الملك محمد السادس يهنئ رئيس إندونيسيا بمناسبة العيد الوطني لبلاده    أنفوغرافيك | خلال 2024.. المغرب ثاني وجهة استثمارية في شمال إفريقيا    المنتخب المغربي يهزم الكونغو ويبلغ ربع نهائي كأس إفريقيا للمحليين    البيجيدي يسائل وزير الداخلية حول مشاركة طوطو في مهرجان القنيطرة وضمانات التزامه بقيم المجتمع        اليونان تضبط "أكبر كمية من القات"    جريمة التطاول على الدين    شباب الريف الحسيمي يعزز صفوفه بانتدابات جديدة بحثًا عن الصعود    بيتيس يفتقد خدمات الزلزولي في أولى مباريات الموسم    تشكيلة منتخب "الشان" أمام الكونغو    بايرن ميونخ يكشف سبب رحيل أزنو    حادث مأساوي يودي بحياة شرطي ببني ملال    جنازة في كلميم تشهد استعراضا انفصاليا مفضوحا برفع "خرقة البوليساريو"    130 سربة و42 ألف خيمة.. موسم مولاي عبد الله أمغار يسجل مشاركة غير مسبوقة    ميرغت.. الزمان والمكان والذاكرة    أطفال القدس يتلمسون بتطوان خطى تلاميذ مغاربة تلقوا تعليمهم بمدينة نابلس الفلسطينية خلال القرن الماضي    طقس الأحد.. أجواء شديدة الحرارة بمناطق واسعة من المملكة    موسم مولاي عبد الله.. حين تتحول الأرقام إلى دعاية لا تعكس الواقع    الصيادلة يصعدون ضد وزارة الصحة بسبب تجاهل مطالبهم المهنية    "الشان".. المغرب يواجه الكونغو الديمقراطية في مباراة حاسمة لتحديد متصدر المجموعة    أحمد الريسوني يدعو الحكام العرب لتسليم الأسلحة للمقاومين    ترويج المخدرات والخمور يجر أربعينيا للتوقيف ببني أنصار    الجزائر.. السلطات توقف بث قنوات تلفزية بسبب تغطيتها لحادث سقوط حافلة بوادي الحراش    المغاربة على موعد مع عطلة رسمية جديدة هذا الشهر    أرقام التعليم والتكوين وانتظاراتهما في طموحات مشروع قانون المالية لسنة 2026    مذكرات مسؤول أممي سابق تكشف محاولات الجزائر للتدخل وعرقلة المغرب في قضية الصحراء    النظام الجزائري يكمّم الأفواه: عقوبات جديدة تطال قنوات محلية بعد تغطية فاجعة الحافلة    المنظمة المغربية لحقوق الإنسان تنظم زيارات لعائلات معتقلي الحراك    المنتخب الوطني يواجه الكونغو الديمقراطية.. هذا موعد المباراة والقنوات الناقلة    مستكشفو كهوف في فرنسا يجمعون مخلفات عشرات البعثات في "إيفرست الأعماق"    إسرائيل تقصف منشأة للطاقة باليمن        قادة فرنسا وألمانيا وبريطانيا ينظمون مؤتمرا لمناقشة خطة ترامب للسلام في أوكرانيا    بورصة الدار البيضاء تنهي أسبوعها على وقع ارتفاع طفيف لمؤشر مازي    "لاغتيست" يشعل منصة "رابأفريكا"    هكذا يتجنب عشاق ألعاب الفيديو متاعب العين    دراسة: أطباء يفشلون في تشخيص السرطان بالذكاء الاصطناعي    دموع الأم ووفاء الوطن.. لحظات استثنائية في حفل كزينة بالرباط    توقيف سيارة رباعية الدفع محملة بكمية كبيرة من المعسل المهرب ضواحي طنجة    تيزنيت: محاولة فاشلة لعصابة تسرق أسلاك الكهرباء و أنابيب السباكة النحاسية من منازل في طور البناء ( صور )    وثيقة l من حصار بيروت 1982 إلى إبادة غزة 2025: رسالة السرفاتي وأسيدون إلى ياسر عرفات تتحدى الزمن وتفضح جٌبن النٌخب    المنتخب المغربي للمحليين يلعب آخر أوراقه أمام "فهود الكونغو" في "الشان"    استقرار أسعار المحروقات في المغرب    أطباء القطاع الحر يطالبون الصيادلة بإثبات مزاعم التواطؤ مع شركات الأدوية    بورصة البيضاء .. أقوى ارتفاعات وانخفاضات الأسبوع    طنجة تتصدر الوجهات السياحية المغربية بارتفاع 24% في ليالي المبيت    منظمة الصحة العالمية تحذر من استمرار تدهور الوضع العالمي للكوليرا    ابتكار أول لسان اصطناعي قادر على استشعار وتمييز النكهات في البيئات السائلة    أوجار: مأساة "ليشبون مارو" رسالة إنسانية والمغرب والصين شريكان من أجل السلام العالمي    تطوان تحتضن انطلاقة الدورة الثالثة عشرة من مهرجان أصوات نسائية    مشروع قانون يثير الجدل بالمغرب بسبب تجريم إطعام الحيوانات الضالة    النقابات تستعد لجولة حاسمة من المفاوضات حول إصلاح نظام التقاعد    راب ستورمي وحاري في "رابأفريكا"    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في منهج البحث الاجتماعي
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 05 - 06 - 2014

لا ندقق كثيراً في الخطابات، وتحديداً تلك الصادرة عن رجل السياسة ورجل الدين ورجل الاقتصاد ورجل الإعلام، المفاهيم المستعملة لتوصيف ما يحدث في مجتمع ما، وهو عدم تدقيق يعود في الغالب إلى ثلاثة أسباب متداخلة، مرجعية وخلفية الخطاب وأهدافه ومنهجه.
