المؤسسة المحمدية لمغاربة العالم تمثيلية عادلة في إنتظار التنزيل التشريعي    الملك يهنئ ترامب بمناسبة اليوم الوطني لبلاده ويشيد بعمق العلاقات        تراجع أسعار النفط في ظل انحسار التوتر في الشرق الأوسط وتوقعات بزيادة الإمدادات    بورصة الدار البيضاء تفتتح بأداء سلبي    افتتاح خط جوي جديد يربط الصويرة ببرشلونة    والد البلايلي: يوسف لم يرتكب أي جريمة وما تعرض له غير مقبول تماما    نهاية درامية للملاكم شافيز جونيور.. خسارة نزال واعتقال وترحيل مرتقب    مونديال الأندية: إينزاغي يؤكد ثقته بالهلال أمام فلوميننسي "المنظّم"    حريق المنار بالجديدة يوقظ بمطلب ثكنات إضافية للوقاية المدنية للإنقاذ العاجل    بنك المغرب: ارتفاع في الإنتاج والمبيعات الصناعية خلال ماي.. وتراجع في قطاع النسيج والجلد    توقعات طقس الجمعة بالمغرب    سبعة مغاربة بربع نهائي الموندياليتو    عميد نادي الزمالك المصري "شيكابالا" يضع حدا لمسيرته في الملاعب    إلغاء 40 في المائة من الرحلات الجوية في جميع مطارات باريس    بوريل: مرتزقة أمريكيون قتلوا 550 فلسطينيا في غزة خلال شهر        خلاصة مجلس الحكومة اليوم الخميس    مجلس الحكومة يقر مقتضيات جديدة لتعزيز التنظيم الذاتي لمهنة الصحافة    غواتيمالا تشيد بمبادرة الحكم الذاتي    إسبانيول يبادر إلى "تحصين الهلالي"    لقجع يؤكد طموحات الكرة المغربية    قيمة مشاريع وكالة بيت مال القدس    الأعمال المعادية للمسلمين في فرنسا ترتفع بنسبة 75 بالمائة    حملة تحذر من الغرق في سدود سوس    تحركات احتجاجية تعلن الاستياء في أكبر مستشفيات مدينة الدار البيضاء    إقليم السمارة يكرم التلاميذ المتفوقين    أسر الطلبة العائدين من أوكرانيا تترقب "اللقاء المؤجل" مع وزارة الصحة    أمسية تحتفي بالموسيقى في البيضاء    شح الدعم يؤجل أعرق مهرجان شعري    توقيف شخص متورط في تخريب ممتلكات عمومية بمنطقة اكزناية بعد نشر فيديو يوثّق الحادث    البيضاء.. توقيف مواطن ينحدر من إحدى دول إفريقيا جنوب الصحراء بعد اعتراضه الترامواي عاريا    حركة غير مسبوقة في قنصليات المغرب    المواد الطاقية تقود انخفاض أسعار واردات المملكة خلال الفصل الأول من 2025    وفاة نجم ليفربول ومنتخب البرتغال في حادث مأساوي    من الرباط .. خارطة طريق جديدة لمستقبل النظام المالي الإسلامي    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    إيران تؤكد التزامها معاهدة حظر الانتشار النووي    وزير الداخلية يترأس حفل تخرج الفوج الستين للسلك العادي لرجال السلطة    دعم 379 مشروعا في قطاع النشر والكتاب بأزيد من 10,9 مليون درهم برسم سنة 2025    الهاكا تسائل القناة الثانية بسبب بثها حفل "طوطو" وترديد كلمات نابية    بعد مراكش وباريس.. باسو يقدم "أتوووووت" لأول مرة في الدار البيضاء    تمديد أجل طلبات الدعم العمومي لقطاع الصحافة والنشر    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    الكاف تزيح الستار عن كأس جديدة لبطولة أمم إفريقيا للسيدات بالمغرب    الرجوع إلى