في سياق أجواء القلق «العالمية» الناتجة عن وباء كورونا القادم من الصين، والمنتقل لعدد من الدول الأخرى، عاشت ساكنة فاس، مؤخرا ، على وقع ترويج أحد المواقع الالكترونية لما يفيد بظهور الداء بأحد المطاعم التي يديرها أحد الصينيين بالمدينة، مما جعل وزارة الصحة والسلطات المحلية تستنفر مصالحها وتبادر بإغلاق المطعم وحمل صاحبه إلى المركب الصحي حيث تبين أن المعني بالأمر مصاب بنزلة برد فقط ، ولم تعد الطمأنينة إلى النفوس إلا بعد أن نشرت وزارة الصحة بلاغا تكذيبيا… عن مرض كورونا الفتاك والنزيف المتواصل لهجرة الأطباء المغاربة إلى أوروبا وكندا، والزيادة في أثمنة الفحوصات والعلاجات الطبية و»الرميد» وغيرها، كان لنا لقاء مع الدكتور محمد الخضوري، الذي ساهم في تأسيس النقابة الوطنية للصحة خلال «سنوات الرصاص»، وأدى ثمنا غاليا نتيجة لعمله النضالي… أكد في البداية أن «مرض كورونا وغيره من الأمراض المعدية ، هو من اختصاص وزارة الصحة، وإذا ما اكتشف أي طبيب او مصحة هذا الوباء وغيره من الأمراض المعدية لا قدر لله ، فإن المريض يحال فورا إلى المركب الصحي الحسن الثاني او غيره من المستشفيات العمومية لإجراء الفحوصات اللازمة وتلقي العلاج، وفي هذا الصدد لابد من الإشادة بالإجراءات والتدابير الوقائية المتخذة في مطاراتنا وموانئنا، تلافيا لدخول العدوى إلى المغرب ، ويبقى على المواطنين الالتزام بالتعليمات الوقائية التي أصدرتها وزارة الصحة، من ضمنها غسل اليدين بالماء والصابون باستمرار وشرب الماء وعدم ترك الحنجرة جافة وغيرها من النصائح الطبية، لأن هذا المرض يصيب الرئة قي وقت وجيز». وحول نزيف هجرة الأطباء، أوضح د. الخضوري «أن هناك أسبابا متعددة، منها ما هو وطني ودولي، ولعل المشكل ينطلق من التكوين، إذ أن المغرب يتوفر حاليا على عدد من كليات الطب في فاس والرباط ومراكش واكادير..، يتخرج منها سنويا 100 طبيب، المجتمع في حاجة ماسة إليهم نظرا للخصاص المهول في هذا الجانب، ولكن الدولة لاتستطيع إدماجهم في المنظومة الصحية، نظرا لضعف الميزانية المخصصة للقطاع ، وهذا ما يدفع بعض الأطباء إلى الهجرة إلى ألمانياوفرنسا وكندا..، هذه الدول التي لها عجز في الأطباء والممرضين، لأن السياسة التي اعتمدتها هذه الأخيرة انصبت على التعليم التقني والمتوسط. ومع الأسف الشديد، فإن كل طبيب يتطلب تكوينه ثلاثة أو أربعة ملايين د، وبمجرد تخرجه يغادر المغرب، فهذا في رأيي هدر للمال العام»، لافتا إلى أنه «لايعقل أيضا مطالبة الخريجين باجتياز مباراة قصد التوظيف بوزارة الصحة ، معنى هذا أن الدكتوراه المحصل عليها أصبحت لاغية ولا قيمة لها، وهنا أستحضر ما تقوم به فرنسا في هذا المجال، فشخصيا عندما حصلت على الدكتوراه كطبيب جراج من كلية الطب بفرنسا وبعد المصادقة عليها، لم أجد صعوبة في الحصول على وظيفة، ذلك أن المصحات تعلق إعلانات خاصة بالتوظيف، فبمجرد تقديم الشهادة إلى المدير والاتفاق معه على الأجر تدمج حالا، وإذا لم يناسبك ذلك العمل تنطلق إلى مصحة أخرى. فلا يعقل أن يتخرج الطبيب من إحدى الكليات المغربية ويصبح عاطلا». «وللحد من النزيف – يضيف – ينبغي فرض العمل على الخريجين بالمستشفيات العمومية لمدة أربع سنوات التي يتواجد بها أطباء مؤطرون ليستفيدوا من خبرتهم ويتمكنوا من تطبيق مادرسوه في الكليات، بالإضافة إلى تعيينهم في جهة الكلية التي تخرجوا منها، مع منحهم تعويضا ماديا يلائم الشهادة