رحيل "عيزي أحمد".. والد قائد "حراك الريف" تَرجّل شامخا    ورزازات.. توقيف نصاب انتحل صفة مسؤولين عسكريين وأمنيين للنصب على أشخاص عبر وعدهم بوظائف        تحويلات الجالية المغربية تسجل رقما قياسيا ب119 مليار درهم سنة 2024    اجتماعات تحضيرية بتطوان لإنجاح الدخول المدرسي 2025-2026            نتنياهو يصف رئيس وزراء بلجيكا "بالضعيف" عقب قرار الاعتراف بفلسطين    فيفا: سوق الانتقالات الصيفية يحطم رقماً قياسياً بأكثر من 9 مليارات دولار    المنتخب المغربي يكثف استعداداته لمواجهة النيجر بإجراء حصة تدريبية صباحية    فيدرالية اليسار الديمقراطي تطالب ب"هيئة مستقلة" للإشراف على الانتخابات وإبعاد "تحكم" الداخلية وإطلاق إنفراج سياسي شامل    العزيز: لا إصلاح انتخابي دون إطلاق سراح معتقلي الريف    دولة أوروبية تحظر بيع مشروبات الطاقة للأطفال دون 16 عاما    ميناء العرائش .. تراجع بنسبة 6 في المائة في مفرغات الصيد البحري مع متم يوليوز الماضي    حملة أمنية نوعية للدرك الملكي تعزز الأمن بإقليم الفحص أنجرة    جمعية ساحة الفنانين تطلق مخططها الاستعجالي لإنقاذ مايمكن إنقاذه    صحيفة إسبانية: مشروع النفق بين طنجة وطريفة يحرز تقدماً ملحوظاً    المهراوي يبدأ تجربة جديدة في روسيا    هدية غير متوقعة من عابر سبيل    فرنسا تصدر مذكرة توقيف بحق بشار الأسد ومسؤولين سابقين لاتهامهم باستهداف صحفيين عام 2012        ترامب يتهم الصين وكوريا الشمالية وروسيا بالتآمر ضد أمريكا    عزل رئيسة جماعة بإقليم بنسليمان                خصاص خطير في أدوية السكري بمركز اتروكوت يهدد حياة المرضى    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    تصفيات مونديال 2026.. المنتخب المغربي يواصل تحضيراته بواقع حصتين في اليوم استعدادا لملاقاة النيجر    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بارتفاع    الألماني غوندوغان يلتحق بغلطة سراي    اسرائيل تطلق قمرا تجسسيا جديدا قالت إنه "رسالة إلى أعدائها"    في سابقة من نوعها بالمغرب والعالم العربي... الاستقلال يعلن عن تأسيس معهد وطني للتطوع    ماكرون يحذر إسرائيل بخصوص حركة الاعتراف بفلسطين    اخشيشن يتباحث بالرباط مع رئيسة لجنة الشؤون الاقتصادية بمجلس الشيوخ الفرنسي    الرئيس الصيني: لا سلام عالمي دون اقتلاع جذور الحروب وبناء علاقات متوازنة    الصين تسجل "الصيف الأكثر حراً" منذ بدء رصد البيانات    جماعة إيحدادن بالناظور تودع السيدة ثريثماس سقالي فداش إلى مثواها الأخير    كيوسك الأربعاء | إطلاق 694 مشروعا جديدا لتعزيز خدمات الصرف الصحى    دراسة تكشف أهمية لقاح فيروس الجهاز التنفسي المخلوي لكبار السن    شرب كمية كافية من السوائل يساعد على تخفيف التوتر            الولايات المتحدة تعلن تحييد "قارب مخدرات" قادم من فنزويلا    "الإصلاح" تتضامن مع ضحايا الكوارث    تكهنات بانفصال لامين يامال عن نيكي نيكول بعد حذف الصور المشتركة    غموض مستقبل حمدالله بعد رغبته في الرحيل عن الشباب السعودي    أمينوكس سعيد بالحفاوة الجماهيرية في مهرجان السويسي بالرباط    وجبات خفيفة بعد الرياضة تعزز تعافي العضلات.. الخيارات البسيطة أكثر فعالية    "الحر" يطلق جديده الفني "صرا لي صرا"    80 فنانًا من دول مختلفة يشاركون في المعرض الجماعي للفن التشكيلي بتطوان    اختصاصي في جراحة العظام يكشف فوائد المشي حافي القدمين        الإخوان المسلمون والحلم بالخلافة    الأوقاف تعلن موعد أداء مصاريف الحج للائحة الانتظار من 15 إلى 19 شتنبر    ليالي العام الهجري    جديد العلم في رحلة البحث عن الحق    الزاوية الكركرية تنظم الأسبوع الدولي السابع للتصوف بمناسبة المولد النبوي الشريف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصمتقراطية
نشر في الأيام 24 يوم 27 - 02 - 2025


