خرج عدد من عمّال شركة "غلوفو" المتخصصة في توصيل الطلبيات، قبل قليل، في احتجاجات غاضبة، على خلفية ما اعتبروه "إساءة صريحة للوحدة الترابية للمملكة"، بعد أن عمدت الشركة إلى نشر خريطة مبتورة للمغرب، سواء عبر التطبيق المخصص للزبناء أو عبر المنصة الخاصة بالعمّال، مؤكدين أن هذا الفعل لا يمكن أن يكون مجرد "سوء تدبير"، بل يعكس سوء نية مبيتة، تستوجب المحاسبة. ولم تتوقف احتجاجات عمّال "غلوفو" عند المسّ بالوحدة الترابية، بل توسعت لتشمل ظروف الاشتغال التي وصفوها ب"المجحفة والمهينة"، متهمين الشركة ب"التنصل من التزاماتها القانونية واستغلالهم تحت غطاء المقاولة الذاتية". وفي تصريح له خص به موقع "الأيام 24″، أكد عماد الدين قشيقش عضو مكتب الاتحاد المغربي للشغل ونائب الكاتب الوطني للشبيبة العاملة المغربية، بأن العاملين في الشركة يشتغلون في "ظروف أقرب للعبودية"، موضحا أن الشركة لا تعترف بهم كمستخدمين، بل تصنّفهم كمقاولين ذاتيين، في حين أنهم في الواقع يشتغلون بأجر زهيد وفي غياب تام للحقوق الأساسية. وكشف المتحدث نفسه أن الشركة تمنح كل عامل تسعين سنتيما فقط عن كل كيلومتر يتم توصيله، في الوقت الذي تحقّق فيه أرباحا كبيرة قد تصل إلى 34% من قيمة كل طلبية، وهي نسبة تفوق حتى ما تجنيه بعض المطاعم المتعاقدة مع المنصة. وأبرز المحتجون أن شركة "غلوفو" لا تصرح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ما يحرمهم من التقاعد، والتغطية الصحية، والتأمين ضد الحوادث والمخاطر المرتبطة بالمهنة، معتبرين عن استنكارهم لإجبارهم على القيام بمهام غير قانونية مثل دخول الإقامات السكنية والشقق، رغم أن القانون يمنع ذلك. وتفجرت هذه الحركة الاحتجاجية بشكل أكبر بعد طرد نقابي يدعى "حمودة"، كان يشغل دور الممثل الصوتي للعمال داخل الشركة، حيثة اعتبر المحتجون طرده بمثابة انتقام من تنظيمهم النقابي، مطالبين بإرجاعه إلى عمله فورًا، مع تمتيع جميع العاملين بحقوق عادلة تحفظ كرامتهم. وعبّر المحتجون خلال وقفتهم، عن سخطهم من تدني الأجور التي يتقاضونها، واصفين الوضع ب"الكارثة" و"المهزلة"، مؤكدين أن إدارة الشركة تستغل كل فرصة ل"الانتقام" من العمال، مضيفين أنهم يعانون من تمييز عنصري وتعامل لا إنساني. واستنكر العمال المعاملة المزدوجة التي تنتهجها الشركة، حيث تعاملهم كمقاولين ذاتيين في ما يتعلق بالحقوق، لكن كعمّال خاضعين في ما يتعلق بالواجبات والمهام، مشددين على أن هذا الأسلوب فيه تحايل واضح على القانون وامتهان لكرامة العامل المغربي. ورفع المحتجون شعارات قوية تطالب الشركة بالكف فورًا عن استخدام خريطة مبتورة للمملكة، داعين الحكومة المغربية إلى التدخل العاجل لحماية السيادة الوطنية وصون كرامة وحقوق العمال في مواجهة ما أسموه ب"جشع الشركات الأجنبية". وأدان ذات المحتجين غياب التعويض عن المخاطر، وغياب التغطية عن الساعات الإضافية، والعمل في أيام الأعياد، وفرض مهام دعائية دون مقابل، مطالبين بتسوية عاجلة لوضعيتهم، ومساواة عمّال الدراجات الهوائية بزملائهم في الدراجات النارية في ما يخص الأجر، رافضين منطق الضغط والاستغلال.