وجهت الصحافة الجزائرية، خلال الساعات الأخيرة، هجوما حادا وغير مسبوق ضد الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، على خلفية مشاركته في قمة مصغرة بالبيت الأبيض، وجهت له فيها دعوة رسمية، بصفته "الرئيس العربي الوحيد الحاضر في الحدث"، في وقت غابت فيه الجزائر.
وذكرت صحيفة "أنباء إنفو" الموريتانية، اليوم الأحد، أن صحيفة Le Matin d'Algérie الجزائرية هاجمت الرئيس الغزواني بألفاظ جارحة وعبارات مهينة، في مقال للكاتب الجزائري "شرفاوي محمد رشيد"، الذي تخلى -بحسب الصحيفة- "عن كل معايير المهنية، واستبدل التحليل بالشتيمة، والاختلاف السياسي بالحقد، فقط لأن موريتانيا حضرت حيث غابت الجزائر".
وأضافت الصحيفة الموريتانية أن كاتب المقال لم يقدّم أي قراءة تحليلية لمآلات القمة أو دلالاتها، بل عبر عن مرارة من شاهد علم موريتانيا يرفرف أمام البيت الأبيض، في حين بقيت الجزائر خارج دائرة الحضور والتأثير. واصفة ما ورد بأنه "انفجار ذاتي لقوم اعتادوا أن يحملوا الآخرين مسؤولية إخفاقاتهم الخارجية".
وأوضحت أن الرئيس الغزواني "لم يشارك في القمة بحثا عن الأضواء أو الواجهة، بل مثل بلاده برصانة واتزان، وشارك في حوارات محورية حول الأمن في الساحل والتعاون في مجالات الطاقة والبنية التحتية، بما يخدم مصالح موريتانيا والمنطقة".
وتساءلت صحيفة أنباء إنفو الموريتانية عن أسباب الحنق المتكرر من بعض الأقلام الجزائرية كلما سجلت موريتانيا حضورا مشرفا على الساحة الدولية، متهمة هذه الجهات الإعلامية ب"الاستفزاز المزمن، كلما أثبتت نواكشوط استقلالها في القرار السياسي وتمسكها بسيادتها".
وفي هذا السياق، ذكرت الصحيفة الموريتانية بتاريخ العلاقة المعقدة بين الجزائروموريتانيا، مشيرة إلى أن "الجزائر كانت، في لحظات فارقة من التاريخ الموريتاني، مصدر تهديد مباشر من خلال دعم جماعات مسلحة انطلقت من أراضيها، ورغم ذلك، فضلت نواكشوط الصمت والتسامح، ولم ترد بالمثل، إيمانا منها بعمق العلاقات بين الشعبين".
كما أكدت صحيفة الأنباء الموريتانية أن الهجمات الإعلامية المتكررة على موريتانيا تكشف حالة من الإرباك في الخطاب السياسي الجزائري، ومحاولة للتغطية على غياب الجزائر عن مواقع القرار في المنتديات الدولية.
وأضافت أن "حرية التعبير لا تعني استباحة أعراض الدول وسيادتها"، مشددة على أن "موريتانيا ستظل صوتا نقيا ومتزنا، ترد على الشتائم بالصمت، وعلى الاستفزاز بالرصانة".
وختمت الصحيفة الموريتانية بالقول إن "الكرامة لا تبنى بالمقالات الغاضبة ولا بالشعارات الصاخبة، بل بالهدوء المسؤول والاحترام المتبادل"، مؤكدة أن "موريتانيا، برئاسة محمد ولد الشيخ الغزواني، ترفض الانجرار إلى منطق التراشق الإعلامي، وتواصل مسارها بثقة واعتدال، وفاء لثوابتها وخدمة لمصالح شعبها".
يشار إلى أن التوتر الإعلامي بين الجزائروموريتانيا يكشف انزعاج النظام الجزائري من تموقع نواكشوط المتوازن في بعض القضايا الإقليمية، وخصوصا حين لا تنخرط موريتانيا في الأجندات السياسية التي تسعى الجزائر إلى فرضها داخل الفضاء المغاربي.