صاحبة السمو الملكي الأميرة للا مريم تترأس المجلس الإداري للمصالح الاجتماعية للقوات المسلحة الملكية    ارتسامات المؤتمرين حول المؤتمر الثامن عشر لحزب الاستقلال    الحكومة تقترح على النقابات زيادة 10% في الحد الأدنى للأجور    الصين تؤكد التزامها لصالح علاقات مستقرة ومستدامة مع الولايات المتحدة    دعوة لإحياء جمعة الغضب بالمغرب دعما للشعب الفلسطيني    وزارة التعليم تشن حملة ضد "العلكة" في مدارس تيزنيت    "العمق" تتوج بالجائزة الثانية في الصحافة الفلاحية والقروية (فيديو)    مندوبية السجون تقرر إغلاق السجن المحلي المعروف ب"سات فيلاج"    انتخاب رئيس جديد على رأس الإتحاد الإسباني لكرة القدم    بايتاس : الحكومة لا تعتزم الزيادة في أسعار قنينات الغاز في الوقت الراهن    كأس الكاف .. نهضة بركان يعلن طرح تذاكر مباراته أمام اتحاد العاصمة الجزائري    الطقس غدا السبت.. أمطار فوق هذه المناطق ورياح قوية مصحوبة بتناثر غبار محليا    جماهير اتحاد العاصمة تثور على السلطات الجزائرية بسبب المغرب    بوطازوت تفتتح فعاليات الدورة الخامسة لمهرجان الشرق للضحك        سعر الذهب يتجه نحو تسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    العرائش : انطلاق أشغال مشروع تهيئة الغابة الحضرية "ليبيكا"        احتجاجا على حرب غزة.. استقالة مسؤولة بالخارجية الأمريكية    تطوان .. احتفالية خاصة تخليدا لشهر التراث 2024    "شيخ الخمارين ..الروبيو ، نديم شكري" كتاب جديد لأسامة العوامي التيوى    البحرية الملكية تقدم المساعدة ل 85 مرشحا للهجرة غير النظامية    أخنوش معلقا على احتجاجات طلبة الطب: ليس هناك سنة بيضاء و3 آلاف طالب يدرسون كل يوم    طلبة الطب والصيدلة يتفاعلون بشكل إيجابي مع دعوة أخنوش    محمد عشاتي: سيرة فنان مغربي نسج لوحات مفعمة بالحلم وعطر الطفولة..    فضايح جديدة فالبرنامج الاجتماعي "أوراش" وصلات للنيابة العامة ففاس: تلاعبات وتزوير وصنع وثيقة تتضمن وقائع غير صحيحة    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولات الجمعة على وقع الانخفاض    جرسيف.. مشروع بكلفة 20 مليون درهم لتقوية تزويد المدينة بالماء الشروب    بروفيسور عبد العزيز عيشان ل"رسالة24″: هناك علاج المناعي يخلص المريض من حساسية الربيع نهائيا    أخنوش يحسم الجدل بخصوص التعديل الحكومي    مجمع الفوسفاط ينجح في تعبئة ملياري دولار عبر سندات اقتراض دولية    السعودية قد تمثل للمرة الأولى في مسابقة ملكة جمال الكون    المغرب يطرح مناقصة لبناء مزرعة رياح بقدرة 400 ميغاوات    أخنوش: الأسرة في قلب معادلتنا التنموية وقطعنا أشواطاً مهمة في تنزيل البرامج الاجتماعية    "IA Branding Factory"… استفادة 11 تعاونية من الخدمات التكنولوجية للذكاء الاصطناعي    طلبة الطب يقررون تعليق كل الخطوات الاحتجاجية وفسح المجال للحوار    رسميا.. بدر بانون يعود لأحضان فريقه الأم    بطولة إفريقيا للجيدو... المنتخب المغربي يفوز بميداليتين ذهبيتين ونحاسيتين في اليوم الأول من المنافسات    رغم القمع والاعتقالات.. التظاهرات الداعمة لفلسطين تتواصل في العالم    مؤسسة (البيت العربي) بإسبانيا تفوز بجائزة الشيخ زايد للكتاب في دورتها ال18    عرض فيلم "أفضل" بالمعهد الفرنسي بتطوان    انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس "مولان روج"    تحت اشراف الجامعة الملكية المغربية للملاكمة عصبة جهة سوس ماسة للملاكمة تنظم بطولة الفئات السنية    الدكتور عبدالله بوصوف: قميص بركان وحدود " المغرب الحقة "    شاهد كيف عرض فيفا خريطة المغرب بمتحفه في زوريخ    وزير دفاع إسرائيل: ما غنوقفوش القتال حتى نرجعو المحتجزين لعند حماس    هل دقت طبول الحرب الشاملة بين الجزائر والمغرب؟    البيرو..مشاركة مغربية في "معرض السفارات" بليما لإبراز الإشعاع الثقافي للمملكة    مؤتمر دولي بفاس يوصي بتشجيع الأبحاث المتعلقة بترجمة اللغات المحلية    الأمثال العامية بتطوان... (582)    في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشار المرض بسبب التغير المناخي    خبراء ومختصون يكشفون تفاصيل استراتيجية مواجهة المغرب للحصبة ولمنع ظهور أمراض أخرى    جراحون أميركيون يزرعون للمرة الثانية كلية خنزير لمريض حي    قميصُ بركان    لأول مرة في التاريخ سيرى ساكنة الناظور ومليلية هذا الحدث أوضح من العالم    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من خطر الإصابة بسرطان القولون    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المجلس الاقتصادي والاجتماعي ينتقد السياسات العمومية التي طبقت في الأقاليم الجنوبية

قرر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي غداة الخطاب الملكي السامي، احداث لجنة متخصصة مكلفة بقيادة اشغال اعداد ارضية لنموذج تنموي جهوي مندمج ومستدام لصالح الاقاليم الجنوبية.
1.1 خطاب جلالة الملك بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء في 2012/11/06
«كما نؤكد التزامنا بتفعيل الجهوية المتقدمة، وجعل اقاليمنا الجنوبية في صدارتها، لما تتيحه من مشاركة السكان في تدبير شؤونهم المحلية، ومساهمتهم في التنمية البشرية المندمجة والمستدامة، ولما توفره من اجواء تعبوية تقوم على حركية مجتمعية واعدة، تفرز نخبا جديدة، لاسيما من النساء والشباب، في إطار تداول ديمقراطي مفتوح على السلطة».
«ولهذه الغاية، ندعو لبلورة نموذج تنموي جهوي مندمج ومضبوط، يطبق على اوسع نطاق، ويهدف الى تحقيق التفاعل والتكامل بين البرامج القطاعية، ورفع مختلف التحديات التي تواجهها المنطقة، واقامة منظومة اقتصادية جهوية محفزة للنمو وخلق الثروات، ومدرة لفرص الشغل، ولا سيما بالنسبة للشباب.
ولتوفير شروط النجاح لهذا المشروع الطموح، واعتبارا لما يتوفر عليه المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي ، من كفاءات واختصاصات، وتركيبة تعددية، فإنه يعد المؤهل للانكباب على اعداده، وذلك وفق مقاربة تشاركية، تتيح مشاركة السكان المعنيين ومساهمة جميع الفعاليات الوطنية.»
2.1 تحديد إطار مهمة المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي
انطلاقا من التوجيهات السامية لجلالة الملك محمد السادس، يتعين على المجلس الاقتصادي والاجتماعي، أن يعد ارضية لنموذج تنموي جهوي مندمج و مستدام للاقاليم الجنوبية، وينبغي ان يكون هذا النموذج قادرا على إعطاء نفس جديد للاقاليم الجنوبية، وعلى رفع التحديات التي تواجهها تلك الاقاليم سواء على المستوى الاقتصادي او الاجتماعي.
