فيضانات رعدية بإقليم آسفي تخلف سبعة قتلى و20 مصاباً في حصيلة مؤقتة        "القبائل" تعلن من باريس استقلالها عن الجزائر    مستشار خامنئي: إيران ستدعم "بحزم" حزب الله في لبنان    لقجع ل"فرانس فوتبول": كرة القدم المغربية بُنيت بعقل استراتيجي لا بمنطق الإنجاز العابر    التوفيق يبرز بواعث الحاجة إلى المذهب المالكي في ظل التحولات المجتمعية    انهيار صخري يقطع الطريق بين الجبهة وتطوان ودعوات لتوخي مزيد من الحذر    رحلة جوية بين مدريد وتطوان كادت تتحول إلى مأساة    الخصوصية التفاعلية والقاتلة    طنجة تحتضن البطولة الوطنية للشرطة في الجيدو والكراطي بمشاركة واسعة    انتخاب محمد شويكة رئيسا للجمعية المغربية لنقاد السينما    الرباط تحتضن مهرجان "ربادوك" للسينما الوثائقية        بلقات: «استهداف أشخاص في سيدني وقتلهم لمجرد أنهم يهود لا يقبله دين ولا أية أعراف.. إنه جرم مدان قطعا»    رونار: السلامي صديقي لكن عليه التوقف    المغرب يوقّع على سابقة غير مسبوقة في تاريخ كأس أمم إفريقيا    أولاريو: مواجهة المغرب الرديف قوية وسنلعب بطموح العبور إلى نهائي كأس العرب    احتفال تحوّل إلى مذبحة .. الهجوم على يهود سيدني يطلق اتهامات سياسية    أكادير تحتفي بعشرين سنة من تيميتار: دورة إفريقية بامتياز تسبق كأس أمم إفريقيا وتجمع الموسيقى الأمازيغية بالعالم    توقيف مشتبه به في حادث جامعة براون    من شفشاون إلى الرباط: ميلاد مشروع حول الصناعة التاريخية    تطبيق "يالا" يربك الصحافيين والمشجعين قبل صافرة انطلاق "كان المغرب 2025"    أوجار من الناظور: الإنجازات الحكومية تتجاوز الوعود والمغاربة سيؤكدون ثقتهم في "الأحرار" عام 2026    عشرة قتلى على الأقل إثر إطلاق نار عند شاطئ بونداي بأستراليا خلال احتفال بعيد يهودي    شغب رياضي يتحول إلى عنف خطير بالدار البيضاء    تمديد فترة الترشيح للاستفادة من الدورة الثانية من برنامج "صانع ألعاب الفيديو" إلى 21 دجنبر الجاري    ائتلاف يدعو إلى وقف تهميش المناطق الجبلية وإقرار تدابير حقيقية للنهوض بأوضاع الساكنة    مجلس النواب والجمعية الوطنية لمالاوي يوقعان مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون البرلماني    استقالات جماعية تهز نقابة umt بتارودانت وتكشف عن شرخ تنظيمي.    إقبال كبير على حملة التبرع بالدم بدوار الزاوية إقليم تيزنيت.    إسرائيل تندد ب"هجوم مروع على اليهود"    طلبة المدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية بأكادير يعلنون تصعيد الإضراب والمقاطعة احتجاجاً على اختلالات بيداغوجية وتنظيمية    مباراة المغرب-البرازيل بمونديال 2026 الثانية من حيث الإقبال على طلب التذاكر    توقعات أحوال الطقس لليوم الأحد    زلزال بقوة 5,1 درجات يضرب غرب إندونيسيا    ألمانيا: توقيف خمسة رجال للاشتباه بتخطيطهم لهجوم بسوق عيد الميلاد    أخنوش من الناظور: أوفينا بالتزاماتنا التي قدمناها في 2021    مسؤول ينفي "تهجير" كتب بتطوان    افتتاح وكالة اسفار ltiné Rêve إضافة نوعية لتنشيط السياحة بالجديدة    إطلاق قطب الجودة الغذائية باللوكوس... لبنة جديدة لتعزيز التنمية الفلاحية والصناعية بإقليم العرائش        البنك الإفريقي للتنمية يدعم مشروع توسعة مطار طنجة    إسرائيل تعلن استهداف قيادي بارز في "القسام" بغزة و"حماس" تتهمها بخرق وقف إطلاق النار    سلالة إنفلونزا جديدة تثير القلق عالميا والمغرب يرفع درجة اليقظة    بورصة البيضاء .. ملخص الأداء الأسبوعي            من الناظور... أخنوش: الأرقام تتكلم والتحسن الاقتصادي ينعكس مباشرة على معيشة المغاربة    المغرب: خبير صحي يحدّر من موسم قاسٍ للإنفلونزا مع انتشار متحوّر جديد عالمياً    الممثل بيتر غرين يفارق الحياة بمدينة نيويورك    "الأنفلونزا الخارقة".. سلالة جديدة تنتشر بسرعة في المغرب بأعراض أشد وتحذيرات صحية    تناول الأفوكادو بانتظام يخفض الكوليسترول الضار والدهون الثلاثية    منظمة الصحة العالمية .. لا أدلة علمية تربط اللقاحات باضطرابات طيف التوحد    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



استفسار الإدارة ومشروعية حق الإضراب

دعت ثلاث مركزيات نقابية يوم 23 شتنبر 2014 إلى إضراب عام، حيث وجهت نداء إلى عموم موظفي ومستخدمي قطاعات الوظيفة العمومية والجماعات الترابية بالإضافة إلى المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري ،إلى خوض إضراب وطني احتجاجا على سياسات الحكومة نذكر منها 
-تهريب الحكومة لملف إصلاح أنظمة التقاعد من الحوار الاجتماعي ومن اللجنة الوطنية لإصلاح أنظمة التقاعد.