باريس.. نكهة سياحية وثقافية لا تُنسى    رئيس الاتحاد القبائلي لكرة القدم يكتب: حين تتحوّل المقابلة الصحفية إلى تهمة بالإرهاب في الجزائر    "إبادة غزة".. إسرائيل تقتل 63 فلسطينيا بينهم 31 من منتظري المساعدات        تغليف الأغذية بالبلاستيك: دراسة تكشف تسرب جسيمات دقيقة تهدد صحة الإنسان    أخصائية عبر "رسالة 24": توصي بالتدرج والمراقبة في استهلاك فواكه الصيف    دراسة: تأثير منتجات الألبان وعدم تحمل اللاكتوز على حدوث الكوابيس    الراحل محمد بن عيسى يكرم في مصر    جرسيف تقوي التلقيح ضد "بوحمرون"    في لقاء عرف تكريم جريدة الاتحاد الاشتراكي والتنويه بمعالجتها لقضايا الصحة .. أطباء وفاعلون وصحافيون يرفعون تحدي دعم صحة الرضع والأطفال مغربيا وإفريقيا    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    عاجل.. بودريقة يشبّه محاكمته بقصة يوسف والمحكمة تحجز الملف للمداولة والنطق بالحكم    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نصر وعيسى طفلان بين مئات الاطفال من ضحايا حرب اليمن .. وراء مظاهر "النصر" في صنعاء ازمة انسانية والكثير من المعاناة

بعد ثلاث سنوات من سيطرة الحوثيين على صنعاء، قد تبدو وتيرة الحياة اليومية في المدينة طبيعية الى حد ما، لكن خلف جدران مستشفياتها ومدارسها وأبنيتها التاريخية، أزمة انسانية كبرى يغذيها نزاع دام يعمم المعاناة على كل أنحاء البلاد.
وفي موازاة النزوح والكوليرا وخطر المجاعة، يبقى التهديد الامني مخيما على العاصمة العربية الوحيدة الخاضعة لحركة تمرد، رغم تراجع حدة المعارك في غالبية مناطق اليمن، وذلك نتيجة التوترات بين المتمردين وحلفائهم على الارض، وضربات التحالف العربي من السماء.
وحلم مراد، الفنان التشكيلي الثلاثيني، خلال مشاركته في احتجاجات العام 2011 التي طالبت بالاصلاح السياسي، بان تنعم مدينته "بالسلام والحرية". لكن الحلم تبخر مع الحرب التي اندلعت في 2014، وسقوط صنعاء في ايدي الحوثيين في 21 سبتمبر من العام ذاته وخروجها بالتالي عن سلطة الحكومة المعترف بها.
ويقول مراد متحدثا لوكالة فرانس برس عبر الهاتف "عشنا حرية حقيقية بين 2011 و2014، حرية صنعناها نحن. لكن منذ ثلاث سنوات، تغيرت الامور بسرعة، وتدهورت الاوضاع الانسانية والصحية، وعاد الخوف يسيطر علينا. لقد أصبحنا مكشوفي الظهر".
ويتابع "صنعاء اليوم ليست صنعاء ما قبل 2014. الان هي مدينة فوقها كلاشينكوف وطائرات".
ويقول سكان في المدينة ان سقوط العاصمة المفاجئ والصادم ترافق في البداية مع أمل بأن يؤدي حكم الحوثيين الشيعة الى اتفاق سلام سريع ينهي أزمات البلد الافقر في شبه الجزيرة العربية.
الا ان هذه الآمال سرعان ما اندثرت مع تمسك كل طرف بموقفه، وتدخل التحالف العسكري العربي بقيادة المملكة السعودية في النزاع لوقف تقدم الحوثيين نحو مناطق أخرى.
ويروي سائق الاجرة ياسر المطري (24 عاما) "كنا نأمل خيرا يوم دخول الحوثي صنعاء، لكن الوضع ازداد سوءا"، مضيفا "اسعار الوقود ترتفع، واسعار والغذاء تزداد، ولا احد يحرك ساكنا، فيما توقف دفع الرواتب".
