يعيش المواطن المغربي في الآونة الأخيرة مفارقة حادة أثارت جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي وفي الشارع العام. فبعد موجة الفخر والاعتزاز بالإنجاز الهندسي الذي عرفه ملعب الأمير مولاي عبد الله بالرباط، عقب إعادة هيكلته استعداداً لاحتضان نهائيات كأس الأمم الإفريقية بالمغرب بعد أسابيع قليلة، جاءت صدمة جديدة من أكادير عبر واقعة مستشفى الحسن الثاني الذي وُصف ب"مستشفى الموت"، في مشهد يعكس الوضع المقلق للقطاع الصحي في المملكة. هذا التناقض أعاد إلى الواجهة أسئلة جوهرية حول ترتيب الأولويات في السياسات العمومية: هل الأجدر إنفاق المليارات على إعادة تأهيل الملاعب الرياضية، أم على بناء وتجهيز المستشفيات وتوفير خدمات صحية لائقة للمواطنين؟ ولماذا أصبحت كرة القدم تحظى بنصيب الأسد من الاستثمارات الكبرى في الوقت الذي يئن فيه قطاع الصحة تحت وطأة الخصاص وضعف الإمكانات؟ كما يطرح النقاش تساؤلات أوسع مرتبطة بالرهانات المستقبلية، خصوصاً مع اقتراب استضافة المغرب لكأس العالم 2030 إلى جانب إسبانيا والبرتغال. فهل يكفي التركيز على المنشآت الرياضية وحدها لضمان صورة مشرفة للبلاد، أم أن تطوير باقي القطاعات الحيوية مثل الصحة والتعليم والنقل يجب أن يسير بالوتيرة نفسها؟ هي أسئلة لم تعد تقتصر على فضاءات النقاش الافتراضي، بل باتت موضوعاً ملحّاً أمام صناع القرار الذين يُنتظر منهم إرساء توازن حقيقي بين مشاريع البنية التحتية الرياضية واحتياجات المواطنين الأساسية، بما يحقق التنمية الشاملة ويعزز الثقة في السياسات العمومية.