أكد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، محمد عبد النبوي، خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية للندوة الدولية حول الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية، التي انعقدت صباح الخميس 19 يونيو 2025 بالعاصمة الرباط، أن اختيار موضوع هذه الندوة لا يعكس فقط استجابة آنية لتهديد متصاعد، بل يعبر عن وعي جماعي بضرورة التعاون الدولي لمواجهة ظاهرة تتجاوز نطاق الحدود الوطنية. وفي حضور قضاة وخبراء قانون وممثلي مؤسسات قضائية وأمنية من دول إفريقية وفرنسا، شدد المسؤول القضائي المغربي على أن الجريمة المنظمة أصبحت أكثر تطورا بفضل التكنولوجيا الحديثة، واستفادتها من هشاشة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في بعض المناطق، مشيراً إلى أن أكثر من 60% من الجرائم المتعلقة بالاتجار بالبشر والمخدرات والأسلحة تتم عبر آليات رقمية أو بدعم من منصات إلكترونية. وسجل الرئيس المنتدب أن القارة الإفريقية تعد من أكثر المناطق تضررا، بسبب استهدافها من طرف شبكات إجرامية دولية تتاجر في البشر وتنهب الثروات وتغذي الصراعات، خصوصا في دول الساحل والصحراء، مضيفاً أن تقارير الوكالة الأوروبية لحماية الحدود تؤكد تسجيل ارتفاع بنسبة 50% في محاولات تهريب المهاجرين غير النظاميين عبر المتوسط خلال السنتين الأخيرتين. وفي سياق متصل، أبرز المتحدث أن المغرب، تحت للملك محمد السادس، جعل من مكافحة الجريمة المنظمة أولوية وطنية، عبر تطوير الترسانة التشريعية وتعزيز التعاون الدولي وتحديث آليات البحث والتحري. كما أشار إلى الدور الفعال الذي يضطلع به المجلس الأعلى للسلطة القضائية في دعم التخصص القضائي وتتبع القضايا المعقدة وتبادل التجارب مع الدول الإفريقية والأوروبية. كما شدد على أن التحديات المطروحة في هذا المجال لا يمكن أن تواجهها أي دولة بمفردها، بل تستلزم تضامناً وتنسيقاً دولياً، بما في ذلك وضع شبكات لتبادل المعلومات والتكوين المستمر للقضاة وضباط الشرطة القضائية، والاعتماد على وسائل علمية وتقنية متطورة. وفي ختام كلمته، دعا الرئيس المنتدب إلى استثمار هذه الندوة لتبادل التجارب وتقييم السياسات القضائية ورسم ملامح تعاون مستقبلي فعال، معرباً عن شكره للسلطات الفرنسية على مساهمتها في تنظيم هذا اللقاء، ومتمنياً أن تخرج أشغاله بتوصيات عملية تكرس عدالة قوية ومنسقة قادرة على مواجهة التحديات الأمنية العابرة للحدود.