أنجب العراق بلاد الر افدين عبر التاريخ، ومنذ العصر العباسي والحقب التي تلته وصولا إلى العصر الحديث العديد من الشعراء الفطاحلة، ومن بينهم نذكر على سبيل المثال محمد مهدي الجواهري، أحمد الصافي النجفي، بدر شاكر السياب….معر وف الرصافي الذي حلت هذه السنة الذكرى 80 لرحيله الذي كان سنة1945 ، والذي خلف رصيدا أدبيا غنيا بوأه مكانة متميزة وكبيرة وسط الأدباء العرب عامة والمشارقة على وجه الخصوص. ولد ببغداد سنة 1875 وهو من أصل كردي .تلقى مبادئ العلوم في مسقط رأسه ثم انصرف إلى الدرس الحر، وأخذ وجهة الأدب يدرسه في مدرسة شكري الألوسي الذي لزمه لمدة13سنة وأخذ عنه من العلوم الشيء الكثير، ثم تقلب في التدريس على اختلاف أنواعه بعدة مؤسسات تعليمية ببغداد. القسطنطينية القدس….كما اشتغل بالصحافة حينا من الزمن وأصدر بعض الصحف. انتخب نائبا في مجلس المبعوثان العثماني وعين في العراق نائبا لرئيس لجنة الترجمة والتعريب في وزارة المعارف ثم انتخب عضوا في مجلس النواب العراقي، إلا أنه اعتزل الناس بسبب مجافاة الحكومة له لأنه كان صريحا في آرائه، جريئا في الدفاع عنها وفي نقد الحكومات .يريد لبلاده التقدم والرقي فاصطدم بما يصطدم به كل جريء يسعى إلى إيقاظ الضمائر الغافية والقلوب المستكينة ، وقضى آخر أيامه في عزلته قانعا بالكفاف في حياته. للرصافي آثار كثيرة في النثر والشعر واللغة والأدب والدين ومن أشهرها ديوان الرصافي ويعرف با"لرصافيات" رتب على4 أبواب: الكونيات، الاجتماعيات، التاريخيات، الوصفيات. طبع ببيروت مرتين سنتي1910و1931. ورتب على11بابا وهي. الكونيات، الاجتماعيات، التاريخيا ، الوصفيات، الفلسفيات، الحريقيات، المرائي، النسائيات، السياسيات،الحربيات، المقطعات. وكل إنتاجه يدل على ذكاء حاد و استقلال في الرأي ورغبة في الإصلاح. لشعر الر صافي ميزات كثيرة فلغته سهلة ومتينة .أسلوبه رصين يساير العصر ومطالبه مع عدم إهماله للشعر القديم. يصف الحياة الحاضر ة في نواحيها المختلفة ولاسيما الاجتماعية منها ويرمي إلى إصلاح شأن الأمة وجمع كلمتها ويميل إلى وصف حال البؤساء. ومن بين ما تناوله في هذا الباب إبداعه في قصيدة بعنوان "الأرملة المرضعة " التي يصف من خلالها حالتها المأساوية ومعاناتها مع رضيعتها وجاء في مطلعها: هذي حكاية حال جئت أذكرها وليس يخفى على الأحرار مغزاها أولى الأيام بعطف الناس أرملة وأشرف الناس بالمال وأساها. لقيتها ليتني ما كنت ألقاها تمشي وقد أثقل الإملاق ممشاها…… والقصيده نموذج من نماذج الشعور الإنساني الرحيم غمر قلب الشاعر فصدر عنه في عبارات فيها صورة من صور البؤس والألم والرحمة والإشفاق. كان الرصافي وطنيا صادقا في وطنيته، أبي النفس حرا يريد أن يعيش هو وشعبه بكرامة .عاصر وجود بلاده تحت السيطرة الاستعمارية فجادت قريحته بقصيدة رائعة يوجه فيها انتقادات لاذعة للمستعمر بعنوان الحرية في سياسة المستعمرين يقول بلسانهم.: ياقوم لا تتكلموا إن الكلام محرم ناموا ولا تستيقظوا ما فاز إلا النوم. وتأخروا عن كل ما يقضي بأن تتقدموا ودعوا التفهم جانبا فالخير ألا تفهموا وتثبتوا في جهلكم فالشر أن تتعلموا. أما السياسة فاتركوا أبدا وإلا تندموا إن السياسة سرها لو تعلمون مطلسم وإذا أفضتم في المباح من الحديث فجمجموا والعدل لا تتوسموا والظلم لا تتجهموا من شاء منكم أن يعيش اليوم وهو مكرم فليمس لا سمع ولا بصر لديه ولا فم لا يستحق كرامة إلا الأصم الأبكم.