ويتابع "يقولون نحن في حالة حرب، لكن لماذا في سوريا التي هي ايضا في حالة حرب، تستمر الرواتب (…) انهم يكذبون علينا".
وبعيد سقوط العاصمة في أيدي الحوثيين، فرض حصار على مطار صنعاء، وانتقل المصرف المركزي الى مدينة عدن الجنوبية حيث مقر الحكومة المعترف بها، وتراجح مستوى الخدمات العامة، وازداد الغلاء.
وتشهد صنعاء أزمة غذائية كبرى مع الحصار المفروض عليها، في وقت يعيش نحو سبعة ملايين يمني في أنحاء متفرقة من البلاد على حافة المجاعة. وفي السنوات الثلاث الاخيرة بات عشرات الاطفال يبيتون في الشوارع يأكلون ويشربون فيها بينما يتسولون المال والطعام.
وفي المدارس التي لا تزال ابوابها مفتوحة، تكتظ الصفوف بالطلاب بفعل تحول معظم المدارس الاخرى الى مأوى لآلاف النازحين من مناطق مجاورة تشهد اشتباكات او تتعرض لقصف جوي بشكل منتظم.
وتوقفت في اليمن عموما 1640 مدرسة (من بين نحو 16 الفا) عن التعليم، ما حرم 1,84 مليون طفل من الدراسة لينضموا الى نحو 1,6 مليون طفل آخر لا يرتادون المدرسة منذ فترة ما قبل النزاع. ويبلغ عدد سكان اليمن اكثر من 27 مليون نسمة، نصفهم دون سن ال18.
وفي خضم النزاع، تدهور القطاع الصحي ايضا بشكل كبير، وانتشر مرض الكوليرا في صنعاء وامتد الى مناطق اخرى بعد انتشار النفايات في شوارع العاصمة، حاصدا أرواح مئات المدنيين.
ودفع المرض منظمات إغاثة على رأسها الصليب الاحمر الى التحول من التعامل مع مصابي حرب، الى المصابين بامراض لا تتسبب بوفاة المرضى في بلدان اخرى.
ويقول عامل اغاثة في صنعاء لفرانس برس "الحياة اليومية بالنسبة الى السكان اصبحت اصعب بكثير في ظل معاناة الحصول على الغذاء والمأوى والمياه النظيفة".
ويضيف "في اليمن بشكل عام أكبر أزمة إنسانية، وأخطر أزمة غذائية. لكن معاناة المدنيين لا تتوقف هنا، فهم يخشون على حياتهم في كل لحظة ايضا".
ورغم ابتعاد المعارك عن صنعاء، تتحول العاصمة الى مدينة اشباح مع حلول الليل وانتشار نقاط التفتيش فيها.
وشهدت المدينة توترات في الاشهر الاخيرة بين المتمردين الحوثيين وحلفائهم من مناصري صالح هددت العاصمة باعمال عنف جديدة، بينما تعرضت ابنية سكنية عديدة فيها الى غارات من طائرات التحالف العربي قتل فيها عشرات المدنيين بينهم اطفال.
وبينما يواصل النزاع حصد ارواح المدنيين في كل انحاء اليمن حيث قتل اكثر من 8400 شخص حتى الان منذ التدخل السعودي في مارس 2015، ينشر الحوثيون لافتات في شوارع صنعاء احتفالا بذكرى "النصر"، بينما تعبر سيارات المدينة داعية عبر مكبرات الصوت السكان الى المشاركة غدا الخميس في تجمع شعبي كبير.
وتقول الباحثة في "مجموعة الازمات الدولية" ابريل لونغلي الي الخبيرة في شؤون اليمن، أن "اكبر الفائزين" بعد ثلاث سنوات على سقوط صنعاء، "هم مجموعة من أمراء الحرب".
