تشكل عودة فاعل مغربي إلى تدبير النقل الحضري في طنجة، عبر شركة "إيصال المدينة" التابعة لمجموعة CTM، تحولا لافتا في مسار قطاع ظل لسنوات مرتبطا أساسا بشركات أجنبية. هذا التحول لا يقتصر على تغيير اسم المفوض له، بل يعكس توجها سياديا أوسع لإعادة ضبط قطاعات الخدمات العمومية ذات الحساسية الاجتماعية العالية. ففوز CTM بصفقة تدبير النقل الحضري، بعد منافسة مباشرة مع "ألزا" الإسبانية، يندرج ضمن دينامية تقودها وزارة الداخلية لإعادة هيكلة القطاع، عبر اقتناء الحافلات مركزيا، وتشديد معايير الجودة والتتبع، وتقليص هوامش الارتجال التي طبعت تجارب سابقة. وهنا، لا تعود الشركة المفوض لها مالكة للأسطول، بل مسيرة له وفق دفتر تحملات صارم، ما يعيد رسم موازين المسؤولية والمحاسبة. وتستند هذه العودة أيضا إلى رصيد CTM التاريخي في النقل الطرقي للمسافرين، وإلى شبكة استثمارية ومالية واسعة مرتبطة بالقطاع البنكي والتأميني، ما يمنح المشروع قدرة أعلى على الاستمرارية مقارنة بتجارب انهارت تحت ضغط التمويل أو التدبير اليومي. كما أن الشراكة مع Transdev Holding Maroc تضيف بعدا تقنيا دوليا، دون أن تنزع عن المشروع طابعه الوطني. غير أن الرهان الحقيقي سيظل معلقا بقدرة الفاعل المغربي على تجاوز اختبارات الواقع اليومي: انتظام الخطوط، احترام التوقيت، جودة الصيانة، وتدبير العلاقة مع السائقين والمرتفقين. فنجاح "إيصال المدينة" في طنجة لن يقاس بالانطلاقة فقط، بل بمدى قدرتها على استعادة ثقة مواطن أنهكته سنوات من الأعطاب والاختلالات في النقل الحضري.