مع ارتفاع درجات الحرارة بشكل غير مسبوق في المغرب، يواصل حسين يوعابد، مسؤول التواصل بالمديرية العامة للأرصاد الجوية، الظهور عبر مختلف وسائل الإعلام لتحذير المواطنين من تداعيات موجات الحر، مستعملا الفصحى والعامية والأمازيغية لضمان وصول رسائله إلى أكبر عدد ممكن من السكان، خاصة في المناطق الريفية. ومن مقر المديرية في الدارالبيضاء، يوضح يوعابد لوكالة فرانس برس أن بمجرد صدور نشرة إنذارية حول موجة حر، نبادر إلى تحذير المواطنين لاتخاذ احتياطاتهم. وتضاعف المديرية جهودها في ظل التغيرات المناخية العالمية التي جعلت موجات الحر أكثر تواترا وحدة، فيما تشير التوقعات إلى استمرار درجات حرارة أعلى من المعدلات الموسمية خلال الصيف الجاري. العام الماضي كان الأشد حرارة في تاريخ المملكة، بارتفاع بلغ 1.49 درجة مئوية فوق المعدل الطبيعي للفترة بين 1991 و2020، وهو فارق غير مسبوق، كما سجل عجز في تساقط الأمطار بنسبة 24.7%، في سياق موجة جفاف مستمرة منذ 2018. في أواخر يونيو، شهدت مدن مغربية عدة درجات حرارة قياسية، تجاوزت 46 درجة مئوية في بعض المناطق مثل بن جرير، تزامنا مع موجة حر ضربت جنوب أوروبا ومنطقة المتوسط. بوعي تقني وميداني، يؤكد يوعابد أن النشرات التحذيرية ترسل إلى السلطات والوقاية المدنية ووسائل الإعلام، بل وأيضا عبر رسائل نصية إلى المسؤولين المحليين لضمان استجابة سريعة. وتسعى المديرية أيضا لتوسيع حضورها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مع العمل على مشروع "إنذارات ذكية" ترسل مستقبلا مباشرة إلى هواتف المواطنين. من جهته، يرى هشام فنيري، مدير المعهد الدولي لبحوث المياه بجامعة محمد السادس متعددة التخصصات، أن المغرب خطا خطوات مهمة في إدراك مخاطر التغير المناخي، لكنه بحاجة لتعزيز البحث العلمي وتطوير آليات الإنذار والوقاية. ويشدد فنيري على أهمية تحسين البنية التحتية في القرى، حيث لا يزال 5.4% من سكان الأرياف غير مرتبطين بشبكة الكهرباء، و20.4% دون مصدر مياه شرب آمن، حسب معطيات المندوبية السامية للتخطيط حتى عام 2024. ويطرح فنيري خيار العودة إلى تقنيات البناء التقليدي، بعد تطويرها علميا، كوسيلة فعالة لتقليل تأثيرات الحرارة في المنازل، خاصة في الأرياف. موجات الحر تدفع أيضا إلى تكثيف الحملات التوعوية الصحية، حيث توزع وزارة الصحة توجيهات سنوية على المستشفيات والمراكز الصحية حول سبل الوقاية. وتوضح لبنى روحي، مديرة مستوصف الهرهورة قرب الرباط، أن التوصيات تشمل تجنب التعرض المباشر للشمس من العاشرة صباحا حتى الرابعة مساء، وارتداء ملابس فاتحة وخفيفة، مع شرب كميات كافية من الماء. إلى جانب ذلك، أطلقت الوزارة حملة توعية جديدة للوقاية من لسعات العقارب ولدغات الأفاعي، التي تزداد مع ارتفاع الحرارة، خاصة في المناطق القروية، وتسجل المملكة سنويا حوالي 25 ألف حالة لسع عقرب، و250 حالة لدغة أفعى. ويشير محمد إسماعيلي، مسؤول بمديرية العلاجات المتنقلة، إلى أن تطوير بروتوكولات العلاج أسهم في خفض معدل الوفيات من 7.2% عام 2013 إلى 1.2% حاليا.