هل الصيدلية المغربية هي مقاولة مواطنة؟ أعتقد بأنها مثال على ذلك، وخير ما يمكن أن ينعت بهذا الوصف، فالصيدلاني ومساعدوه يقومون بدور مهم في التكفل بالمرضى والحرص على رعايتهم، بشكل يتجاوز ما يكون متوقعا منهم، وذلك على الرغم من الصعوبات التي يواجهونها، سيما الاقتصادية منها، فأغلبية الصيادلة يقدمون الدواء للمرضى دون تسديد أثمنته في حينه ، بل إلى وقت لاحق، يساهمون في التخطيط العائلي، يقومون بتقديم خدمات متعددة ، كما هو الشأن بالنسبة لقياس الضغط الدموي ...، وهي الأدوار التي يمكن أن تتسع دائرتها في حال وضع ملصقات ووسائل تواصلية أخرى رهن إشارتهم من أجل المساهمة في التحسيس والتوعية بمخاطر أمراض أخرى، كما هو الشأن بالنسبة للأمراض الجنسية المنقولة. أدوار ومهام متعددة للصيدلاني تؤكد على دوره المواطناتي، ففي العديد من الدول نجد بأن الصيادلة يساهمون في مراقبة وتتبع وضعية العديد من الأمراض كداء الربو، السكري، والمرضى الذين يخضعون للعلاج بمضادات التخثر، وهو ما يسمح للصناديق الاجتماعية والتأمينات وللدولة ككل بتخفيض نفقاتها التي يخصص بعض منها لهاته الفئة نظير خدماتها تلك. وفي المغرب يجب علينا وضع آليات للرفع من صلاحية ومهام الصيدلي التي يمكنه القيام بها ، بتعاون مع الطبيب المعالج، وهو ما سيسهل الولوج للتداوي بالنسبة للمرضى القاطنين بالمناطق النائية. هل الجودة حاضرة كهمّ يومي عند الصيدلاني؟ إن الصيدلية المغربية ، وعلى الرغم من الصعوبات الاقتصادية المتعددة التي تعاني منها ،إلا أنها لا يمكن أن تستغني عن نهج الجودة، علما بأن المفتشين في مجال الصيدلة هم يجوبون الصيدليات على امتداد ربوع المملكة للتأكد من كون الممارسة الصيدلية تتم وفقا للضوابط القانونية، هذه المراقبة التي لا تقف عند حدود الصيادلة وإنما تشمل كذلك مختبرات الأدوية من مصنعين وموزعين، وهو ما يثلج الصدر ويبعث على مزيد من الاطمئنان. أما بخصوص الحصول على تأمين للجودة، فهناك تفاوت في جميع أنحاء العالم بهذا الشأن، وإن كانت الصيدليات المغربية تضاهي نظيراتها في دول هي في نفس مستويات نمو المغرب في هذا الصدد، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الصيدليات بعدة دول هي تسعى ، وبشكل تصاعدي، إلى الحصول على شهادات للجودة، ففي سويسرا، على سبيل المثال، هناك مؤسسات مختصة في تقييم مستوى الجودة بالصيدليات ومنحها شهادة نظير ذلك، كما هو الحال في فرنسا أيضا، لكن بالنسبة للصيدليات المغربية أو المغاربية بشكل عام، فإنني أعتقد بأنها ليست قادرة على تحمل مصاريف تكلفة هذه الخطوة للحصول على هذا النوع من الشهادات. لكن ذلك لايحول دون السعي والاجتهاد لإيجاد صيغ تمكننا من السير في نفس اتجاه الصيدليات الأوربية، إذ من السهل جدا إحداث تخصص في هذا الباب يمكن من خلاله للصيادلة المتطوعين الخضوع لتكوين جامعي في هذا الصدد، الأمر الذي سيشجع ويعزز من واقع الجودة الذي يحضر بالفعل في معظم الصيدليات. تحدثنا عن الصيدلية كفضاء، فماذا عن الجودة في الدواء؟ جودة الدواء في المغرب هي رهينة التزام وتعاقد جماعي بين كافة المتدخلين، بدءا بالمصنّع مرورا بالموزع فالصيدلاني. هذه الجودة هي مراقبة من طرف المختبر الوطني للمراقبة الذي يتوفر على المعايير العالمية، التي تسمح لنا بتتبع ومراقبة جودة الأدوية، سواء منها المصنعة والمنتجة في المغرب، أو تلك المستوردة من الخارج. ويمكننا في هذا الصدد القول ، وبدون أدنى شك، إن الأدوية في المغرب هي تلبي وتستجيب لمعايير ومواصفات الجودة المعمول بها في الدول المتقدمة. وهو ما ليس متوفرا في العديد من الدول التي يمكن اقتناء الأدوية منها والتي تكون جودتها مشكوكا فيها . إن كل مكونات قطاع الدواء في المغرب لا يمكن إلا أن تجعل من شرط تحقيق الجودة أولوية عندها، وإذا كانت الشركات المصنعة تعتمد على الممارسات الجيدة في التصنيع ضمانا لجودة الأدوية، وتمكنت من الحصول على شهادات في هذا الصدد تسمح لها بتصدير الأدوية إلى الخارج بما في ذلك أوروبا، فإن التوزيع على مستوى الصيدليات يجب أن يسير على نفس النهج والمنوال، وذلك لتجنب أي ثغرات يمكن أن تضّر بتوزيع وصرف الأدوية، سيما منها تلك التي تكون حسّاسة للحرارة التي تتطلب الالتزام الصارم واحترام سلسلة التبريد.