1 الوصمة الوحيدة الفريدة التي تحيكها ريشة الكاتب ليست أقدر من بناء مائي على صفحات من اليوطوبيا، سرعان ما تتهاوى على مهبط الواقع المرير. يستلزم إعادة النبض لتلك الواحة الجسدية التي غمرت روح الكاتب برضوض منذورة للضياع والإبادة حتى يتم إعادة تشكيل الذات االمبدعة بما يناسب الخطاب واللغة والشكل الإيتيقي والممارسة الجانحة للعيش المفدى على ظهر البسيطة، وإلا ما اتسع اهتداء حكماء العقل إلى ما يثير أحقيتهم في أن يتمايزوا ويتميزوا على العامة بالتفكير وتثوير الحياة واعتمال الممكنات من نظريات التدبير وغير ذلك مما يسع الجهد الانساني والتوق إلى السعادة المادية.. يمكن القول إذن أن الكاتب بالمعنى الفلسفي هو ما يوحي قطعا بوجود ما يحلله، مسكوتا عنه بإعادة تركيبه عكسيا، ليكون مفهوما على صورته الطبيعية. لأنه لا يتوق لشفافية تتعدى عقله وتطمر نظره بلزوم عتبات الأنا وما عداه الجحيم؟ فلتتسع قلوبنا للكاتب الذي يصدح بالحقيقة ويكون في ثنايا الناس كورق الأشجار، يعلو بهبوب الريح مع المقهورين ويتلازم التصاقا بهمومهم وقضاياهم ويصطف خلفهم ناشدا للنصرة وشاهرا سيف العدالة أنى اقتبلت صدادة المواجهة وعلا نقع البلاء رؤوس الشاردين.. 2 يستطيع الكاتب أن يقول كل شيء، وينتهي بالعالم إلى العدم، لكنه بالموازاة لا يستطيع إنكار قلقه في انحياز نظرية التمييز وسوء تدبير الإدارة الثقافية تجاهه. على الأقل في تجاهل وضعه الاعتباري ومكانته الرمزية في المجتمع. اذا كان الوعي بالكتابة راهنا معرفيا وجسرا للانفتاح على العقل الانتلجنسي المتحرك ونافذة للتغيير والتحول الاجتماعي والثقافي، فالاحرى أن يتعانق الإحساس الجمعي مؤسسات وجامعات ومراكز بحث ومجتمع مدني من أجل أن تتصل مبادىء التأسيس لدائرة ابداعية وفنية تكون مدخلات تشبيكها دافعا للتنمية وحجرا قاعديا لنهضة عقل الأمة ووعاء لاعتمال فورات الإنجاز السيروري لكل ما هو حقيق بتشكيل الطفرات الإبداعية والفنية.. وليس بخاف على من يواكب تردي أفق الانكتاب في مجتمع مغلق مفتون بالهوامش والغرائز، أن حالة الثقافة والمثقفين ببلادنا تحيل في أغلبها إلى الضياع والرهق والتلاشي، بفعل جنوح الرسمي الإداري لمداراة واقع التردي وتمييع الثقافة والمشتغلين عليها. بل إفراغها من محتواها العقلاني وافراز تيارات خربة ومصحرة وانتهازية. كذا فرض حدود غاصبة للشأن الثقافي تجعل من العهارة والرداءة صورا فوقية في ألبوم التجديد والحداثة وفارقا في ساعة الحسم وسؤالا كينونيا في مضمار الامتداد المزعوم.. لا يمكن استيعاب هذا الحيف والظلم الممارس على المفكرين والنخب الثقافية وتصديقه والمصادقة عليه؛ دون الالتفات لحجم التصدع الذي يعانيه الكيان الثقافي المغربي، على جميع المستويات؛ من إفراز شريحة طفيلية لا ترتبط البتة بقضايا الشعب، تمارس وبخلفيات براغماتية وايديولوجية نهمها الزائد وغلوها البائد.. كما أن النقاش الدراماتيكي بين بني الجلدة الثقافية الواحدة أضحى يعاني تمزقا مهولا وخريفا سائدا على كل درجات التنطع والكبرياء الممتد مع الأسف الشديد لواجهة القدوة المأمول فيها ومنها الخروج من الأزمة وليس تأجيجها أو تأجيلها عنوة!!؟؟