قالت آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إن العدالة التعويضية ليست مجرد اعتراف رمزي بالمآسي الماضية، بل هي التزام جماعي لإعادة بناء مستقبل إفريقيا على أسس الكرامة والحقوق الإنسانية والعدالة الشاملة. جاء ذلك خلال مداخلة مصورة بثتها مساء الثلاثاء 30 أبريل، في اختتام المنتدى الإفريقي للمنظمات غير الحكومية، الذي نظم على هامش الدورة 83 للجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب بالعاصمة الغامبية بانجول، والذي خُصص لموضوع: "جبر الضرر: العدالة للأفارقة والأشخاص المنحدرين من أصل إفريقي". بوعياش سلطت الضوء على ما وصفته ب "المآسي التاريخية العميقة" التي عاشتها الشعوب الإفريقية نتيجة العبودية والاتجار بالبشر والاستعمار، مؤكدة أن هذه التجارب القاسية خلفت آثارا ممتدة لا تزال تتجلى في التهميش والإقصاء والفجوات التنموية الكبيرة بين دول الجنوب والشمال. وأكدت بوعياش أن القارة الإفريقية لا تزال تعاني من آثار نظام عالمي غير عادل استغل ثرواتها لعقود، داعية إلى تجاوز الاعتذارات الرمزية والمبادرات الظرفية نحو اعتماد مقاربات شاملة للعدالة التعويضية، قائمة على إشراك فعلي للضحايا والجماعات المتضررة، وتحقيق إصلاحات اقتصادية واجتماعية وهيكلية تضمن استدامة التنمية والإنصاف. وشددت على أن العدالة التعويضية لا تعني فقط استعادة الكرامة، بل هي وسيلة لإعادة تصور مستقبل إفريقيا، داعية إلى جعل العدالة الاقتصادية جوهر برامج جبر الضرر، خاصة في المجتمعات التي عانت من تاريخ طويل من التهميش والاستعباد. في مداخلتها، أشارت بوعياش إلى أن تجارب العدالة الانتقالية في إفريقيا وأميركا اللاتينية تظهر أن برامج الجبر يمكن أن تكون فعالة إذا ما صممت بشكل شامل ومرن، بشرط توفر إرادة سياسية قوية وإشراك مباشر للمتضررين في صياغة وتنفيذ تلك السياسات. وأكدت أن هذا الإشراك لا يعد خيارا إداريا أو تقنيا فحسب، بل هو حق أساسي من حقوق الإنسان، ويجب أن يشكل محور أي رؤية لتعويض الضحايا ومداواة الجراح الجماعية. وفي ختام كلمتها، دعت بوعياش إلى تعزيز دور منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، مشددة على أهميتها في توثيق الجرائم والانتهاكات التاريخية والترافع من أجل اعتراف دولي بها، والعمل على جبر الضرر بشكل حقيقي ومستدام. ووجهت تحذيرا من أن تجاهل قضايا الجبر يعزز من خطر إعادة إنتاج أنماط جديدة من التهميش، ويحول دون تحقيق عدالة انتقالية شاملة تنصف ضحايا الماضي وتصون مستقبل الأجيال القادمة.