-اعتزام الحكومة إدخال إجراءات مقياسية على نظام الصندوق المغربي للتقاعد ستجعل المعاشات تتراجع بما يقارب 30في المائة.
-إقبارها للحوار الاجتماعي واستهتارها بدور النقابات في الدفاع عن قضايا الشغيلة ومساهمتها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
إن اعتزازي بالانتماء إلى هذا الوطن الذي قطع أشواطا كبيرة في ترسيخ دولة الحق والقانون، وبناء على ما جاء في النداء. قررت خوض الإضراب. لآني كنت مقتنعا تمام الاقتناع بأن الحكومة تنهج مقاربة تقنية ضيقة في إصلاح نظام التقاعد ستكون عواقبها وخيمة على الطبقة الشغيلة. وللإشارة فحتى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أكد في دورته الأخيرة. على أن جميع تدابير الإصلاح يجب أن تندرج في مقاربة الإصلاح الشمولي لأنظمة التقاعد، كما دعا أيضا إلى تعزيز الانسجام والاستمرارية في التوافق المكتسب في إطار أشغال اللجنة الوطنية المكلفة بإصلاح نظام التقاعد التي انطلقت منذ 2004.
وبعد خوض الإضراب توصلت في اليوم الموالي باستفسار من الإدارة التي أعمل بها وهو كالتالي
«على إثر تغيبك بدون مبرر يوم 23 شتنبر2014 أطلب منك تقديم التوضيحات اللازمة حول هذا التغيب في أقرب الآجال»
إن الإدارة ومن خلال هذا الاستفسار تظن انطلاقا من تقييمها أنه يمكن أن يشكل حجة قانونية تعتمد عليها في شرعنة الاقتطاع وذلك بالاستناد إلى مقتضيات القانون 81.12 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.83.230 وتاريخ 05/10/1984 بشأن الاقتطاعات من رواتب موظفي وأعوان الدولة والجماعات المحلية المتغيبين عن العمل «بصفة غير مشروعة» .والمرسوم رقم2.99.1216 المنظم له والذي نص على الاقتطاع المذكور من المرتب يأتي بعد توجيه الإدارة استفسارا للمعني بالأمر حول أسباب تغيبه طبقا للمادة الرابعة منه والتي جاء فيها ما يلي(يتم الاقتطاع بعد أن تقوم الإدارة بتوجيه استفسار كتابي للموظف أو العون حول أسباب تغيبه عن العمل).
شخصيا عند قراءتي للاستفسار الذي توصلت به، وعند تحليلي لمقتضيات القانون 81.12 تساءلت ، وقلت في نفسي هل تعتبر الإدارة الإضراب غيابا غير مبرر. وللإجابة على هذا التساؤل فلا مانع من إلقاء نظرة ولو مقتضبة على النصوص التشريعية و القانونية ولم لا حتى بعض الأحكام القضائية المتعلقة بالحق في ممارسة الإضراب.
فعلى المستوى التشريعي والقانوني نجد مرسوم2.2.1958 في فصله الخامس ينص على منع الموظفين العموميين من حقهم في ممارسة الإضراب. وذلك لأنه يتعارض مع مبدأ استمرارية المرفق العام. حيث اعتبر المجلس الأعلى في قرار سنة 1961 الإضراب من الأخطاء الجسيمة.
أما وبعد صدوردستور1962 الذي أقر في فصله الرابع عشر بمشروعية الإضراب، فقد أصبح هناك واقع جديد يفتح نقاشا واسعا في ممارسة هذا الحق، خاصة وأن موظفي الإدارات العمومية ظلوا يتمسكون بحقهم في الإضراب دفاعا عن مطالبهم المشروعة في تحسين أوضاعهم الاجتماعية. وفي الجهة المقابلة ظلت الإدارة تتشبث بعدم مشروعية الإضراب، نظرا لأن القانون التنظيمي لهذا الأخير لم يصدر بعد، والذي ربما لهذا السبب تعمدت عدم إخراجه للوجود لحد الساعة. وبالتالي حافظت على تطبيق مرسوم2.2.1958 رغم أن الفصل 14 من دستور 1962 يعتبر أن الإضراب حق مضمون.