فهاته الخطابات الأربعة، في الواقع، لا تحتكم لمنهج علمي مضبوط وفي الغالب هي محكومة بأهداف خاصة آنية ولحظية في أكثرها.
ومن المؤكد أنها لا تنطلق من مرجع علمي ولا تحتكم لمنهج علمي ولا تضع آفاقا علمية متأنية.
وعلى النقيض من ذلك، فالعلم، ولاسيما علم الاجتماع، في تناوله لما يحدث ويمور في مجتمع ما, يكون مقيداً تماماً مرجعاً ومنهجاً وغاية، ولهذا يحترس لكي تكون النتائج موضوعية تماماً.
وإذا كان بإمكان رجل الدين تسمية المجتمع بعبارات »البشرية« و»الآدمية« و»الناس» و»المكلفين» و»المؤمنين» و»الكافرين» وغيرها من المفاهيم المملوءة والمشحونة بأحكام القيمة، وإذا كان بإمكان الاعلامي استخدام مسميات »القراء« و»المواطنين« و»المجتمع« بنفس القدر.
فإن باحث العلوم الاجتماعية لا يمكنه ذلك قطعا، فهو ملزم ب »نحت« مفاهيمه وتسمياته. ولهذا مفهوم »التنشئة الاجتماعية« يعني عند إميل دوركايم معنى قارا وحصريا هو مجموع القنوات التي تشكل شخصية الفرد، وسيندمج عبرها أشكال الواجبات والحقوق والقيم المتداولة في المجتمع.
ولا يحتمل مفهوما الشخصية الأساسية والشخصية الوظيفية في كتابات رالف لينتون إلا معنى واحدا حصريا يحدد احداثيات الانتقال من الشخصية الاساسية المباشرة إلى الشخصية الوظيفية التي يتم تقمصها أو تلبسها.
ومن غير شك، فمفهوم الدولة في اجتماعيات ماكس فيبر، لايمكن أن يفسر إلا في علاقة البنيات الاجتماعية بالعنف حتى لا تتعرض للفوضى، وهي تختلف قطعا عن تعريفات السياسي أو الاقتصادي أو رجل الدين مثلا، ولعل حرص فيبر على التمييز بين وظيفة العالم عالم الاجتماع حصرا
والسياسي في عنوان كتابه الموسوم ب»«العالم والسياسي«« يؤكد ذلك.
يقودنا الاستهلال في علاقة بعنوان هذا المقال حول »المجتمع المغربي» تغيرات أم تحولات»« إلى القول بأن ثمة مجازفة وعدم احتراس سائدين في توصيف ما يقع ويمور في المجتمع بالمغرب، ونظن أنها مجازفة تعود الى خلط في التمييز بين مفاهيم ثلاثة هي: التحول والتغير و المؤشرات. إن الظاهر أن الخطابات المذكورة، على الأرجح، تستعمل المفاهيم الثلاثة بنفس المعنى، فهي تنطلق من تمثل ذهني مسبق لديها عن فكرة المجتمع وبالتالي تسميها وتصفها وتقيمها بسهولة، وربما بسذاجة ودون عناء.
ففعل أو واقعة أورد فعل كلجوء عدد من المراهقين والشباب إلى ارتداء ألبسة معينة أوتوقيع أنواع مميز للحلاقة أو وضع رموز أو وشوم على الجسم، يحار الفاعلون الأربعة في تفسيرهاوتقويمها, لذا يتعسفون أولا في تسميتها, وبالتالي الاتجاه صوبا إلى محاكمتها محكومين كما سبق بمنافع آنية.
