بنعلي ووزير الطاقة الموريتاني يبحثان تسريع الشراكات الطاقية بنواكشوط    المغرب يواجه خيارات حسم نزاع الصحراء بين انتظار مجلس الأمن او التدخل الفوري    تسريع التعاون في مجالات الكهرباء والطاقات المتجددة محور مباحثات الوزيرة بنعلي مع نظيرها الموريتاني    إسبانيا تستدعي سفيرتها لدى إسرائيل وتصف اتهامات تل أبيب لها ب "معاداة السامية" ب "الترهيب"    تونس تفند مزاعم تعرض قارب متجه لغزة لهجوم بطائرة مسيّرة    السيتي ينهي النزاع القانوني مع رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز    أمين زحزوح يتوج بأفضل لاعب في الشهر بالدوري القطري    تلميذ يرد الجميل بعد 22 سنة: رحلة عمرة هدية لمعلمه    مداهمة مقاهي تقدم النرجيلة وتوقيف مسيرين ووضعهم رهن تدبير الحراسة النظرية    مبادرة شبابية في تطوان توفر لوازم مجانية لتخفف عبئ الدخول المدرسي على الأسر المعوزة    إحباط تهريب "درونات" متطورة من الجيل الجديد عبر ميناء طنجة التوسط    زخات رعدية ورياح قوية بعدة مناطق بالمغرب مع انخفاض في درجات الحرارة اليوم الثلاثاء    250 درهم عن كل يوم حرية.. ابتدائية الجديدة تصدر حكما بديلا في حق بائعي مثلجات    تونس.. السلطات تنفي تعرض أسطول مساعدات متجه لغزة لضربة بطائرة مسيّرة    بفضل التعبئة الحكومية.. أشغال إعادة بناء وتأهيل المنازل المتضررة من زلزال الحوز تشارف على النهاية    اليونان: زلزال بقوة 5,3 درجات يضرب قبالة جزيرة إيفيا    بطولة اسبانيا: برشلونة يؤكد إصابة دي يونغ    "أسطول الصمود" يعلن تعرض إحدى سفنه لهجوم يشتبه أنه نفذ بمسيرة إسرائيلية    1500 ممثل ومخرج سينمائي يقاطعون مؤسسات إسرائيلية دعما لغزة    "أرما" تتجاوب مع الساكنة وتزيل النفايات قرب مقبرة كورزيانة بطنجة            أجواء روحانية عبر إفريقيا..مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة تحيي المولد النبوي    إيغامان: أشكر المغاربة على الدعم    إسبانيا تستدعي سفيرتها لدى إسرائيل وتصف اتهامات تل أبيب لها ب "معاداة السامية" ب "الترهيب"            انتشار السمنة بين المغاربة يطلق دعوات إلى إرساء "خطة وطنية متكاملة"    إضراب وطني لمدة يومين بسبب مشروع القانون 59.24 التعليم العالي .. استمرار التعثر    ملاحظات "UMT" على مجلس الصحافة    الأحزاب المغربية تطالب بالتصويت بالبطاقة الوطنية بدل بطاقة الناخب    بفوز سابع على زامبيا.. المغرب يواصل مساره المثالي في تصفيات مونديال 2026    عجز السيولة البنكية يتراجع بنسبة 7,48 في المائة من 28 غشت إلى 3 شتنبر    الآن: سقوط الحكومة الفرنسية    المنتخب الوطني ينتصر على نظيره الزامبي    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الانخفاض        نسرين الراضي تخطف جائزة أفضل ممثلة إفريقية    بسبب محاكمته.. تأسيس لجنة للتضامن مع الغلوسي    جلالة الملك يهنئ رئيسة جمهورية مقدونيا الشمالية بمناسبة عيد استقلال بلادها    مقتل شاب من مليلية في هجوم مسلح نفذه فلسطينيان بالقدس    الوطنية الاحترافية للقسم الأول برسم الموسم الرياضي 2025-2024: النادي الرياضي المكناسي يشحذ أسلحته بطموحات قارية    "كناش الحشمة".. أسطورة الرحل فوق خشبة المسرح الكبير بنمسيك    ربيع القاطي يطرق باب العالمية مجددًا عبر سلسلة "Atomic"    اللغة والهوية في المغرب: خمسون عاماً بين الأيديولوجيا والواقع    الكلمة أقوى من الدبابة ولا مفر من الحوار؟..    فضيحة الخطأ المطبعي.. شركة تعدين تخفض مردودية ذهب كلميم من 300 إلى 30 غراما فقط        الموقف الأمريكي يعزز المبادرة المغربية كخيار وحيد لتسوية نزاع الصحراء    ميناء الحسيمة : انخفاض بنسبة 9 في كمية مفرغات الصيد البحري مع متم يوليوز الماضي            أمير المؤمنين يصدر أمره إلى المجلس العلمي الأعلى بإصدار فتوى شاملة توضح للناس أحكام الشرع في موضوع الزكاة    دراسة: عصير الشمندر يُخفّض ضغط الدم لدى كبار السن    دراسة : السلوك الاجتماعي للمصابين بطيف التوحد يتأثر بالبيئة    الملك محمد السادس يأمر بإصدار فتوى توضح أحكام الشرع في الزكاة    المجلس العلمي الأعلى يعلن إعداد فتوى شاملة حول الزكاة بتعليمات من الملك محمد السادس    مبادرة ملكية لتبسيط فقه الزكاة وإطلاق بوابة رقمية للإجابة على تساؤلات المواطنين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجزائر والمغرب واحتمالات التطبيع البعيدة
نشر في الأيام 24 يوم 28 - 08 - 2016

