نظمت النقابة الوطنية للتعليم، العضو في الفيدرالية الديمقراطية للشغل، الجلسة الافتتاحية بمدينة الشاون يوم 21 شتنبر 2013 لإعطاء الانطلاقة لبرنامج محاربة تشغيل الأطفال عبر المدرسة بمدن الشمال . الجلسة حضرها عدد هام من المدعوين ورجال التعليم بالمنطقة الشمالية ، وبهذه المناسبة ألقى الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم عبد العزيز ايوي، كلمة هامة أشار فيها إلى أن برنامج محاربة تشغيل الأطفال والهدر المدرسي سيستمر لمدة سنتين بمدن وزان والشاون والعرائش والقصر الكبير،ولعل هذا البرنامج يقول ايوي هو ثمرة تعاون ناجح مع رفاقنا في نقابة التعليم الإسبانية التابعة لمركزية (الاتحاد العام للشغل) مؤسسة اسكود الاسبانية والذي يندرج ضمن صيرورة التضامن والتعاون بين النقابات الأعضاء في الأممية للتربية. وأضاف قائلا .. لقد وقع المغرب منذ عدة سنوات على عدد من الاتفاقيات الدولية لوضع حد لتشغيل الأطفال أقل من 15 سنة، كما التزم منذ سنة 2000 في العاصمة أكرا(غانا) بتحقيق أهداف الألفية في مجال التنمية البشرية وعلى رأسها تعميم التمدرس وتحسين جودة التعليم في أفق سنة 2015. ورغم التقدم الذي سجلته الأرقام، سواء في مجال محاربة تشغيل الأطفال أو توسيع التمدرس، فإن آلاف الأطفال في سن الدراسة لا يزالون محرومين من حقهم، خصوصا في الوسط القروي، كما أن مدرستنا المغربية لا تزال عاجزة عن الاحتفاظ بكل التلاميذ الذين يلجونها إلى حين استكمال سلك دراسي على الأقل، فهناك أكثر من 000 300 تلميذ يغادرون المدرسة سنويا، وتشكل هذه الأعداد من الفئتين كما هائلا من الأطفال الذين يكونون إما في شغل أو في وضعية شغل. لقد بينت العديد من الأبحاث والدراسات أن هناك أسبابا متعددة تؤدي بآلاف الأطفال إلى مغادرة المدرسة: صحية واجتماعية ونفسية وتربوية أيضا، كما بينت التجربة أن منظومتنا لا تتوفر حاليا على الإرادة والإمكانيات لمواجهة هذا الوضع، وبينت أيضا أن المقاربة الإدارية الرسمية لا تستطيع في الوضع الحالي أن تواجه كل الأعباء اللازمة لتحسين وضع المنظومة. منظمتنا لا تدعي امتلاكها لحل سحري لمعضلة تشغيل الأطفال ببلادنا، ولكنها تقدم بكل تواضع تجربتها التي تعتمد على ثمان سنوات من الممارسة الميدانية في عدة مؤسسات بمدن فاس ومكناس ومراكش والعرائش. حققت نتائج محترمة بفضل تضافر جهود العديد من الفاعلين من أساتذة وأستاذات، ومدراء، وأطر إدارية، وجمعيات تربوية، وآباء وأمهات، وسلطات محلية، ومنتخبين، ووزارة التربية الوطنية. لقد قدمنا الدليل العملي من خلال هذه التجارب النموذجية أن القضاء على الهدر المدرسي، وتجفيف منابع تشغيل الأطفال ممكن إذا توفرت الإرادة السياسية والانفتاح اللازم على مختلف فعاليات المجتمع المغربي، بمقاربة جديدة تفتح المدرسة من جديد على محيطها الجمعوي والتربوي، وتجعل من المدرسة فضاء محببا للتلميذ. وخلص ايوي في كلمته قائلا ..إن المغرب وأطفال المغرب أمام تحديات ربح رهان المستقبل، والمعول في هذا الإطار على أن تلعب المنظومة التعليمية دورا رائدا في تنشئة وتكوين جيل المستقبل للاندماج في مجتمع يتعولم باستمرار. أملنا أن تأتي الإصلاحات المنتظرة النتائج المرجوة والمطلوبة لتمكين الأطفال من التمتع بحقهم الإنساني في تعليم عمومي جيد ومجاني يتيح لهم الانعتاق من الجهل والأمية وإمكانية الانخراط في النسيج الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والديمقراطي. وأملنا أيضا ألا تذهب جهودنا سدى وتبقى هذه التجارب يتيمة وأن تجد المتابعة اللازمة. للإشارة ترأس الجلسة الافتتاحية الأستاذ احميدة نحاس عضو المكتب الوطني والكاتب الجهوي لفاس بولمان، والذي أعرب في كلمته بعد الترحيب بالضيوف عن أهمية هذا البرنامج وعن محطاته التاريخية وعن التجربة التي تعتبر رائدة في العالم. كما لم تفته المناسبة للترحم على أحد رجال النقابة والذي كان له الفضل الكبير في هذا البرنامج وإنجاحه وهو المرحوم المناضل المفضل الفوال. كما تقاسم مع الحضور بعض الذكريات الطريفة التي حدثت والنقابة تستعد لإطلاق هذا البرنامج لأول مرة حين كان البحث عن شركاء وبطبيعة الحال كانت الأولوية للوزارة الوصية على القطاع بكل مؤسساتها على المستوى المركزي والجهوي والمحلي خصوصا عندما قال مدير أكاديمية سابق " نتوما نقابة أش دخلكم لشي تشغيل الأطفال ياك نتوما نقابة كتدافع على رجال ونساء التعليم" نفس الكلام تردد على لسان مسؤول مركزي. في حين كانت كلمة الكاتب الإقليمي لشفشاون الأستاذ مصطفى لمريبح ترحيبية بالضيوف الكرام. أما المنسق الوطني للبرنامج محمد السملالي فقد اعتبر استغلال عمل الأطفال بالمغرب ظاهرة منتشرة وتمس مئات الآلاف من الأطفال الذين يتعرضون إلى إكراهات نفسية وجسدية متعددة تؤثر سلبا على حياتهم ومن شأنها أن تعوق نموهم، وتتركز محاربة هذه الظاهرة منذ بضع سنوات على الوقاية التي تتجه لمعالجة السبب الرئيسي والمباشر لولوج الأطفال سوق الشغل في سن مبكر، فالطفل الذي يغادر المدرسة يصبح بطبيعة الحال فريسة سهلة للاستغلال في سوق الشغل وقد ساهم برنامج محاربة تشغيل الأطفال عبر المدرسة في بناء منهجية وأدوات الوقاية من عمل الأطفال من خلال التدخل داخل المحيط المدرسي، إضافة إلى ذلك، فإنه جسد الانخراط الأساسي في معركة القضاء على تشغيل الأطفال من خلال الحركة النقابية كما جعل محاربة تشغيل الأطفال مهمة من مهام المدرسة تطرحها على نفسها علانية وتحاول معالجتها بشكل ملموس.