اتفق ثلاثة منهم على الأقل، الإعلامي، والسياسي ورجل الدين، في تسمية هذه الواقعة (الفعل,رد الفعل) بتسمية لا تنتهي لأي حقل، إذ »»ابتدعوا«« ونركز هنا على عبارة «»الابتداع«« تسمية «»التشرميل»« ولم يجتهدوا في »نحت« تسمية وتوصيف ملائمين للواقعة.
ومن المؤكد أن الخطابات الثلاثة توجهت إلى محاكمة الواقعة لغايات متفاوتة، الإعلامي يريد السبق الصحفي, والسياسي يحمل المسؤولية للدولة وللفرقاء الآخرين , ورجل الدين في تحالف مع السلطة الدينية الأولى يعزز شرعية الفعل السياسي والديني معا.
ومن المؤكد كذلك أن تناولهم لم يخضع للشرط العلمي الضابط، كما قد يفعل الباحث الاجتماعي المختص, ماذا كان سيفعل الباحث الاجتماعي، إذن؟
بصدد واقعة اجتماعية معينة، وبهدف تعيين إن كانت مجرد مؤشر على التغيير أو تغيرا وتحولا اجتماعيا متكاملا، ينطلق في الغالب الباحث الاجتماعي من خطوات منطلقية، حيث يحدد اشكالية مجال التغير الاجتماعي، والقضايا التي تتقاطع معها من قبيل مساء التغير، وطبيعته إن كان مستمرا أو متقطعا، إمكانية تعرضه للمقاومة، وأيضا إيقاعه.
وقبل ذلك, فالباحث الاجتماعي يختزن مفهوما واضحا للفظة التغير أو التحول الاجتماعي التي يتحرك داخلها.
وفي الغالب, فالباحث الاجتماعي ينطلق من مفهوم موحد للتغير الاجتماعي يعرفه على أنه:»التحول الذي يصيب البناء الاجتماعي في كله أو في أي من أجزائه، في الأدوار والنظم والوظائف الاجتماعية، أو في الوحدات المكونة له، في فترة محددة من الزمن، ويمكن ملاحظته« (جنزبيرج، ميلز، جي روشيه، جيرت...)
وقد ينطلق في الغالب في تصوره لمفهوم المؤشر من التعريف السائد الذي يقدم المؤشرات على أنها كل الاشارات المتواترة والمنتظمة التي تصب مجتمعة في اتجاه امكانية تحول او تغير محتمل في بنية او وضع معين (دوركايم)
بطبيعة الحال بصدد واقعة ما سماه الاعلام تعسفا بمسمى «التشرميل» لم تميز الخطابات الاربعة بين ان تعلق الامر بمؤشر أو تغير وتحول اجتماعي. وفي نفس الوقت فهي لم تطرح الاسئلة المنهجية المطلوبة، لم تحدد الاشكالية، ولا المسارولا طبيعة المسار وحجم المقاومة التي تعترضه، وايقاع هذا المسار.
وبالجملة فما قامت به هذه الخطابات الأربعة, هو فهم وتفسير قيصري وقسري للواقعة محكومة بالغاية الآنية منها.
لهذا السبب، بالذات جاءت كلها بمثابة محاكمة لفعل اكثر منها محاولة في فهمه وتفسيره.
واذا ما انضبطنا لمقتضى القانون الضابط لمفهوم التغير الاجتماعي كتحول يصيب البناء الاجتماعي كليا او جزئيا، في الادوار والنظم والوظائف الاجتماعي، او في الوحدات المكونة له، في فترة محددة من الزمن، قابل للملاحظة.
فإن ماجازفت الخطابات أعلاه على توصيفه تعسفا بالتحول والتغير الاجتماعي ليس كذلك نهائيا، فلجوء شباب ومراهقين الى الشبكة العنكبوتية الى استعراض لما اغتنموه بفعل السرقة والسلب، ليس نهائيا دليلا متكاملا، على تحول اجتماعي في القيم او الادوار أو النظم او الوظائف الاجتماعية. انه فقط مؤشرو احد ضمن مؤشرات كثيرة اخرى , اذا ما انتظمت وتكاملت، تؤدي مجتمعة الى تحول له او تحولات اجتماعية.
في باب تناول الخطاب الاربعة لما سمي تعسفا ب «التشرميل» لم يكن هناك منهج واضح ومحدد، كان من اللازم تحديد الاشكالية والمسار وطبيعة المسار وايقاعه والمقاومة التي تعترضه لهذا الغرض سنخصص مقالا قادما تحت عنوان »العنف من منظور اجتماعي: التشرميل نموذجا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.