كما ينبغي له أن يضع مواطنات ومواطني الاقاليم الجنوبية في قلب هذا الاهتمام، وذلك عبر اشراكهم في مراحل بلورة وتفعيل هذا المشروع، ويتمثل الهدف في تحرير المزيد من روح المبادرة والطاقات الخلاقة للمواطنات والمواطنين من اجل تمكين ساكنة الجهة من الاستفادة المثلى من الإمكانات المحلية.
وينبغي ان يشجع هذا النموذج على ارساء أسس منظومة اقتصادية جهوية ملائمة للنمو وخلق الثروة وإحداث مناصب شغل لفائدة الشباب على الخصوص، عبر تعبئة وتجنيد كل مكونات المجتمع في الاقاليم الجنوبية، وتشجيع تفتحها وتوفير شروط الرفاه لها، وتشجيع الادماج في اطار احترام الخصوصيات الثقافية.
وسوف يهم هذا النموذج الساكنة المقيمة في الاقاليم المسترجعة، ولكن ايضا ساكنة اقاليم اخرى من جهة كلميم، بسبب الروابط التاريخية والاجتماعية والاتصال الجغرافي الذي يجعل من تلك الجهة منطقة وسطى بين جنوب البلاد وباقي ترابها. وبالتالي فان الجهات الادارية للعيون - بوجدور - الساقية الحمراء، ووادي الذهب - لكويرة، السمارة، سيتم التعامل معها مجتمعة تارة ومتفرقة تارة أخري، وذلك حسب ما تمليه خصوصيات كل جهة.
وسيركز العمل الجاري في هذا الاطار على مجالات اختصاص المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، اي الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية، علما انه لن يتردد في مقاربة الجوانب الاخرى حين يري انها ترتبط بعلاقة وثيقة مع ما يدخل في اطار اهتمامات المجلس.
ومن أجل تدبير التحولات الكبرى، مع أخذ الانتظارات الضاغطة للساكنة المحلية بعين الاعتبار، فإن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي يقترح العمل على أساس منظور زمني معقول يتراوح مابين عشرة إلي خمسة عشرة سنة.
ستندرج اعمال المجلس في اطار مشروع الجهوية المتقدمة، لتسهم في التفعيل الاقتصادي والاجتماعي والثقافي لهذا المشروع الذي بدأت معالمه ترتسم على المستوي الوطني. وان من شأن هذه الاشغال، اذ تسهل تجسيد وتفعيل الجهوية المتقدمة، ان تهيء المجال لنجاح تجربة الحكم الذاتي المقترحة من قبل المغرب، حالما يجري التفاوض على صيغتها النهائية في اطار الأمم المتحدة.
ولاترمي اشغال المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الى الحلول محل الفاعلين المؤسسين المكلفين بالتخطيط والتنمية المجالية، من دولة وجهة ومنتخبين محليين ومجتمع مدني وشركاء اجتماعيين، بل يتمثل الهدف الذي تطمح اليه هذه الاشغال في اقتراح ارضية مشتركة من شأنها ان تسهل تعبئة الفاعلين حول مشروع جامع.
3.1 مقاربة المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي
تقديم المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي
ان المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي مؤسسة دستورية مستقلة، تقوم بمهمات استشارية لدى الحكومة والبرلمان بغرفتيه. ويتكون المجلس من تسعة وتسعين عضوا يمثلون مختلف التيارات وتنظيمات المجتمع المدني، ويشاركون بانتظام في بلورة تقارير المجلس وتبني ارائه في جموع عامة تنعقد بحضور الاعضاء جميعا. ويتصرف المجلس. في آن واحد، كمرصد للوضعية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية للبلاد ولإشارات الهشاشة القادمة من المجتمع وكقوة اقتراحية حول مواضيع اجتماعية، كما ان المجلس فضاء للحوار الاجتماعي والمدني لتحقيق التقارب بين حساسيات مختلفة تكون لها في بعض الاحيان مصالح متضاربة وتعكس الاشغال التي تقوم بها منذ ما يقارب السنتين هذا التموقع بطريقة ملموسة وفعلية.
في سياق إعداد ارضية للنموذج التنموي للاقاليم الجنوبية سيستفيد المجلس من تركيبته المتعددة وتمثيليته للمجتمع المدني المنظم، ومنهجه التشاركي القائم على الانصات والتشاور والحوار والمنهجية التفاعلية بين التشخيص والدراسة المقارنة والتوصيات الاجرائية.
وهكذا سيمثل المجلس قوة اقتراح فاعلة، تأخذ في اعتبارها رأي المكونات المختلفة للساكنة المحلية وقواها الحية، بطريقة موضوعية ومستقلة، كما سيحرص على التقريب بين وجهات النظر حول التحولات التي ينبغي القيام بها والاصلاحات التي يتعين ادخالها في الاقاليم الجنوبية.
لجنة المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي المتخصصة
قرر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي غداة الخطاب الملكي السامي، احداث لجنة متخصصة مكلفة بقيادة اشغال اعداد ارضية لنموذج تنموي جهوي مندمج ومستدام لصالح الاقاليم الجنوبية.
ستقوم هذه اللجنة بتشخيص وتحليل نقدي للحال الراهنة، واقتراح التحولات التي من الملائم ادخالها على السياسات العمومية من اجل بلوغ الأهداف المرسومة. وسيتعين عليها، في مرحلة تالية، تحديد سيناريوهات التنمية المنشودة والمشاريع التي من شأنها المساعدة على تجسيده، السبل اللازم انتهاجها في ارساء وتدبير انتقال من الواقع الحالي الى النموذج المنشود، مع التركيز على الموضوعات الرئيسية.
تتكون اللجنة المتخصصة من خمسة وعشرين عضوا جرى تعيينهم حسب منهج ديمقراطي، بحيث يدخل في تركيبتها ممثلون عن الفئات الخمس التي تكون المجلس، وعن اللجان الست الدائمة. و قد ارست اللجنة هيئاتها الخاصة للعمل، من رئيس ونائبه ومقررين ومجموعة عمل متخصصة.
إعداد ورقة تأطيرية لمهمة المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي
قررت اللجنة ان تبدأ اشغالها باعداد ورقة تأطيرية لمهمتها، تقدم العناصر الاولى للتشخيص، ومرجعية المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، والتحولات الكبرى التي ينبغي أن يركز عليها المجلس، وكذا النتائج المتوقعة، كما تحدد هذه الورقة المنهجية التي ينبغي اتباعها في تحديد مراحل الدراسة والاستماع واشراك الساكنة والفاعلين المؤسسين المعنيين، وفي مجال التحليل والنقاشات الداخلية للمجلس، واخيرا في مجال تبني وتقديم خلاصات المجلس.
وقد اعتمد إعداد هذه الورقة، الذي تطلب ما يناهز شهرين من الزمن، على تحليل مختلف الدراسات التي تم اجراؤها على مستوى الاقاليم الجنوبية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية. كما اعتمد على نقاشات مع رئيس الحكومة وبعض القطاعات الوزارية، ومجموعة اولى من جلسات الاستماع التي نظمت مع الفاعلين المؤسسين في الاقاليم الجنوبية اي وكالة تنمية الاقاليم الجنوبية، و الولاة، والرؤساء المنتخبين، بالجهات الثلاث المكونة لتلك الاقاليم، هيئات الوساطة الموجودة هناك (المجلس الوطني لحقوق الانسان، ومؤسسة الوسيط) واخيرا، كان هذا الاعداد موضوعا لنقاش واسع بين اعضاء اللجنة قبل تبني الورقة.