التي حصلوا عليها، على غرار ما هو معمول به في سلالم الوظيفة العمومية. ونفس الإجراء ينبغي تطبيقه على الممرضين خريجي مراكز التكوين. لقد أصبح من الضروري وضع خريطة صحية منسجمة مع الخريطة المغربية تتضمن مجموعة من النقط تسهل الأمور على الخريجين، أنذاك يمكننا ربح عدد هام من الأطر الصحية، لكن للأسف لا نتوفر على مخطط سياسي صحي يمكنه إنقاذ منظومتنا الصحية». وحول الزيادات في أسعار الوصفات الطبية، والتي بلغت حوالي 60 في المائة من قيمتها، أوضح المتحدث «أنه تمت مؤخرا المصادقة على اتفاقية بين نقابة القطاع الخاص و»الكنوبس» على مجموعة من النقط»، مشيرا إلى «أن الأثمنة المعمول بها حاليا ترجع إلى الثمانينات، رغم ما عرفه المغرب من ارتفاع في مختلف المواد الأساسية، الشيء الذي جعل الأطباء يرفعون من قيمة أثمنة الفحوصات تبعا لرفع الأسعار ، علما بأن الثمن المحدد لوصفة الطبيب الاختصاصي يعوض عليها صندوق الضمان الاجتماعي الكنوبس على أساس 150 د، في حين أننا نجد من يوقع على 250 د أو 300د، وهذا مخالف للقانون ، الشيء الذي يوجب على المتعاضدين أن يدافعوا عن حقوقهم ويطالبوا بالتعويضات الحقيقية عند تطبيق هذه الزيادات المتفق عليها. أما مسألة الضمانة بالشيك فلم يعد معمولا بها، لأن المصحة بمجرد الحصول على موافقة الكنوبس تجري العمليات للمرضى، غير أن بعض الحالات الاستعجالية التي تتطلب تدخلا طبيا سريعا، فإن هذه القضية تحتاج إلى حلول ناجعة حتى لاتضيع المصحات في الصوائر الطبية من أدوية وعملية وإقامة، لأن التعاضدية ترفض أحيانا أداء التعويضات العلاجية بدعوى أن لها مشكلا مع المنخرط». وبالنسبة لتصريحات وزير الصحة حول تعاون أطباء القطاعين الخاص والعام للتخفيف من نقصان الأطر الطبية بعدد من المناطق، أوضح المتحدث «أن الطبيب الذي يعمل في القطاع الخاص ويملك عيادة خاصة لايمكنه، دائما، أن يوجه مريضه إلى المستشفى العمومي أو أن يترك عيادته»، مضيفا «أتذكر، في هذا السياق، الراحل د. محمد الشامي الذي كان يملك مصحة خاصة بفاس وكان يتطوع لإجراء عمليات جراحية للمواطنين المحتاجين بمستشفى الغساني، والأمر نفسه بالنسبة للدكتور الراحل محمد التازي..». وبخصوص وضعية حاملي «الرميد» وكذا التداوي بالأعشاب؟ ذكر المتحدث «بأن هذه التغطية الصحية بالقطاع العمومي هي فكرة من إبداع المناضل ذ.عبد الرحمان اليوسفي الذي قاد حكومة التناوب، والتي أولت اهتماما خاصا للقطاع الصحي عامة ومشكل التغطية الصحية خاصة بالنسبة لعموم المواطنين، وإذا كان عدد المنخرطين بالرميد بلغ أكثر من7 ملايين منخرط، فإن المرضى الحاملين لبطاقة الرميد الذين يلجؤون للعلاج بالمؤسسات العمومية، يعانون من عدة مشاكل في طليعتها طول انتظار مواعيد إجراء الفحوصات أو الصور بالسكانير أو العمليات الجراحية، وذلك لعدة أسباب في طليعتها قلة الأطر، كما أن الوزارة الوصية تجد صعوبة في أداء الديون المتراكمة عليها للمستشفيات العمومية». «أما بالنسبة للتداوي بالأعشاب – يتابع المتحدث – فهذا مشكل عويص، ولا يوجد عندنا، لحد الآن، أطباء مختصون في هذا الميدان، علما بأن «المعشبات» تنتشر بشكل فظيع وأخذ بعض مالكيها يستغلون مواقع التواصل الاجتماعي لنشر إشهارات تدعي معالجتهم لجميع الأمراض، بما فيها أمراض السرطان والعجز الجنسي… وغيرها، دون أن تفلح سلطات الوصاية الصحية في الحد من هذه الآفة التي تلحق أضرارا جسيمة بصحة المواطنين».