شهد حزب الاتحاد الاشتراكي خلال هذه السنة، انخراط كل مناضلاته ومناضليه في ورش جديد من أوراش تجديد الآلة التنظيمية الحزبية، هذا الورش الذي شكل فرصة أخرى إضافية، أسهمت وتسهم فيها كل قطاعات وأجهزة وتنظيمات الحزب الموازية في الإعلان عن ميلاد حركية جديدة، غلب عليها هاجس التغيير، بما يساهم، انطلاقا من توظيف هويتنا وتراثنا وتاريخنا الحزبي، في بناء حزب الغد، بالشكل الذي يجعلنا أكثر انسجاما وتجاوبا مع مختلف المستجدات من الأحداث . ولعل هذا الطموح الإيجابي هو ما يؤكد، مرة أخرى، أن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ليس حركة جامدة، كما ليس قوة انتظارية ثابتة وغير فاعلة في مجريات الأحداث، بل على العكس من ذلك، إنه قوة اقتراحية حية، خلاقة، ديناميكية ومفاجئة . وبالرجوع إلى ما شهدته كل الجهات والأقاليم من حركية ملفتة، خلال هذه الأشهر، وعلى امتداد الخريطة الوطنية، يتضح أن هذا التطلع لا يراهن إلا على المستقبل، وعلى كل ما يساهم في ترسيخ سبل الرقي بمجتمعنا إلى ما هو أفضل. ذلك أن حزبنا نظم حتى الآن عشرات المؤتمرات الإقليمية، وأخرى في طريق الانعقاد، وسيكون المؤتمر الوطني 12 تتويجا وخلاصة تنظيمية وسياسية لهذه الحركية الإقليمية. إن أهم ما طبع كل المؤتمرات التي انعقدت حتى الآن، بعد مؤتمرنا الحادي عشر، لاسيما في شقيها المتعلقين بمجريات الأشغال وكذا التشكيلات الجديدة التي أفرزها انتخاب الأجهزة المسيرة، هو هذا الاهتمام بالكفاءات والفئات الفاعلة داخل المجتمع، ولاسيما فئة الشباب والنساء، هذا إلى جانب تكثيف المجهودات الموازية والمكملة لهذا المسلسل، والتي تتجسد بوضوح في إحياء وتنشيط القطاعات الحزبية، التي تشكل صلة وصل مباشرة مع عموم الشارع المغربي . وإلى جانب ذلك، تكمن أهمية انعقاد هذه المؤتمرات، وبهذه الوتيرة المتسارعة أيضا، في الانفتاح وضرورة الانفتاح على واقعنا المغربي المتجدد، المعقد والمليء بالتساؤلات، لذلك، فإن من السمات الصحية التي رسختها هذه المؤتمرات كذلك ، كونها فتحت بل جددت الحوار بين مختلف مكونات الرأي العام الاتحادي، الذي يعتبر جزءا من الرأي العام الوطني . كما شكلت فرصة إضافية لمزيد من التواصل الميداني المباشر، بما يكفل مزيدا من طرح القضايا الملحة، سواء الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية، وما إلى ذلك، إن محليا أو إقليميا أو جهويا أو وطنيا . من هنا، فإن مقياس نجاح هذه المؤتمرات، من جهة أخرى ، يتجلى في مدى الاهتمام بمشاكل المواطنين والربط بين ما هو آني ظرفي وبين ما هو متوسط المدى، بهدف طمأنة المواطنين وتعبئتهم من خلال فتح آفاق آمال جديدة. ولعل أهم ما يميز هذه المنهجية الجديدة في التعامل، هو تركيزها على فتح مجال أوسع للمرأة داخل حزبنا، على اعتبار أن دور مساندة المرأة لحزبنا كما كان يتم بالأمس، أصبح أمرا غير كاف اليوم . وعليه، فقد بادر حزبنا، منذ المؤتمر الوطني الحادي عشر ، إلى ترجمة هذا الوعي التاريخي المسؤول إلى فعل ملموس ، وذلك من خلال إشراك العنصر النسائي في اتخاذ القرار، وجعله معنيا بتطوير آلياتنا الحزبية، بالقدر الذي يجعل المناضلة الاتحادية شريكا فاعلا وحاسما في بناء حزب الغد . وقد يتساءل البعض عن مغزى التركيز على كون الاتحاد الاشتراكي حزب الغد ؟ وهذا في حد ذاته سؤال وجيه ومشروع، نظرا لطبيعة وقوة الزخم التاريخي والنضالي الذي حكم ويحكم وجوده حتى اليوم. فالاتحاد الاشتراكي كان ولا يزال يناضل من أجل مغرب ديموقراطي حداثي ومتضامن . كما كان، إلى جانب ذلك، من الأحزاب السباقة إلى طرح إشكالية دولة الحق والقانون وتحديث نظامنا السياسي، هذا الوضع جعله، في ظروف تاريخية معلومة، يتبوأ الساحة السياسية المغربية، بل إنه، في أحيان كثيرة، كان يجد نفسه معزولا وهو يطالب بترسيخ العديد من القيم المجتمعية المتقدمة، التي تضمن لعموم المواطنين حقهم في مواطنة كاملة وغير منقوصة، الأمر الذي وشم مسيرة الاتحاد النضالية، كما يعلم ذلك الجميع .