2- التشخيص وتوصيف
الحال الراهنة :
حصيلة مليئة بالمفارقات
يعتبر التشخيص الاولى بمثابة نتيجة للدراسات الوثائقية لجلسات الاستماع الاولى المنظمة من طرف المجلس. وكذا النقاشات الداخلية بين اعضاء اللجنة المتخصصة. وسيجري تتميمه واستكماله في ما بعد، خلال مراحل انجاز الدراسة. وذلك بهدف تحديد المسائل ذات الأهمية، التي من المناسب العمل على معالجتها من طرف المجلس في هذه المرحلة.
منذ 1975، تاريخ استرجاع الاقاليم الجنوبية الي الوطن الام، استفادت هذه الجهات من مجهودات كبيرة في مجال الاستثمار، لتمكين هذه الاقاليم بما يلزم من تجهيزات وبنيات تحتية بهدف تحقيق الامن للساكنة المقيمة في هذ المناطق، وتوفيرها شروط الولوج الى الخدمات الاجتماعية الاساسية.
انتظمت هذه الاشغال حول ثلاثة محاور رئيسية، للاسهام في تنمية الاقاليم الجنوبية والنهوض بها من حيث التجهيزات والبنيات التحتية والتنمية الاقتصادية والتنمية الاجتماعية.
غير ان النتائج تبدو متفاوتة والحصيلة مليئة بالمفارقات. فرغم تزويد الاقاليم الجنوبية بتجهيزات وبنيات تحتية متقدمة مقارنة مع اقاليم الشمال، و رغم ان مستويات ولوج الساكنة هناك الى الخدمات الاساسية وكذا المؤشرات الاجتماعية تقع في المستوى الاعلى من المعدلات الوطنية, فإن هناك مشاكل حقيقية تحول دون تحقيق الاقلاع الاقتصادي وخلق القيمة المضافة المحلية، ومشاكل مزمنة في مجال البطالة وخصوصا بطالة الشباب والنساء، وصعوبات في التماسك الاجتماعي والاندماج، وتعبر عنها التوترات الاجتماعية المتكررة. فالدولة تبقى هي المستثمر الاول والمشغل الأول في الأقاليم الجنوبية. اما الاستثمار الخاص والمبادرات الفردية فتبقى غير كافية، ولا تترجم حجم الجهود التي يتم بذلها من قبل السلطات العمومية من اجل تشجيعها وتنميتها. وفي الان ذاته، ورغم اللجوء الى اعتماد آليات مختلفة للمساعدة على المستوى الاجتماعي، فإن النتائج لا ترقى الى ماهو منتظر سواء على مستوى التنمية الاقتصادية او الاجتماعية.
وتطرح هذه الملاحظة الأولى عددا من التساؤلات حول مدى صواب وفعالية ونجاعة وأثر السياسات العمومية وحول الوسائل والسبل الكفيلة بتحسينها.
1.2 حصيلة التنمية الترابية
السياق العام
إن المجال الترابي لأقاليمنا الجنوبية شاسع, إذ يمتد على مساحة 416500 كلم مربع، ما يمثل 59 بالمئة من مجموع التراب الوطني، لكن تعداد السكان به (946000 نسمة) لا يتجاوز نسبة 3 بالمئة من مجموع ساكنة البلاد، مع نسبة تمدن تبلغ 74 بالمئة، ويرتفع الى 95 بالمئة في الجهات الجنوبية. كما أن الاكراهات المناخية حاضرة بقوة، ذلك ان المنطقة تعد من بين الصحارى الاشد جفافا في العالم، بموارد طبيعية (من مياه واراض صالحة للزراعة) محدودة جدا، وساكنة قليلة العدد. ويزيد من حدة هذه الاكراهات ما تعيش على ايقاعه المنطقة من صراع جيوسياسي، مما يجعل تأثيرها السلبي قويا في النموذج التنموي الممكن، اطلاقه في المنطقة.
يتميز المغرب الصحراوي كذلك بتكامل حيوي بين حياة الترحال وعالم الواحات، و بوحدة ثقافية قوية جدا، وهما عنصران يعتبران من اهم الحجج التي تصب في صالح ربط المناطق المتنازع عليها، ربطها بالاقاليم الشمالية للمملكة. غير انه يتعين الاعتراف بهيمنة المنطق القبلي في تلك المناطق، وهي هيمنة يزيد من حدتها مسلسل تحديد السكان في اطار حل المشكلة السياسية، و كذا غياب اختلاط اجتماعي - عرقي ادماجي ومتوازن.
التقييم الاقتصادي
لنمط التنمية
شهدت جهات الجنوب، على المستوي الاقتصادي، ومجهودات عمومية ضخمة ومهيكلة ترمي إلى تنمية المنطقة، وزادها زخما إحداث وكالة تنمية الاقاليم الجنوبية. فالاستثمارات العمومية في تلك الجهات هامة جدا، تأتي في المركز الثالث وطنيا في مجال الاستثمار لكل فرد من الساكنة، كما أن المنطقة تعد من بين المناطق الثلاث الاولى في المملكة في ما يتعلق بالبنيات التحتية والتجهيز.
اما الناتج الداخلي الخام الجهوي فيقدر بما يناهز 20 ملياردرهم، بما يعني ناتجا داخليا جهويا خاما قدره 21.400 درهم مقابل 19800 علي المستوى الوطني، ويعطي للمنطقة الرتبة الرابعة وطنيا.
لكن لا مناص من ملاحظة غياب اقلاع اقتصادي حقيقي. فاقتصاد المنطقة قليل التنوع، وهو مرتهن ارتهانا قويا بقطاعين اثنين، اولهما الادارة العمومية التي تساهم بنسبة 36 بالمئة من الناتخ الداخلي الخام الجهوي، و 27 بالمئة من المناصب التي تطرح مشكل امكانية التحمل المالي ومشكل الانصاف بين المجالات الترابية، والثاني قطاع الصيد البحري، بما نسبته 17 بالمئة من الناتج الداخلي الخام الجهوي و 35 بالمئة من مناصب الشغل.
من جهة أخرى، تستفيد المقاولات من الإعفاء الضريبي عن الضريبة على الشركات is والضريبة على القيمة المضافة والرسوم المحلية. غير ان هذه التدابير التحفيزية الرامية الى تشجيع الاستثمار لم تحقق الاهداف المرجوة منها.
ومن الملاحظ كذلك ان المساعدات المباشرة وغير المباشرة المخصصة للمنطقة تمثل ما يقارب 4.6 مليار درهم (الانعاش الوطني، والمساعدات الغذائية، والاجور المضاعفة، والاهانات في مجال التغذية والمحروقات، والاعفاءات الضريبية وغيرها)، وهي ميزانية كبيرة لا تستهدف بالضرورة الفئات الاجتماعية الأكثر عوزا واحتياجا.
التقييم الاجتماعي
لنمط التنمية
تحوز هذه المنطقة على مؤشرات اجتماعية من بين افضل المؤشرات على المستوى الوطني، كما يشهد بذلك المؤشر الجهوي للتنمية البشرية المقدر بنحو 0.729 مقابل 0.672 على المستوى الوطني، ونسبة محو الامية التي تبلغ 63 بالمئة مقابل 57 بالمئة على المستوي الوطني، ونسبة الفقر التي تقدر بنحو 6.5 بالمئة مقابل 10 بالمئة على المستوي الوطني. كما ان نسبة ولوج الساكنة الى الكهرباء (84 بالمئة مقابل 70 بالمئة وطنيا) والماء الصالح للشرب (69 بالمئة مقابل 55) والتطهير، تعد كلها من بين الاعلي في البلاد.
غير ان البطالة تظل في قلب اشكالية تنمية المناطق الجنوبية، وتبقى اهم عامل من عوامل التوتر الاجتماعي، فمعدل نسبة البطالة يناهز 17 بالمئة وهي بطالة يعاني منها بالاساس الشباب الصحراوي (29 بالمئة) والنساء من ذوي المستوى التكويني المتوسط أو العالي. وهي وضعية نتيجة اليات المساعدات المباشرة وغير المباشرة المخصصة للمنطقة تمثل ما يقارب 4.6 مليار درهم (الانعاش الوطني، والمساعدات الغذائية، والاجور المضاعفة، والاعانات في مجال التغذية والمحروقات، والاعفاءات الضريبية وغيرها) غير ان هذه الآلية، في غياب نظام من شبكات اجتماعية خاصة تغطي مجموع حاجيات المنطقة، بدون ان تستهدف بالضرورة الفئات الاكثر عوزا.
