أفَضت مقتطفات من كتاب استقصائي جديد مرتقب صدوره في فرنسا إلى إعادة إحياء واحدة من أكثر قضايا الاختفاء إثارة في تاريخ العلاقات الفرنسية المغربية: اختفاء المعارض المغربي المهدي بن بركة في 29 أكتوبر 1965 أمام مقهى «ليب» في باريس، وما تبع ذلك من أحداث يُشتبه في أنها جريمة دولة. الكتاب الموسوم "قضية بن بركة: نهاية الأسرار"، لمؤلفيه ستيفن سميث ورونين برغمان، الصادر عن دار غراسيه، والذي سينزل إلى المكتبات يوم 30 أكتوبر الجاري، يزعم أنه يميط اللثام عن "الكثير من الأسرار التي ظلت تكتنف القضية" من خلال الاطلاع على وثائق سرية ورسائل مشفرة تتعلق بدور جهاز الاستخبارات الإسرائيلي الموساد في هذه القضية.
ومن بين التفاصيل التي يقدمها الكتاب بدقة، كما وردت في المقتطف الذي نشرته صحيفة لوموند، أن أحمد الدليمي، بصفته رئيس "الكاب 1″، وهي وحدة خاصة في جهاز الأمن المغربي، كان فعلياً وراء تنفيذ عملية الاختطاف والقتل، بمساعدة لوجستية من الموساد الإسرائيلي، شملت شراء أدوات الحفر، ومواد لتذويب الجثث (هيدروكسيد الصوديوم)، ومواد سامة أُرسلت من تل أبيب إلى باريس. ووفقاً للمقتطف، فإن بن بركة احتُجز في فيلا بضواحي باريس، وتمت "معاملته" حتى الغرق في حوض الاستحمام، ثم اختفى جسده. ويشير الكتاب إلى أن الموساد تعاون مع الجانب المغربي ليس فقط في اختطافه، بل أيضاً في مرحلة إخفاء الجثمان، بما يؤكد أن القضية لم تكن مجرد جريمة قتل، بل عملية أمنية دولتية امتدت جذورها إلى ما هو أبعد من فرنسا والمغرب. ويتزامن صدور الكتاب مع الذكرى الستين لاختفاء بن بركة، ويعترف المؤلفان بأن بعض عناصر القصة لم تكن جديدة كلياً، لكنهما يقدمان للمرة الأولى مستوى تفصيلياً كبيراً عن الروابط بين الموساد والجهاز الأمني المغربي، وعن تسلسل الأحداث والعمليات اللوجستية التي تربط بين باريس وتل أبيب والمغرب. ويقدم المقتطف سرداً موثقاً ومثيراً يدعم فرضية أن جريمة اختطاف وقتل بن بركة كانت عملية "دولة" شارك فيها جهاز استخبارات إسرائيلي إلى جانب مسؤولين مغاربة، مع وجود تواطؤ أو تهاون فرنسي، فيما يعد الكتاب بتفاصيل إضافية عند صدوره خلال أسبوع.