نصر وعيسى طفلان في حرب اليمن
كان نصر منصور غالب البالغ 13 عاما يعمل في محل تملكه عائلته لبيع الجوز ويأمل العودة إلى المدرسة، عنما ق تل في تعز، ثالث اكبر مدن اليمن.
ونصر هو واحد من بين أربعة أولاد قتلوا في 18 سبتمبر إثر قصف ن سب إلى المتمردين الحوثيين في الجاملية، وهو واحد من أقدم الأحياء في هذه المنطقة الواقعة في جنوب غرب اليمن.
وتسيطر على جزء كبير من تعز القوات اليمنية الحكومية المدعومة من التحالف العسكري العربي الذي بدأ عملياته في اليمن في مارس 2015، بقيادة السعودية.
لكن المدينة تخضع لحصار المتمردين الحوثيين المتحالفين مع القوات الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح والمتهمين بتلقي الدعم مع ايران.
ويشهد اليمن منذ ثلاث سنوات معارك وغارات جوية وينقسم الى شطرين: الشمال الذي يسيطر عليه المتمردون ومن ضمنه العاصمة صنعاء من جهة، والجنوب الخاضع لسيطرة القوات الموالية للحكومة من جهة أخرى.
ويدفع المدنيون، وخصوصا الأطفال، الثمن الابرز لحرب اليمن.
ويقول ماهر غالب الخولاني، أحد أقرباء نصر، أن الأخير عاد الى تعز منذ شهرين، بعد أن أرسله والداه إلى مدرسة في صنعاء لأنها كانت أكثر أمانا. وأصيب نصر برصاص قنص في بداية الحرب خضع على إثرها لعملية جراحية.
ويتابع ماهر أن صاروخا سقط بعدها على منزل العائلة، حين كان نصر نائما، فأصبح المنزل غير قابل للسكن فانتقلت العائلة إلى مخي م للنازحين في المدينة.
لكن نصر أراد لقاء أصدقائه والعودة الى المدرسة في تعز. فعاد ووجد في تموز/يوليو وظيفة لفصل الصيف فعمل في محل لبيع الجوز يملكه أحد أقربائه.
ويقول ماهر لوكالة فرانس برس إن تجارة الجوز توارثتها أجيال عائلته "أشقائي وخالي وأنا نعمل كلنا في تعز. خالي يملك محلا في باب موسى وشقيقي أبو ريان في باب الكبير".
وفقد أبو ريان ابنه ريان البالغ سبعة أعوام بعد سقوط قذائف هاون على مدرسته.
في حي الجمالية نفسه في تعز وفي اليوم ذاته، قتل عيسى يوسف عشية عودته الى المدرسة.
يروي شقيقه خالد لوكالة فرانس برس أن "الأساتذة أضربوا عن العمل بسبب عدم دفع رواتبهم ولم نكن نعرف كيف نحضر السنة".
وقتل عيسى البالغ 16 عاما، أمام منزله بعد انفجار قذيفة هاون.
وكانت العائلة في الأصل من الجمالية لكنها فر ت من الجهة الأخرى من المدينة بسبب الحرب. لكنها عادت إليه وشغلت منزلا مهجورا. ويقول خالد ان "المنزل تدم ر بشكل كامل".
كان عيسى يحب كرة القدم. ويقول خالد "قبل الحرب، كان يرتدي لباسه الرياضي ويذهب لمشاهدة فريقه المفض ل "الصقور"، "كان يهتم خصوصا بالفرق اليمنية وليس بالنوادي العالمية".
لكن شغفه الحقيقي كان الزراعة. ويتابع خالد "كان لديه بستان صغير قرب المنزل، يهتم به، يمضي وقته في زراعة الأشجار وخصوصا الأزهار".
وقتل 1500 طفل على الأقل من بين أكثر من 8500 قتيل في الحرب في اليمن منذ مارس 2015، بحسب أرقام منظمة الصحة العالمية. فيما أصيب ما يقارب 49 ألفا بجروح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.