يوم بيوم
الصمتقراطية
نور الدين مفتاح نشر في 27 فبراير 2025 الساعة 18 و 30 دقيقة
السيد رئيس الحكومة عزيز أخنوش ليست له ملكات تواصلية جيدة، وحتى عندما تم نصحه بأن يدخل إلى عراك التنابز والنقير، خسر الرغيفين، فلا هو أفحم خصومه ولا هو أقنع الرأي العام. ولكن في العمل السياسي والحكومي، المسألة لا تتعلق بالشخص، ولكنها قضية مؤسساتية، فالتواصل ليس منّة من المسؤول، بل واجب وحساب يومي يجب أن يقدمه للمواطنين، ودليل احترام لهم، ووفاء بعقد التفويض الذي أعطوه كي يدبر شؤونهم.
والغريب أن نفس المسؤولين الذين كان عليهم أن ينشطوا بطولة وطنية في النقاش السياسي في الفضاء العام وفي المؤسسات، تجدهم مشدودين للبطولات الأوربية والأمريكية وربما الشرق أوسطية، ومشدوهين وغامزين لامزين بأنهم سيئوا الحظ أن كانوا وزراء أو برلمانيين في المغرب! والغريب أن هؤلاء المتعجرفين لا يعرفون أن الكثيرين منهم لا يمكن أبداً أن يكونوا في مواقع المسؤولية لو كانوا في البلاد التي يرسلون إليها أبناءهم للدراسة، ويذهبون إليها للعلاج إذا مرضوا، ويحولون إليها أموالهم خوفا من المستقبل. وهذا لسبب بسيط هو أنهم إما غير أكفاء أو غير نزهاء أو ببساطة بلهاء.
نور الدين مفتاح [email protected]


سيلاحظ جزء من النخبة أننا بعيدون في المغرب بأعوام ضوئية عن النقاش الذي يتابعونه في الضفة الأخرى للمتوسط، أو من خلال التواصل المحموم في مركز القرار في الولايات المتحدة الأمريكية، فعلى الرغم من أن قنوات الأخبار في فرنسا يغلب عليها الطابع اليميني واليميني المتطرف، وعلى الرغم من أن الإدارة الأمريكية هي اليوم واحدة من أكثر الإدارات اندفاعا وتهورا، إلا أن التواصل كفرض عين في الديموقراطية يعتبر متعة وفائدة، لدرجة أن الكثيرين هنا أصبحوا مهاجرين إعلاميّا في الخارج.

ويكاد هذا الجزء من النخبة، إما عبر القنوات العربوفونية أو الفرنكفونية، أن يعرف ما يجري ويدور في بقاع الدنيا أكثر مما يجري ببلادنا. وقد لا تجد إلا المعنيين بالأمر ربما، ممن التفتوا لإنهاء البرلمان المغربي لدورته الخريفية، وهي خريفية موسما ومضمونا، فيما تجد جزءا كبيرا يعرف ما يجري في البرلمان الفرنسي ومبادرات سحب الثقة من الوزير الأول فرانسوا بايرو، والملفات التي تتناطح عليها الطبقة السياسية في باريس من إصلاح أنظمة التقاعد إلى الهجرة إلى محاربة الانفلاتات الأمنية. بل إن جريمة قتل الطفلة لويز جنوب باريس وهي في طريقها من المدرسة إلى بيتها أصبحت قضية وطنية تجاوزت نطاق الحوادث لتغدو مسألة سياسية بامتياز.

وفي الولايات المتحدة الأمريكية، نتابع يوميا سيلا جارفا من القرارات والتفسيرات والمؤتمرات الصحافية التي لا تنتهي، وحتى أسوأها التي تثير التقزز أحيانا بمضمونها غير المنصف في تصرف الإدارة الأمريكية في السياسة الدولية، فإننا نجد فيها ما يستحق المتابعة لأنها بدون لغة خشب، وتجعل السياسة في مصدر القرار تلعب في ملعب مكشوف عموماً عدا ما يدخل في نطاق أسرار الدولة.

هناك قيامة في العالم لا تهدأ تطوراتها، وبالتالي يخال المرء ألا شيء يجري في بيتنا ومحيطنا ما دمنا في الجانب التواصلي نتشابه مع دول عديدة في هذا المحيط. ولا نستغرب إذا وصل الأمر أن يصبح الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية برتبة وزير يلقي خطابه الأسبوعي الخشبي أمام كراس فارغة!

