مع اقتراب المغرب من احتضان كأس إفريقيا للأمم 2025 وكأس العالم 2030، تتجه أنظار العالم إلى مدنه الكبرى، وفي مقدمتها طنجة، بوصفها إحدى واجهات المملكة الساحرة والمفتوحة على العالم. لكن خلف هذا الوجه الجمالي والحضاري، تطفو ظاهرة التسول المنظم لتطرح علامات استفهام حول الاستعدادات الاجتماعية بموازاة البنية التحتية والرياضية. في قلب المدينة، عند كورنيش طنجة، وبالضبط قرب مطعم ماكدونالدز، وعلى طول إشارات المرور وأمام المطاعم الكبرى، بات المشهد متكرراً: نساء يحملن أطفالاً صغاراً، يجوبن السيارات المتوقفة، ويلاحقن المارة بعيون دامعة وأيدي ممدودة. مشهد يختلط فيه الاستعطاف بالإلحاح، والبراءة بالاستغلال، ليطرح تساؤلات خطيرة عن خلفيات هذه الظاهرة، وأبعادها القانونية والاجتماعية. استغلال الطفولة: جريمة صامتة يؤكد عدد من الفاعلين الجمعويين أن كثيراً من هؤلاء الأطفال يتم استغلالهم من طرف شبكات أو حتى من أمهاتهم مباشرة، إذ يُستخدمون كوسيلة لاستدرار العطف وزيادة المداخيل اليومية. هذا الاستغلال الممنهج ينتهك حقوق الطفل، ويعرضهم لمخاطر الشارع من عنف نفسي وجسدي، ويكرس دائرة الفقر والتهميش جيلاً بعد جيل. صورة المغرب على المحك مع توافد آلاف الزوار مستقبلاً، وملايين المتابعين عبر شاشات العالم، تصبح صورة الفضاء العام جزءاً من الرسالة الحضارية التي يقدمها المغرب للعالم. كيف سيكون وقع مشاهد التسول المنظم على السياح والإعلام الأجنبي؟ كيف سيتفاعل جمهور كأس العالم مع أطفال يتسولون قرب الملاعب والفنادق والمطاعم؟ هذه الصورة لا تعكس حقيقة التطور الذي يعرفه المغرب في البنية التحتية والرياضة والسياحة، لكنها قد تصبح عنواناً سلبياً إذا لم تُواجه بمعالجة جذرية. من أجل مدينة تليق بالمستقبل طنجة، كبوابة للمغرب على أوروبا والعالم، بحاجة إلى معالجة هذه التشوهات البصرية والاجتماعية قبل أن تتحول إلى عناوين سلبية في تقارير الإعلام الدولي. إن كأس إفريقيا وكأس العالم ليست فقط مناسبتين رياضيتين، بل هما فرصة لإبراز المغرب الحديث والمتضامن والمنفتح. التسول المنظم، خاصة استغلال الأطفال، وصمة لا تليق بصورة المغرب الذي نريده للعالم. معالجة هذه الظاهرة مسؤولية جماعية، تتطلب تضافر جهود السلطات، المجتمع المدني، والقطاع الخاص، ليكون العرس الكروي فرصة للاحتفاء بالرياضة، لا مناسبة لكشف الهشاشة الاجتماعية.