هل يمكن للجزائر أن تتجاوز عقدة التاريخ وتعيد قراءة علاقاتها مع المغرب من باب المصالح المشتركة ودون الاتكاء على أيديولوجيا فقدت أسواقها؟ هل بإمكان النظام الجزائري صياغة لغة أخرى في التعاطي مع الملف العالق مع المغرب؟
المملكة المغربية كانت واضحة بما فيه الكفاية في بعث رسائل عديدة في اتجاه ضرورة التطبيع وتجاوز العراقيل، كان آخرها تذكير العاهل المغربي الملك محمد السادس في خطاب الذكرى ال63 لثورة الملك والشعب، تفيد بأن التضامن هو الضامن الأساسي لبناء ثقافة جوار بين البلدين تتجاوز كل ما أفرزته الحرب الباردة في النصف الثاني من القرن الماضي.

الحساسية التي صنعتها قضية الصحراء بين الجزائر والمغرب يمكن التعاطي معها بواقعية أكثر، بجعل الجغرافيا الثابت الأساسي الذي يمكن الانطلاق منه لحل كل الملفات العالقة، والجيوسياسية تقول إن أول خطوة للتعبير عن النوايا وكشف الأوراق والمضي قدما نحو التطبيع العملي، هي فتح الحدود المغلقة منذ بداية التسعينات. فهل النظام الجزائري مستعد للذهاب في هذا الاتجاه؟

مبادرات المغرب عديدة لتطبيع علاقاته مع الجزائر آخرها خطاب العاهل المغربي في ذكرى ثورة الملك والشعب في 20 أغسطس الجاري، عندما طرق باب التاريخ وذكّر بفضائل التضامن في الدفاع عن الحرية والكرامة، والدعم الذي قدمه المغرب للثورة الجزائرية ماديا ومعنويا في ستينات القرن الماضي ضد الاستعمار الفرنسي، وتفضيل الدولة المغربية مناقشة الحدود مع الجزائريين بعد استقلالهم وليس قبل ذلك.

في مقال بجريدة “الخبر” الجزائرية المقربة من دوائر القرار هناك، اعتبرت أن محاولات المغرب للتقارب مع الجزائر لم تصل إلى ما أسماه الكاتب “درجة إحداث الصدمة اللازمة التي تؤسس لعهد جديد في العلاقات بين البلدين الشقيقين”. لم يوضح صاحب المقال طبيعة الصدمة التي ينتظرها المسؤولون الجزائريون للمرور إلى حالة التطبيع. لكن ما يجب فهمه هو أن المغرب حسم في أمر وجود دويلة مصطنعة في خاصرته؛ لن يقبل بهذا الواقع تحت أي بند أو أي ضغط أو ابتزاز.

تاريخيا لم يكن هناك أي كيان سياسي منفصل عن القرار المركزي بعاصمة المملكة المغربية، وهذا معطى لا يحاجج فيه إلا من يريد تطويع مصادر التاريخ ووثائقه المتنوعة لصالح أطروحة الانفصال وتفتيت الجغرافيا.

لدى جزء كبير من أجهزة النظام الجزائري مصلحة في إبقاء الوضع على ما هو عليه في ما يتعلق بالعلاقات مع المغرب، ولن يتخلوا عن طموحهم في ممر نحو المحيط الأطلسي عبر قنطرة بوليساريو.