التقييم في
مجال الحكامة
تغطي المناطق الثلاث للاقاليم الجنوبية ما مجموعه عشرة اقاليم و 87 جماعة ترابية، 17 منهاحضرية
وعلى غرار باقي مناطق المملكة يتقدم مسلسل اللامركزية غير ان ترجمتها على أرض الواقع ترتطم بعدد من الاكراهات والصعوبات التي تعوق تفعيلها بسبب نقص الكفاءات البشرية والمستوى الضعيف للتأطير وقدرات التدبير لدى الجماعات المحلية، وضعف الموارد المالية للجماعات الترابية، وغياب الاتصال بين مختلف مستويات التخطيط (المحلي والجهوي والوطني) والنقص في مجال اعداد التراب والمنسوب الضعيف من الوضوح على صعيد عملية اتخاذ القرار والمحاسبة.
من جهة اخرى يبقى اللاتمركز بعيدا عن التحقق. فمسؤولو المصالح الخارجية كثيرا ما ينقصهم التحفيز (اذ ان التعيين في الاقاليم الجنوبية كثيرا ما ينظر اليه بصفته عقابا) وتنقصهم المعرفة بالسياق الخاص للاقاليم الجنوبية. كما ان هؤلاء المسؤولين كثيرا ما يفتقرون الى الاستقلالية في التدبير واتخاذ القرار، بحيث يجدون انفسهم محصورين في اطار مقاربات قطاعية علي حساب المقاربة المنسقة للتنمية الترابية، مما يفضي الي زيادة في الكلفة الادارية، بطء في اتخاذ القرار وطول في اجال الانجاز.
واذا كان إحداث وكالة تنمية الاقاليم الجنوبية سنة2002 قد اتاح دعم الجهد المبذول في مجال التخطيط الترابي (المخطط الخماسي 2008/2004) : 7 مليار درهم )، ودعم الشراكة بين الفاعلين المؤسسين (الدولة والجهة والاقليم والجماعة) وتوحيد جهود تنمية القرب، فان ذلك لا ينفي استمرار مشاكل الحكامة وهي كثيرا ما تتسبب في صعوبات تعوق تنفيذ بعض المشاريع وتفضي الى ضعف في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
يشهد المجتمع المدني نموا ملحوظا، غير انه يبقى مرهونا لمساعدات الدولة. يعرف تجارب في غاية الأهمية, لكنه بحاجة الى الدعم والى اطار يضمن استقلاله (من حيث الوضعية القانونية والتمويل وتنمية القدرات) كي تتحرر من المقاربات الانتهازية والتدخلات الخارجية. فالمجتمع المدني متى توفر له القدر الكافي من الاستقلالية والمصداقية امكنه ان يضطلع بدور في بروز نخبة محلية قادرة على توفير المناخ الملائم لنجاح تنمية داخلية للاقاليم الجنوبية.
فالسياق السياسي والحكامة المعتمدة في الأقاليم الجنوبية لم يشجعا على بروز ثقافة مشتركة قصد النهوض بمسألة تنمية الجهة، ولا انخراط الفاعلين المعنيين انخراطاً قوياً، ولا أي شكل من أشكال التناسق بين السياسات العمومية التي يجري تفعيلها.
2.2 التشخيص والرهانات، تنمية القطاعات المنتجة
منتجات البحر: بشواطىء يبلغ طولها 1500 كيلومتر، يزخر الساحل الجنوبي من البلاد بموارد سمكية هامة ومتنوعة، تمثل ما نسبته 80 بالمائة من مجموع الصيد البحري الوطني، وتساهم بما قدره 15 بالمائة من الناتج الداخلي الخام المحلي، و 30 بالمائة من مناصب الشغل. غير أن المرء يلاحظ أن هناك إمكانات غير مستغلة للتنمية المستدامة للموارد، وقصوراً في تثمين منتجات البحر، بسبب ضعف قدرات التحويل في المنطقة. كما أن مسألة تدبير تراخيص الصيد في أعالي البحار تشكل سببا متكرراً للتوتر. ولعل في الصعوبات التي تواجهها برامج الصيد الساحلي الموجهة الى الشباب، وكذا برنامج قرى الصيادين، تواجه عدة مشاكل.
الفلاحة:
في القطاع الفلاحي، تتمتع المنطقة بإمكانات حقيقية (من واحات ومناطق سبخة ذات قيمة مضافة عالية، وتربية جمال). وتمثل المساحة الزراعية النافعة SAU ما نسبته 1.20 بالمائة من مجموع تراب الأقاليم الجنوبية، وتقع في أغلبها في جهة كلميم السمارة. ورغم الإنتاج المتنوع، فإن إسهام القطاع الفلاحي في الناتج الداخلي الخام الجهوي لا يتعدى نسبته 2 بالمائة، كما أنه لا يساهم إلا بما بين 5 و 10 بالمائة من مناصب الشغل. ويمثل التحدي المتعلق بتعبئة الموارد المائية (من معرفة بالفرشات المائية الجوفية، وعمليات تحلية المياه) أهم العوائق التي يعانيها هذا القطاع. أما تربية المواشي فتمثل نشاطاً مهيمناً في الأقاليم الجنوبية، وهو نشاط يهم تربية الجمال والماعز وكذا الضأن، وبدرجة أقل تربية الأبقار الموجهة إلى إنتاج الألبان. ويتوفر قطاع تربية الجمال على مؤهلات هامة في مجال تنمية تشغيل الشباب في الجهة، غير أنه يعاني من غياب إطار لتثمين مجموع سلسلة القيم (إعداد المسارات الرعوية وهيكلة نسيج المربين وتشجيع التجمعات المهيكلة في المراحل الأولى من السلسلة، وتحديث وتكييف مسارات التوزيع والتسويق).
السياحة
: تتمتع الأقاليم الجنوبية بموروث طبيعي وثقافي هام. غير أن الوزن الاقتصادي للسياحة يبقى هامشيا، إذ لا يتجاوز 1.5 بالمائة من الناتج الداخلي الخام الجهوي، ولا يوفر سوى 2 بالمائة من مناصب الشغل. ويجد هذا الأمر تفسيره في عدد من الإكراهات، منها ضعف التعريف بالمنطقة وعدم كفاية الرحلات الجوية المتوفرة وتحفظ المقاولين الخواص في تطوير منتجات سياحية محلية مخصصة للسياحة الصحراوية وسياحة الواحات من خلال استثمار المقومات الثقافية المحلية.
المعادن والصناعة:
يبقى قطاع الفوسفاط من أكبر القطاعات إسهاما في النمو (6 بالمائة من الناتج الداخلي الخام الجهوي) والشغل (3500 منصب شغل). وفي ما عدا الفوسفاط، يبدو أن آفاق استخراج المعادن واعدة، غير أنها تقتضي مزيداً من الجهد في مجال الاستكشاف ومعرفة الطبقات تحت الأرضية في المنطقة، سواء من قبل الدولة أو من قبل الفاعلين الخواص (شريطة أن يتم توضيح الإطار المؤسسي).
الطاقات المتجددة: تمثل الطاقات الريحية والشمسية، مورداً مستقبليا، لكن الاستفادة منها مشروطة بالربط بالشبكة الوطنية وتأهيل المواقع المرشحة لإقامة مشاريع من هذا النوع وتكوين الموارد البشرية المؤهلة.