السيد رئيس الحكومة عزيز أخنوش ليست له ملكات تواصلية جيدة، وحتى عندما تم نصحه بأن يدخل إلى عراك التنابز والنقير، خسر الرغيفين، فلا هو أفحم خصومه ولا هو أقنع الرأي العام. ولكن في العمل السياسي والحكومي، المسألة لا تتعلق بالشخص، ولكنها قضية مؤسساتية، فالتواصل ليس منّة من المسؤول، بل واجب وحساب يومي يجب أن يقدمه للمواطنين، ودليل احترام لهم، ووفاء بعقد التفويض الذي أعطوه كي يدبر شؤونهم.

والغريب أن نفس المسؤولين الذين كان عليهم أن ينشطوا بطولة وطنية في النقاش السياسي في الفضاء العام وفي المؤسسات، تجدهم مشدودين للبطولات الأوربية والأمريكية وربما الشرق أوسطية، ومشدوهين وغامزين لامزين بأنهم سيئوا الحظ أن كانوا وزراء أو برلمانيين في المغرب! والغريب أن هؤلاء المتعجرفين لا يعرفون أن الكثيرين منهم لا يمكن أبداً أن يكونوا في مواقع المسؤولية لو كانوا في البلاد التي يرسلون إليها أبناءهم للدراسة، ويذهبون إليها للعلاج إذا مرضوا، ويحولون إليها أموالهم خوفا من المستقبل. وهذا لسبب بسيط هو أنهم إما غير أكفاء أو غير نزهاء أو ببساطة بلهاء.

الوزير الفرنسي يشرح للفرنسيين، والإسباني يقدم الحساب والإيطالي يجادل والأمريكي يفسر… أما الوزير المغربي فيتهكم أو يتعالى أو يتصابى، اللهم إلا من رحم ربك. وأكاد أجزم أنه لم يسبق أن كانت هناك حكومة مغربية أغلبيتها بهذا الغرور كما هي اليوم!

والنتيجة هي أن الخطاب الرسمي على شحه في واد، وما يعيشه الناس في واد آخر، فلماذا مازال ضحايا زلزال الحوز مثلا في أوضاع تدمي القلب رغم كل الهبة الوطنية والدولية التي عشناها، والقرارات التي اتخذت من أعلى سلطة في البلاد؟ لماذا كل هذا الغلاء الفاحش الذي ينهك الناس على الرغم من أن العوامل الدولية المتحجج بها انتهت أو تضاءلت؟ ما الذي جرى بالضبط حتى تم تمرير قانون الإضراب بأغلبية أوتوماتيكية ضدا على إرادة ممثلي المأجورين الذين اضطروا لخوض إضراب عام؟ لماذا سجلت البطالة أعلى مستوى لها في تاريخ المملكة مع أن هذه الحكومة هي التي رفعت إلى الأعلى شعار الدولة الاجتماعية؟ لماذا تصر الحكومة على إصدار قوانين تنتزع بها الغضب في جل القطاعات، من المحامين إلى الأطباء إلى الصيادلة إلى رجال التعليم، وإلى الإعلام، وإلى النقابات كلها، وبعدها تعود للترقيع والتعديل أو تترك الناس يضربون رؤوسهم مع الحائط؟ لماذا يظل التعليم المأزوم على حاله والصحة على حالها ولا يتكلم الوزراء كأنهم مطوقون بواجب التحفظ؟

أوروبا اليوم تعيش أحد أكبر التحديات، حيث أن شرخا كبيرا يهدد جدار الغرب وينذر بتفكك الحلف الأطلسي، نظرا للسياسة الانعزالية لإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وهناك نية أمريكية في زعزعة الاتحاد الأوروبي لتقوية الإمبراطورية الأمريكية.

وهو استهداف علني شرس اتجه للسياسة بدعم واشنطن لأحزاب اليمين المتطرف، واتجه للاقتصاد ببداية فرض الرسوم الجمركية على الواردات الأوربية، وبتقليص تمويل الحلف الأطلسي، وبالاستفراد بحل القضية الروسية الأوكرانية. فأين نحن من كل هذا، على أساس أن أوروبا شريكنا الاقتصادي الأول وكل ما يمسها سيمسنا؟

وإذا كان لا حديث للأوروبيين اليوم إلا عن التهديد الأمريكي في قنواتهم ومؤسساتهم، فإننا هنا نبقى مجرد ملتزمين باللاحديث وكأننا سنسلم من التحديات العالمية بتركها، ولنفتح التلفزيون المغربي وسنجد ما يعجز الذكاء الاصطناعي نفسه عن تفسيره أو فهم سياقه.

وها نحن نعيش الديموقراطية على الشاشات هناك، والصمتقراطية هنا في انتظار «غودو». الله يجيبو على خير!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.