان وتركي.. الغموض يلف جريمة إطلاق نار في هولندا رغم اعتقال ثلاثة سويديين    مونديال الشباب في الشيلي.. الأرجنتين وكولومبيا إلى نصف النهائي    محمد وهبي: مستعدون لتحدي أمريكا بثقة وطموح لمواصلة الحلم العالمي    روسيا تؤكد "إبقاء التواصل" مع أمريكا    سحر الرباط يخطف الأنظار.. صحيفة بريطانية تضع العاصمة ضمن أبرز الوجهات العالمية    المنتخبون التجمعيون يثمّنون التوجيهات الملكية ويطلقون برنامج عمل ميداني لتفعيلها    المغرب يحتضن ندوة إقليمية بشراكة مع "الناتو" حول الاتصال الاستراتيجي وإدارة المعلومات    التقدم والاشتراكية يدعم تسريع التنمية    الإصابة بضعف المعصم .. الأسباب وسبل العلاج    وفاة دركي بسرية الجديدة في حادثة سير مفجعة بمنتجع سيدي بوزيد    طنجة تتضامن مع غزة بمسيرة ليلية    الفنان "سوليت" يفارق الحياة متأثراً بإصاباته    الصين: عدد شركات الذكاء الاصطناعي ارتفع إلى أكثر من 5 آلاف في خمس سنوات    أصيلة: نقاد وباحثون يقاربون مفهوم وأدوار المؤسسات الفنية وعلاقتها بالفن (فيديو)    أعمو ينتقد ضعف أداء رؤساء الجهات ويدعو إلى تنزيل فعلي للاختصاصات الجهوية    حفظ الله غزة وأهلها    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولات الأسبوع بأداء سلبي    "بورشه" الألمانية تبحث تشديد السياسة التقشفية        السنغال: ارتفاع حصيلة ضحايا حمى الوادي المتصدع إلى 18 وفاة    الصيد البحري... تسويق حوالي 8,2 مليارات درهم من المنتجات حتى نهاية شتنبر 2025    الخزينة.. مركز "التجاري غلوبال ريسورش" يتوقع عجزا متحكما فيه بنسبة 3,5% من الناتج الداخلي الخام سنة 2025    بورصة الدار البيضاء تغلق على تراجع    دراسة: الجسيمات البلاستيكية الدقيقة تغير أعداد البكتيريا المعوية النافعة    لأول مرة في العالم .. زراعة كبد خنزير في جسم إنسان    الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة    رواد مسجد أنس ابن مالك يستقبلون الامام الجديد، غير متناسين الامام السابق عبد الله المجريسي    عنوان وموضوع خطبة الجمعة القادمة    الجالية المسلمة بمليلية تكرم الإمام عبد السلام أردوم تقديرا لمسيرته الدعوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المسار التاريخي لفن الكاريكاتور في ندوة إعلامية بباريس.. بقلم // أحمد الميداوي
نشر في العلم يوم 19 - 03 - 2015

"لا حاجة لك أن تتوجه إلى رئيس الحكومة لمعرفة مستوى حرية التعبير في بلد ما، بل إلى الرسام الكاريكاتوري في الصحيفة" : تلك هي الخلاصة التي أجلتها الندوة الإعلامية حول "الكاريكاتور بين صحافة الرأي وصحافة الخبر" التي نظمتها أول أمس بباريس مؤسسة "أورساي للثقافة" بمشاركة نخبة من الكاريكاتوريين الفرنسيين والأجانب من أمثال كريستيان بيناي، وماريز كوليني، وبلانتو وغيرهم.
واستعرضت الندوة المسار التاريخي للفن الكاريكاتوري وقدرته على التقاط الأشياء وإضفاء لمسة من أكسسوارات التجميل والتلوين عليها، لتشكل شحنة مكثفة ومعبرة بشكل أعمق عن الواقع الذي يعتمل في نفوس الكاريكاتوريين، تماما كما يفعل الرسام في اختيار الألوان التي يراها أكثر عمقا وتعبيرا من غيرها في لوحاته. والكاريكاتور بهذا المعنى لا يمكن اعتباره مجرد عمل إبداعي ساخر، وظيفته انتقاد الأوضاع الاجتماعية والسياسية بروح لاذعة وخطوط جريئة، بل يتجاوز ذلك ليشكل في المشهد التواصلي الحديث، جنسا إعلاميا قائم الذات، يقف في مفترق الطرق بين صحافة الرأي بما يسلطه من شعاع على واقع المجتمع وهمومه، وصحافة الخبر بما توفره هذه الصحافة من مواد جوهرية للبناء التحليلي.
ومن فرط انسجامه وتناغمه مع تطلعات القارئ الغربي، انتصب الكاريكاتور كواحد من الأجناس الإعلامية الأكثر شيوعا واستقطابا للجمهور، حتى إن شعبية الصحف وقيمتها كانت تقاس في الغالب بأسماء الكاريكاتوريين بها. وكانت هذه الصحف تضرب مع جمهور قرائها بشكل تلقائي، ما يشبه المواعيد السخرية اليومية لفضح الأشياء وتعريتها من خلال تناول شخصيات ذات رمزية عالية برسوم لاذعة وجريئة.