تبادل الأدوار داخل النظام الجزائري سياسة معمول بها منذ زمن، وهذا ما أبان عنه الوزير الأول، عبدالمالك سلال، بقوله إن معارضة الجزائر للشروط المغربية في العودة للاتحاد الأفريقي، لا تعني أبدا وجود مشكل مع “الشعب المغربي” أو مع “المغرب عموما”، مبديا ترحيبه بإعادة ملفات التعاون بين البلدين.

ظهرت ملامح عدم قرب انفراج في العلاقات بين المغرب والجزائر، في موقف الأخيرة عندما قرر المغرب ملء كرسيه الشاغر بالاتحاد الأفريقي. فاشترط رمطان لعمامرة وعبدالقادر مساهل أن “عودة المغرب ينبغي أن تتم عبر تقديم طلب جديد، ودون فرض أي شرط، نعتبره علامة رضوخ لمنطق الإقصاء ووضع العراقيل أمام حق من حقوق المغرب كعضو مؤسس ودولة لها جذور أفريقية”.

التحالفات الدولية والإقليمية التي سلكتها الجزائر خصوصا داخل القارة الأفريقية سعت دوما إلى تقويض الوجود المغربي والوقوف ضد وحدته الترابية، وهذا في حد ذاته مؤشر على أن النظام في الجزائر لا يود حقيقة تغيير الأسس التي ترتكز عليها سياسته الخارجية وعقيدته العسكرية رغم أن أهمها عدم التدخل في شؤون الغير.

الزيارة التي قام بها كل من الوزير المنتدب للشؤون الخارجية في المغرب ناصر بوريطة، ومدير الإدارة العامة للدراسات والمستندات ياسين المنصوري، في 15 يوليو الماضي للجزائر، تندرج في خانة النظرة الاستشرافية للمملكة لما سيكون عليه الواقع الجيوأمني، وما يتطلبه من تنسيق وتبادل المعلومات والمعطيات بين دول المنطقة.

ويبدو أن زيارة المسؤولين المغربيين لم تغر الطرف الجزائري بإعادة تقييم وضع العلاقات البينية بما يتلاءم مع التغيرات التي وقعت وتقع في المحيط المهتز أمنيا. والخطير في المسألة هو عدم عزل وفلترة الملفات عن بعضها البعض، فالجزائر اعتبرت زيارة المسؤولين المغاربة كأنها لم تكن بمجرد إعلان المغرب أنه سيملأ مقعده الشاغر بالاتحاد الأفريقي.

لم يستوعب الجزائريون أن هناك أولويات استراتيجية تحكم تحرك الدولة المغربية وعلى رأسها تأمين حدوده مع جيرانه ضد أي محاولة تسلل للإرهاب، والذي كان نتيجته إجهاض الكثير من المخططات الإرهابية وخنق العديد من الخلايا المتطرفة النائمة داخل البلاد والمساهمة في كشف البعض منها في الخارج.

المنطق الأمني ضد التهديدات الحقيقية الكامنة للإرهاب والتطرف في المنطقة ليس مسؤولية الدولة المغربية وحدها بل يعتبر مطلبا وضرورة أساسية بالنسبة للنظام الجزائري، نظرا للامتداد الجغرافي الجزائري المحاذي لتحركات الجهاديين وطوابير المهاجرين والهاربين من الحروب من ليبيا وشريط الساحل والصحراء، الذي يعج بالمنظمات الإرهابية وعصابات التهريب.

وبالتالي فإن الجزائر هي المعنية رقم واحد في شمال أفريقيا بتأمين حدودها، من التوجه رأسا إلى التنسيق على أعلى مستوى مع دول الجوار، ولا بد من تخليها عن المكابرة في التعاون مع المغرب وهذا ليس مطلبا عاطفيا أو برغماتيا بقدر ما هو نواة لاستقرار المنطقة وأمنها وسلامها.

التطبيع بين الجزائر والمغرب لا يمكن أن يمر إلى السرعة النهائية منذ الوهلة الأولى، فالأمر يتطلب نضجا سياسيا وإبراز حسن نية من الطرف الآخر والتماهي مع اليد الممدودة من الطرف المغربي. لكن الواقع الحالي يقول إن عقلية النظام الجزائري لم تتجرأ على كسر الحاجز النفسي الذي خلقته ظروف الحرب الباردة التي تقف دون تحقيق مسعى التضامن الفعال.

* جريدة العرب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.