التجارة والخدمات: شهدت التجارة نمواً مطرداً بفضل ما تمت إقامته من بنيات تحتية عديدة. وهي تمثل اليوم قطاعاً هاماً في اقتصاد المنطقة، إذ تسهم بما نسبته 32 بالمائة من الناتج الداخلي الخام الجهوي، و 20 بالمائة من مناصب الشغل. غير أن هذا القطاع يبقى ضعيفاً بسبب هيمنة النشاط غير المهيكل عليه، ويشكو من نقص في خدمات النقل واللوجستيك العصرية. كم أن نقص الوضوح في مناخ الأعمال، وخصوصاً ما يتعلق بالعقار والوضعية الضريبية، وكذا بطء بعض المساطر، تحد من إمكانات استقرار فاعلين اقتصاديين عصريين هناك.
الصناعة التقليدية: تغذي التقاليد الغنية في جهات الجنوب الثلاث صناعة تقليدية متنوعة ذات مكون هوياتي وثقافي قوي الحضور (من نسيج وزرابي وجلد وغير ذلك). غير أن هناك مظاهر من التأخر لاتزال قائمة، ترجع الى النقص في تكوين ومواكبة الصناع التقليديين، وفي التكيف مع حاجات السوق، وفي مسارات التسويق.
3.2 التشخيص والرهانات: تطوير البنيات والقطاعات الاجتماعية
البنيات التحتية والنقل: لقد أتاحت الاستثمارات الضخمة التي قامت بها الدولة بلوغ مستوى من البنيات التحتية لا بأس به (رغم استمرار بعض نقاط الاختناق، كما هو حال الطريق الوطنية رقم 1 عند مستوى كلميم، أو مشروع الميناء الأطلسي بالداخلة). غير أن النقل الجوي يبقى غير كاف، مما يمثل عائقاً بالنسبة الى المنطقة وتنميتها.
سياسة المياه: تعيش المنطقة وضعية استنزاف مائي كبير، تزيدها تفاقما ندرة الموارد المائية، وهي موارد تقدر بنحو 180 مليون متر مكعب، تخصص نسبة كبيرة منها للماء الصالح للشرب (63 بالمائة من الاستهلاك المائي في الحوض الصحراوي، مقابل 4 إلى 9 بالمائة في غيرها من مناطق البلاد). وتفضي هذه الوضعية الى الحد من الإمكانات الفلاحية بمنطقة الداخلة وكلميم، بهدف الحفاظ على الفرشة المائية المعرضة لاستغلال مفرط. وتواجه المساعي الرامية إلى الخروج من هذه الوضعية صعوبات مرتبطة بعدم كفاية الميزانية المخصصة للاستكشاف، والكلفة المرتفعة لتمويل السدود في منطقة كلميم، والإكراهات المرتبطة بإحداث محطة لتحلية المياه.
السكنى وإعداد التراب: استفاد قطاع تجهيز التراب والسكنى من مجهود كبير في مجال الاستثمار (3 مليار درهم ما بين 2008 و 2011، مخصصة للسكن)، أتاح انطلاق حركية كبيرة في مجال التعمير، وخصوصا على طول الساحل، وامتصاص قسم كبير من السكن غير اللائق (أعلنت ثلاث مدن مدناً دون دور صفيح). غير أن هناك عدداً من التحديات التي لاتزال قائمة، ترتبط بتطهير مجال العقار وسياسة المساعدة على الولوج إلى السكن واختلاط ساكنة الأحياء ووجود مخططات تهيئة المدن تراعي الخصوصيات الثقافية للمنطقة.
الصحة: استفاد المجال الترابي لأقاليم الجنوب من استثمارات هامة في مجال البنيات التحتية الصحية (11.4 سريراً لكل 10.000 ساكن، مقابل 9.8 على المستوى الوطني). غير أن القطاع يعاني نقصاً في مجال الموارد البشرية الطبية (4 أطباء لكل 10.000 ساكن، مقابل 6.1 على المستوى الوطني)، وهو ما ينعكس سلباً على نوعية الخدمات المطلوبة، ويتسبب في تراجع مؤشرات الصحة الأساسية.
التربية والتكوين: تعتبر المنطقة على العموم مجهزة تجهيزاً جيداً من حيث المدارس ومراكز التكوين المهني، مما نتج عنه تحسن في نسب استكمال الدراسة (56 بالمائة، مقابل 21 بالمائة معدلا وطنياً). غير أن العديد من العوامل تتدخل لتعوق فعالية القطاع:
النوعية غير الكافية للتعليم ما قبل المدرسي والمدرسي، بسبب النقص في الموارد البشرية الملائمة ومشاكل توجيه التلاميذ.
النقص في عرض التعليم العالي، مما يحد من الولوج إلى الدراسات العليا.
تكييف التكوين المهني مع سوق الشغل.
الثقافة والموروث الثقافي: تقع المنطقة في ملتقى ثقافتين هامتين هما الثقافة الأمازيغية والثقافة الحسانية، وهي تتوفر على هوية ثقافية قوية وفريدة على مستوى البلاد، لكونها ثمرة التلاقح بين الثقافات الافريقية والأمازيغية والعربية. غير أن التقاليد الثقافية للمنطقة تتهددها مخاطر ضياع المهارات الموروثة عن الأجداد والنقص في مجال تثمين الموروث الثقافي الحي (من تراث شفهي ولا مادي، وصناعة تقليدية وفنون طبخ)، كما أن هناك حالا من التردي يعاني منها الموروث المعماري والأثري، علاوة على المكانة غير الكافية المفردة للبعد الثقافي في المشاريع التنموية.
3 المبادىء والأهداف الرئيسية لمشروع
النموذج التنموي
يتضح من عمليات التفكير الأولي التي قامت بها اللجنة المتخصصة أنه بإمكان المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن يوصي بإدخال إصلاحات، متدرجة ولكن عميقة، على التصورات والمناهج المعتمدة في تنمية الأقاليم الجنوبية. ويتعلق الأمر بالمزاوجة بين تجذير هذه الأقاليم في المرجعية الوطنية وبين احترام هوية الجهة. ويتمثل الهدف في إتاحة بروز اقتصاد محلي قابل للحياة ومتمتع بالجاذبية، وذلك عبر اعتماد حكامة تحرص على الاحترام التام للحقوق الأساسية للسكان وتضمن حرياتهم الفردية والجماعية وتعمل في خدمة مصالحهم المشروعة.
1.3 الاعتماد على المبادىء الأساسية المحددة في الدستور
تمثل المبادىء الأساسية المنصوص عليها في دستور 1 يوليوز 2011 إطاراً معيارياً يعتبر تفعيله الجيد في حد ذاته رافعة مهيكلة من أجل إعادة صياغة ناجحة ومستدامة للسياسات التنموية للجهات الجنوبية. ويبرز تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي دلالتها ويبلور توصيات من شأنها أجرأة المبادىء الدستورية التالية:
احترام حقوق الإنسان الأساسية في إطار المواطنة المسؤولة (جعل ضمان حقوق الإنسان بالمعنى الواسع مبدأ أساسياً من مبادىء الحكامة الاقتصادية والاجتماعية).
خيار اقتصاد السوق الاجتماعي (دولة تضطلع بالتنظيم ورسم الاستراتيجيات، وتضمن احترام قواعد السوق وتشجع تطور المبادرة الخاصة، والنهوض بالمسؤولية الاجتماعية للمقاولات والمستثمرين لفائدة المشاريع طويلة الأمد، وتطوير أنشطة الاقتصاد الاجتماعي والتضامني).
الجهوية الموسعة، واللامركزية والتضامن ما بين الجهات والتفريع (إقرار مسؤولية المستويات المحلية في تصور وتفعيل مشاريع التنمية، وتوطين السياسات الاجتماعية التنموية).