ورصدت الندوة هذا الواقع من خلال سرد تاريخي للفن الكاريكاتوري الذي شكل منذ بداية القرن التاسع عشر بفرنسا، مؤسسة قائمة الذات بتقنياتها وهياكلها، وساعدته في ذلك الأوضاع الهشة للحكومات المتعاقبة آنذاك والتي أسهمت بشكل كبير في إنعاش الحركة الكاريكاتورية، مع ظهور أسماء ذات شحنة إبداعية قوية مثل شارل فيليبون، والرسام أونوري دوميي، وهو أول فنان يدخل السجن بسبب رسم كاريكاتوري قدم فيه الملك لوي السادس عشر، أثناء الإرهاصات الأولى للثورة، على شكل خنزير. ولم يثبت عن دوميي أن داهن أحدا بمن في ذلك الأمبراطور نابليون الثالث الذي حوله إلى عامل استهزاء بديماغوجيته، والأديب العالمي فيكتور هيجو الذي خصه بأزيد من 500 رسما كلها برؤوس ضخمة للكاتب.
وبعد الحرب العالمية الثالثة، اقتحم الكاريكاتور بقوة جميع الإصدارات الصحفية، واضطر الرسامون إلى التخلي عن الأشكال التصويرية المعقدة (المكعبات، الظلال، الرسم الانحنائي...) لفائدة الرسوم الخطية المبسطة. وكان رائد هذا الاتجاه، الرسام هونري بول جازيي، الذي اشتغل في البداية مع الجريدة الشيوعية "لومانيتي" (الإنسانية)، قبل أن يؤسس أسبوعيته الساخرة "البطة المقيدة" (لوكانار أونشيني) التي تبيع حاليا حوالي 600 ألف نسخة.
وفي سياق هذا السرد، أجلت الندوة حقيقة مفادها أن فرنسا لم تسلم بالرغم من تاريخها الديمقراطي العريق، من ملاحقات قضائية عديدة ضد الكاريكاتوريين من بداية القرن التاسع عشر إلى منتصف القرن العشرين، حتى وإن كانت العقوبات خفيفة نسبيا لم تتجاوز أقصاها، الحكم على الرسام أونوري دوميي بثلاثة أشهر نافذة لتمثيله الملك لوي السادس عشر بالخنزير، بينما لم تتجاوز العقوبات الأخرى بعض الغرامات المالية معظمها ينحصر في المبلغ الرمزي.
أما اليوم، فأصبح الكاريكاتور في فرنسا فنا مألوفا لا يضايق أحدا من المسئولين أو القادة المستهدفين الذين أصبحوا ينظرون إليه على أنه إبداع ترفيهي حتى وإن كان مشحونا بانتقادات لاذعة ومهينة. ولا أدل على ذلك من قول الرئيس السابق جاك شيراك (صاحب الأنف الطويل) أثناء تعقيبه على أحد الرسوم التي تظهره في مكتبه بالإليزي، بينما أنفه يطوف بإحدى ضيعات النبيذ بجنوب فرنسا للاشتمام جودة المحصول :"سامحهم الله، لقد جعلوا أنفي أطول من اللازم هذه المرة".
وبينما ينظر الفرنسيون اليوم إلى الكاريكاتور على أنه فن للتسلية والترفيه، وأيضا وسيلة للمعالجة الدقيقة للأحداث، من دون مداراة أو تودد، فإن هذا الفن لم يتجاوز في البلاد العربية مرحلة الإطلالة المحتشمة التي دشنت لها أسماء وازنة من أمثال محمد عبد المنعم رخا، وجورج البهجوري، وناجي العلي، وأيضا مصطفى حسين الذي اكتسب شهرة واسعة من خلال رسومه الساخرة في "أخبار اليوم" المصرية. ويفضل معظم الكاريكاتوريين العرب تناول المواضيع الاجتماعية في إبداعاتهم الساخرة، والابتعاد قدر المستطاع عن كل ما هو "شخصاني" في السياسة تجنبا لسنوات (وليس لشهور) مريرة في السجون. ولم يحدثنا التاريخ الكاريكاتوري العربي عن سلامة جرة أي من الرسامين العرب حاول الاقتراب من مربع التشخيص (تشويه أنف أو بطن أو جمجمة الزعيم). ولأن العرب لهم حساسية رهيفة تجاه النقد وخاصة الهجاء الذي شكل على امتداد أحقاب مدخلا للحروب بين العرب، فإن فن الكاريكاتور لن يخرج عن كونه هجاء بالمرموز يتوجب ردعه بشتى الطرق.
وباستثناء محاولات خجولة شهدها المغرب في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات، لم تشهد الصحافة المغربية اختراقا يذكر في هذا الجنس الإعلامي المتميز.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.