شهد الوسط الإعلامي والفني المصري والعربي خلال الأيام الأخيرة عاصفة جدل واسعة، بعد انكشاف ما بات يعرف ب"فضيحة سرقة اللوحات الفنية"، بطلتها الإعلامية المصرية مها الصغير، طليقة الفنان الشهير أحمد السقا. حيث ظهرت في برنامج "معكم منى الشاذلي" وهي تستعرض عددا من اللوحات التشكيلية، مدعية أنها من إنتاجها الشخصي، قبل أن يتبين لاحقا أنها منسوبة زيفا إليها. وبدأت الفضيحة في اللحظة التي تعرفت فيها فنانة تشكيلية دنماركية على إحدى لوحاتها المعروضة في البرنامج، فسارعت إلى نشر بيان على حسابها في وسائل التواصل الاجتماعي، تتهم فيه مها الصغير بسرقة عملها الفني وتقديمه على أنه من رسمها. وقالت الفنانة: "لم أكن على الإطلاق مستعدة لحجم التفاعل والدعم الذي تلقيته بعد كشف هذه الواقعة، وأدهشني كم الرسائل التي وصلتني من مصريين يعتذرون عن هذا السلوك ويؤكدون أنه لا يمثلهم". كما أوضحت أنها تلقت آلاف الرسائل وعروضا لإجراء مقابلات إعلامية أو اتخاذ إجراءات قانونية، لكنها لم تحسم خطواتها بعد. ونشرت الإعلامية المصرية منى الشاذلي اعتذارا رسميا، " أنا أقدر ذلك، لكن أطالب باعتذار مماثل لباقي الفنانين المتضررين". وأكدت أن مقاطع البرنامج تم حذفها من منصات الإنترنت، لكنها تحتفظ بنسخ منها، مشددة:"سرقة الأعمال الفنية أمر غير مقبول في عصر يعتمد فيه الفنانون على الإنترنت لعرض إنتاجهم. لم أتضرر ماديا، لكني أأسف لسلوك مها الصغير الذي أعتبره خطأ سخيفا". بعدها، خرج الفنان الفرنسي Seaty بدوره عن صمته، وعبر عن صدمته العميقة من ظهور أعماله الفنية الأصلية في البرنامج دون إذنه أو حتى الإشارة إليه. وقال: "يا لها من صدمة كانت هذا الصباح حين استيقظت على عدد هائل من الرسائل التي أبلغتني أن شخصية عامة في برنامج مصري شهير تدعي ملكية أعمالي: Dwarka، Kigali، وBushido." وأوضح أن التوقيع الأصلي كان ظاهرا على اللوحات، بالإضافة إلى الصور الأصلية المنشورة على حسابه الشخصي، مما يجعل السرقة علنية وصريحة. وانتقد بشدة غياب أي رد أو اعتذار من إدارة البرنامج، معبرا عن تقديره الكبير للدعم الذي تلقاه من الجمهور المصري والدولي، ومؤكدا عزمه الحديث لوسائل الإعلام في الوقت المناسب. توسعت أصداء الفضيحة بسرعة لتتحول إلى قضية رأي عام، اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام في مصر وخارجها، وسط سيل من الانتقادات لمها الصغير، وللقناة التي بثت الحلقة دون تدقيق، مما أثار تساؤلات حادة حول المهنية الإعلامية، واحترام حقوق الملكية الفكرية. واجتاحت موجة من الغضب اجتاحت المنصات، حيث عبر فنانون ومثقفون عن تضامنهم مع المتضررين، مؤكدين أن ما وقع يعد إساءة لصورة الفنانين المصريين أمام العالم، وتجاوزا صارخا لأخلاقيات العمل الإعلامي والفني. أمام حجم الضغوط والغضب الجماهيري، اضطرت مها الصغير إلى الاعتراف ضمنيا بفعلتها، وخرجت بتصريحات اعتذارية، قالت فيها إنها "أخطأت" و"لم تكن تقصد الإساءة"، مقدمة اعتذارا للفنانين المتضررين، وللجمهور، كما قامت القناة بحذف الحلقة من جميع منصاتها الرقمية، بينما نشرت الإعلامية منى الشاذلي اعتذارا رسميا على حساباتها، مؤكدة أنها لم تكن على علم بحقيقة الأعمال المعروضة. رغم الاعتذارات المتأخرة، يرى كثيرون أن الواقعة تمثل جرس إنذار بشأن خطورة التهاون في حماية الحقوق الفنية، وتدعو إلى مراجعة أعمق لممارسات بعض البرامج الإعلامية، وتحمل مسؤولياتها في التحقق من المعلومات التي تقدمها على الهواء مباشرة. وتبقى هذه الفضيحة مثالا صارخا على أن عالم الفن ليس محصنا من السرقات والانتحال، وأن الجمهور اليوم، في عصر الرقمنة والانفتاح العالمي، لن يسكت عن التزييف، مهما كان حجمه أو مصدره.