الحكامة: الديمقراطية التشاركية، الشفافية والمحاسبة (إعادة النظر في الديمقراطية الاقتصادية والاجتماعية المحلية، وإرساء آليات محاسبة اقتصادية محلية، وتطهير مجال العقار من الديون والمنازعات).
التنمية المستدامة (الارتقاء بحماية الوسط الطبيعي الى مرتبة الرافعة الاستراتيجية للتنمية، والاستغلال العقلاني للموارد السمكية، وتطوير الطاقة الريحية والشمسية).
2.3 تجسيد الأهداف المسطرة في الميثاق الاجتماعي الذي أعده المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وتمكين الأقاليم الجنوبية من الاستفادة من ذلك.
تبنى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، في 26 نونبر 2011، ميثاقاً اجتماعياً يحدد المبادىء الأساس لتعاقد جديد حول التماسك الاجتماعي والتنمية الاقتصادية، بالاعتماد على مرجعية من المبادىء والأهداف المستنبطة من معايير عمومية دولية (وقد جاء هذا الإنجاز الهام ثمرة للتوجيهات السامية التي وجهها صاحب الجلالة ملك البلاد الى المجلس في 21 فبراير 2011). وتشمل تلك المرجعية 94 هدفاً محدداً وواقعياً ترافقها 240 مؤشراً تتيح قياس مدى تحققها ومدى التقدم المحرز. وإن من شأن التحقيق المستدام لهذه الأهداف أن يتيح، في آن واحد، إضفاء حركية على التنمية في الأقاليم الجنوبية، ومطابقة المنهج المتبع فيها، واستفادة الساكنة منها مع مراعاة المعايير العمومية الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان الأساسية. وسيعمل تقرير المجلس على إبراز الدلالة الإجرائية لهذا الميثاق في ما يخص الأقاليم الجنوبية، كما سيبلور توصيات دقيقة ومحددة، تنتظم حول مجالات العمل الستة التالية:
ضمان الولوج الى الحقوق والخدمات الأساسية، والنهوض بالرفاه الاجتماعي.
تنمية المعارف والتكوين والثقافة.
الوقاية من الإقصاء وتشجيع الإدماج ومظاهر التضامن.
الارتقاء بالحوار الاجتماعي والحوار المدني والشراكات من أجل التقدم.
حماية البيئة وتشجيع الاقتصاد الأخضر.
تدعيم الحكامة المسؤولة والأمن الاقتصادي وتشجيع المبادرة الخاصة وترسيخ الديمقراطية الاجتماعية.
3.3 إشراك الساكنة المحلية في تأطير النموذج التنموي
سيواصل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الاستماع الى الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين، واستيقاء وجهات نظرهم، كما سيستعرض أعمال الخبرة التي درست اقتصاد الأقاليم الجنوبية وإشكالية تنميتها. وسوف يبلور المجلس توصيات حول التوازنات التي ينبغي تحقيقها بين متطلبات نموذج تنموي يعتمد على الموارد والديناميات الداخلية من جهة على مساعدة السلطات العمومية من جهة أخرى، والاتصال بين هذه الأقاليم وغيرها من أقاليم المملكة، ثم بينها وبين المجموعة الفرعية الجهوية لشمال غرب افريقيا الكبير، بحكم أن الطموح المشروع للمملكة يمكن أن يتمثل في جعل أقاليمها الجنوبية، في انسجام مع تاريخها، وصلة وصل مع افريقيا، وقطباً جهويا للتعاون والازدهار والسلام.
وينبغي أن تعكس عملية تأطير معالم النموذج التنموي الاختيارات الأساسية للفاعلين المعنيين، والتوازن اللازم إقامته بين المقاربات والطموحات المختلفة، ومن بين ضوابط التأطير التي تم تحديدها في:
اندماج وطني قوي على مستوى الاستراتيجيات القطاعية، أو تطبيق قواعد التفريع بهدف تحقيق تنمية أكثر تلاؤماً مع حاجات الجهة.
مطابقة قواعد الحكامة (الوضع الضريبي، والمساعدات الاجتماعية، والحوافز الاقتصادية)، أو اعتماد مقاربة جهوية تأخذ في اعتبارها التاريخ والمحيط الجغرافي السياسي للمنطقة.
تنمية مسنودة باقتصاد اجتماعي وتضامني أو تنمية تقوم بالكامل على المشاريع الكبرى والاستثمارات الخارجية. ولعل درجة مستوى التنمية الاقتصادية المنشودة (أهداف التنمية، وطبيعة القطاعات التي ينبغي تحفيزها، ومحتوى مناصب الشغل اللازم إحداثها) لها تأثيرات على النموذج الاجتماعي وعلى بروز نخب اقتصادية وسياسية، فضلا عن أن المكانة التي ينبغي إفرادها للعنصر البشري (التربية والتكوين والمعرفة)، وما هو ثقافي يجب أن يكون في قلب هذه الاختيارات.
مكان كل من الدولة والجهة اللامركزية والجهة اللاممركزة والقطاع الخاص والمجتمع المدني.
الموارد الخاصة بالجهة مقابل الموارد المتحصلة على المستوى الوطني.
4.3 مطامح المشروع التنموي ومؤشراته الرئيسية
إن التقييم المستقبلي لدمى نجاح النموذج التنموي المرسوم يفترض أن يتم، منذ مرحلة التصور، تحديد مؤشرات التتبع. وفي هذا الصدد، سيتم إيلاء عناية خاصة لعملية تعريف تلك المؤشرات الكبرى، في ارتباط مع أهداف النموذج التنموي وغاياته في مجال نوع النمو المنشود، ومناصب الشغل المحدثة والحماية الاجتماعية، وكذا الخيارات التي يتم تبنيها لصالح مبادىء الاستدامة (إمكانات الاستدامة البيئية، المقبولية الاجتماعية، والحد من الفوارق وتحقيق التوازنات الماكرو اقتصادية والمالية، وضرورة وضع قواعد تضمن مقاومة الضغوط التي يمكن أن يتعرض لها النموذج، والتدبير المستدام للموارد البشرية).
4 تحديات التغيير:
تحولات كبرى ينبغي القيام بها
تشير عناصر التشخيص الأولية، في ما يبدو، إلى ضرورة القيام بإعادة توجيه كبرى للنموذج التنموي المطبق حتى اليوم في الجهة، والذي يبدو أنه قد بلغ حدوده القصوى. إذ لم يعد قادراً على الاستجابة لطموح التطور المنشود المذكور أعلاه. ذلك أن إنجاح التغيير يفترض تحديد المسائل الهيكلية التي تعوق التنمية حالياً، وتلك التي تحرر الطاقات وتحفز على التعبئة. وليس من المطلوب أن يتعرض المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، بشكل مباشر، للقضايا المرتبطة لمشروع الجهوية الموسعة التي بصدد التحضير في الوقت الراهن. وعلى العكس من ذلك، فإن المجلس مطالب بمعالجة الموضوعات المتعلقة بالحكامة المحلية المستقبلية على صعيد آليات تمثلها من طرف السكان، والكفاءات والسلط اللامتمركزة، وأيضاً على مستوى نمط اشتغالها ومواردها المالية الخاصة. وهي شروط مرتبطة بتصور وتنفيذ النموذج التنموي الجهوي.
