شهدت احتفالات فاتح ماي لهذه السنة حضورا باهتا في شوارع مدينة الدارالبيضاء، حيث اقتصرت المسيرات النقابية على تجمعات محدودة، خلافا لما يُنتظر من هذا اليوم كنقطة نضالية رمزية للطبقة العاملة، حيث برزت وسط هذه الأجواء، مخاوف نقابية متزايدة بشأن مشاريع قوانين تعتبرها مهددة للحقوق والحريات الدستورية.
في هذا السياق، استنكر ميلود مخاريق الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل اليوم الخميس خلال فعاليات فاتح ماي، ما وصفه ب"فبركة الملفات واعتقال مناضلين شرفاء"، معتبرا أن هذه الممارسات تندرج ضمن مسار متصاعد من التضييق على الحريات العامة، ويتزامن مع تدهور القدرة الشرائية وارتفاع مؤشرات الهشاشة الاجتماعية.
وخلال كلمته في اللقاء، أكد الأمين العام، أن هذه الخطوة تعكس رفض السياسات العمومية التي تكرّس الفوارق الاجتماعية وتُفاقم الأوضاع الاقتصادية للطبقة الشغيلة، في ظل أزمات دولية متلاحقة، تشمل الحروب، التوترات الاقتصادية، والتحديات البيئية.
وتوقف الأمين العام عند الإضراب الوطني الذي خاضته النقابة يومي 5 و6 فبراير المنصرم، مشيراً إلى أنه جاء احتجاجاً على خرق الاتفاقيات الدولية والتشريعات الوطنية، وعلى رأسها الدستور المغربي، مؤكدا أن أي مسار إصلاحي حقيقي لا يمكن أن يتحقق دون إعادة الاعتبار لقطاعات الشغل والصحة والتعليم.
وانتقد مخاريق غياب إرادة سياسية حقيقية لإرساء حوار اجتماعي منتج، معبّراً عن رفض النقابة لتمرير مشاريع قوانين تمسّ مصالح الشغيلة دون مشاورات جدية، مشدّدا على ضرورة احترام كرامة العمال وضمان بيئة حوار عادلة ومتوازنة.
من جانب آخر، عبّر ميلود مخاريق، الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، في تصريح لموقع "الأيام 24″، عن رفضه القاطع لمشروع قانون الإضراب، واصفاً إياه ب"محاولة صريحة لتقييد العمل النقابي وانتهاك الحق الدستوري في الإضراب"،معتبراً أن تمريره عبر أغلبية برلمانية ضعيفة يعد "مهزلة تشريعية" و"ضربة لمصداقية الحكومة وكل من يدعمها".
كما حذّر الأمين العام من مشروع قانون النقابات، الذي يرى فيه توجهاً نحو فرض وصاية إدارية على التنظيمات النقابية، مما يُهدد استقلالية القرار النقابي ويُضعف دورها في التأثير على السياسات العامة.
وأشار مخاريق إلى أن القوانين المطروحة لا تعزز التعددية والديمقراطية الداخلية بقدر ما تسعى إلى تقليص مساحة الفعل النقابي المستقل، مبرزا أن الحركة النقابية تُعد ركيزة أساسية في التوازن الديمقراطي، وأن المس بها هو انتقاص من مقومات دولة القانون.
كما نبه المتحدث عينه، إلى خطورة تشريع قوانين ذات طابع زجري أو تقني دون مراعاة الأبعاد السياسية والاجتماعية، معتبراً أن إصلاح منظومة الحقوق لا يمكن أن يتم بمنطق إداري صرف، بل يجب أن يستند إلى توافق وطني واسع يُراعي مصلحة الشغيلة.
وانتقد مخاريق بشدة ما وصفه ب"المثلث الملعون"، في إشارة إلى رفع سن التقاعد، وزيادة الاقتطاعات من الأجور، وتراجع الحماية الاجتماعية، معتبراً أن هذه الإجراءات تُفاقم الهشاشة ولا تخدم العدالة الاجتماعية.
وفي ختام تصريحاته، دعا الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل إلى تعبئة نقابية متجددة، هدفها الدفاع عن الحريات النقابية، وصون المكتسبات الاجتماعية والاقتصادية، وتحقيق عدالة جبائية تضمن توزيعاً منصفاً للأعباء بين مختلف فئات المجتمع.