إن الإدارة عندما تعتمد هذه المقاربة في التعامل مع الحق في الإضراب بغض النظر عن عدم صدور القانون التنظيمي الذي يبين كيفية ممارسة هذا الحق المنصوص عليه في الفصل 14 من دستور 1962 ، تكون بذلك قد خالفت مبدأ تراتبية القوانين والذي جعل الدستور في أعلى هرم القوانين، باعتباره القانون الأسمى، وبالتالي فلا يجوز تطبيق مقتضيات الفصل الخامس من مرسوم 2.2.1958 مع تواجد الفصل 14 من دستور 1962 والذي يعتبر الإضراب حقا مضمونا. ويمكن أن نضيف أنه حتى لو افترضنا أن مرسوم 1958 له نفس القوة القانونية ونفس الدرجة مثل دستور 1962، فسنجد أن هذا الأخير جاء متأخرا عن هذا المرسوم. ومعلوم أنه في القواعد القانونية أن اللاحق ينسخ السابق وليس العكس.
لقد كان الإضراب دائما حقا مشروعا للطبقة الشغيلة سواء في القطاع العام أو القطاع الخاص. ومن هنا فإن هذا الحق الدستوري أثار الكثير من النقاشات خصوصا وأنه يتعارض مع مبدأ استمرارية المرفق العام. فهو من جهة يعتبر وسيلة للدفاع عن الحقوق المادية والمعنوية للطبقة الشغيلة. ومن جهة أخرى وجب الحفاظ على استمرارية المرفق العام. وهنا تبقى المسؤولية على عاتق الإدارة بإيجاد حل مناسب يمكن من التوفيق بين المطلبين. وذلك بإخراج قانون تنظيمي يراعي هذا التوافق بين الطرفين.
وإذا كان قرار المجلس الأعلى بتاريخ 11 يونيو 1969 قد نص على أنه لا يمكن اعتبار أيام الإضراب من التغيبات غير المبررة التي تؤدي إلى الطرد، وهذا يعني أنه حتى بعض الأحكام القضائية أقرت بمشروعية الإضراب، بل ودفعت بعدم اعتباره تغيبا غير مبرر، والذي يستوجب الاقتطاع أو التأديب.
إن ما اعتمدنا عليه سالفا في تبيان مشروعية الإضراب سواء على المستوى التشريعي والقانوني أو على مستوى الأحكام القضائية يبين بوضوح لا يبقى فيه مجال للبس أو الغموض في مدى مشروعية الإضراب، بل بالعكس يطرح إشكالا عميقا في مدى مشروعية الاقتطاع، والذي بدأت الإدارة تلجأ إليه لردع الموظفين عن ممارسة حقهم الدستوري في ممارسة الإضراب دفاعا عن مطالبهم المشروعة. إن هذا الاقتطاع يشكل أخطر انتهاك لحق الإضراب المكفول دستوريا باعتراف الإدارة نفسها. بل إن الحجة التي تعتمد عليها هذه الأخيرة والتي تمثل في مبدأ الأجر مقابل العمل هي صورة واضحة على أنه باطل يراد به حق.
لقد ظل مبدأ الأجر مقابل العمل دائما يحتمل العديد من الاستثناءات التي قررها المشرع حفاظا وحماية للأجر الذي يتقاضاه الأجير. ويمكن في هذا الباب أن نعرج على عدة أمثلة من هذه الاستثناءات نذكر منها.
-التغيبات المرخصة
-التغيبات بسبب الأحداث العائلية، ولادة، وفاة
-التغيبات القانونية لمندوبي العمال والمستشارين الجماعيين
-حالات العطل والأعياد
إن السؤال المطروح والذي يجب على الإدارة تحمل المسؤولية في الرد عليه، وهو هل من المعقول قانونا أن لا يتم الاقتطاع عن كل هذه الاستثناءات بغض النظر عن مبدأ الأجر مقابل العمل. ويتم في المقابل الاقتطاع عن حالة الإضراب بالرغم من أنها تمثل حقا دستوريا ولا تدخل في خانة التغيبات غير مبررة أليس إصلاح الإدارة والمرفق العام هو بالأساس تحسين ظروف العمل للموارد البشرية والتي تشكل رأس مال غير مادي يستدعي الاهتمام والعناية لتحقيق التنمية المنشودة.
هذا، ولا يفوتنا أن نذكر الإدارة بالحكم رقم3772 الذي أصدرته المحكمة الإدارية بالرباط في الملف رقم 262/05/2013 بتاريخ 27/11/2013 والتي قضت بإلغاء قرار الاقتطاع من الأجر.
إن الورش المهم بالإضافة إلى محاربة الفساد والذي لم تقم به هذه الحكومة و قد أمضت نصف ولاياتها أو أكثر يتمثل في عدم تفعيل الدستور، وذلك بالمصادقة على القوانين التنظيمية، والتي من بينها القانون المتعلق بممارسة حق الإضراب. فهي وإن تقاسمت مع الشعب المغربي إبان الانتخابات الأخيرة شعار محاربة الفساد، فقد نهجت في الميدان سياسة عفا الله عما سلف. ومن يدري ربما يرفع الشعب مثلا ضدها شعار «الشعب يريد تفعيل الدستور»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.