1.4 المحور الاقتصادي
كيف السبيل إلى مواصلة جهود الدولة والجماعات الترابية لصالح التنمية الاقتصادية والاجتماعية، عبر إشراك قوي وفاعل للقطاع الخاص على المستوى الجهوي والوطني والدولي (قطاع خاص منتج وخالق للثروات، في مقابل قطاع خاص يقوم على الريع)؟ وما هي المتطلبات الأولية وإلى أي مدى يمكن تشجيع بروز وديمومة قطاع خاص أكثر دينامية (نوعية الخدمات الادارية والتراخيص، والإطار الضريبي، والمناطق الحرة، والعقار وغير ذلك)؟ أي تمويل عمومي وخاص يتعين تعبئته؟
كيف السبيل الى إرساء قواعد اقتصاد اجتماعي وتضامني، يستلهم أفضل النماذج الدولية، ويعتمد في الآن نفسه على التقاليد والمهارات المحلية، يكون قادراً على إحداث مناصب الشغل وخلق الموارد وتأمين الحماية الاجتماعية؟
ماهي الأنماط التي يجب اتباعها في تدبير الموارد الطبيعية (من صيد بحري ومعادن ومحروقات)، لتسهيل إقبال الاستثمارات المباشرة الخارجية في مجال التنقيب وتثمين الموارد الطبيعية، وذلك باعتبار طبيعة وأهمية الاستثمارات، الآجال الضرورية لإنجاز ذلك، والحاجة إلى إعادة توزيع لفائدة الساكنة المحلية لجزء من ثمار استغلالها؟ وكيف يمكن إدماج تدبير هذه الموارد في إطار تضامن جهوي وتوازن وطني؟
2.4 المحور الاجتماعي والثقافي
ما السبيل الى دعم التماسك الاجتماعي وتنمية قدرات الساكنة المحلية، ابتداء من الفئات الهشة (من نساء وأطفال ومسنين وأشخاص في وضعية إعاقة وعاطلين وغيرهم)، ودعم الشبكات الاجتماعية للأمن؟ وكيف يمكن التوصل الى تشجيع الاختلاط وتقوية روابط التعاون والثقة بين الشرائح الاجتماعية ذات الأصول المختلفة، والتوصل بذلك الى الوقاية من التوترات المجتمعية؟ ما هي نوعية الانتقال الذي ينبغي نهجه، من نموذج قائم على المساعدة الى نموذج قوامه الإدماج، يشجع على استقلالية وكرامة الأشخاص عبر النشاط المنتج؟
ما هي الاجراءات والتدابير الإيجابية التي ينبغي التفكير فيها لصالح الساكنة المحلية في المجالين الاقتصادي والاجتماعي (الأفضلية/ دعم الفاعلين والمستثمرين المحليين، وآليات تحفيز الشغل لصالح بعض الفئات المجتمعية التي تعاني من البطالة)؟ ما السياسة التي ينبغي تفعيلها لتشجيع عودة السكان الصحراويين المحتجزين حالياً في مخيمات تندوف بطرق تحفظ كرامتهم، وتوفير شروط إنجاح إدماجهم، وذلك في إطار احترام قواعد العدالة الاجتماعية والإنصاف؟
كيف السبيل الى تثمين الموروث الثقافي للجهة بصفته مكوناً هيكلياً من مكونات هويتها ورافعة لخلق الثروة؟
3.4 محور التنمية البشرية
ما هي الأوليات التي يجب إعطاؤها لبرامج الصحة، التعليم، التكوين، محاربة الفقر والإقصاء والتهميش، والحماية الاجتماعية من خلق تنمية بشرية مستدامة تضمن العيش الكريم وكرامة الساكنة المحلية؟
4.4 محور إعداد التراب والبيئة
ما هي السياسة التي ينبغي انتهاجها في تدبير المدينة: ما بين تطوير المدن الحالية (عبر تحديد الطابع المعماري المميز والتوجه الواضح للأحياء وتوفير خدمات عمومية ذات جودة)، وبين إحداث مدن جديدة في إطار سياسة لإعداد التراب والتحكم في التوسع السريع للمدن الكبرى في ارتباط بالتنمية الترابية للأنشطة الاقتصادية؟
كيف يمكن التفكير في المدينة المستدامة من حيث وظائفها وتهيئتها وبنياتها التحتية؟
ما هي السياسة التي ينبغي انتهاجها في مجال حماية الأنظمة البيئية المهددة والتثمين المستدام للموارد الطبيعية الحالية (من صيد بحري وفوسفاط ومياه)؟ وما المخطط الاستعجالي الذي يمكن وضعه لتأمين الأولوية لحماية خليج الداخلة، الذي يعد موقعاً فريداً على المستوى العالمي، والذي يتهدده استغلال غير متحكم فيه؟
4 - 5 - محور الحكامة وشروط التنزيل
- ماهي آليات تنفيذ النموذج التنموي المنشود على المدى الطويل في الأقاليم الجنوبية؟ ماهي الدعامات المؤسسية، وقيادة هذا البرنامج لضمان نجاحه، على الصعيد التقني (قوة القرارات) وعلى المستوى البرنامجي (الدقة والمجهودات على المدى الطويل)؟
- كيف يمكن ضمان المشاركة الفعلية للسكان وتعبئة القوى الحية عمليا وكيف يمكن الحرص على تناسق مجمل السياسات العمومية الموجهة لأقاليم الجنوب؟ كيف يمكن خلق وتطوير الثقة في المؤسسات والفاعلين في مجال الوساطة؟ وماهي سياسة تنمية ودعم النخب الجهوية؟ كيف يمكن إعطاء معنى ايجابي لمفهوم التفريع، مبني على تكامل الكفاءات الوطنية والجهوية؟
- إن تمويل تنمية المجال الترابي لا يمكن تصوره دون خلق موارد مالية محلية دائمة ودون خطاطة مجددة للتمويل، اضافة إلى الموارد المتحصلة على المستوى الوطني. فماهو التوازن الذي ينبغي تحقيقه بين هذه الأنواع المختلفة من الموارد؟
- يقتضي الانتقال من الوضعية الحالية إلى النموذج التنموي المستهدف تبني مقاربة مفكر فيها وحذرة ومتدرجة للانتقال، بحيث يمكن تحقيق خطوات ملموسة على جميع الجبهات. وسيكون من الملائم تحديد المبادئ الرئيسة في تدبير الانتقال، ومقاربات تدبير التغيير، من أجل الحد من المخاطر وتشجيع المبادرات ذات الربحية السريعة ( ذات الأثر القوي وتقوية الانخراط ورأسمال الثقة.
5 - المنهجية المتبعة في الدراسة التي أنجزها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي
1.5 تقسيم الدراسة إلى مراحل وتحديد المتطلبات
من أجل جعل المقاربة التشاركية أكثر فعالية، سيتم تنظيم أشغال اللجنة المكلفة بهذا الملف على أساس مراحل تفضي كل منها إلى نتائج مرسومة تدعم الخطوات المنجزة خلال المرحلة المعنية، وتحدد بطريقة أدق توجهات الاشغال المتعين القيام بها خلال المرحلة التالية: وأهم المراحل المتوقعة هي التالية:
- إعداد الورقة التأطيرية والمصادقة عليها: تهدف هذه الورقة إلى تحديد الخطوط العريضة التي يجب أن تسير وفقها أشغال اللجنة المكلفة بإعداد أرضية لنموذج تنموي جهوي للأقاليم الجنوبية، وتعيين مرجعية العمل التي يتم اعتمادها ورسم معالم التغيرات الكبرى الضرورية، وتحديد المنهجية التي سيتم تطبيقها من أجل ضمان
مقاربة تشاركية واقتراح جدول زمني لأشغال اللجنة.
- إحصاء وتحليل الدراسات المتوفرة: بهدف الاستفادة من التراكم المتمثل في الاعمال المنجزة سابقا من قبل مختلف الفعاليات المعنية بتنمية الاقاليم الجنوبية، سيعمد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إلى انجاز قراءة نقدية لهذه الاعمال تغذية التشخيص وتحديد النقاط التي تحتاج إلى تعميق سواء في إطار اللقاءات وجلسات الاستماع أو عبر دراسات تكميلية قد يطلقها الملجس لهذا الهدف.
