كثيرة هي الجمعيات التي تأسست في كل أرجاء الوطن في العقد الأخير، فإذا اعتبرنا أن التراكم أمر ايجابي بالضرورة ، و أن الكم الهائل من الجمعيات يؤكد الدينامية الإيجابية التي تعرفها البلاد عامة والمجتمع المدني على الخصوص،فإن الأداء والاستمرارية و الاحترافية في العمل لم تكن القاسم المشترك بين كل الجمعيات الحاصلة على وصل إيداع رسمي و قانوني ، ليبقى القليل من هذا الكم الهائل يجيب بالفعل عن أسئلة المرحلة بكل حاجياتها و خصوصياتها و إكراهاتها. ومن الجمعيات التي أخذت المبادرة في السنوات الأخيرة « جمعية المغرب العميق لحماية التراث « التي غامرت تلك المغامرة الجريئة و الجميلة بتبنيها لملف كبير و مركب و مشترك بين كل الأجيال و المهتمين ، ملف التراث و الذاكرة و ما يحمله من لبس و تعقيد وخصوصية و تهميش للعديد من مكوناته الدالة و المرتبطة بالشخصية المغربية و الإنسان المغربي و الهوية الوطنية. للوقوف أكثر على هذا المجال كان لنا لقاء مع الأستاذ مصطفى الشخص رئيس جمعية المغرب العميق لحماية التراث. { فمن هو مصطفى الشخص ؟ هو خريج المعهد العالي للصحافة فوج 1989، حاصل على دبلوم الدراسات الإستراتيجية بكلية الحقوق بجامعة محمد الخامس بالرباط أكدال، ماستر في العلوم الأمنية وتدبير المخاطر، رئيس جمعية المغرب العميق لحماية التراث التي حملت على عاتقها بجانب المهتمين وجمعيات المجتمع المدني التي تعمل في نفس مجال المحافظة على التراث وصون الذاكرة الشعبية الوطنية. { كيف يقدم الأستاذ الشخص الجمعية التي يرأسها ؟ جمعية المغرب العميق رغم فتوتها فبفضل الكفاءات التي تشتغل من داخلها المكونة من إعلاميين وصحفيين متمرسين وباحثين وأستاذة استطاعت تكوين رصيدا وتراكمات على مستوى تثمين التراث الوطني المغربي الأصيل إذ كان لها السبق في ترميم تراث كاد أن يندثر ألا وهو المحافظة على آلة لوتار وإعادة الاعتبار لها ولأشياخها من خلال تنظيم مهرجان وطني لهذه الآلة المغربية الأصيلة ودعم وزارة الثقافة في تنظيم الدورة الأخيرة للزجل بمدينة ابن سليمان وتحقيق شراكات هادفة من أجل المحافظة على التراث الشفاهي المتمثل في فن الحلقة في دورته الثالثة بمدينة سطات والمهرجان الجهوي للعيطة بنفس المدينة. { ما هي القيمة المضافة التي تضيفها الجمعية في مجال الحقل الثقافي و الفني بالمغرب ؟ تعمل الجمعية في إطار استراتيجية واضحة المعالم ، ومن أجل مقاربة جديدة لحماية التراث المادي واللامادي من خلال شراكات مع القطاعات الوصية والجماعات الترابية فكانت ثاني شراكة بعد وزارة الثقافة شراكة وازنة مع المجلس الإقليمي لإقليم سطات هذه الشراكة التي فتحت الباب على مصراعيه لحث الجماعات الترابية داخل جهة الشاوية ورديغة ومن خلالها جماعات أخرى على صعيد تراب المملكة من أجل الانخراط في التنمية الثقافية والفنية وتثمين التراث المغربي باعتباره دعامة لصون هويتنا المغربية العربية الإسلامية والمحافظة على التنوع الحضاري لبلد التسامح المغرب. { كيف تقومون وضع مجال اشتغالكم و تدخلكم؟ صراحة و رغم المجهودات المبذولة في مجال حماية التراث المغربي بشكل عام من طرف أكثر من جهة سواء كانت وصية من وزارة ومؤسسات معنية وجمعيات المجتمع المدني ومنظمات غير حكومية فإن المشوار لا زال طويلا وحماية التراث هم يومي يجب أن يدبر بديمومة متناهية وتدبير محكم بدونه لا يمكن الذهاب بعيدا إذا نحن لم نحافظ على مكتسبات وحدتنا الثقافية في إطار من التنوع. { ماذا عن المشاريع التي تشتغل عليها الجمعية وعن آفاق عملها ؟ نحن في جمعية المغرب العميق لحماية التراث باعتبار جل مكوناتها وأطرها من رجال الإعلام والصحافة نسعى من خلال الاشتغال على التراث في مجاله الواسع بشراكة مع مؤسسات وجمعيات أخرى مهتمة من أجل تقديم الدعم المعنوي وأحيانا أخرى مادي رغم أن جمعيتنا ليست وصية على القطاع وليست لها موارد مالية ولكن انطلاقا من قناعاتنا كمغاربة ووطنيين نحب هذا الوطن ونحب ونعشق ونتشبث بكل ما أنتجه أسلافنا وينتج من فكر ومن ثقافة وفنون نسعى إلى إبراز مختلف مظاهر وتجليات هذا التراث والتحسيس بأهميته لدا جيل الشباب لاكتشاف غناه وعرضه على طاولة الدراسة والبحث للباحثين و المهتمين بذلك. إننا في جمعية المغرب العميق لحماية التراث نثمن كل التجارب الهادفة التي حققت تراكما ابداعيا واحتفائيا واكبته حركة فكرية اكاديمية حفزت البحت في المواضيع ذات الصلة.ورغم الهوة بين الطموحات والآمال والإمكانيات الضئيلة استطاعت جمعيتنا مع الشركاء والداعمين في خلق الحدث الثقافي والفكري والروحي حول آلة لوتار ورواده ثم حول الحضرة الصوفية النسائية وموسيقى الحال اعتبارا لهذا التراث المغربي الأصيل و صون الذاكرة الشعبية و الحفاظ عليه من الاندثار أصرينا مع جمعية حضارات الصويرة من خلال شراكة استراتيجية على تثمين هذا الموروث الثقافي و الديني الوطني و تكريم رائداته و خلق مسافات جديدة مع مكون أساسي من هويتنا الدينية و الروحية عبر إعادة الاعتبار وبعث هذا التراث من خلال تنظيم مهرجان لحضرة و موسيقى الحال في دورته الأولى مساهمة من هاتين الجمعيتين في تحقيق تراكم إبداعي تواكبه حركة فكرية تضمن المقاربة وتحفز البحث.وخلال التظاهرتين توصلت الجمعية بعدة مقترحات من فعاليات ثقافية وفكرية وطنية ودولية عبرت عن نيتها واستعدادها الانخراط في جمعية المغرب العميق والمشاركة في هذا الورش الثقافي الذي نحاول جميعا الإسهام فيه.