أعلن مرصد كوبرنيكوس الأوروبي الخميس أن الشهر المنصرم كان الثالث الأكثر حرا بين أشهر يوليوز الموثقة بياناتها، ما يؤشر إلى استمرار مفاعيل التغير المناخي، على الرغم من عدم تسجيل رقم قياسي جديد في ارتفاع درجات الحرارة خلاله. وقال مدير خدمة التغير المناخي الأوروبية في كوبيرنيكوس (C3S) كارلو بوانتامبو «بعد مرور عامين على أكثر شهور يوليوز التي تم تسجيلها حرا على الإطلاق، توقفت سلسلة الأرقام القياسية لدرجات الحرارة العالمية. لكن هذا لا يعني أن التغير المناخي قد توقف». ومع ذلك، تظل شهور يوليوز في السنوات الثلاث الأخيرة هي الأكثر حرارة المسجلة على الإطلاق. ورغم أن هذه الزيادة في درجات الحرارة قد تبدو طفيفة، إلا أن العلماء أكدوا أنها كافية لجعل العواصف وموجات الحر والجفاف وغيرها من الظواهر الجوية المتطرفة أكثر شدة ودمارا. ويمكن لظواهر طبيعية مثل ظاهرة النينيو والنشاط البركاني مع انبعاثات الغازات الدفيئة الناتجة عن الأنشطة البشرية أن تدفع درجات الحرارة للارتفاع فوق عتبة 1,5 درجة مئوية، كما حدث خلال العامين الماضيين، وفقا لما يقول مدير مركز مستقبل المناخ في جامعة ليدز بيرس فورستر لوكالة فرانس برس. ويضيف «هذه التقلبات بدأت الآن تتراجع، ما يعيد درجات الحرارة من مستويات قياسية إلى أرقام أقرب للاتجاه المتوقع. لكن هذا الهدوء مؤقت فقط. ومع استمرار الاحترار الناتج عن الأنشطة البشرية بمعدل حوالى 0,27 درجة مئوية لكل عقد، يمكننا أن نتوقع تسجيل أرقام قياسية جديدة في المستقبل القريب». وتجاوزت درجات الحرارة الشهر الماضي 50 درجة مئوية ليس فقط في الخليج والعراق، بل وللمرة الأولى في تركيا أيضا. كما أودت الأمطار الغزيرة بحياة مئات الأشخاص في الصين وباكستان، وأتت حرائق ضخمة على عشرات الآلاف من الهكتارات، لا سيما في كندا. في إسبانيا، نسب معهد حكومي أكثر من ألف وفاة إلى الحرارة في شهر يوليوز، أي أكثر بحوالى النصف من عدد الوفيات خلال الفترة نفسها من العام 2024. ويقول بوانتامبو إن حالة الطوارئ لا تزال قائمة، بشكل خاص مع استمرار العالم في استهلاك كميات متزايدة من النفط والفحم والغاز التي يؤدي احتراقها إلى انبعاثات كبيرة لغازات الدفيئة. ويتابع «إذا لم نتمكن بسرعة من ضبط مستويات غازات الدفيئة في الغلاف الجوي، فعلينا أن نتوقع ليس فقط أرقاما قياسية جديدة في درجات الحرارة بل وتفاقم هذه التأثيرات، ويجب أن نكون مستعدين لذلك». ويحسب متوسط درجات الحرارة العالمية باستخدام مليارات من القياسات أو البيانات المجمعة من الأقمار الاصطناعية ومحطات الأرصاد الجوية، على اليابسة وفي البحار. وتعود البيانات التاريخية لكوبرنيكوس إلى العام 1940. وشهدت 11 دولة ومنطقة الشهر الماضي أكثر شهر يوليوز حرا منذ العام 1970 على الأقل، من بينها الصين واليابان، وفقا لحسابات وكالة فرانس برس استنادا إلى هذه البيانات. ورغم عدم بلوغها مستويات الأرقام القياسية لفصول صيف سابقة، شهدت مساحة واسعة من أوروبا درجات حرارة أعلى من المعدلات المعتادة، لا سيما في الدول الاسكندنافية. ويضاف إلى ذلك جفاف قياسي سجل في أكثر من نصف الأراضي الأوروبية والمناطق المحيطة بالبحر الأبيض المتوسط بين الأول والتاسع عشر من شهر يوليوز، وهو أمر غير مسبوق منذ بدء التوثيق في 2012، وفق تحليل فرانس برس للبيانات الأخيرة الصادرة عن المرصد الأوروبي للجفاف (EDO) في المقابل، سجلت درجات حرارة أقل من المعدلات الطبيعية في أميركا الشمالية والجنوبية وفي الهند وفي أجزاء من أستراليا وإفريقيا، وكذلك في القارة القطبية الجنوبية (أنتاركتيكا). وسجل سطح المحيطات خلال شهر يوليوز ثالث أعلى درجة حرارة ترصد لهذا الشهر على الإطلاق. لكن على المستوى المحلي، سجلت أرقاما قياسية شهرية عدة، لا سيما في بحر النرويج وفي بعض أجزاء بحر الشمال وشمال الأطلسي غرب فرنسا والمملكة المتحدة… وسجلت مساحة الجليد البحري في القطب الشمالي خلال الشهر الماضي تراجعا بنسبة 10% عن المتوسط، وجاءت في المرتبة الثانية بين أدنى المساحات المسجلة لشهر يوليوز منذ بدء الرصد بالأقمار الاصطناعية قبل 47 عاما، متقاربة مع مستويي عامي 2012 و2021. وفي القارة القطبية الجنوبية، سجلت مساحة الجليد البحري ثالث أدنى مستوى مسجل لهذا الشهر.