في قائمة العلماء الإيرانيين الذين قالت إسرائيل إنها نجحت في تصفيتهم خلال الهجوم الكبير على إيران، يبرز اسم فريديون عباسي دوائي، أحد العقول المدبرة للبرنامج النووي الإيراني، والرجل الذي نجا من الاغتيال عام 2010، قبل أن يُعلن مقتله في 2025، في هجوم يُعد من أخطر الضربات ضد النخبة العلمية الإيرانية.
من الفيزياء إلى الحرس الثوري ولد عباسي دوائي سنة 1958 في مدينة عبادان، جنوب غرب إيران، وتخصص في الفيزياء النووية، حيث شغل لاحقا منصب أستاذ في جامعة الشهيد بهشتي بطهران.
لكن مسيرته العلمية لم تكن بمنأى عن السياسة، إذ انخرط منذ شبابه في الحرس الثوري الإسلامي، وكان من أوائل أعضائه سنة 1979، وشارك في الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينات، مما صقل لديه الحس الأمني والعقائدي الذي سيلازم مشواره لاحقا.
رجل الظل في المشروع النووي في دوائر الاستخبارات الغربية، يُوصف دوائي بأنه من أبرز العقول التي ساهمت في تطوير القدرات النووية الإيرانية، خصوصا الجانب العسكري السري منها.
وتشير تقارير متخصصة، أبرزها صادرة عن معهد العلوم والأمن الدولي، إلى أنه كان المشرف على حسابات قوة تفجير الأسلحة النووية ومصادر النيوترونات عالية الطاقة.
وفي العام 2007، أدرج اسمه ضمن لائحة مجلس الأمن الدولي (القرار 1747) باعتباره شخصية متورطة في أنشطة إيران النووية والصاروخية، وتم ربطه ب "معهد الفيزياء التطبيقية" التابع لوزارة الدفاع الإيرانية.
لاحقا، فرضت عليه كل من الخزانة الأمريكية والاتحاد الأوروبي عقوبات قاسية شملت حظر السفر وتجميد الأصول.
النجاة من محاولة اغتيال في 29 نونبر 2010، استهدفه انفجار لغم مغناطيسي وُضع في سيارته بإحدى شوارع طهران. نجا دوائي من الحادث بإصابات، لكنه خرج منه أكثر تشددا في مواقفه، ليُعيّن بعدها بأشهر رئيسًا لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية (2011-2013) في عهد محمود أحمدي نجاد.
خلال ولايته، عرفت علاقات إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية توترا كبيرا، ورفض دوائي مرارا فتح منشآت نووية "مشبوهة" للتفتيش الدولي، بدعوى السيادة الوطنية. وقد تلقى في ديسمبر 2011 رسالة رسمية من مدير الوكالة حينها، يوكيا أمانو، أعرب فيها عن القلق إزاء "البعد العسكري المحتمل" للبرنامج الإيراني.
من المنصب إلى البرلمان رغم إقالته من منصبه في 2013، ظل دوائي أحد المدافعين المتشددين عن الخيار النووي، ودخل البرلمان الإيراني عام 2020 ضمن تيار المحافظين المتشددين، حيث استمر إلى حدود 2024.
وخلال تلك الفترة، كان صوتا صلبا في دعم سياسات الدفاع والتطوير التكنولوجي الإيراني، حتى في ظل العقوبات.
الاغتيال الذي تأخر 15 عاما العملية التي أودت بحياته عام 2025 -وفقا لما أعلن عنه الجيش الإسرائيلي- جاءت بعد نحو 15 سنة من فشل محاولة أولى.
وبذلك، تفقد إيران أحد أبرز العلماء النوويين الإيرانيين، بعد أن شكّل لسنوات رأس حربة في طموحها النووي، وأحد أكثر الشخصيات المستهدفة من قبل أجهزة الاستخبارات الغربية والإسرائيلية.