- تشخيص وتحليل التحولات الكبرى: على أساس التحليل الوثائقي والدراسات وجلسات الاستماع واللقاءات مع الفاعلين وممثلي الساكنة المعنية سيعمل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي على تعميق التشخيص بهدف تقييم الخطوات التي تم إنجازها والحدود التي تم الوقوف عندها والآثار الناجمة عن السياسات العمومية المعتمدة على مستوى الأقاليم الجنوبية. وسيرمي التشخيص إلى إلقاء الضوء على الوضعية التنموية (الاقتصادية والبشرية والاجتماعية) وعلى التحولات الكبرى وأساسها وأهم الدروس التي ينبغي استخلاصها.
- اقتراح سيناريوهات تنموية وتحليل المخاطر: انطلاقا من مكتسبات التنمية التي تم تحقيقها في الأقاليم الجنوبية، واعتبارا للمؤهلات المتوفرة في كل واحدة من الجهات، سيتعين على المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إعداد نموذج يضمن إحداث تحول كبير يرمي إلى القطع في المدى المنظور مع أشكال اقتصاد الريع والانتقال إلى مرحلة جديدة من التنمية تقتضي الاستثمار الخاص المنتج والكفيل بخلق الثروة ومناصب الشغل والرفاه للساكنة، ويتيح الاستفادة المثلى من الاستثمار العمومي ومن شراكة القطاعين العام والخاص، ومن تدخل الدولة من أجل تشجيع التوجه الجديد. ويجب على التوجهات المتبناة تشجيع مشاركة الفاعلين المحليين في هذه الدينامية الجديدة. كما يجب تقييم شروط إنجازها ومقبوليتها والمخاطر المرتبطة بها حتى تتسنى إمكانية اقتراح التدابير القمينة لضمان التحكم في مسارها.
- المحاور الكبرى للبرنامج التنموي: يتعين تفصيل المنظور والنموذج التنموي حسب محاور كبرى تحدد طريقة انتقاء مشاريع كبرى وانعكاساتها على التنمية كما هي محددة في المحورين المشار إليهما أعلاه (3 و4) وعلى بروز أقطاب تنافسية في كل جهة وعلى قابلية تنفيذها زمنيا. وينبغي بهذا الصدد تعيين المشاريع المنتجة الكبرى التي من شأنها أن تكون محركات للنمو، وتلك التي تتيح الاستفادة المثلى من الاقتصاد الاجتماعي والتضامني. ولضمان تنمية بشرية منسجمة ومستدامة ينبغي إعطاء أهمية خاصة لبرامج التنمية في ميادين التربية والتكوين والصحة وإعداد التراب.
- تنزيل النموذج التنموي والحكامة: يعتزم المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي مواكبة النموذج التنموي عبر الخطوط العريضة لنموذج تنظيمي قادر على تأمين تنزيل ناجح يأخذ في حسبانه الحالة الراهنة (للتنمية وأدوار الفاعلين ومسؤولياتهم، والاكراهات والمصالح وغير ذلك)، والتوحيد المعتزم القيام به حول المحاور التنموية والتدبير الضروري لعمليات الانتقال. وسيعمل المجلس من أجل ذلك على تحديد الهيئات والأدوات الضرورية لتوطين وادماج الفاعلين والساكنة المستهدفة (مثل وكالة التنفيذ والقيادة واللاتمركز والموارد المالية والموارد البشرية).
2-5 المقاربة التشاركية
يفترض تأمين انصات واسع ما أمكن ذلك عبر ادماج الحساسيات المختلفة من أجل تمثل سليم للواقع الاقتصادي والاجتماعي على مستوى الاقاليم الجنوبية، وفهم الانتظارات المشروعة للفاعلين واقتراحاتهم واستعدادهم للتطور نحو نموذج جديد للتنظيم الاقتصادي والتنمية المستدامة. وسيعمل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي من أجل ذلك على تنظيم لقاءات بأشكال تنظيم مختلفة (من جلسات استماع، ولقاءات ومجموعات تفكير وأوراش عمل واجتماعات مؤسسة بل وحتى منتديات للتبادل والحوار) مع الفاعلين المعنيين، على مستوى الحكومة المهنية والممثلين والمنتخبين (في الجهات والجماعات المحلية) وشيوخ القبائل والفاعلين الاقتصاديين (الغرف المهنية والقطاع الخاص الجهوي والوطني)، وفعاليات المجتمع المدني في تعددها (السياسي والاجتماعي والثقافي وغيره)، وصانعي الرأي العام المحليين وغيرهم. وسيجري تحديد هؤلاء الفاعلين بطريقة مفكر فيها ومتشاور حولها. ويجب تنظيم تلك اللقاءات سواء أثناء مرحلة التشخيص وتحليل التحولات الكبرى أم خلال مرحلة إعداد المحاور الكبرى للتنمية، وذلك بهدف الإغناء واستثارة ردود الفعل، والاعداد للتملك المقبل لمحاور تنزيل النموذج التنموي المذكور.ومن المزمع تنظيم ما مجموعه نحو 50 لقاء وورشا ومنتدى وغيرها,وذلك أثناء مسلسل إعداد تقرير المجلس. وسيجري من جهة أخرى تخصيص موقعه الاليكتروني «»المبادرة لكم«« للإسهام في جمع آراء الباحثين والمواطنين.
- سيمكن تقدم أشغال اللجنة من تحديد المراحل المختلفة والدراسات النوعية التي يتعين القيام بها من أجل استكمال أو تعميق المعرفة المراكمة من قبل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول الموضوع، من خلال التحليل الوثائقي وجلسات الاستماع واللقاءات. وستعنى هذه الدراسات بأبعاد مختلفة: المحيط الاقتصادي والديمغرافي والسوسيولوجي للجهة، المقاولاتية النسائية، تدبير الموارد الطبيعية، تمويل التنمية، والتهيئة المستدامة للمجال الترابي إلى غير ذلك. ويمكن أن يلجأ المجلس من أجل التوفر على عناصر للمقارنة إلى دراسات مقارنة بين الوطني والدولي تتيح له الاستفادة من التجارب التي لها نقاط تشابه مع أقاليمنا الجنوبية.
- في سياق تقدم الاشغال سيتم تنظيم نقاشات على مستوى اللجنة المتخصصة وسيتم انتاج وثائق من أجل دعم النتائج التي ستتوصل إليها اللجنة وتغذية تحرير التقارير المرحلية والتقرير النهائي.
- عند انتهاء اللجنة من صياغة التقرير، سيتم عرضه طبقا للمساطر الداخلية الجاري بها العمل في المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي على أنظار مكتب المجلس من أجل برمجة عملية تقديمه ومناقشته وتعديله ثم تبنيه من قبل الجمع العام للمجلس.
- ستواكب أشغال المجلس عملية تواصلية معقلنة، تتيح إطلاع الرأي العام على مراحل تقدم الدراسة وتفعيل المقاربة المتبناة. غير أن التواصل حول محتوى النموذج التنموي سيبقى محدودا جدا في انتظار المصادقة النهائية عليه من قبل المجلس. ومن المنتظر القيام بعد تبني المجلس للتقرير بعمل يهدف إلى التعريف بمحتواه على المستوى المركزي والترابي لدى الفاعلين المعنيين.
3-5 الجدول الزمني والتقارير المرحلية
لقد حدد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي لنفسه هدفا يتمثل في الانتهاء من إعداد التقرير النهائي قبل متم شهر أكتوبر 2013. ولذلك ينبغي العمل على صياغة الورقة التأطيرية قبل نهاية دجنبر من سنة 2012. وسيتم الانتهاء من صياغة تقرير مرحلي أول لتشخيص وتحليل التحولات الكبرى في مارس 2013، يليه تقرير مرحلي ثان في يونيو 2013، يدمج الدروس المستخلصة من الأبحاث والدراسات المقارنة، ويحدد تحديدا دقيقا للمحاور التنموية الكبرى للإفضاء، بعد ذلك إلى التقرير النهائي في أكتوبر 2013.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.